Print
محمود الريماوي

حبّات العَرَق على جباه النسوة

11 يوليه 2024
شعر

 

واقفة بالباب ومهتاجة

تُسائل الكلمات صاحبها:

ما بك... ماذا دهاك

أين أنت...

أين حلفك وميثاقك؟

تتركني مشاعًا للعموم

وتهجرني

كمن يدير ظهره لمتاعٍ زائل

.....

مع أنها لم تكن يوما ملحاحة

ولطالما غضّت النظرعن صمته

واعتكافه

على أن افتراقه المديد عنها

قد أحرجها هذه المرة

أحرجها وأخرجها عن طورها:

حذارِ... حذارِ

خذ علمًا  يا صاحبي

إن لم تكن لي،

فلن أكون لك.

وإن أمعنت في النأي

فلسوف تضلّ طريق العودة

ولن تجدني

لن تعثرعلى ذات نفسك أبدًا

ما أنت بغير الكلمات؟

.....

أصغى الصاحب بملء خافقه

لآخر ما كان ينتظره

من لدُن أعزّ الكائنات الأثيرية:

للتقريع...

ندّت عنه ابتسامة فاترة

وتنهيدة أسى  

كاد يردّ على التلاوم

بالظن أن الكلمات هي البادئة

وأنها من فارقته أولًا

قبل أن يستدرك ويستيقظ:

إنها الطائرات تقصف بلا هوادة

تقصف الخبز

والماء الشحيح

تقصف الهواء

تقصف الريح

تقصف الأثير

تقصف الذكريات

تقصف المواعيد

تقصف التفّاح

تقصف البلح

تقصف الندى

تقصف حبّات العرق على جباه النسوة

تشلّع الشهقات والمفردات

إنها الضغائن المقدسة

تبثّ على مدار الساعة

كبريتها في الأجواء

على الرمال

وعلى ضحكات الصغار

وإنها الصواريخ والقنابل الذكية

تطيّح البيوت الساكنة

تحرق الثياب على الشاطىء

وتشعل الخيام بقاطنيها

أغريب اذًا ضياع الصاحب عن كلماته

وتيه الكلمات عن صاحبها

فيما الشهود الصامتون يضيقون ذُرعًا

بهذا "الفيلم الطويل"؟