Print
مليحة مسلماني

مروان نصّار: أروي غزّةَ عبر الفنّ

28 أغسطس 2024
حوارات


خلال مسيرته الفنية، لم تشغل مروان نصّار المدارس الفنية والقضايا الشكلانية، بقدر ما كانت الحكاية الإنسانية هي موضوعه ومسرح عمله الفني، غير أن العدوان الأخير على غزة، أحدث نقلةً أخرى في أعماله، والتي ينشرها بشكل شبه يومي على صفحته الشخصية على "فيسبوك"، لتحضر مقاطعَ بصريةً من حكاية الغزّي في زمن العدوان الإباديّ والحصار والتهجير والنزوح المستمر، فيبدو نصّار متحررًا أكثر من قضايا البحث الفني وأسئلة الأسلوب والشكل، منحازًا إلى العمق والمضمون، موغلًا في المعاناة الغزّية، التي شكلت بالأصل تجربته عبر حروب عديدة سابقة، غير أن هذه الحرب ليست كسابقاتها.

ولد مروان نصّار في غزة عام 1984، تلقّى تعليمه الجامعي في قسم الفنون الجميلة في جامعة الأقصى. يعمل محاضرًا ومدربَ فنونٍ بصرية في جامعة دار الكلمة (مركز تدريب غزة)، كما عمل محاضرًا للفنون الجميلة في جامعة الأقصى. شارك في العديد من المعارض الجماعية في فلسطين والخارج، وأقام كذلك معرضًا فرديًا بعنوان "حِراك"، كما له العديد من المقالات والقراءات في الفن الفلسطيني.
حول الفن في زمن العدوان، وتجربته ومواضيع أعماله، وما تختزله من سيرةِ شعبٍ يرزح تحت القصف والحصار، كان هذا الحوار:

(*) بدايةً، ما الدور الذي يضطلع به الفن في زمن العدوان؟ وما الغاية التي يسعى إليها؟

ما نشهده من عدوان على قطاع غزة ليس بالأمر الجديد والطارئ على الشعب الفلسطيني ومبدعيه ومثقّفيه؛ فعلى مدار تاريخ القضية الفلسطينية، أبدى الفنان الفلسطيني استعدادًا للتفاعل مع قضايا شعبه، متأثرًا بمسارات الحراك السياسي والنضالي، ليرافق الفن بذلك الفعلَ السياسي، فكانت الفنون على مقربة من التعبير والوصفِ الإنساني الكامل، والبحث في كل من الشكل والمضمون معًا. إن الفن يسعى دائمًا للاقتراب من حالة الولاء للمحيط الذي ينشأ به، وينضج  بما يتناسب مع أدوات العمل النضالي.

وهذا ليس وليد لحظة آنيّة، كما لم يكن توجهًا خاصًا بالفن الفلسطيني؛ فالفنون كانت دائمًا، وفي مساراتها العالمية، تسعى لتوثيق البعد الإنساني، وهذا ما نستطيع أن نستقرئه فى تجارب الفن العالمي منذ الحرب العالمية الأولى، مرورًا بالثانية، وظهور التعبيرية وغيرها من المدارس المتنوعة، فحالة التشظّي التي أوجدتها الحروب في المجتمعات كان يقابلها وعي فني، فيعمل الفنان على إنتاج أعمال تنطوي على قِيَمٍ جمالية نسبية ومتحركة لا ثابتة، بما يتناسب مع السياق السياسي.

إن للفن الفلسطيني هدفا إنسانيا واجتماعيا أيضًا، إذ عمل على مدار عقود على إيقاظ المشاعر ورفد حالة الوعي الجماهيري بين طبقات المجتمع. ولم يكن الإنتاج الفني، والثقافي بعامة، مقتصرًا على الطبقات النخبوية، بل شاركت الجماهير الشعبية في فلسطين في هذه العملية الإبداعية التراكمية، ودعمت المنتجات الثقافية وقامت بالترويج لها، واحتفظ الناس في بيوتهم بنسخ من لوحات مطبوعة شهيرة كلوحة  "جمل المحامل"، وكانوا يعتزّون بهذه الأعمال، ناهيك عن تنفيذ الرسومات على الجدران، والشعارات التي كثير منها مستوحىً من الشعر الثوري.

