Print
أنطونيو داماسيو

أنا أشعر، إذًا أنا موجود

3 مايو 2022
ترجمات

 

[الوعي محادثة مستمرة بين الجسد الذي يشعر والعقل الذي يعرف]

 

أنطونيو داماسيو (1944- ): برتغالي- أميركي. أستاذ جامعي في اختصاصات علم الأعصاب، علم النفس، والفلسفة؛ ومدير "معهد الدماغ والإبداع" في جامعة كاليفورنيا الجنوبية. نال العديد من الجوائز منها: جائزة أمير أستورياس في العلوم والتكنولوجيا، جائزة غروماير، وغيرهما. من كتبه: "الشعور بما يحدث: الجسد والعاطفة في صنع الوعي" (2000)، "البحث عن اسبينوزا: الفرح، الحزن، والدماغ الشاعر" (2003)، "خطأ ديكارت: العاطفة، العقل، والدماغ البشري" (2005)، "الترتيب الغريب للأشياء: الحياة، الشعور، وصنع الثقافات" (2018). آخر كتبه: "الشعور والمعرفة: جعل العقول واعية" (2021)؛ ومنه اقتُبِست هذه المقالة.

[ترجمة: سارة حبيب]


في البَدْء، لم تكن الكلمة؛ هذا واضحٌ تمامًا. مضت الحياة قُدُمًا من غير كلمات أو أفكار، من غير مشاعرَ أو ألباب، خاليةً من العقول ومن الوعي. غير أن هذا لا يعني أن عالم الأحياء كان بسيطًا يومًا. بل على العكس تمامًا؛ لقد كان معقدًا منذ نشوئه، منذ أربعة بلايين سنة. لكن العضويات الحية بعدئذ اتخذت مسارات عديدة. وفي فرعِ تاريخِ الحياة الذي أفضى إلينا، أحبُّ أن أتخيّل ثلاث مراحل تطورية متمايزة ومتعاقبة: مرحلة أولى موسومة بالـ"وجود"؛ مرحلة ثانية محكومة بالـ"شعور"؛ ومرحلة ثالثة مُعرَّفة بالـ"معرفة"، بالمعنى العام للكلمة.

ولكي تكون المخلوقات قادرة على الشعور عليها أولًا، كما أرى الأمر، أن تضيف عدة خاصيّات لعضوياتها. عليها أن تكون متعددة الخلايا، وأن تمتلك أجهزة عضوية متمايزة، ومعقدة نوعًا ما، يبزغ من بينها جهازٌ عصبيّ؛ هو بمثابة منسّقٍ طبيعيّ لعمليات الحياة الداخلية وللتعاملات مع البيئة. لكن، ماذا يحدث بعد ذلك؟ الكثير، كما سنرى.

تتيح الأجهزة العصبية القيام بحركات معقدة، وبالنتيجة، تمكّن بدايةَ بِدعة حقيقية: العقول. والمشاعر هي من بين أوائل الأمثلة عن ظواهر العقل، ومن الصعب المغالاة في الحديث عن أهميتها. تتيح المشاعر للمخلوقات أن تمثّل في عقولها، الخاصة بكل واحد منها، حالةَ أجسادها المنهمكة بتنظيم الوظائف العضوية الداخلية التي تتطلّبها ضرورات الحياة: تناول الطعام والشراب والتغوط؛ أخذ وضعيات دفاعية كما يحدث أثناء الخوف أو الغضب، النفور أو الازدراء؛ سلوكيات التنظيم الاجتماعي مثل التعاون، النزاع؛ إبداء النجاح، الابتهاج، والانتشاء؛ وحتى إظهار السلوكيات المتعلقة بالتكاثر.

تمدّ المشاعرُ العضويات بتجاربَ عن حياتها. وهي، على وجه الخصوص، تزوّدُ العضويّةَ المالكة لها بتقييمٍ متدرّج عن نجاحها النسبي في العيش: درجة اختبار طبيعية تأتي على هيئة نوعيّة؛ سارّة أو غير سارّة، طفيفة أو شديدة. وهذه المعلومة ثمينة ومبتكرة، وهي من نوع المعلومات التي لا يمكن للعضويات المقتصرة على مرحلة "الوجود" أن تحصل عليها.

