Print
جمال شحيّد

الكلمة القاتلة: في صنوف العنف الفكري

14 نوفمبر 2024
تغطيات


عام 2006 أصدرت دار شان فالون الباريسية كتابًا جماعيًا بعنوان "الكلمة التي تقتل: تاريخ العنف الفكري من العصور القديمة إلى يومنا هذا" بإشراف فانسان أزولي وباتريك بوشيرون؛ وشارك فيه 21 باحثًا جامعيًا درسوا فيه صنوف العنف الفكري، انطلاقًا من الحقبة الإغريقية، مرورًا بالمجتمع الروماني ووصولًا إلى العصر الأوروبي الوسيط وعصر النهضة وحتى منتصف القرن العشرين.

يذكر مفتتَح الكتاب أن التاريخ البشري يعجّ بأشكال العنف الفكري وبشتّى درجاته. وتعجّ الروايات والأفلام بالعنف المعيش أو المتخيّل، على مستوى الفكر واللغة والجسد في آن؛ ويتناول العنف السياسي والجنسي والاقتصادي. ويتجلّى أولًا في طرح المواقف وتنصيب الرأي الشخصي كقسطاس يجب أن ينطبق على جميع البشر. ففي المشادّات الدينية التي عرفتها جميع المجتمعات، نلاحظ أن اللاهوت قد حاول الاستئثار بالحقيقة، الدينية والدنيوية معًا، وأرغم الخصم على التكلّم بلغته هو وعلى طرح المفاهيم والعقائد ذاتها. ويتجلّى ثانيًا في طرح النظريات والعبارات الفاصلة والمميَّزة.

يذكر نيتشه أن الطبقات العليا في المجتمع الإغريقي أطلقت على نفسها صفة Agathoi (الفضلاء) لتمييزها على طبقات القاع Kakoi (السفلة والأشرار). وفي المجتمعات الحديثة تتكلّم الدعاية السياسية عن "المؤيدين" للسلطة و"المعارضين"؛ وتحمل المفردة الأولى معاني النبل والتعقل والاختيار الحسن، وتعني المفردة الثانية رهط الأنجاس والمخربين والمجانين. هذا إلى جانب التصنيفات العائلية: "الأكابر والذوات" من جهة و"العوام والأوباش" من جهة أخرى. فالمجتمع مقسوم إلى أبيض وأسود، تقدّمي ورجعي، بحسب التصنيف الماركسي.

ويظهر العنف السياسي خصوصًا في ارتكاب الأعمال الوحشية والنهب والتشبيح والمجازر والإبادة؛ وما أكثرها في القرن العشرين! وعلى سبيل المثال، مجزرة غيرنيكا في أثناء الحرب الأهلية الاسبانية، ومجازر ستالين وأجهزته السرية، ومجازر فلسطين عام 1948 وما بعدها، ومجازر البوسنة والهرسك قبيل تفكّك يوغسلافيا، هذا إذا لم نعد إلى المجازر القديمة كتلك التي ارتكبها الصليبيون عندما احتلوا مدينة القدس عام 1099 وما بعدها، ومجزرة سان بارتيليمي عام 1572 التي ذبح فيها في ليلة واحدة أكثر من ألف بروتستانتي في باريس في أثناء الصراع الدامي بين الكاثوليك والبروتستانت، ومجازر الهولوكوست إبان الحرب العالمية الثانية، ومجازر الأميركيين في فيتنام، ومجازر الخمير الحمر في كمبوديا التي تجاوز عدد ضحاياها عام 1979 مليون ونصف مليون من الكمبوديين...

وغالبًا ما ينسب العنف الفكري إلى الخصوم تهمًا باطلة لإسقاطهم أو لإبعادهم عن الساحة. وهذا ما فعله شيشرون (106 – 43 ق. م) مع خصومه الريفيين الذين انتقلوا إلى روما وبدأوا يقضمون شيئًا من سلطته في العاصمة، فحقّرهم في لهجاتهم ونبرات أصواتهم المرتفعة وملابسهم كي يعودوا إلى أراضيهم ومواشيهم ويخلوا الساحة الخطابية له ولأعوانه.    

