Print
صدام الزيدي

أصيل ساريه: الصحافة الاستقصائية في اليمن تمرّ بوضع صعب

20 يونيو 2024
حوارات

قال الصحافي اليمني، أصيل ساريه، الفائز بجائزة سمير قصير لحرية الصحافة - فئة التقرير الإخباري السمعي البصري- في دورة الجائزة لهذا العام 2024، إنه تملكه شعور لا يمكن وصفه لحظة تلقيه خبر فوزه بالجائزة: "كان شعورًا لا يمكن وصفه وخصوصًا أنني أول صحافي يمني يحصل على هذه الجائزة المهمة والكبيرة في منطقة الشرق الأوسط والتي يمنحها الاتحاد الأوروبي بشكل سنوي لأهم الأعمال الصحافية".

واعترف ساريه في دردشة سريعة مع "ضفة ثالثة"، إنه من الصعوبة التوقع بالفوز بجائزة كجائزة سمير قصير: "بصراحة التوقع كان صعبًا جدًا"، لكنه استدرك بالقول إنه كان لديه شعور منذ بداية العمل على تقريره الصحافي الذي يحمل عنوان "بسط عشوائي" أنه "ممكن ينافس"، غير أن متابعة التقارير المنافسة في الفئة نفسها ضاعف من صعوبة التوقع- كما يقول- لأنها كانت تقارير جيدة ومواضيعها مهمة جدًا.

وعن التحقيق الذي توج بالجائزة، يفيد ساريه أنه عبارة عن تحقيق صحافي (فيديو) من إنتاج شبكة "أريج" للصحافة الاستقصائية، بعنوان "بسط عشوائي"، يعالج التعديات على مواقع تاريخية وأثرية مرتبطة بديانات وطوائف متعددة في مدينة عدن اليمنية، حيث تم توثيق عمليات بسط عشوائية طاولت تلك المناطق من قبل نافذين ومواطنين وبتجاهل من الدولة يصل إلى درجة التجاهل المتعمد في مرحلةٍ ما: التحقيق وثق عمليات بسط طاولت "صهاريج عدن" ومجموعة من الكنائس والمعابد الهندوسية و"برج الصمت" الخاص بالطائفة الفارسية. كما وثق أيضًا إدخال بعض خدمات الكهرباء والهاتف بشكل رسمي وعدادات رسمية إلى تلك المناطق ما جعلها عمليات بسط منظمة أو أعطتها صفة "النظامية". تم الالتقاء بمجموعة من الباسطين. تم التصوير سريًا وبصعوبة لعمليات البسط التي كانت داخل المناطق الأثرية وداخل حدودها وأسوارها.

ومتحدثًا عن واقع الصحافة الاستقصائية في اليمن، بوصفه أحد الذين اتجهوا لهذا المجال وسبق له الفوز بجائزة "أريج" عن تحقيق تناول فيه معاناة صيادين يمنيين في سجون إريتريا، يقول ساريه إن الصحافة الاستقصائية في اليمن تمر بوضع صعب مثلها مثل الصحافة بشكل عام، مبينًا أنه لا توجد حاليًا صحافة حقيقية في اليمن بسبب التضييقات على الصحافة: "لدينا في اليمن صحافيون رائعون وإمكانياتهم عالية لكن الوضع في البلد خطير جدًا. مجموعة كبيرة من المضايقات والمعاملات غير الجيدة من جميع أطراف النزاع. في كل شهر تُصدِر نقابة الصحافيين ومجموعة من المنظمات الأخرى تقارير عن مضايقات يتعرض لها الصحافيون. لا يوجد تعاونٌ معهم في المواضيع العادية، ثم إن الصحافة الاستقصائية تتطلب جهدًا ومخاطرة وإمكانيات كبيرة، وهذا غير متوفر حاليًا في اليمن للأسف".

