Print
ضفة ثالثة ـ خاص

الموت أيضًا يرتدي كمامة.. قصائد عن الحياة بزمن كورونا

2 أغسطس 2020
ترجمات
في هذه الأوقات الصعبة، يجد الكثير من الناس العزاء في قراءة وكتابة الشعر.

فيما يلي مجموعة تأملات وأفكار على شكل قصائد كتبها قرّاء لصحيفة "نيويورك تايمز" حول الحياة في زمن كوفيد-19.

(ترجمة سارة حبيب)



في زمن الوباء
نافار سكوت موماداي

نبقى داخل بيوتنا.
وحين نتجرّأ على الخروج،
نظلُّ حذرين.
جيراننا يبتسمون،
لكن عيونهم ملأى
بالحذر والارتياب.
يحافظون على المسافة
كما نفعل نحن، في توافق صامت.
معظم خوفنا يبقى غير منطوق،
لأن هناك في آخر الأمر ثقل العادة،
رقة العزاء المحفوظ غيبًا.
نقاسي أفكار الفناء،
ونقيس المسافة بيننا وبين الموت.
الموت أيضًا يرتدي كمامة.
لكن فكروا، قد يكون هناك خير
في بلائنا هذا، إذا ما تمكنّا من إيجاده.
خيرٌ مخبَّأ في ظلمة خوفنا.
اكتشفوه ولاحظوا أنه الأمل
وأكثر من ذلك؛ إنه الفرصة التي وهِبَت إلينا.
الفرصة النادرة لننتصر،
لنضع حلولًا لتجديد العالم.
نستطيع اليوم أن نكون أفضل مما كنا قط.
نستطيع أن نطوّر الشرط البشري.
نستطيع أن نتخيل، ثم نحاول أن ندرك،
قدرتنا على الخير والأخلاق.
نستطيع أن نهزم الوباء، الحرب والفقر.
نستطيع أن نحافظ على غايتنا المقدسة.
نستطيع أن نحدّد من نحن في جوهرنا،
ومن نقدر أن نكون.
ملزمون نحن ببلوغ هذا المراد
من أجلنا ومن أجل الذين سيأتون من بعدنا.
هناك مستقبل أفضل،
ونستطيع أن نضمن قدومه.
فلنتولّ المهمة،
ولنكن جديرين بمصيرنا الأفضل.




العمل من المنزل
مايكل ويتني


أتذكر أيام كنت أفكر
أن العمل من المنزل سيكون ببساطة شيئًا عظيمًا.
لا حاجة للسيارة، ربطة العنق والبذلة،
لا حاجة أبدًا لذلك التنقل اليومي.
أستطيع أن أعمل مرتديًا ملابس النوم، أو حتى دون ارتداء أي شيء،
ومن غير أن أقلق أبدًا في خصوص المدير في آخر الممر.
سيكون عليّ أن أتأنق فقط أثناء لقاء على Zoom
وأن أنظّف جزءًا صغيرًا من الغرفة لا أكثر.
وكم سيكون رائعًا عدم وجود من يراقبني
حين آخذ رشفة، بين الحين والآخر، من زجاجة الويسكي.
لكن الآن، وقد حدث هذا، لم يتحقق حلمي
لأن العمل من المنزل بدا أشبه بالحياة في حديقة الحيوان.
لا يمكن لقفص كبير مملوء بالقردة أن يكون أسوأ من هذا.
الضجيج والازدحام يدفعانني لإطلاق الشتائم.
مع وجود الجميع هنا، ما من هدوء أو راحة بال.
لا يشبه الحال أبدًا ما اعتقدتُه عندما أردتُ أن أجربه.
وأسفاه! مع العمل من المنزل، لا أنجز شيئًا أبدًا.
والأسوأ من هذا، أنه ليس بالمتعة التي اعتقدت.
الآن، أتوق إلى تلك الأيام التي كنت أذهب فيها إلى العمل.
العمل من المنزل، هكذا اتضح لي، كان حلمًا أحمق.

