يد في الهواء
يدها اليمنى
مسدلة
بموازاة جنبها الأيمن
طرف ظفر أصبعها الأوسط
يصل عند أعلى ركبتها
يمر إبهام يدها على باقي أصابع يدها
وعندما ينتهي من الاطمئنان عليهم
يلمس مع باقي الأصابع
قماش الفستان
ليتحققوا من رقّته
على فخذها،
أصابع اليد اليمنى نفسها
تصعد
لتتحسس أطراف خصلة شَعرٍ
لفحتها حرارة شمس الظُّهر الدافئة
ثمّ تكمل حتى أسفل الخد الأيمن
قرب الذّقن، عند الحنك
تقرصه
قرصة لطيفة أكثر من مرَّة
بالإبهام والسّبابة
ثمّ تنزل اليد
لتعدّل حِزام الحقيبة
عند كتفها الأيسر
وتستقر ثواني على الكتف
وتربت عليه
قبل أن تهبط
عائدة إلى جانبها الأيمن
بأصابع مرتخية
بعيدة قليلة عن بعضها البعض
بما يكفي ليمرّ الهواء بينهم
ويحرّكهم كمن يعزف ببطء
على مفاتيح بيانو وهمي.
بحثٌ
لدي
في يدي
لمسات كثيرة
بعضها رقيق
للوجه
ينتظر عند أطراف أصابعي
وبعضها عنيدٌ
للأكتاف
يحتلُّ كل أصابعي
أُبقي يدي مفتوحة
ألمس راحة كفِّي بأطراف أصابعي
ألمس أطراف أصابعي بطرف إبهامي
وأخبِّئ يدي في جيبي
لِيَدٍ
تبحث عنها.
يدٌ لم تمتدّ
الشّاب
الذي يجلس على طاولة مجاورة لها في المقهى
كتفه يكاد يسند كتفها
يمكنها أن ترى شعيرات لحيته القصيرة
وعدُّها واحدة واحدة
أذناه نظيفتان
وشعره ليس قصيرًا وفيه بعض الشّيب
التشيرت البيضاء التي يرتديها
تفوح منها رائحة معطّر غسيل
تتأمّل أظافر أصابعه القصيرة
وهو يرفع فنجان قهوته
عن الصحن أسفل الفنجان
يرتشف منه مرّتين
تستطيع تذوّق طعمها المرّ
قبل أن يعيد الفنجان فوق الصحن
ثم يضع مرفقه على جنب مقعده
تكاد أو تمدّ يدها خلف رأسه
وتلمس رقبته الطّريّة الخالية من الشَّعرِ
أو تمرّر أصابع يدها فوق أصابع يده
ثم تضع يدها على وجهه
تبقيها هناك بضعة ثوانٍ
قبل أن تبعدها
وتحمل حقيبتها على كتفها وتغادر
كحلم قصير.
من خلف النافذة
يمرُّ الأصدقاء أمام نافذتي
أراهم يتحدّثون
يضحكون
يرقصون
وبعضهم يموت أيضًا
أسمع في نشرة الأحوال الجوّيّة المسائية
أن الطَّقس يكون جميلًا في بعض الأوقات
أصدّق
فأرتدي ملابس ملائمة
وأحضر مشروبًا يناسبه
أحيانًا أضع نظارات شمسية
وأفتح ستائر نافذتي
وأراقبه
يلوّح لي الأطفال بأيديهم الصغيرة
أمرّر لهم قطع حلوى
يحدِّقون في عينيّ كي أفتح لهم الباب
ثمّ يغادرون
وخيبتهم تغطي وجوههم
تصلني في ليلة رأس السنة
أضواء الألعاب النارية البعيدة
بتصاميم أشكالها الجديدة
بلا صخب ضجيجها
تقول أمِّي إن في حديقتنا الخلفية
شجرة تزهر ورودًا ألوانها ساحرة
أصدّقها أيضًا
فرائحة ورودها تصلني
حين أشقّ النّافذة
لأزيل لطخة عصفور ما
عن زجاجها
حين أستيقظ أحيانًا
أكون أكثر سُمرة
ويداي تكونان ملطختين بالشوكولا
وفي شعري وردة لونها ساحر
وعند حافّة نافذتي
عصفور
لا يعرف كيف دخل
وكيف يخرج.
ظنون خاطئة
كُنَّا ظننَّا
أنَّ العزلة
تضفي سحرًا على مظهرنا
وتترك سرًّا في عيوننا
ورغبة لدى العابرين
للبقاء حولنا.
وظننَّا
أن فضول الآخرين اتجاه
نظراتنا الحزينة
سيأتي لنا
بابتساماتٍ
ترفعنا قليلًا عن الأرض،
وأن كلماتنا القليلة
ستملأ فراغ
جملًا طويلة
لن يكن هناك داعٍ لأن يقولها أحد.
ظننا أننا
كِنَّا بحلول الآن
سنصبح
آخرين،
بلا خطوطٍ رقيقة حول الفم
بلا نظرات معلقة في الغيوم
بلا نوبات هلع مسائية لا يعلم بشأنها أحد،
نلبي دعوات نهايات أسبوع مع الأصدقاء
وننظر من بعيد
بفضول
في عيون مليئة بالأسرار
ونحاول إنقاذ أصحابها
مما ظنوه
سحرًا سيدوم.
لو أني عرفت
كان كل شيء سيختلف.
كل ما حصل
لربما كان لن يحصل.
ولو أني عرفت،
كنت ابتسمت أكثر
وكذبت بين الحين والآخر
وغضّيت النَّظر عن نكتة سيئة،
كنت سرقت ذاك الشاب من حبيبته
وقبلته،
كنت على الأقل
بقيت لوقت أطول أينما كنت
قبل أن أعود ركضًا إلى كنبتي،
كنت شربت القهوة
التي لا أحبها
وربما تناولت السلطة
كما يفعل الجميع
واستخدمت كلمتي "شكرًا" و"عفوًا" أكثر
وسخرت أقل
ورقصت دون أن أطير
كنت اتصلت
بالذين وعدتهم بالاتصال
وفتحت الباب عندما طُرق،
لو أني عرفت
كنت سأكون الآن
أشبهكم أكثر
وأشبهني أقل.
عام متعب
تعبت كثيرًا هذا العام،
أثناء البحث عنك، قبَّلت كثيرين
أكثر مما يقبِّل الممثلون في الأفلام،
خنت كلبتي مرتين،
حقدت على 5 فتيات نحيفات،
استيقظت كل الدقائق الطويلة
بين الفجر والصبح،
تناولت الماغنيسيوم مرتين يوميا،
تفقدت وزني كل صباح،
غضبت من وزني كل صباح،
استمعت إلى أخبار جارة أمي
عن رحم ابنتها المعطل،
وأضحكت أمي وصديقتها
كل مساء،
أعدت طرح كل الأسئلة
مع علامات تعجب
وانتظرت كل الوقت.
*شاعرة من لبنان