Print
نجيب مبارك

موسم الدخول الأدبي الفرنسي 2021.. عودة الروح إلى المكتبات

13 سبتمبر 2021
تغطيات
قبل أيام، انطلق الموسم الأدبي الأكبر في فرنسا، أو ما يعرف بـ"الدخول الأدبي"، الذي يستمر حتى نهاية تشرين الأول/ أكتوبر، ويعدّ بلا منازع أحد أشهر المواسم الأدبية في العالم، حيث تستقبل فيه المكتبات ملايين النسخ من الروايات والكتب الجديدة من داخل فرنسا وخارجها. ورغم الحذر والخوف الذي طبع فترات الحجر وإغلاق المكتبات خلال العام الماضي، فقد تفاجأ الجميع هذه السنة بالأرقام الجيدة جدًا التي سُجلت منذ كانون الأول/ ديسمبر إلى اليوم، ما يؤشر إلى عودة الروح إلى صناعة الكتاب، ومعها المكتبات، خلال هذه الفترة الحاسمة، ويدفعها إلى التطلع نحو المستقبل بتفاؤل كبير. في هذا السياق، تكشف أرقام الدخول الأدبي الفرنسي الحالي أن عدد المنشورات قد عرف ارتفاعًا طفيفًا مقارنة بالموسم السابق، رغم أن فرنسا ما زالت ترزح تحت وطأة تداعيات انتشار جائحة كورونا، حيث بلغ عدد الروايات المنشورة 524 رواية، مقابل 511 في عام 2020، بينما وصلت نسبة الروايات الفرنسية 379 عنوانًا، تضاف إليها 142 رواية مترجمة، أما عدد الروايات الأولى التي يصدرها كُتّاب جدد فقد بلغ 75 رواية.



الروايات الفرنسية

إميلي نوثومب وروايتها "الدم الأول"


من بين الأسماء التي ينتظرها القارئ كل عام، يبرز بقوة اسم ظاهرة عالم النشر الفرنكفوني، الكاتبة البلجيكية الأصل، إميلي نوثومب، الوفية لموعدها السنوي بنشر رواية في بداية كل موسم أدبي جديد، وذلك منذ ثلاثين عامًا على التوالي، حيث تنشر واحدة من أفضل رواياتها، بعنوان "الدم الأول"، وهي عبارة عن مذكرات خيالية لوالدها الذي توفي العام الماضي، حيث نكتشف عائلة غريبة الأطوار، ونعيد اكتشاف حلقة مأساوية من تاريخ زائير السابقة من طرف هذا الدبلوماسي البلجيكي. ورغم أن نوثومب رُشحت للفوز بجائزة غونكور أكثر من مرة، لكنها لم تفز بها حتى الآن. وقد فسرت هذا الأمر لصحيفة "لوباريزيان" يوم 17 آب/ أغسطس الماضي حين قالت: "لن أحصل على غونكور [...] إنهم يعتبرونني مؤلفة ناجحة ولست بحاجة إليها..". تليها من حيث الشهرة الكاتبة المثيرة للجدل، كريستين أنجو، التي تسرد ماضيها بدقة شديدة، باعتبارها ضحية لسفاح القربى، في روايتها الجديدة "رحلة إلى الشرق".