الروح تختار تباعدها الاجتماعي
فيليشا نيموي أكِرمان

تختار الروح مجتمعها
ثم تغلق الباب عليه.
تحافظ على تباعدها الاجتماعي
مسافة ستة أقدام أو أكثر.
غير مبالية، تراقب الحشد المهمل
خارج بوابتها؛
غير مبالية، تلاحظ المستهترين
يستمرون بتحدي القدر.
أعرف أنها من هؤلاء الناس الحمقى
لن تختار أي أحد،
ثم ستحوّل انتباهها إلى الأصدقاء الذين تلتقيهم
عبر الهاتف.

فنان مغربي يرسم لوحة لشكر العاملين بمواجهة كورونا (Getty) 

















الأوقات السابقة
بوني شو

قبل الوباء،
كنا نذهب إلى الغداء في المطاعم رفقة أصدقائنا
ونرتشف الحساء مع المقرمشات
تلك التي كنا نفتّتها بأصابعنا العارية، أصابعنا العادية
التي لم تكن تثير الذعر، التي لم تكن من ناقلات المرض.

قبل أيام العزل الذاتي، كان التسوق مجرد واحدة من المهام الروتينية،
وأحيانًا كان متعة، نزهة بين عينات كوستكو،
عينات ألواح البروتين في أكواب ورقية صغيرة وقطع الشوكولا
والفُشار ورقائق البطاطس،
تجول واختيارُ عينات وشراء
أكياس كبيرة من البروكلي والسبانخ وسلطة الكاجو الآسيوية
وعلب جبنة الذواقة الكبيرة، وبالطبع مناديل الحمّام.

الأوقات السابقة انحسرت إلى مكان عميق في الذاكرة
كما لو أن كل ذلك حدث منذ عشر، لا بل، منذ عشرين سنة مضت
عندما كنا نعيش في عالم آخر، عالمِ حرية وحركة
وضحك وعناق وجلوس في غرف ضيوف الآخرين،
وعيش مفعمٍ بالحياة، وثرثرة لساعات
من دون قياس مسافة التباعد الاجتماعي،
من دون ارتداء أقنعة N95 الطبية أو قفازات النتريل المطاطية،
من دون خوفٍ قلِق.

اليوم نعيش في عالم آخر، مذعورين ومرتبكين،
عقولنا موكلة على الدوام بمهمة تذكر غسل أيدينا،
عدم لمس وجوهنا،
عدم لمس الطرود أو الرسائل البريدية دون قفازات ومحارم معقمة،
ونعم، موكلة بتذكر القلق،
كما لو أن القلَق الخائف يستطيع أن يصنع سورًا عاليًا محاطًا بخندق
من المطهرات المبخرة ذات الرائحة الكريهة
ليبقينا سالمين في هذه العالم الجديد،
عالم العدوى والحمى والاختناق والموت.

علينا ألا ننسى الأوقات السابقة، حين كنا قادرين أن نلمس
مقابض الأبواب، أجراس الأبواب، الرسائل البريدية، الطرود، أسطح الطاولات في المطاعم،
لوحات مفاتيح أجهزة زملائنا، أيدي الآخرين، ووجوهنا.
علينا ألا ننسى حفلات العشاء، نوادي القراءة، التجمعات السياسية،
الحفلات، حضور الأفلام، مراسم العبادة، مسيرات الاحتجاج، الأعراس، والجنائز.
في الأوقات السابقة كنّا نتشارك الأفراح والأحزان.
هل سنعيش معًا مرة أخرى؟


أمنية
إريكا فاين

تمضي الأسابيع، الرابع، ثم الخامس،

والحالة العادية تصبح محض خرافة.
أريد أن أعانق، أريد أن أضم،
أريد لهذه الآفة المميتة أن تصبح تحت السيطرة.
أريد أن أتكلم وسط حشد.
أريد أن أزيل هذا الوِقاء الكئيب.
أجلسُ معزولة في منزلي،
وأتوق إلى الاختلاط، السفر، والتجول.
طاقتي خارجة عن السيطرة-
أريد لمشاكلي العادية أن تعود.

