Print
ريتا الحكيم

همسُ القصيدِ

18 أغسطس 2021
شعر

 

يقولُ صديقيَ الشَّاعر إنَّهُ نشرَ قصيدةَ عشقِهِ الأوَّلِ

على حبالِ حنجرتِهِ..

وطبعَ ديوانَينِ على ريقِ قُبلةٍ مُحرَّمة..

 

تهمسُ القصيدةُ لقارئِها إنَّها مُجتزئةٌ من سيرةِ مجنونٍ

بنى بيتًا له على غيمةٍ ماطرةٍ..

تبلَّلت أوراقهُ،

ونزحت عنها الكلماتُ إلى حضنِ عاقلٍ

جعلَها تميمةً لعاشقةٍ أغلقتْ قلبَها في وجههِ..

 

نَهرتهُ الجموعُ على جرأتِهِ

ولجمتْ تهوُّرَ لسانِهِ

منذ ذلك اليوم وهو يتأتئُ..

يأكلُ ما جنتهُ يداه من أشعارٍ..

يتوبُ عنها،

ثم يؤوبُ إليها مُستغفرًا

يرتدي الصَّمتَ معطفًا..

يعتمرُ الخذلانَ قُبَّعةً،

وينتعلُ الخيباتِ على صفيحِ اللغةِ السَّاخنِ..

 

المراوغةُ فنٌّ عصيٌّ على إدراكهِ..

يلزمُهُ الكثير مِنَ السَّوادِ ليخفيَ شيبَ أفكارهِ ويتنصَّلَ

من ألوانٍ رماديٍّةٍ أقحمَها في عتمةِ قصيدتهِ

يلزمُهُ مشرطُ جرَّاحٍ ليكفِّرَ عن زلَّاتِ مجازهِ..

 

المجازُ أن تجعلَ القصيدةَ امرأةً حسناءَ

ترشُّ على جسدِها عطرَ أنفاسِكَ..

أن تقفَ مُتفرِّجًا على رقصتِها

بين عينيِّ قارئٍ شبقٍ

كلَّما تحرَّشَ بها تنفلتُ منه بمهارةٍ..

تعودَ إلى كواليسِ نَظمِها

لتُجدِّدَ تأويلَها،

وهكذا إلى أن يصيبَ الوهنُ إدراكَهُ لماهيَّةِ ألاعيبِها؛

فيعتكفُ التَّجاهلَ ويقتنعُ أنَّهُ غيرُ جديرٍ

بفكِّ رموزِها.

 

*شاعرة سورية.