ويلفت ساريه الانتباه إلى أنه لا توجد وسيلة إعلام أو منصة أو منظمة إعلامية أو شبكة متخصصة تهتم بهذا النوع من الصحافة لانتاج التحقيقات الاستقصائية، مشيرًا إلى أن كل المحاولات التي تمت لإنشاء شبكات استقصائية باءت بالفشل لعدة أسباب منها عدم وضوح الرؤية والأهداف بعيدًا عن تطوير قدرات الصحافيين. 

ويبيّن ساريه أنه ومن خلال متابعته لواقع الصحافة اليمنية ومن خلال عمله كمشرف في الجزيرة نت، وأيضًا تجربته في الإشراف مع "أريج"، لمس رغبة حقيقية من الصحافيين لإنتاج تحقيقات وأعمال استقصائية متقدمة لها تأثيرها، "لكن ينقصهم وسائل ومنصات تهتم بالصحافة الاستقصائية. يعني هي بعيدة تمامًا عن اهتمامهم".

أصيل ساريه: الصحافة الاستقصائية تتطلب جهدًا ومخاطرة وإمكانيات كبيرة، وهذا غير متوفر حاليًا في اليمن للأسف


ويتحدث ساريه عن محاولات لعمل تدريبات لإنتاج بعض التحقيقات لكنها لا تزال محاولات محدودة. كما أن الفهم الاستقصائي لدى الصحافيين، وفقًا لساريه، بأنه مرتبط بالحرب وأن التحقيقات الاستقصائية لا يمكن أن تكون إلا في الحرب، غير صحيح. فالتحقيقات الاستقصائية تكون في السلم أكثر، لأنه في بلدان العالم الثالث ومنها اليمن، الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان والاختلالات في القوانين ستستمر، وبالتالي يجب أن تكون هنالك صحافة استقصائية لكشف تلك الاختلالات. 

* * *

في 4 حزيران/ يونيو الجاري، كانت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان، بالتعاون مع مؤسسة سمير قصير، أعلنت في حفل أقيم ببيروت، نتائج الدورة التاسعة عشرة من جائزة سمير قصير لحرية الصحافة للعام 2024.

ووفقًا لبيان الجائزة، فقد فاز في فئة "مقال الرأي"، عبد الرحمن الجندي من مصر، عن مقال له بعنوان: "أهناك حياة قبل الموت" منشور بموقع "المنصّة" في 2 كانون الثاني/ 2024. وفي فئة "التحقيق الاستقصائي" فازت هديل عرجة من سورية، عن تحقيقها الذي حمل عنوان: "البلوغ القسري في مخيمات الشمال السوري"، نُشر في موقعي "درج" و"تايني هاندز" في 15 آذار/ مارس 2024.

وفي فئة "التقرير الإخباري السمعي البصري"، فاز أصيل ساريه من اليمن، عن تقريره: "بسط عشوائي"، الذي أنتج بدعم من شبكة "أريج" للصحافة الاستقصائية ونشره موقع "اليمن اليوم" في 9 آب/ أغسطس 2023.

ومما نشرته صفحة الجائزة على فيسبوك: تقدّم لجائزة سمير قصير هذا العام 354 صحافيًا من الجزائر والبحرين ومصر والعراق والأردن ولبنان وليبيا والمغرب وفلسطين وسورية وتونس واليمن. تنافس 114 مرشّحًا في فئة مقال الرأي، و161 في فئة التحقيق الاستقصائي، و79 في فئة التقرير الإخباري السمعي البصري. وينال الفائز في كلّ من الفئات الثلاث جائزة قدرها 10 آلاف يورو، في حين ينال كل من المرشَّحين الآخرين الذين وصلوا إلى المرحلة النهائية في كل فئة جائزة بقيمة ألف يورو. وتحظى هذه الجائزة التي أطلقها الاتحاد الأوروبي في عام 2006 وما زال يمولها، بتقدير واسع النطاق عالميًا، كونها جائزة أساسية من جوائز حرية الصحافة، وأعرقها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الخليج. ويُقام حفل تسليم الجائزة سنويًا في يوم ذكرى اغتيال الصحافي اللبناني سمير قصير في 2 حزيران/ يونيو 2005 في بيروت، وتخليدًا لحياته وقيمه وذاكرته.