Print
علي رشيد

رصيف

27 مايو 2019
شعر
في ذلك المساء فرش أبي الأرض بالبخور
وفتل جداءها بالزعفران، 
أوقد لها شمعة ستنفذ منها السماوات من بعد 
وباءَ بنا نحن "كومة اللحموملح سنواته الذي سيفسد بالندم  
كان كمن يقلّب أخطاءه كي لا تتغضّن حياتنا بالتكرار 
بينما أوصدت أمي يدها في عناقه 
وهي تلملم الندى من ضلوعه، وتقبض على قمحة الصحو في يديه.
فكلّما اقتربت من ظلاله تعثّرت بعزلتها 
بأثره الشاحب الذي سيغمر حياتها بالنسيان.  
كان المساء يتبدّد مثل رماد بارد، والرصيف ذاهل بالفضول،
وكان أبي يشهق بالصمت الذي استقرّ بين القلب والحياة.
يومها اختبأت من الرصيف، 
وأنا أنظر خلسة نحو الجسد الممدّد مثل مضغة جافة.
مثل فخّ معطّل سيتعقّب أحلامنا بالنكاية.
مات أبي، وبقيت أمي تعدّ سنينها بأصابع ناحلة، 
بينما تنقبض ضلوعها على الحزن الذي سيتعاقب على أنفاسنا 
كلّما نشجت بالوجد.