أرى أن الدور الأساسي الذى يلعبه الفن في زمن العدوان هو توثيق المعاناة؛ فالمسارات التاريخية لإنتاج الفن تأخذنا إلى مفهوم الأرشفة، والاحتفاظ بالأعمال كنسخ تؤرّخ وتوثّق لحقب مختلفة، فلم يكن الفنان يومًا منزويًا في الفضاء المحايد، بل هو يقتحم المعركة عندما تحتدم، وهذا هو الفن الصادق، الذي يمتلك الجرأة والقوة على كشف حالة الانسلاخ الإنساني والأخلاقي للمحتل. ويتمثل التحول الهام للفن الفلسطيني في قدرة الفنان الفلسطيني على تجاوز دائرة الانغلاق على الذات، بل إنه سعى إلى ربط تجربته بمنجزات وأساليب العصر.

من أعمال الفنان 


(*) من خلال متابعتي لصفحتك الشخصية على "فيسبوك"، لاحظت أنك لم تنشط في الرسم سوى بعد مرور عدة أشهر من العدوان، ثم نشطت في رسم بورتريهات ومشاهد من الحياة اليومية في قطاع غزة؛ وكأنك مررتَ بمرحلة صدمة ثم تأمُّل لاستيعاب ما يجري، ومن ثَمّ ترجمته إلى تعبيرات بصرية؟

أعتقد أن أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 شكّلت صدمة وحالة دهشة شديدة لدى جميع طبقات المجتمع الغزّي والفلسطيني بعامّة، وسبب هذه الدهشة هو ذلك التحول في طبيعة (الفعل وردّ الفعل)؛ فقد كنّا كفلسطينيين نعمل وعلى الدوام ضمن مسار ردّ الفعل، لكن هذه المرة أخذ الفلسطيني زمام المبادرة وقام هو بالفعل، كما أخذ على عاتقه تحمّل نتائج المواجهة، فمنذ اليوم الأول قلنا "رُفعت الأقلام وجفّت الصحف"، وذلك بعد أن فقدت الكلمات القدرة على التعبير ووصف المرحلة والمشاعر المصاحبة لها. لقد شهدنا اقتحامًا ومواجهةً داخل أرض العدو، وسرعان ما تحول هذا الحدث إلى ردّ فعل غير مسبوق، سواء على المستوى الدولي، الذي سرعان ما أصدر الإدانات وانحاز بشكل كامل إلى دولة الاحتلال، أو على مستوى العدوان الوحشيّ على غزة.

أقول: نعم، انتابتني حالة من الصدمة، يضاف إليها حالة الغموض حول مستقبل أهل غزة ومصير هذه البقعة الجغرافية الصغيرة التي أرادت وحاولت أن تحلّق ولو ليومٍ واحد، لِتُجابَه بعدوان وحربٍ إبادية لم تشهد فلسطين مثيلًا لها على الإطلاق، منذ النكبة مرورًا بالنكسة وانتهاءً بالجولات المتفرقة من الحروب خلال السنوات الماضية.

بدأت حالة القلق تستنفد طاقتي؛ فازدياد حدّة عنف الإجراءات العسكرية التي مارسها الاحتلال ضد المواطنين دفع كلّ واحد منا ليعمل وفق حالة هستيرية غير متزنة، ناهيك عن النزوح المستمر والانتقال من مكان إلى آخر، والازدحام هنا وهناك، كل هذا أشاهده لأكتنزه ضمن أرشيف الذاكرة البصرية، ليختمر فيها على أمل الاستحضار، ولأحاول فيما بعد تثبيت هذه الرواية لهذه الفترة الحاسمة.