وكما هو متوقع، المشاعر مساهمٌ هام في خلق "ذات". ويمكن هنا التفكير بالذات على أنها عملية عقلية تحييها حالةُ العضويّةِ، راسيةً في إطارها الجسدي (الإطار المكوَّن من الهيكل العضلي والهيكل العظمي)، ومُوجَّهةً في آخر الأمر بالمنظور العام المزوَّد بقنوات حسية مثل الرؤية والسمع.

غير أن ما يثير العجب هو أن كل جهاز حسي هو، في حدّ ذاته، خالٍ من التجربة الواعية. الجهاز البصري، على سبيل المثال - شبكياتنا العينية، مساراتنا البصرية، القشرات الدماغية البصرية- ينتج خرائط للعالم الخارجي ويقدم لنا الصور البصرية الواضحة ذات الصلة. لكن، وحده التسيير المنظَّم لأنواع المعالجة الثلاثة - الأنواع المتعلقة بالوجود، الشعور، والمعرفة- يتيح للصور بأن تصبح متصلّة بعضويتنا، وتصبح حرفيًا مُحالة إلى تلك العضوية وموضوعة ضمنها. عندها فحسب يمكن للتجربة أن تنشأ.

ما ينجم عن هذه الخطوة الفيزيولوجية الجسيمة، إنما غير المُحتَفى بها، ليس أقلّ من استثنائي. فما إن تبدأ التجارب بأن تصبح في عهدة الذاكرة، تغدو العضويات الواعية والشاعرة قادرةً على الحفاظ على تاريخ شامل نوعًا ما لحيواتها؛ تاريخ لتفاعلاتها مع الآخرين وتفاعلها مع البيئة؛ أو باختصار، تاريخ لكل حياة فردية كما هي مُعاشة داخل كلّ عضوية فردية؛ وما يمكن اعتباره، على أقلّ تقدير، درعَ حمايةٍ للشخصية الفردية.

بداية الشعور

على الأرجح، بدأ الشعور تاريخه التطوري كمحادثةٍ خجولة بين كيمياء الحياة ونسخة مبكّرة من جهاز عصبي ضمن عضوية واحدة معينة. وفي مخلوقات أكثر بساطة بكثير منّا، كان ذلك التبادل يولّد مشاعرَ مثل الشعور بعافية بسيطة أو انزعاج أوليّ، وليس مشاعر مصنَّفة بدقة إلى درجات، ناهيك عن شيء معقد مثل الألم الموضعي. مع هذا، يا له من تطور لافت للنظر! وقد زوّدت تلك البدايات الخجولة كلّ مخلوق بنوع من التوجيه؛ ناصحٌ حاذق حول ما تفعله أو ما لا تفعله تاليًا أو إلى أين تذهب. هكذا، نشأ شيء مبتكر وقيّم للغاية في تاريخ الحياة: مقابلٌ عقليٌّ لعضويّة مادية.

يبدأ أبسط نوع من الأثر داخل العضوية الحية. يظهر فجأة غامضًا وواسع الانتشار، مُولِّدًا مشاعر غير قابلة للتوصيف أو تحديد مكانها بسهولة. تعبير "مشاعر بدائية" يجسّد الفكرة هنا. بالمقابل، تقدّم "المشاعر الناضجة" صورًا واضحة وجازمة للأشياء التي تؤثثُ "داخلَنا" - الأعضاء الداخلية مثل القلب والرئتين والأمعاء- وصورًا  للأفعال التي تقوم بها مثل الخفقان والتنفس والانقباض.