تصدّى شيشرون لاثنين من خصوم روما: لوكلوس سرجيوس كاتيلينا (108 - 62 ق. م) وماركوس أنطونيوس (83 ــ 30 ق. م) وصبّ جام غضبه عليهما مستخدمًا أرقى أساليب البلاغة التي وصل إليها الأدب اللاتيني. ففضح مؤامرة سرجيوس كاتيلينا على الجمهورية مخاطبًا إياه مباشرة في المجلس: "حتى متى يا كاتيلينا تحتال وتستنزف صبرنا؟ وحتى متى يتجنّب سعارُك ضرباتنا؟ وإلى أين ستقودك جرأتك المتهوّرة؟... لقد فضحتَ مخططاتك، بدون أن تدري؛ ألا ترى أن جميع الرومان قد كشفوها؟". وينتهي خطابه الصاعق بالدعوة إلى طرده هو وأوباشه من روما ليلقى خارجها قدره، وبئس المصير. أما خُطبه الأربع عشرة التي تناول فيها القائد أنطونيوس فسميّت في التاريخ بالفيليبيّات، نسبة إلى خطب ذيموسثينوس الإغريقي التي تصدّى فيها لفيليب المقدوني (أبي الاسكندر الكبير)، مستنكرًا فيها فساد أنطونيوس وغطرسته وتآمره على الجمهورية: "تذكرْ يا أنطونيوس ذلك اليوم الذي ألغيتَ فيه الطغيان. انظر من جديد إلى ابتهاج مجلس الشيوخ والشعب الروماني، قارن بين هذه الفرحة وبين مساوماتك الشنيعة أنت وأصحابك، عندئذ تدرك الفرق بين الجشع والمجد". وناشد مجلس الشيوخ في نهاية هذه الفيليبيّة الثانية قائلًا: "يا أعضاء مجلس الشيوخ، إنني أتوق إلى الموت (...) ولديّ هاتان الأمنيتان فقط: أن ينعم الشعب الروماني بعد موتي بالحرية - وهذه أجمل هدية يرسلها الآلهة الخالدون - وأن ينال كل مواطن الاستحقاق الذي يؤول إليه للخدمات التي يؤديها للجمهورية"(ص 433 - 434، من كتابي "محطات كبرى في الثقافة الإغريقية واللاتينية"،  دار المشرق، 2023). ولكن أنطونيوس استشاط غضبًا من شيشرون، وأرسل جنوده إلى دارة شيشرون فقطعوا رأسه ويديه اللتين كتبتا الفيليبيّات، وعرض الأشلاء المقطوعة في فوروم روما الكبير.

الكتاب الجماعي "الكلمة التي تقتل: تاريخ العنف الفكري من العصور القديمة إلى يومنا هذا"


يتوقف الفصل الأول من الكتاب عند بعض المعارك الفكرية التي شهدتها الساحة الثقافية الأوروبية خلال القرون الأخيرة. ومنها الصراع العنيف بين القدامى والمحدثين الذي عرفته الساحة الثقافية الفرنسية في بداية القرن الثامن عشر. فبسبب أيديولوجيا الملك الشمس لويس الرابع عشر كان جميع أعضاء الأكاديمية الفرنسية الأربعين من المحافظين ومن أنصار الكلاسيكية في الأدب والفكر واللغة الشريفة. والمعروف أن الذي أسّسها عام 1635 هو رئيس الوزراء الكاردينال ريشيليو، الذي أرادها أن تكون مرآة للطبقتين الأرستقراطية والإكليروس. فاستبعَدت الأكاديمية اللغات الفرنسية المحلية كالأوكسيتانية والبروتونية، وضبطت قواعد وإملاء اللغة الفرنسية الرسمية من خلال معجمها الذي صدرت طبعته الأولى عام 1694 ووصل الآن إلى الطبعة التاسعة. وكان معظم الأعضاء في عهد لويس الرابع عشر يحملون أسماء نبيلة بدلالة حرف الجر de. لكن الشاب برنار فونتينيل (حفيد بيير كورناي) استطاع عام 1691 كممثل للفكر الحر والعلماني والتنويري أن يخترق صفوف الأكاديمية المحافظة وأن يُدخل إلى صفوفها مجموعة كبرى من المفكرين الأحرار الذين طبعوا عصر الأنوار وحضّروا للثورة الفرنسية.