وبخصوص طبيعة تجربتي خلال الحرب، فإن فقداننا لمقّوم حياتي أساسي، وهو الشعور بالأمان والاستقرار في بيوتنا، والخوف الدائم على أنفسنا وأطفالنا وأحبائنا، والنزوح المستمر، أثّر كل هذا على مساري الفني الذي كنت أعمل عليه قبل الحرب، لأنتقل إلى حالة أكثر تبصّرًا وأكثر تأمّلًا فى سياقات الواقع المأساوي. لقد أصبحت الحرب مادة دسمة لدراسة البعد الإنساني وتفحّص هموم الناس، الذين تقرأ في عيونهم وحركاتهم العشوائية في الأسواق والشوارع حكايات من الألم والقلق والخوف، فالجميع ينتظر دوره ليكون ضمن قوائم الشهداء.
لقد تحولنا من أسماء وبشر لهم حكايات وآمال إلى أرقام. وبينما نعيش ذلك كلّه منذ ما يقارب العام، نسمع تصريحات ساسة إدارة الحرب ومناصريهم في دول العالم، الذي يدّعي الإنسانية واحترام حقوق الإنسان.

أحدثت هذه المعاناة التي فُرضت علينا تحوّلًا في مسار المجتمع، وأثرت على تفاصيل حياتنا اليومية، كجماعات وأفراد، كل ذلك أثر على طبيعة تجربتي الفنية، فلم تعد للبحث الفني والتجارب الشكلانية في التعبير أهمية كبيرة عندي؛ لقد تغيرت الأولويات، وتركز عملي بالمقابل على إعادة سرد ما أشاهده، بعد أن أنغمس في تفحّص هذا الألم المحيط، ما يجعلني مهتمًا بالأخبار والمواد البصرية التي تتناقلها وسائل الإعلام، وذلك لكي أفهم وأتحسس هذا الوجع، لأتمكن في وقت لاحق من وضعه في سياق فني ينتج عنه تحريك المشاعر والدخول بعمق في نفوس مشاهدي هذه الأعمال، لعلها تكون رسالة بصرية تلامس قلوب الإنسانية.

(*) تركز في أعمالك على مشاهد يومية من الحياة الغزّية في زمن العدوان، وكأنك تريد أن توثق، بأسلوبك، لكل تفاصيل هذه المرحلة الموغلة في الألم في الحكاية الفلسطينية.

فى البداية نقول: لقد ورثنا الترحال ولازمتنا الخيمة. نعم هذا المنزل المتنقّل وُجد فى عقولنا، شاهدناه صورًا ورمزًا فى أعمال الفنانين الفلسطينيين إسماعيل شموط وسليمان منصور ونبيل عناني وفتحي غبن وغيرهم، واليوم نعيد رسمه ونستظل بظلّه أيضًا، لأنها الخيمة لازمتنا داخل العقول، وفى حلّنا وترحالنا، عايشنا التجربة كاملة، فكان الجديد بالنسبة لنا هو الموت المضاعف وحالة القتل الجنونية. هذه الحرب جعلتني أقول وأشعر أنه لم يعد للعقل دور، فكانت المشاعر بالنسبة لي هي السلطة المطلقة في توجيه ريشتي.

مشهد فى الخارج، وأنت في السوق مثلًا بين خيام النازحين، كفيلٌ بإيقاذ المشاعر بالدرجة العليا والمطلقة؛ حالة البؤس في وجوه الناس، حالة الانتظار التي تسكن فى عقول من يستظلون بالخيام، لخبرٍ عنوانه الرجوع إلى المنزل، والعودة إلى الشمال، أو إلى مناطق أخرى. هذه المشاهدة ليست عابرة بالنسبة إلي، أخرج إلى السوق لأتأمل فى ملامح المارة، أو أذهب إلى بعض الخيام، لأشاهد كيف يتم نصب الخيمة ــ ذلك المنزل الجديد المتنقّل.

(*) نعثر في أعمالك أيضًا على مجموعة من البورتريهات، جاءت تحت عنوان "ليست وجوهًا... بل مشاعر"؛ وكأنك تسعى إلى ترجمة الهوية الجوّانية للفلسطيني، الجمعية والفردية، كذات جمعية تخوص صراعًا مريرًا ضد ممارسات الإبادة والحصار والتهجير.