في آخر الأمر، كما في حالة الألم الموضعي مثلًا، تصبح الصور حادة ومركّزة. لكن، لا تخطئوا: المشاعر الغامضة، التقريبية أو الدقيقة، إخبارية؛ بمعنى أنها تحمل معرفة هامة وتغرس تلك المعرفة بإحكام ضمن مجرى العقل. هل العضلات مشدودة أو مسترخية؟ هل المعدة ممتلئة أو فارغة؟ هل القلب يخفق بانتظام وعلى نحو رتيب، أو هل يتجاوز بضع خفقات؟ هل التنفس يسير أم عسير؟ هل ثمة ألم في كتفي؟ ونحن، الذين حظينا بامتياز الشعور، يتسنّى لنا أن نعرف عن تلك الحالات، وتصبح تلك المعلومات قيّمةً لأجل التحكم اللاحق بحيواتنا. لكن كيف نتحصّل على تلك المعرفة؟ ما الذي يحدث عندما "نشعر"، مقارنة بما يحدث عندما "ندرك" الأشياء في العالم بصورة عامة ليس إلا؟ ماذا يلزمنا لكي "نشعر" مقارنة بأن ندرك فحسب؟

بداية، كل ما نشعرُ به يتوافق مع حالاتِ دواخلنا. نحن لا "نشعر" الأثاث حولنا أو المنظر الطبيعي. بل نستطيع أن ندرك المنظر والأثاث، ويمكن لإدراكاتنا أن تثير بسهولة استجاباتٍ انفعالية وتنتج المشاعر ذات الصلة. كما يمكن لنا أن "نختبر" هذه "المشاعر الانفعالية"، بل ونسميّها؛ المنظر الطبيعي الجميل والكرسي المريح.

لكن، ما نشعر به "فعلًا"، بالمعنى المستحق للتعبير، هو كيف تسير أجزاء من عضويتنا أو كلُّ عضويتنا لحظةً بلحظة. هل عمليات تلك الأجزاء أو ذلك الكلّ سلسة وغير مُعرقلة أو هل هي شاقة؟ أدعو هذه المشاعر "استتبابية" لأنها، مثل مخبرين مباشرين، تخبرنا إذا كانت العضوية تعمل أو لا تعمل وفق حاجات استتبابية؛ أي، إن كانت تعمل على نحو مُفضٍ إلى الحياة والنجاة أم لا.

تدين المشاعر بوجودها لحقيقةِ أن للجهاز العصبي تماسًّا مباشرًا مع دواخلنا والعكس بالعكس. إن الجهاز العصبي حرفيًا "يلمس" داخل العضوية، في كلّ مكان من ذلك الداخل، وهو "يُلمَس" في المقابل. عري الداخل بالنسبة إلى الجهاز العصبي وإمكانية الوصول المباشرة الذي يتمتع بها الجهاز العصبي بالنسبة إلى ذلك الداخل هي جزء من فرادة "الحسّ الداخلي"؛ المصطلح التقني المحجوز ليشير إلى إدراكِ داخلنا الأحشائيّ. والحسّ الداخلي متمايز عن إدراكِ جهازنا الحركي (العضلي الهيكلي)، المعروف باسم "استقبال الحسّ العميق"، ومختلف كذلك عن إدراك العالم الخارجي، أو ما يسمّى "الحسّ الخارجي". لا يتعلق الحسّ الداخلي بمجرد الإدراك، بل هو عملية هجينة. من الواضح أنه يمكننا أن نستخدم الكلمات لنصف تجارب الشعور، غير أننا لسنا بحاجة إلى وساطة الكلمات لكي نشعر.

يعتقد عالم الأعصاب أنطونيو داماسيو أن "الذات هي عملية عقلية متجذرة في باطن الجسم وموجهة بواسطة القنوات الحسية، مثل الرؤية والسمع واللمس" (PhawKStudio)



الأوركسترا الكيميائية

ربما نحن الآن جاهزون لنتّخذ الهبوطَ الأورفيوسيّ وننزل إلى الشعور في العالم السفلي. وسنجد أن المستويات الأعمق من عملية الشعور تخصّ الآليات الكيمائية المسؤولة عن كامل نطاق التنظيم الاستتبابي عبر مسارات متعددة. وتحت النوعيات والشدّات التي تشكّل التقييمات المعبَّر عنها بمشاعر- أي تكافؤات تلك المشاعر- ثمة جزيئات، مُستقبِلات، وأفعال.