 

فوبيا الفيروس
جين لانغ

هل أصبت بالفيروس؟ أم لم أصب؟
كيف لي أن أعرف ما الذي أصابني؟
درجة حرارتي 39،
أو أكثر بقليل، لكن أشعر أني بخير.
أو بالأحرى، أعتقد أني بخير.
لكن هل أنا فقط في حالة لا بأس بها؟
هل حلقي جاف قليلًا؟
أو هل هو واخز؟ ولماذا قد يكون كذلك؟
إذا استنتجت أنه واخز،
هل يعني هذا أنني مصابة بالعدوى؟
أنفي يسيل، وهذا ليس بجديد،
لكنه يسيل أكثر بكثير من عادته.
أعتقد أنه ربما يكون مجرد زكام،
أو ربما نتيجةً للتقدم في العمر.
صحيح أيضًا أنني متعبة،
لكن ذلك قد يكون بفعل التوتر.
ربما يجب أن آخذ استراحة؟
أو أستطيع، أو يجب عليّ، أن أُجري الفحص؟
أنا مستعدة لكل مهامي خارج المنزل،
مع المناديل المعقمة والقفازات والكمامات.
لكني لا أزال جاهلة بحالي
ولا أستطيع حتى أن أخمّن
ما الذي أصابني.



حيواني الأليف
جون بولارد

إذعانًا للوباء،
صرتُ أنا حيواني الأليف.
آكل وأقضي حاجتي،
وأُخرِج نفسي إلى نزهة في الغابة مرة كل يوم.
عندما أخرج إلى العالم
وأرى بشرًا آخرين
أبتعد عنهم.
يقولون إني لا أعضّ،
لكنك لا تستطيع أن تكون حذرًا بما يكفي.
من الواضح أنّي صرت مفسدًا بالدلال:
أحظى بالكثير من المُتع،
وفي المنزل آكل وأنام.
ألعب بكل ألعابي الإلكترونية
وأحاول أن أتعلم خدعًا جديدة،
على الرغم من أني كلب عجوز.
وبين الحين والآخر،
أحصل على حمّام،
بعد قليل من المقاومة.

ربيع هادئ في بلدة بين المدن
دوغ تيري

البلدة مهجورة كما لو أنها فنيت
لكن بطريقة ما تتفجر الأزهار البيضاء والوردية فوق الأشجار في كل مكان
البراعم الخضراء قبل أوانها تتدلى فوق الشجيرات
السماء زرقاء صافية إذ تمشي الغيوم بتكاسل في طريقها
الطبيعة تحتفل بينما يختبئ الرجال، النساء والأطفال داخل بيوتهم
أو يمشون لمسافات قصيرة في مجموعات صغيرة خائفة تضمّ المعزولين سوية
غريب
إلا أنه ليس بغير مألوف عبر الامتداد الطويل للتاريخ البشري
عرفنا هذا لآلاف السنوات
بشرٌ يهربون من ويلات الأمراض
التي تلعق دواخلهم كما لو أنها تتناول وجبة
وتجعل أحشاءهم تنسكب
في قبور الأرض المحفورة حديثًا
عرفنا هذا
إلا أننا أنكرناه بلا مبالاة
غافلين تمامًا عن قابلية فنائنا
معتقدين أننا منيعون
البلدة صامتة في بعض الأوقات
لا سيما في الأمسيات التي تلي وقت الطعام
الجميع يختبئون
فهذه هي المرة الوحيدة
في الذاكرة الحية
التي يمكن فيها لجارك أن يقتلك
بمجرد أن يقول لك
مرحبا.



فيروس
براين غرانت


أصبنا بفيروس التشكك والخوف
أصبنا بفيروس نقص المواد وبيع الأسلحة.
أصبنا بفيروس الوظائف المفقودة والإيجارات غير المدفوعة.
أصبنا بفيروس الرؤوس المتكلمة والمعلومات الخاطئة.
أصبتُ بفيروس الأمسيات الملغاة- الأيام الملغاة.
جدول المواعيد المفرّغ، خاليًا من عطالة قبول الدعوات.
الوجهة هي المنزل. الأفكار في تجوال.
الخيارات لم تعد موجودة. الحرية تم اكتسابها.
نقتل الفيروس بالأسئلة.
نقتل الفيروس بتحدي الحقائق.
نقتل الفيروس باللطف.
نقتل الفيروس بالصبر.

رابط القصائد:

https://www.nytimes.com/2020/05/22/opinion/letters/coronavirus-poems.html