كما يلهم تاريخ العائلة أيضًا الكاتب، سورج شالاندون، الذي يعود مع رواية "ابن الوغد"، حول الأدوار المتعددة التي اضطلع بها والده خلال الحرب العالمية الثانية، بغض النظر عن كونه بطلًا أو وغدًا، لأن هذا موضوع متكرر في أعمال تشالاندون. أما الكاتب والمخرج، مارك دوغين، فيستحضر أيضًا والده والعلاقة الصعبة بينهما في رواية "الإرادة".
من جهة أخرى، ما زال التاريخ بوقائعه المختلفة يلهم عددًا كبيرًا من الكتاب، بمن فيهم فيليب جينادا، بروايته الجديدة "في ربيع الوحوش"، التي تعود لفتح تحقيق حول مقتل طفل في بداية الستينيات، بينما يستحضر جان كريستوف غرانجي الاغتيالات في مجتمع برلين الراقي عند نهاية الثلاثينيات في رواية "الوعود". كما يخوض كريستوف نايجيون في عذابات أفريقيا ومسألة العبودية في رواية "مامبا بوينت بلوز"، التي تسافر بالقارئ بين نيويورك وفرنسا وليبيريا. وتعود موسيقى البلوز للحضور أيضًا في رواية "دلتا بلوز" لجوليان دولمير، والتي تحكي ولادة هذه الموسيقى في دلتا المسيسيبي. ومن جانبه، لا يعتمد الكاتب الذائع الصيت، غيوم ميسو، على أمجاده السابقة، باعتباره "الكاتب الأكثر مبيعًا في فرنسا"، بعد أن أصاب منافسيه بالذعر مرة أخرى هذا الصيف (إذ فاز كتابه "الحياة رواية" بثاني أفضل الكتب مبيعًا)، إذ قرر بسرعة أن ينشر روايته الجديدة "مجهولة السين"، ابتداء من 21 أيلول/ سبتمبر، وهي قصة مثيرة مستوحاة من أحداث حقيقية، تعود وقائعها إلى حادثة غرق امرأة شابة في نهر السين عام 1880.

فرانسواز ساغان وروايتها "اكتب إليّ بسرعة واستفاضة"


من جهة أخرى، يحمل هذا الموسم مفاجأة سارة لعشاق الكاتبة المتمردة الراحلة، فرانسواز ساغان، حيث ستنشر لها دار "ستوك" أعمالًا جديدة غير منشورة سابقًا، وذلك يوم 29 أيلول/ سبتمبر، وهي تحمل عنوان "اكتب إليّ بسرعة واستفاضة"، وهي مراسلات تعيد الحياة إلى فرانسواز ساغان، تلك الفتاة التي حين توجت روايتها "صباح الخير أيها الحزن" بالنجاح الباهر كانت تبلغ من العمر 20 عامًا فقط، وهي مراسلات تجري بين الكاتبة وصديقة طفولتها فيرونيك كامبيون.




كما يصدر دافيد ديوب ذو الأصول السنغالية، الفائز هذا العام بجائزة بوكر الدولية عن روايته المترجمة "شقيق الروح"، رواية جديدة بعنوان "باب سفر بلا رجعة"، وهي نسخة خيالية من مغامرات عالم الطبيعة الفرنسي في السنغال خلال القرن الثامن عشر.

جان كريستوف غرانجي وروايته "الوعود" 

ويصدر تانغي فيل رواية "الفتاة التي تُسمى"، وكاثرين كوسي رواية "تعريف السعادة"، وناتاشا أباناه رواية "لا شيء يخصك"، وسيلين مينار رواية "بلازمات"، وسيسيل كولون رواية "وحيدة في بيتها"، وجوستين ليفي رواية "ابنها"، وآن بيريست رواية "البطاقة البريدية"، وإستيل سارة ـ بول رواية "أكثر النجوم توهجا"، ويلفريد نسوندي "امرأة السماء والعواصف"، وسانتياغو هـ. أميغورينا رواية "المنفى الأول". ويعود الحائز على نوبل، باتريك موديانو، برواية عنوانها "شيفروز"، بينما تصدر الروائية ماريس كوندي رواية بعنوان "إنجيل العالم الجديد".



