Print
سمير رمان

جوائز أكاديمية إيمي: هيمنة الفنانين الجدد

23 سبتمبر 2024
تغطيات

حصد مسلسل "شوغون (Shogun) 18 جائزة من بين 25 ترشيحًا، من بينها أفضل مسلسل درامي في حفل توزيع جوائز إيمي التي جرت في لوس أنجلس، وتمنحها الأكاديمية الأميركية للتلفزيون في دورتها السادسة والسبعين.
أمّا جائزة أفضل مسلسلٍ كوميدي فحازها مسلسل Tricks (المعروف سابقًا باسم HBO Max). وفي فئة المسلسلات القصيرة، فاز مسلسل الخشف الصغير/ Little Fawn.
وجرى الاحتفال بجوائز إيمي مرتين هذا العام، الأولى في بداية 2024، بعد نقل موعدها، على خلفية الإضرابات التي شهدتها هوليوود العام الماضي، إلى شهر كانون الثاني/ يناير. والثانية هي تقليد المسلسلات التلفزيونية والعروض الفنية الصادرة بين 1 حزيران/ يونيو عام 2023 و31 أيار/ مايو عام 2024، وهو موعدها المعتاد في شهر أيلول/ سبتمبر من كلّ سنة.
مسلسل Shogun أصبح رائدًا من حيث عدد الترشيحات لنيل الجوائز، وهو مقتبس عن رواية الكاتب والسيناريست الأميركي جيس كلافيل، وتسرد أحداث الرواية مغامرات بحارٍ إنكليزي في اليابان أوائل القرن السابع عشر. تم تصوير المسلسل من منظور معاصر مناهض للاستعمار: وجد اليابانيون أنفسهم فيه في المقدمة، أمّا البريطاني جون بلكترون فكان على هامش الموضوع، وظهر بصفته مراقبًا سلبيًا لما يجري من مؤامراتٍ سياسية. أعجب النقاد والمشاهدون بالمسلسل لدرجةٍ قرر صانعوه تصوير موسمين آخرين دفعةً واحدة، مع أنّ الأحداث الموصوفة في الكتاب استنفدت بالكامل منذ الموسم الأول.
بهذا الزخم، انتقل المسلسل من فئة المسلسلات القصيرة إلى فئة الدراما الأكثر شهرةً على شاشات التلفاز، بعد أنّ رُشّح لـ25 جائزة من جوائز إيمي، ولم يترك لمنافسيه فرصًا كثيرة.
في حفلٍ منفصلٍ، أقيم منذ أسبوع، فاز المسلسل بـ14 "جائزة فنية"، بما في ذلك جوائز أفضل تصوير سينمائي، وافضل أزياء، وأفضل تصفيف شعر وماكياج في مسلسلٍ تاريخي، وكذلك جائزة أفضل ممثّل ضيف (الممثل الأميركي نستور كاربونيل). والآن، في الحفل الرئيس يحصل على أربعة جوائز أُخرى: أفضل مخرج، وأفضل دور رئيسي للرجال والنساء (الممثل الياباني هيرويوكي سانادا، والممثلة اليابانية آنّا سافاي).
بجوائزه الـ18، يكون "شوغون" قد حطم أرقامًا قياسية عدة دفعةً واحدة: أوّل مسلسل ناطق بغير اللغة الإنكليزية (معظمه باللغة اليابانية) يفوز بجائزة إيمي الكبرى، وأول مسلسل يحصل هذا الكمّ من الجوائز، ليسجّل رقمًا قياسيًا غير مسبوق في موسمٍ واحد. كما أنّ الممثلة آنّا سافاي أصبحت أول ممثلة آسيوية تفوز بالجائزة، ويصبح الممثل هيرويوكي ثاني ممثل آسيوي (وأول ممثلٍ ياباني) يتوّج بهذه الجائزة. على الرغم من بعض التلاعب في عملية نقل المسلسل من فئةٍ إلى أُخرى، يجب الاعتراف بأنّ المسلسل يستحق بالفعل كلّ هذه الجوائز. ويبقى السؤال المركزي حول قدرة القائمين على المسلسل مواصلة تلبية المعايير العالية من دون الاعتماد على المصدر الأدبي الأساسي.