أمّا كيف تقوم هذه الأوركسترا الكيمائية بعملها فهو أشبه بأعجوبة. تؤثر جزيئات محددة على مستقبِلات محددة وتسبّب أفعالًا محددة. هذه الأفعال هي جزء من الكفاح الشاق للحفاظ على الحياة. والأفعال في حدّ ذاتها هامة بما فيه الكفاية، لكن كذلك هي الدينامية العامة التي تشكّل الأفعال جزءًا منها، والتي هي مكلفة بإدارة حياة عضوية محددة. هذا القدر سهل الفهم. لكن، ما ليس واضحًا كثيرًا هو هذا: كيف لقيام الأفعال الناتجة عن الجزئيات والمستقبلات بعملها أن يساعدنا في تفسير "الإثارات" التي تُحدثها المشاعر فينا، في تجاربنا الذاتية، ناهيك عن "نوعية" الشعور؟

عمليًا، المسافة بين المشاعر والأشياء المحسوسة مسافة صغيرة. فالمشاعر ممزوجة بالأشياء والأحداث التي نشعر بها، وذلك بفضل التداخل الاستثنائي والحميمي بين بُنى الجسد والجهاز العصبي. وبدورها، هذه الحميمية هي ذاتها نتاج خصوصيات الجهاز المكلّف بإرسال الإشارات من الجسد إلى الجهاز العصبي، أي جهاز الحسّ الداخلي.

الخصوصية الأولى للحسّ الداخلي تتجسّد بافتقار كبير إلى عازل المَيَالين (النخاعَيْن) في غالبية الخلايا العصبية الحسية الداخلية. تحتوي الخلايا العصبية النمطية على جسم خلية ومحور عصبي، مع كون هذا الأخير هو "السلك" الذي يؤدي إلى "الاشتباك العصبي". وبدوره، يتّصل الاشتباك العصبي بالخلية العصبية التالية ليجيز أو يكبح نشاطها. فتكون النتيجة هي إطلاق الخلية العصبية أو إسكاتها.

يقوم المَيَالين بوظيفة عازل لسلك المحور، مانعًا الاحتكاكات الخارجية الكيمائية والكهروبيولوجية. لكن، في غياب الميالين، تتفاعل الجزيئات الموجودة في محيط المحور مع المحور وتغيّر إمكانية إطلاقه. علاوة على ذلك، يمكن لخلايا عصبية أخرى أن تقوم باتصالات مشبكية عبر المحور بدلًا من القيام بذلك في نقطة الاشتباك العصبي للخلية، مُسبّبةً ما يُعرَف باسم "إرسال الإشارة غير المشبكي". إن هذه العمليات غير نقيّة عصبيًا؛ بمعنى أنها ليست في واقع الأمر منفصلة عن الجسد الذي يستضيفها. بالمقابل، إن هيمنة المحاور المَيَالينيّة تعزل الخلايا العصبية وشبكاتها عن تأثيرات بيئتها المحيطة.

الخصوصية الثانية للحسّ الداخلي تخصّ الافتقار إلى الحاجز الذي يفصل الشؤون العصبية عادة عن مجرى الدم. وهو ما يُعرف باسم "الحاجز الدموي الدماغي" (فيما يتعلق بالجهاز العصبي المركزي) أو "الحاجز الدموي العصبي" (في حالة الجهاز العصبي المحيطي). إن غياب هذا الحاجز جدير بالملاحظة على وجه الخصوص في مناطق الدماغ المرتبطة بعملية الحسّ الداخلي، مثل العقد العصبية الشوكية والعقد العصبية في جذع الدماغ، حيث يمكن للجزيئات الدوارة أن تقوم باتصال مباشر مع أجسام الخلايا العصبية.

