ما بين "حتّا" و"الكرامةِ"*
تاهَ جَدّي
في متاهاتِ الصّحارَى
ألفَ عامْ
ما بين حتّا والكرامةِ
ألفُ مذبحة وسوسنةٍ
وآلافٌ من الأحلامِ
يقطرُ من خوابيها النبيذُ
ومن جوانبها الدماءُ
وكلّما ناديتُ حتّا
أخرجت أكفانَها
لتقولَ لي:
من ألف عامٍ
والصّليبيّون يغزون البلادَ
كما الجرادُ
كما طواعينُ الإبادةِ،
كلّما طاردتهم
وطردتهم عن بابِنا
عادوا من الشبّاكِ،
أبناءُ الحرامْ
***********
كرٌّ وفرٌّ
وانتصاراتٌ لها لونُ الهزائمِ
طعمُها ومذاقُها
من ألفِ عامٍ
نحنُ نكبرُ في هزائمنا
ونمنحُها وسامَ النصرِ،
نحنُ الأكرمونَ
بمنح أوسمة المجازرِ
فالضحايا هم علاماتُ انتصارٍ
كلّما كثُرَ الضحايا
كان نصرُ الشعبِ أكبرَ
كلّما بكت الشعوبُ
تكون أقربَ للسّماء وللنّجومْ
**********
وحُروبُنا؟
لا كرًّ فيها
إنّ كلّ حروبنا فرٌّ
ويتبعُها فرارٌ
ثمّ تسليمٌ
ونسألُ:
هل نجا الربّانُ؟
فلنرقص إذنْ
ولنحتفل بنجاتِه
ماذا يريدُ عدوّنا
من حربه
إلّا دمَ الربّانِ؟
فاحتفلوا إذن بالنصر
إنّ نجاتَنا
بنجاةِ قائدنا العظيمْ
*********
كم نحنُ شعبٌ تائهٌ
من دونِ بوصلةٍ لترشِدَنا
وضيَّعَنا الدليلُ
وضيَّعَتْنا الآلهةْ
**********
يا صاحبي
هيّا لنرجعَ للبدايةِ
نحنُ في
دربِ الضّلال التائهةْ
عُدْ للبدايةِ
واقرأ الأنواءَ
واقرأ كلَّ عاصفةٍ
بلا وهْمٍ
وقِسْ
طولَ البحارِ وعَرضَها
فالبحرُ يصغُرُ حين نكبرُ
ثمّ يكبرُ حين نصغُر
فجأةً فيهيجُ
والأمواجُ تخدعُ
نحنُ أبناءُ المنافي
شرّدتنا الرّيحُ
في كلّ الجهاتْ
***********
هيّا إذنْ
أذِّنْ بنا
أقِمِ الصّلاةْ
أقِمِ الصّلاةْ
واقرأ علينا
ما تيسّرَ
من زغاريد الحياةِ
وما تبقّى
من تراتيل الحياةْ
********
ها نحن نصعدُ
من بقايا جدّنا الفينيقِ
نصعدُ
ثمّ نهوي
إنّه سيزيفُ
صخرتُه على أعناقنا تهوي
وتدفعُها بأيدينا اليتيمةِ
ثمّ نرفعُها
**********
سنعودُ في أسمائنا الأولى
نسمّي كلّ حقلٍ باسمِهِ
لنقول إنّا ها هُنا باقونَ
إنّا من هنا
في كلّ حينٍ
في الزمان وفي المكانِ
وما لنا إلّا هُنا
سنعيشُ فيه
ونحمل الأوجاعَ عنه
يعيشُ فينا
يحملُ الصُّلبانَ عنّا
نحن أبناءُ الحياةِ
تسوقُنا أحلامُنا
في برزخٍ
مفتوحةٌ أبوابُه
نحو النهايات البعيدةْ
********
وأقولُ:
حتّا والكرامةُ توأمانِ
وطفلتانِ شقيّتانِ
كما طفولةُ أقحوانِ الريفِ
في عزّ الخريفِ
وفي خريفِ العِزِّ
تنفعلانِ
تقتتلانِ حينًا
ترقصانِ
تُطرّزانِ
ثيابَ يومِ العرسِ
عرس الماءِ
عرس الدمِّ
تجترحان موسيقا الخلاصْ
************
هل قلتُ:
حتّا بنتُ روحي؟
أمّها أو أختُها الصّغرى؟
وهل قلتُ:
البدايةُ في الكرامةِ
نخلةٌ في بيت جدّي
كنتُ أصعدُ جذعها
وأهزّ أعذاقًا لها
لتُساقطَ الرّطبَ الجَنيّْ!