بعد مرور حوالي 4 أشهر من العدوان، تحوّل مسار الحرب لتأخذ شكلًا جديدًا، فحالة القتل الهستيري فى بداية الحرب ظلّت تتبدّل، أي أن "نسبية القتل" تتغير من فترة إلى أخرى، هذه الحالة أسميتها "هندسة الموت". شكلت تلك الفترة بدايةً لاستكمال تجربة سابقة كان قد تخلّلها الرسم بقلم الفحم، فأنجزت مجموعة كبيرة من الاسكتشات. ومع مرور الوقت، أصبحتُ أكثر استقرارًا نسبيًا، كما اختمرت الصور في الذاكرة، حتى وصلتُ إلى حالة أخرى من النضج الفني والفهم لسياق مسيرتي.

بدأتُ بالبحث فى تفاصيل الناس ووجوههم وحركاتهم من خلال الألوان، من أجل الوصول إلى حالة إعلاء التعبير الفني. وأنجزت خلال هذه الفترة ما يقارب 100 عمل فني واسكتش على ورق، ومن ضمن هذه الأعمال، مجموعة عبارة عن وجوه وتعابير أسميتها "ليست وجوهًا... بل مشاعر"، حاولت من خلالها أن أكون قريبًا من حاله الهمّ التي أثقلت الناس وحالة القلق الذي لا يهدأ في دواخلهم، والذي  ينعكس بشكل أو بآخر على سلوكياتهم وسياق تعاملهم مع المحيط الاجتماعي، فكل منّا شاخت دواخله، فلم تعد ملامحنا تمثّلنا وتحمل سماتنا، بل هناك بواطن بداخلنا دُمّرت بسبب الحرب.

من أعمال الفنان


(*) في زمن العدوان، وانعدام المقومات الأساسية للحياة من غذاء وماء ودواء، لا شك في أن وراء الأعمال الفنية ــ إضافة إلى المعاناة التي ترويها في مضامينها- معاناة خاصة بالفنان نفسه، هذه المعاناة هي بذاتها حكاية جديرة بأن تُروى؛ لعل أحد أهم فصول هذه الحكاية هو قدرة الفنان على الرسم في ظل القصف والاجتياح والنزوح المستمر، وأيضًا محاولاته الحصول على أدوات الرسم، من ألوان وورق وقماش وغيرها، والتي هي بالتأكيد عملية صعبة ومعقّدة في ظل الحصار. 

الفنان هو جزء من الحالة الإنسانية المحيطة به، وما يحصل بها من كوارث تطاوله وتطاول أهله وجيرانه. وفي ظل شحّ، بل شبه انعدام المواد الأساسية، بسبب إطباق الحصار، يبحث كل منّا عن مصدر للرزق اليومي، أصبح هذا حدثًا يوميًا، فالجميع يحاول تأمين الغذاء وقوت يومه ليسد رمق أطفاله، وإن وجد شيئًا من الغذاء فإنه يباع بأسعار خيالية.

غير أن المعاناة لم تمنعني من التفكير في البدء في محاولات الرسم وتوثيق مشاهد من الحياة اليومية في قطاع غزة، وبدأت بمحاولات في الرسم بشكل سريع، أي اسكتشات يومية على ورق، وبعض التجارب أخذت تنضج شيئًا فشيئًا، وهو أمر مرتبط بدوره بمشاعر الاستقرار النفسي. مع مرور الشهور عملت على استغلال جميع الخامات المتبقية والتي كانت متوفرة في المرسم، مثل الألوان والورق، وذلك في ظل انقطاع قماش الرسم (الكانفاس) الذي نفد من عندي منذ ما قبل الحرب، فقد كنت قد عكفت على إعداد مجموعة كبيرة من الأعمال، التي لم تعرض لغاية الآن، كمشروع فني توقف بسبب الحرب.