إن نتائج هذه الخصوصيات لافتة للنظر. فالافتقار إلى عزل المَيَالين والافتقار إلى الحاجز الدموي الدماغي يتيح للإشارات المُرسلة من الجسد أن تتفاعل مع الإشارات العصبية على نحو مباشر. ولا يمكن إطلاقًا اعتبار الحسّ الداخلي محض تمثيلٍ إدراكيّ بسيط للجسد داخل الجهاز العصبي. ثمة، بالأحرى، اختلاطُ إشاراتٍ واسع النطاق.

ولادة الوعي

عندما نصف أنفسنا بأننا واعون بمشهد معين، فهذا يتطلّب إدماجًا هائلًا لمكونات المشهد. مع ذلك، ما من سبب لنتوقع أن الدمج وحده، مهما يكن وافرًا، سيكون مسؤولًا عن الوعي. الدمج المتزايد لمحتويات عقلية، عبر كميات أكبر من المواد الصورية المتدفقة، ينتج حيّزَ مادةٍ واعية أكبر، لكني أشك أن الوعي قابل للشرح بفكرة "ربط" المكونات المُساهِمة وحدها. لا ينبثق الوعي لمجرد أن المحتويات العقلية مُجمَّعة كما ينبغي. أقترح بالأحرى أن نتيجة الدمج هي توسيع للحيّز العقلي.

ما يبدأ بتوليد الوعي هو إثراءُ التدفقِ العقليّ بالمعرفة التي تشير إلى العضوية بوصفها مالكة العقل. وما يبدأ بجعل محتوياتي العقلية واعيةً هو تحديدي أنا كصاحب الممتلكات العقلية الحالية. إن معرفة هذه الملكية يمكن الحصول عليها من حقائق واضحة ومحددة، لكن أيضًا، وبشكل مباشر تمامًا، من مشاعر استتبابية. بسهولة، بشكل طبيعي، على نحو فوري، وكلما دعت الحاجة إلى ذلك، تقوم مشاعر استتبابية بمطابقة عقلي مع جسدي، على نحو قاطع، ومن دون الحاجة إلى المزيد من الاستنتاج أو إجراء الحسابات.

ثمة أيضًا مسألة رئيسية في دراسات الوعي تخصّ ما يُعرف اليوم عمومًا بـِـ"المشكلة الصعبة" (معضلة الوعي)، وهي التسمية التي أدرجها الفيلسوف ديفيد تشالمرز في المؤلفات. وجانب مهم من هذه المشكلة يشير، وفق كلمات تشالمرز، إلى: "لماذا وكيف تسبّب العمليات المادية في الدماغ تجربةً واعية؟".

لكنّ التركيب البيولوجي للمشكلة الصعبة غير سليم. وسؤال لماذا على العمليات المادية "في الدماغ" أن تسبّب تجربةً واعية هو سؤال عاثر. فعلى الرغم من أن الدماغ لا غنى عنه في توليد الوعي، لا شيء يوحي بأن الدماغ يولّد الوعي وحده. بل على العكس تمامًا. إن الأنسجة غير العصبية لجسد العضوية تسهم جدًا وعلى نحو هام في خلق أيّ لحظة واعية وينبغي أن تكون جزءًا من حلّ المشكلة. يحدث هذا على وجه الخصوص من خلال عملية الشعور الهجينة التي نعتبرها مساهمًا أساسيًا في صنع عقول واعية. ويمكن القول، في محاولة لإعطاء ولادة الوعي حقّه، أن ثمة تسلسلًا زمنيًا؛ أن الشعور ظهر في التطور قبل الوعي بنصف خطوة لا أكثر؛ أن الشعور هو، حرفيًا، نقطةُ انطلاقِ الوعي. لكن، في الواقع، القيمة الوظيفية للمشاعر مرتبطة بحقيقة أنها، على نحو قاطع، مُحالة إلى العضوية المالكة لها وتقيم في عقل العضوية المالكة لها.

لقد أنجبتِ المشاعرُ الوعيَ ووهبته بسخاء لبقية العقل.

 

رابط النص الأصلي:

https://nautil.us/i-feel-therefore-i-am-13869/?fbclid=IwAR3bYtvaFWurPYdXWI9n4BJ5xK_hZuqiGcP7065LEInkhFy5SJNGY-PH7bI