الروايات المترجمة
لا أحد ينكر اهتمام الفرنسيين بالآداب الوافدة من أماكن أخرى، إلا أنه يلاحظ هذا العام أن دور النشر خفضت إنتاجها بالنسبة للأعمال الأجنبية، مع حوالي 140 رواية مترجمة من الخارج، مقابل أكثر من 200 رواية قبل عشر سنوات، بل إنها وصلت إلى 229 رواية جديدة في عام 2009. ويذكر أنه منذ ذلك الحين لم يتوقف اكتشاف المواهب الجديدة، خاصة تلك القادمة من العالم الناطق بالإسبانية، والدول الإسكندنافية، ومن أوروبا الوسطى والشرقية. لكن مرة أخرى، لا زالت هيمنة الأدب الأنجلو ساكسوني مستمرة خلال هذا الموسم، ولا سيما أدب أميركا الشمالية. ومن بين الروائيين الأكثر بروزًا، سيكون من الضروري الإشارة إلى الكاتب الأميركي، ريتشارد فورد، صاحب رواية "استقلال"، الذي يعود وهو في سن 77، بمجموعة تضم تسع قصص قصيرة، بعنوان "لا شيء للتصريح" (بينما العنوان الأصلي هو "آسف لانزعاجك")، وهي تنقلنا من نيويورك إلى دبلن مرورًا بباريس. أما روبرت جونز فيعود برواية بعنوان "الأنبياء"، بينما دوغلاس ستيوارت، الحائز على جائزة بوكر، يعود برواية "شاغي باين". أيضا تُرجمت لليونيل شرايفر رواية بعنوان "أربع ساعات، اثنتان وعشرون دقيقة وثماني عشرة ثانية"، ولباولو كوجنيتي رواية "غبطة الذئب"، ولبول لينش رواية بعنوان "ما وراء البحر"، وريتشارد باورز رواية "صعقات"، أما الفائز بجائزة نوبل عام 2017 كازو إيشيغيرو فيصدر رواية جديدة بعنوان "كلارا والشمس".




بالنسبة للروايات الأجنبية أيضًا، هنالك بعض العناوين ستجذب انتباه القراء لا محالة، مثل "رقصة الماء" (فايارد) للصحافي تا- نيهيسي كوتس، المدافع الملتزم عن حقوق الأميركيين من أصل أفريقي في الولايات المتحدة. وتحكي رحلة شاب قرر الهروب من العبودية، وسيتم تحويلها إلى فيلم سينمائي قريبًا (من إنتاج براد بيت، وأوبرا وينفري). ثم هنالك الكاتب الألماني أكيز، الذي سيوقع رواية بعنوان "الكلب" (فلاماريون)، وهو كتاب جامح يصور رجلًا عنيفًا بمواهب طهي خارقة. بينما يقدم النمساوي فيليب فايس "ضحك عظيم لرجال جالسين على حافة العالم"، وهي رواية أولى من خمسة مجلدات، تقع في أكثر من 1000 صفحة، وتحاول من خلال الحكايات الصغيرة التي تدور حول خمس شخصيات أن تسرد بعض مظاهر الوجود الإنساني. وأخيرًا، وليس آخرًا، لا يجب أن نغفل رواية المخرج الأميركي المعروف، كوينتين تارانتينو، "ذات مرة في هوليوود"، المستوحاة مباشرة من فيلمه الأخير الذي يحمل العنوان نفسه.



الروايات الأولى

مود فينتورا  وروايتها "زوجي"


يعود عدد الروايات الأولى إلى الارتفاع هذا الموسم، إذ وصلت إلى 75 رواية، بعد أن أُجّل نشر بعضها خلال العام الماضي أملًا في الحضور ضمن موسم أدبي "أكثر أمانًا". وهكذا، تنشر دار فلاماريون رواية جديدة بعنوان "الحب والعنف" بقلم ديانا فيليبوفا، وهو سرد حكاية شاب يسعى إلى معرفة هويته عبر تاريخ عائلي واجتماعي وسياسي معقد.




كما تنشر أيضًا رواية "الفتيات الصغيرات المبهرات" لتيموثي ستانكوليسكو، التي تستحضر جموح وحدة سنوات المراهقة. كما تنشر دار ليكونوكلاست رواية "زوجي" لمود فينتورا، وهي حكاية مواجهة بين زوجين تعج بالفكاهة، أما رواية "حيث تمر القافلة" (ألبين ميشيل) للصحافية والناقدة الأدبية، سيلين لورينز، فهي تروي الحج التقليدي للغجر، الشبيه بالحلم، إلى منطقة اللورد الفرنسية، بمناسبة عيد انتقال العذراء.