Print
عبد المجيد التركي

بين برزخين

4 يوليه 2024
شعر

 

 

ليس لي برستيج...

أمشي وأتلفت كطفل مندهش بكل ما حوله،

أرسم قلبًا على غبار السيارات المركونة منذ زمن،

أحيِّي نفسي برفع حاجبيَّ

في واجهات المحلات الزجاجية...

أتوقع ألَّا أرى وجهي في مرايا الحلاقين

كمصاصي الدماء...

أتعامل مع نفسي

كما لو أنني كائن خفي 

لا أحد يشعر بوجوده،

رغم أنني لا أرتدي أي طاقية.

 

أنا الطفل الذي لا يريد أن يكبر...

أخاف من حرارة (الفِكْس)

ولصقات الظهر...

من الشعر الأبيض

المتساقط من مقص الحلاق...

أهشُّ الشَّعر بسرعة 

فأتذكر أبي وهو على نفس الكرسي...

"أباه"... 

لم أعد أقولها منذ عشرين عامًا،

لكنني أسمعها من أولادي كل يوم.

 

الليل بغيضٌ يا أبي...

يعرض عليَّ صور الموتى والمفقودين،

يذكرني بكل حوادث الطائرات

التي شاهدتها في نشرات الأخبار.

 

ها أنا عالق بين برزخين كروحٍ شريرة،

أحسد النائمين في توابيت هوليود

وأتفقد أنيابي

كقصَّاب يتحسَّس سكاكين العيد...

لم أعد ذلك الطفل

الذي كان يكتب اسمه بحروف البسكويت

ويتساءل: ما معنى "جلوكوز"؟

 

الحلاق لم يعد يضع تلك الخشبة تحتي

لكنني ما زلت أتثاءب

حين أجلس على كرسي الحلاقة،

يقول لي:

"نعيمًا يا عم"!

هو من أترابي،

لكنه يطلي شعره

بكل الصبغات الثلاثينية.

* شاعر يمني.