من حيث عدد الترشيحات، جاء مسلسل الدب/ Bear في المركز الثاني، بترشيحاتٍ بلغت 23 في هذه الفئة. وبهذا تكون الكوميديا التراجيدية، التي تدور حول الحياة اليومية لأحد مطاعم شيكاغو، قد حطمت الرقم القياسي المسجّل باسم العرض "ستوديو 30" (أعوام 2006 ــ 2013)، ليصبح أكثر المسلسلات الكوميدية ترشيحًا للجوائز في عامٍ واحد. خلال منح الجوائز "التقنية"، خرج مسلسل الدبّ بـ7 جوائز، بما في ذلك أفضل تصوير في فئته، وبجائزتين للممثلين الضيوف (جون بيرنثال/ وجيسي ليكورتيس). وكان الخبراء قد توقعوا فوزه بشكلٍ مؤكّد في الحفل الرئيس. وبالفعل، حاز المسلسل على أربع جوائز: أفضل مخرج، أفضل ممثلٍ رئيسي (الأميركي جيريمي آلين وايت)، وجائزة الأدوار الثانوية (إيبون موس باكراك، وليزا زاياس)، وزاياس أصبحت أول ممثلة من أصولٍ أميركية لاتينية تحصل على هذه الجائزة.
ومع ذلك، فقد آلت الجائزة الرئيسية في فئة الكوميديا إلى مسلسل Tricks، وهو حكاية عن العلاقات المعقدة الحبّ ــ الكراهية، الشراكة ــ والتنافس، التي تصف الفجوة القائمة بين الأجيال، التي تكبر تارةً، وتتراجع تارةً أُخرى. تدور أحداث القصة بين فنانٍ ارتجاليّ محترم وفنانة شابّة. حازت الممثلة جين سمارت smart، التي تلعب الدور الرئيس، على جائزة أفضل دورٍ نسائي في فئة المسلسلات الكوميدية. بالإضافة إلى ذلك، حاز مسلسل Tricks على جائزة أفضل سيناريو. عند الأخذ بعين الاعتبار أنّ هذا العرض على عكس مسلسل الدب، فهو لا يزال يحافظ على الجودة حتى في الموسم الثالث، واستطاع بذلك احتلال مركز الصدارة في حفل التتويج التالي. من ناحيةٍ أُخرى، لا يزال مسلسل الدبّ يحافظ حتى الآن على رقمه القياسي من حيث الجوائز (11 جائزة) التي نالها كمسلسلٍ كوميدي خلال موسمٍ واحد.
بعد أن انتقل مسلسل "شوغون" إلى فئة المسلسلات الدرامي، احتدمت منافسة مثيرة في فئة المسلسلات القصيرة بين مسلسل الدراما الكوميدية السوداء فارغو/ Fargo في موسمه الخامس الذي لم يفقد بريقه بعد، وبين الموسم الرابع من مسلسل "مفتش حقيقي" المثير للجدل، وبين مسلسلين جديدين من إصدار نيتفلكس عن حياة مرضى نفسيين: مسلسل ريبلي/ Ripley، ومسلسل خشف الرنّة/ Baby Reinder. في النتيجة، ربح مسلسل خشف الرنّة، الذي حصد أيضًا جائزة أفضل مخرج، وجائزة أفضل سيناريو، وأفضل دور للرجال (الممثل ريتشارد جاد)، والدور الثاني النسائي (الممثلة جيسيكا غانينغ) في فئته. ومن الجدير بالذكر أنّ المسلسل رُشّح لـ11 جائزة، فاز في 6 منها، بما في ذلك جائزتان "تقنيتان".
قام أعضاء لجنة التحكيم بتوزيع الجوائز المتبقية بعنايةٍ لافتة على جميع المسلسلات القصيرة الأخرى المشاركة: حاز مسلسل "مفتش حقيقي" على جائزة أفضل دور نسائي رئيسي (الممثلة جودي فوستر)، وذهبت جائزة أفضل دور رئيس للرجال إلى مسلسل "فارغو" للممثل لامورن موريس، أمّا مسلسل "ريبلي" فقد نال جائزة أفضل إخراج. وقبل أسبوعٍ، حصل الفيلم المقتبس عن رواية الروائية الأميركية باتريشيا هايسميث/ Patricia Highsmith، الذي أسر المشاهدين، في المقام الأول، بصورته الأنيقة بالأبيض والأسود، على ثلاث جوائز "تقنية"، بما في ذلك جائزة التصوير السينمائي.
في نهاية الاحتفالية، لم تنس أكاديمية التلفزيون مسلسلاتها المفضلة القديمة، فمنحت تمثالًا واحدًا لكلّ من مسلسل العرض الصباحي/ The Morning Show، ومسلسل التاج/ The Crown: جائزة أفضل دور رجالي ثانوي (الممثل بيلي كروداب)، وجائزة أفضل دور نسائي ثانوي (إليزابيث ديبيكي) على التوالي. بدت هذه الجوائز كتحيّةٍ وداعية، خاصّةً أنّ مسلسل "التاج" قد بلغ ختامه على ما يبدو.
وبذلك، أظهرت النسخة الحالية من جوائز إيمي هيمنة جيل الفنانين الجدد الساحقة على "مملكة المسلسلات"!