وفي نهاية القرون الوسطى نشب صراع آخر بين أنصار السكولاستيكية والنهضة؛ وأدّى إلى تراجع اللغة اللاتينية في الفكر والفلسفة، وحلول اللغات الشعبية محلّها. وأدّى أيضًا إلى انحسار البلاغة الأرسطية القديمة (لا تقلْ/ قلْ) وإلى فتح اللغات على أساليب التعبير الجديدة المستقاة من واقع الحياة العصرية. وبذلك انتهى عصر التحذلق والنساء العالمات، اللاتي سخر منهن موليير في مسرحيته الشهيرة. ومع انحسار اللاتينية العلمية انحسرت مدونات النظام البائد Ancien Régime.

ولعبت أعمال ابن رشد دورًا حاسمًا في تطور الأفكار والمواقف؛ لا سيما بعد المناظرة الشهيرة التي وقعت بين توما الأكويني في كتابه De unitas intellectus  "في وحدة العقل" وسيغر دو برابان Siger de Brabant في كتابه De anima intellectiva  (1275) "في النفس العاقلة". هذا على الرغم من انحياز السلطتين الدينية والدنيوية إلى جانب الأكويني.

وفي المسرح، اندلعت عام 1830 معركة "هرناني" (مسرحية فيكتور هوغو الشهيرة) التي مُثلت للمرة الأولى في 25 شباط/ فبراير 1830 على مسرح الأكاديمية الفرنسية، واعتبرها المحافظون خرقًا لقواعد المسرح، لأنها لا تحترم الوحدات المسرحية الأرسطية الثلاث، ولأنها تخرق الذوق السليم والبحر الشعري الاسكندري. تصدّى الكلاسيكيون لأنصار هوغو من الرومانسيين المشعّثي الشعور، فأوقفوا العرض 148 مرة. ولكن المسرحية نجحت بدعم الستمائة طالب الذين ساندوها. بيد أن الفريقين اشتبكا بالأيدي في العروض التالية، مما دفع بالشرطة إلى التدخل. وانتقلت المعركة إلى الصحافة، واحتدمت الآراء. وقُتل أحد أنصار هوغو في إحدى المبارزات، وبقيت "هرناني" مسرحًا للاشتباكات لأربعة أشهر. وانتقل الصراع إلى الشارع، إذ اندلعت ثورة "الأيام الثلاثة المجيدة" التي أسقطت حكم شارل العاشر الأرستقراطي وأحلّت محله حكم لويس فيليب البورجوازي، فعادت بذلك أجواء الثورة الفرنسية بعد حوالي أربعين عامًا من اندلاعها. وتوقّف عرض المسرحية، بعد 39 عرضًا صاخبًا. ورأى بعضهم، في نجاح المسرحية، صورة لعودة نابليون بونابرت الذي كان فيكتور هوغو يعبده.

الانعتاقية

ينظر الأوروبي المثقف إلى الشخص الانعتاقي كإنسان متحرّر جنسيًا على غرار كازانوفا، ممّا يتعارض مع الامتثالية الدينية، أو يرى أنه متحرّر من الصرامة الدينية. وظهر في التاريخ الفكري العربي تعارض بين العلماء (علماء الدين) والفلاسفة المتأثرين بالفكر المادي الإغريقي، كالكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد وأبي العلاء المعري وإخوان الصفا. ومع أن الانعتاقية في التاريخ العربي الاسلامي نادت بحرية الفكر، إلاّ أنها هادنت الدين في معظم الأحيان، توخّيًا للسلامة وتجنّبًا للمجابهة المفتوحة. أما في الغرب فكانت كلمة Libertinage تعني الشتائمية أولًا ثم صارت تيارًا فكريًا وسلوكيًا شقّ طريقه في أوروبا منذ القرن السابع عشر، وأدّى إلى الانعتاق الفكري والفلسفي والأخلاقي في عصر التنوير.