*************
أنا لستُ أذكرُ
إنّما أتخيّلُ
وخيالُ روحي
في الفضاء يتجوّلُ
تلك الكرامةُ
كرمةُ القلب التي
ترنو إلى مستقبلٍ
لكنّها جبلٌ
فلا يتحوّلُ
*حتّا: قريتي التي جرى تهجير أسلافي منها وتدميرها عام 1948
*الكرامة: البلدة الشهيرة بمعركتها، في غور الأردن، في عام 1968
تاهَ جَدّي
في متاهاتِ الصّحارَى
ألفَ عامْ
ما بين حتّا والكرامةِ
ألفُ مذبحة وسوسنةٍ
وآلافٌ من الأحلامِ
يقطرُ من خوابيها النبيذُ
ومن جوانبها الدماءُ
وكلّما ناديتُ حتّا
أخرجت أكفانَها
لتقولَ لي:
من ألف عامٍ
والصّليبيّون يغزون البلادَ
كما الجرادُ
كما طواعينُ الإبادةِ،
كلّما طاردتهم
وطردتهم عن بابِنا
عادوا من الشبّاكِ،
أبناءُ الحرامْ
***********
كرٌّ وفرٌّ
وانتصاراتٌ لها لونُ الهزائمِ
طعمُها ومذاقُها
من ألفِ عامٍ
نحنُ نكبرُ في هزائمنا
ونمنحُها وسامَ النصرِ،
نحنُ الأكرمونَ
بمنح أوسمة المجازرِ
فالضحايا هم علاماتُ انتصارٍ
كلّما كثُرَ الضحايا
كان نصرُ الشعبِ أكبرَ
كلّما بكت الشعوبُ
تكون أقربَ للسّماء وللنّجومْ
**********
وحُروبُنا؟
لا كرًّ فيها
إنّ كلّ حروبنا فرٌّ
ويتبعُها فرارٌ
ثمّ تسليمٌ
ونسألُ:
هل نجا الربّانُ؟
فلنرقص إذنْ
ولنحتفل بنجاتِه
ماذا يريدُ عدوّنا
من حربه
إلّا دمَ الربّانِ؟
فاحتفلوا إذن بالنصر
إنّ نجاتَنا
بنجاةِ قائدنا العظيمْ
*********
كم نحنُ شعبٌ تائهٌ
من دونِ بوصلةٍ لترشِدَنا
وضيَّعَنا الدليلُ
وضيَّعَتْنا الآلهةْ
**********
يا صاحبي
هيّا لنرجعَ للبدايةِ
نحنُ في
دربِ الضّلال التائهةْ
عُدْ للبدايةِ
واقرأ الأنواءَ
واقرأ كلَّ عاصفةٍ
بلا وهْمٍ
وقِسْ
طولَ البحارِ وعَرضَها
فالبحرُ يصغُرُ حين نكبرُ
ثمّ يكبرُ حين نصغُر
فجأةً فيهيجُ
والأمواجُ تخدعُ
نحنُ أبناءُ المنافي
شرّدتنا الرّيحُ
في كلّ الجهاتْ
***********
هيّا إذنْ
أذِّنْ بنا
أقِمِ الصّلاةْ
أقِمِ الصّلاةْ
واقرأ علينا
ما تيسّرَ
من زغاريد الحياةِ
وما تبقّى
من تراتيل الحياةْ
********
ها نحن نصعدُ
من بقايا جدّنا الفينيقِ
نصعدُ
ثمّ نهوي
إنّه سيزيفُ
صخرتُه على أعناقنا تهوي
وتدفعُها بأيدينا اليتيمةِ
ثمّ نرفعُها
**********
سنعودُ في أسمائنا الأولى
نسمّي كلّ حقلٍ باسمِهِ
لنقول إنّا ها هُنا باقونَ
إنّا من هنا
في كلّ حينٍ
في الزمان وفي المكانِ
وما لنا إلّا هُنا
سنعيشُ فيه
ونحمل الأوجاعَ عنه
يعيشُ فينا
يحملُ الصُّلبانَ عنّا
نحن أبناءُ الحياةِ
تسوقُنا أحلامُنا
في برزخٍ
مفتوحةٌ أبوابُه
نحو النهايات البعيدةْ
********
وأقولُ:
حتّا والكرامةُ توأمانِ
وطفلتانِ شقيّتانِ
كما طفولةُ أقحوانِ الريفِ
في عزّ الخريفِ
وفي خريفِ العِزِّ
تنفعلانِ
تقتتلانِ حينًا
ترقصانِ
تُطرّزانِ
ثيابَ يومِ العرسِ
عرس الماءِ
عرس الدمِّ
تجترحان موسيقا الخلاصْ
************
هل قلتُ:
حتّا بنتُ روحي؟
أمّها أو أختُها الصّغرى؟
وهل قلتُ:
البدايةُ في الكرامةِ
نخلةٌ في بيت جدّي
كنتُ أصعدُ جذعها
وأهزّ أعذاقًا لها
لتُساقطَ الرّطبَ الجَنيّْ!
*************
أنا لستُ أذكرُ
إنّما أتخيّلُ
وخيالُ روحي
في الفضاء يتجوّلُ
تلك الكرامةُ
كرمةُ القلب التي
ترنو إلى مستقبلٍ
لكنّها جبلٌ
فلا يتحوّلُ
*حتّا: قريتي التي جرى تهجير أسلافي منها وتدميرها عام 1948
*الكرامة: البلدة الشهيرة بمعركتها، في غور الأردن، في عام 1968