Print
سعيف علي

أن أركض فقط في حجرة ذاكرتي الواسعة

25 سبتمبر 2024
شعر

 

أتمشّى في قدم كهل

وأحتاج فعلًا إلى حجرة واسعة في ذاكرتي

إلى استعادة لقب كنّا نرميه جزافًا

على حرّاس المزارع الخضراء

وهم يمنعوننا من قطف برتقال "السّٓواني"

قبل أن ترميها الشّجرة،

أيها الأوغاد، كنّا نقول لهم

ثمّ  نغير ليلًا على أبوابهم بالحجارة وبالصّياح

 

أتمشّى في قدم كهل

وترقّ عيني عند بعض الأخبار الحزينة

رغم أنّني أعرّف نفسي

محاربًا قديمًا في لعبة الورق

 

أتمشّى عند قدم كهل

وأحتاج أن أنام في صوت بعيد

أن أرحل دون أن يأخذ الطّين بصمة القدم

 

أتمشّى قرب قدم كهل

ولا أخبر الآخرين أنّني أملك اعتقادًا راسخًا

أن المكائد  التّي عطّلت رجوعي إلى بهجتي السّابقة

لن تمنعني اليوم من الضحك والابتسام

 

أتمشّى نحو أقدام الكهولة

العالم حولي

أقدام المسرعين

الكلام الكثير

صداعي المزمن

أعتاب لمدينة ترفض أن تصدّق قسمي

أنّني قد بدأت فعلًا

كتابة مذكراتي عن البساتين المهملة

عن الحرف الزائد في كلمة الاشتياق

عن أكوام الـ(أشواك السكّوم) التي كنّا نشعلها في عاشوراء

عن معارك الحارات في ليالي رمضان بالسّيوف الخشبية

عن مفرقعات صغيرة نسميها الفوشيك بنّي بنّي

عن مباريات كرة السلّة في ملعب فريق الأنصار

عن المحاولات الأولى لتدخين نصف سيجارة

عن كل شيء كان يعترضني وأنا أشتري مثلجات الجيلاط

 

أتمشى حول لقب الكهل

وأقول ربّما سيكون علي أن أدّعي الحكمة

أن أستمع أكثر مما قد أحدّث الآخرين

عن الطفولة

عن أول الشباب

عن كل شيء يمسك دقة القلب من التّسارع في الحماسة

عن أسراري التي أدّعي أنّني لم أذكرها لأحد قبلًا

عن أسماء نسيتها

عن أسماء نسيتني

عن أسماء لقيتها صدفة

عن اللقب الوحيد الذي كان يناسبني

أن أركض فقط في حجرة ذاكرتي الواسعة...