ظهرت الانعتاقية في القرن السابع عشر في بعض أوساط الأرستقراطيين الشباب: في بلاط غاستون دورليان أخي الملك ثم انتقلت إلى صفوف الشباب البورجوازيين الموسرين الذين كانوا يرغبون في التصادم وإثارة الفضائح. وعبّر موليير عن هذا التيار في مسرحية "دون جوان" (1665). وانتشر تيار الـ Déisme (الربوبية، إيمان الفلاسفة بوجود إله حكيم يختلف عن إله اللاهوتيين) في أوساط الشباب المتعلمين الذين كانوا من أنصار الفكر المادي الذين نادى به ديموقريط وأبيقور سابقًا، وانتشر في بعض الجامعات الإيطالية على أيدي شيزاري كريمونيني (1550 – 1631) وجيوردانو برونو (1548 – 1600)، وفي جامعتي باريس وتولوز على يدي لوشيليو فانيني (1585 – 1616). ثم مثّله في فرنسا تيوفيل دو فيو (1590 – 1626) وسيرانو دو بيرجيراك (1619 – 1655). فانتشر تيار يميل إلى الإلحاد وينادي بقدم العالم وبفناء الروح مع فناء الجسد؛ وشجّعت عليه فلسفة سبينوزا (1632- 1677). وراجت في بداية القرن السابع عشر قصيدة عنوانها "رباعيات الربوبي" وأثّرت في نشر الفكر المادي. وبدأ هذا الفكر يتبلور ويزدهر مع الكاتب الفرنسي ميشيل مونتيني (1533- 1592) والفيلسوفين الإنكليزيين توماس هوبس (1588- 1679) وفرانسيس بيكون (1561- 1626)، ومع كتاب "المعجم التاريخي والنقدي" لبيير بايل (1647- 1706).

الشاب برنار فونتينيل (حفيد بيير كورناي) استطاع عام 1691 كممثل للفكر الحر والعلماني والتنويري أن يخترق صفوف الأكاديمية المحافظة وأن يُدخل إلى صفوفها مجموعة كبرى من المفكرين الأحرار الذين طبعوا عصر الأنوار وحضّروا للثورة الفرنسية


أما في القرن الثامن عشر فأخذت كلمة "انعتاقية" تحمل معاني مختلفة: فتارة هي "جلسة متعة" وطورًا هي "شبقية" و"حرية في الكلام والتفكير"، وصارت تطلق على "الخبيث المرح" و"المتهتّك". ومثّلها كريبيون الابن (1707- 1777) في رواياته التي ينتصر فيها الذكي في المطارحات الغرامية بخاصّة. ومثّلها أيضًا لاكلو (1741- 1803) وريتيف (1734- 1806). فالفوز بالعشيقات هو فوز الذكاء و"الحربقة" (راجع رواية كريبيون  (1734) "رسائل المركيزة X  إلى الكونت Y". و"اعترافات الكونت X" لكريبيون (1741)، "العلاقات الخطرة" للاكلو (1782). وتدريجيًا اشتدّ عود الرواية فانتقلت من سرد المغامرات إلى التحليل والتدقيق. وكان الماركيز دو ساد هو النجم المتألق في هذا النوع من الروايات.