أقول إن على المبدع أن يعيش الألم لا أن يهرب منه. هذا ما دفعني للبحث فى مضمار التجربة لأنها ستكون الأكثر صدقًا مقارنة بالتجارب السابقة التي كانت قبل هذه الحرب؛ يقول فيكتور شكلوفسكي، مؤسس المنهج الشكلاني الروسي: "اللهم لا تحرمني معاناتي"، فقد لمس بيده أن المعاناة هي التي فجّرت كل طاقته الإبداعية.

(*) في الأشهر الأولى من العدوان، وجّهتَ رسالة إلى الفنانين الفلسطينيين تدعوهم فيها إلى "رفع حالة المواجهة الثقافية والفنية"، وربط الجغرافيا الفلسطينية كوحدة واحدة في أي نشاط ثقافي وفني تحت ثيمة "فلسطين تواجه التحدي الأكبر". كيف ترى حجم وفعالية الحراك الثقافي العربي بعامة، والفلسطيني بخاصة، تجاه العدوان على غزة وممارسات العنف الاستعمارية المتزايدة في فلسطين بعامة، ألا ترى أنه لم يكن على قدر المأساة الحاصلة؟ وإن كان كذلك، فما هي الأسباب برأيك؟  

أوجد الوضع السياسي فى فلسطين تباينات واستقطابات سياسية ووطنية، وخاصة مع بداية ظهور الحل السلمي الذي تُوّج باتفاق أوسلو وأوجد مسارًا سياسيًا أسس لبناء جسم فلسطيني تحت رعاية السلطة الفلسطينية، التي كان لها الدور في الانتقال من مرحلة الانتفاضة الأولى إلى مرحلة الحل النهائي. نتج عن هذا التحول وجود معارضين ومناصرين. لا شك في أن حالة الوحدة الفلسطينية المتمثلة بمواجهة الاحتلال قائمة وحاضرة، هذا ما هو عليه الإجماع الوطني، ولكن الظروف خلقت مناخات جديدة، ما أحدث جدلًا حول طبيعة المواجهة، وأفرز حالة من الاستقطاب على مدى أجيال متعاقبة تتبنّى رؤى أيديولوجية وتوجّهات فكرية متنوّعة.

لكن لا يخفى على أحد أن ثمة حالة انقسام فلسطيني أثرت على مجريات الواقع الفلسطيني، وأصبحت هناك سجالات كثيرة، حول الرؤى النضالية وتفعيل أدوات المواجهة، بين أطراف وأقطابِ وأحزاب العمل الوطني، ما عزّز بدوره من حالة الشرخ في الإجماع الوطني.

يضاف إلى ذلك، توجهات أخرى تسبح فى فلك السياسة العالمية، والتي أخذت دورًا ضبابيًا فيما يتعلق بحق الفلسطيني في الدفاع عن وجوده بشتى الطرق المشروعة، فهذا المناخ السياسي  المتنوع،  أثر بشكل أو بآخر على طبيعة المؤازرة والدعم، من حيث الشكل والأدوات. من ناحية أخرى، لا شك في أن المجتمعات الأوروبية، متمثلة بقطاعات شعبية أو مؤسسات داعمة للقضية الفلسطينية، أظهرت قوة في التضامن والحراك المناصر للفلسطينيين، وفي المطالبة بوقف الحرب، وذلك مقارنة مع الشارع العربي.

إن حالة الترهّل العربي لها جذور سياسية ليست وليدة هذه المرحلة، فثمّة سياسة دولية تعمل في البيئة العربية على خفض روح العروبة والقومية فى نطاق جغرافيا الشرق الأوسط وخاصة دول الطوق. لذلك، فإن ما فُرض علينا من تحولات عربية ومحلية وأحداث أثّر بشكل أو بآخر على طبيعة التضامن مع غزة، فالعالم ومنذ الربيع العربي يشهد محاولة صنع سياسة بأقطاب ولاعبين جدد ذوي أجندات خاصة، هذه السياسة تعمل على توجيه الفعل السياسي، والثقافي أيضًا، ليبقيان في مسار لا يخرج من تحت عباءتها.