ويتناول الباب الخامس من الكتاب أشكال العنف الاجتماعي. فيبدأ بالعنف عند الخطيب ايزوكراتيس (436- 338 ق. م) الذي رفع الشعار التالي: "من يجيد التفكير يجيد أيضًا الكلام"؛ وهو الذي رأى في موت سقراط مدخلًا لتناول العنف الفكري النابع من شتى أساليب الكلام الذي يتفوّه به المثقفون. ورأى في مقتل سقراط انتكاسًا للديمقراطية التي أطلقها بيريكليس، لأنه أدّى إلى استلام العسكر السلطة (حكم الثلاثين طاغية) وإلى الدكتاتورية والحرب الأهلية التي نشبت بين إسبارطة وأثينا. ورأى أن سقراط هو شهيد الكلمة الحرة.

وتنتقل المداخلة التالية إلى العنف الفكري في الغرب اللاتيني إبّان القرنين الحادي عشر والثاني عشر، وبخاصة مع تأسيس الجامعات الأوروبية الأولى في القرن الثالث عشر، إذ ظهرت السلطة الثالثة Studium (الدراسة) إلى جانب سلطتي الـ Sacerdocium (الكهنوت) والسلطة السياسية Regnum  أو Imperium. وبدأ التواطؤ بين الكهنوت والسلطة السياسية، إذ تشكّلت "الجماعات والمنظّمات القمعية" تصديًا للهراطقة واليهود والوثنيين. ونشأ التباس من جراء هذا التواطؤ بين المثقفين ورجال الدين، وهو ما سماه جوليان بندا  بـ "خيانة المثقفين" (ترجمة أسعد الحسين، 2012). ويتصدى جوليان بندا لخيانة الذين وقفوا إلى جانب السلطة السياسية بعد أن أصدرت حكمها الجائر بتخوين الجنرال اليهودي الفرنسي درايفوس وتواطئه مع الألمان في حرب 1870. أما إدوارد سعيد فيفضح خيانة المثقفين الغربيين الذين وقفوا إلى جانب الاحتلال الصهيوني لفلسطين ضاربين عرض الحائط حقوق الشعب الفلسطيني.

وتتوقف المداخلات الأخيرة عند النظام الاجتماعي السائد إبان العصر الوسيط وهيمنة رجال الدين على كل مفاصل المجتمع وشعارهم: "لا مكان للمغايرين في جسم الكنيسة". ولكن الإصلاح الذي قام به البابا غريغوريوس السابع (1020- 1085) أدى تدريجيًا إلى أن يحلّ المثقف الكنسي محل الكاهن. وهذا ما دفع بالروائي بلزاك إلى القول "اليوم حلّ الكاتب محل الكاهن. لقد تسربل بمعطف الشهداء، فهو يعاني الأمرّين وينقل النور من الهيكل وينشره بين الأمم، وهو الأمير والمتسوّل، فيعزّي ويلعن ويصلي ويتنبأ، ولا يصل صوته إلى رواق الكاتدرائيات فقط بل يهدر في شتى أصقاع العالم" (وردت في رسالة أرسلها بلزاك إلى السيدة هانسكا، وهي مدرجة في كتابه" الكاهن الكاثوليكي" الذي هو جزء من سلسلة "الكوميديا البشرية").

وتنتهي فصول الكتاب بالتوقّف عند كتابَي عالم الاجتماع نوربرت إلياس "دينامية الغرب" (1975) و"مجتمع البلاط" (1985)، فرأى أن الدولة في المجتمعات الحديثة قد احتكرت العنف الممنهج الذي يمارسه جيشها وشرطتها ومخابراتها. ورأى أن العنفين الفيزيائي والكلامي قد تحوّلا إلى مناظرات فكرية وسياسية وإلى هذر قانوني. وهذا لا يعني أن العنف الفيزيائي قد انقرض، بل قد تحوّل في كثير من الأحيان إلى عنف رمزي يعتمد على بحار اللغة أساسًا. ولا بدّ من التمييز، كما يقول مختتَم الكتاب، بين النقد والعدوانية، لأن النقد ضروري، أما العدوانية فتنبع من جيشان الانفعالات واحتدامها وتتغذّى بالشائعات والاغتيالات وشتى ضروب الحظر والمنع والضربات المحرّمة.