Print
بريدراغ ماتفييفيتش

في مسؤولية الأشخاص الذين يحملون القلم (2/1)

31 ديسمبر 2024
ترجمات

 

ترجمة وتقديم: إسكندر حبش

 

يشكّل النص الذي نترجمه هنا، للكاتب بريدراغ ماتفييفيتش Predrag Matvejević، النص الذي أدّى إلى الحكم عليه بالسجن لمدة عامين، بما في ذلك خمسة أشهر مع وقف التنفيذ، من قبل المحكمة العليا الكرواتية (زغرب). كان ذلك في عام 2005، بسبب معارضته الشديدة لسياسة كرواتيا وعملية تفتيت يوغوسلافيا (السابقة). وقد أثارت المقالة هذه التي نشرت عام 2001 الكثير من النقاشات والإدانة، وبخاصة أنها حملت عنوانًا مثيرًا للجدل هو "طالباننا" (من حركة طالبان)، حيث اتهم فيها كرواتيا بأنها مسؤولة عن جرائم الحرب المرتكبة في البوسنة والهرسك.

بريدراغ ماتفييفيتش من مواليد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1932 في موستار (البوسنة والهرسك، التي كانت جزءًا من يوغوسلافيا) وتوفي في 2 شباط/ فبراير 2017 في زغرب (كرواتيا)، هو كاتب أبحاث ومقالات لم يتوقف يومًا عن اعتبار نفسه يوغوسلافيًا، على الرغم من حصوله على الجنسية الإيطالية، حيث درّس في جامعاتها. 


النص

في نهاية صيف عام 2001 وبداية خريفه، ذهبت مرتين إلى البوسنة والهرسك. في شهر أيلول/ سبتمبر، هطلت الأمطار لفترة طويلة. في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، كان الطقس لطيفًا ودافئًا. ذهبت مع فريق قناة تلفزيونية فرنسية- ألمانية "آرتي"، الذي كان يعد برنامجًا عن البلقان، ذهبت إلى موستار في البداية. وبعد أسبوعين، سافرت مرة أخرى إلى سراييفو، حيث نظّم مركز "أندريه مالرو" الفرنسي لقاءً للكتّاب الأوروبيين. ومن الصعب أن نتصور مثل هذا المشروع وحدنا، فنحن فقراء ومنقسمون بشروط سيئة. في دفتر يومياتي، تمتزج الانطباعات التي خلفتها هاتان الرحلتان وتتّحدان في الوقت نفسه.

ذهبت لأول مرة عن طريق البحر من أنكونا إلى سبليت، وواصلت طريقي برا، متتبعًا مجرى نهر النيريتفا، إلى موستار. وفي المرة الثانية، توقفت في فيينا، وذهبت إلى سراييفو، ومن هناك عدت مع مائة كاتب وصحافي إلى موستار من جديد. ركبنا القطار الذي ذهب إلى هناك بعد الحرب الأخيرة. في الماضي، كانت عربات الركاب والشحن تذهب إلى هناك يوميًا. عندما كنت طالبًا شابًا، عملت في بناء خط السكة الحديد بين كونييتش وجابلانيكا. لقد شاركت في "نشاط الشباب" بالقرب من أوستروزاك - استيقظنا مبكرًا، وذهبنا إلى العمل قبل ارتفاع درجات الحرارة، وسبحنا في فترة ما بعد الظهر في أحضان النيريتفا. أتذكر ألوان الفجر الفريدة، والغابات المبللة بالندى، وبياض الحجر الناشئ من الليل، والنهر الشفاف، وضفافه، وصخوره، ودواماته. شجعنا شروق الشمس، وانتشار الضوء: "سوف نبني بلدًا أجمل مما كان عليه"، كنّا نحلم بذلك. الكثير منا يؤمن بخياله، وأنا واحد منهم. لقد كنت أحسد أولئك الذين هم أقوى مني، وكانوا قادرين على العمل بجهد أكبر مني، وأفضل مني، على خط السكة الحديد الذي يربط بين البوسنة والهرسك.

في محطة سراييفو، التي دمرت مؤخرًا وأعيد بناء جزء كبير منها اليوم، ركبنا في أحد أيام الخريف هذا الـ"قطار ‘الذي‘ من دون جدول زمني" (هكذا كان عنوان الفيلم الذي يتناول مواطنينا الذين، بعد الحرب العالمية الثانية، تركوا المناطق الفقيرة إلى مناطق أكثر ثراء، للانتقال من الجنوب إلى الشمال). شعرت بعدم الارتياح: كل شيء من حولي يذكّرني بالأحداث الأخيرة. كانت تضعف في بعض الأحيان، ثم تعود إلى الظهور من جديد.

لا تزال موستار مقسومة إلى جزأين، على الرغم من أنه من السهل حاليًا الانتقال من جانب، حيث يستقر معظم الكروات والكاثوليك اليوم، إلى الجانب الآخر، حيث تم ترحيل السكان الذين من أصل مسلم. يتدفق النهر بين البلدين، ولكن الحدود لا تجري على طول مجراه. أعادت المساعدات الخارجية بناء بعض الجسور. أما الجسر القديم، رمز المدينة، فلا يزال في حالة خراب. رأيناه لأول مرة في الليل، تحت المطر، مضاءً بمصابيح وامضة. تمّ استبداله في الواقع بجسر مشاة خشبي يشبه عارضة تم إلقاؤها فوق جدول واسع. الأبراج، من كل جانب، تجعل الأشباح تظهر في الظلال في حكاية لم تنته. ومن حولها أكشاك الحرفيين والنساجين والصائغين. تمّ ترميم هذا الجزء من المدينة، والذي يُسمى "كوجوندجيلوك" (حي الصاغة)، جزئيًا. "من دمّر كل هذا"، سألني أعضاء طاقم التلفزيون، وهم يصوّرون كل ما يمكنهم تصويره: الغيوم المطلّة على المدينة، والضباب في الوادي، والأمطار التي تتبعنا. إنهم المتطرّفون الكروات، وأؤكد على كلمة "متطرّف" حتى لا يربطوها بجميع الكروات.

في اليوم التالي صفت السماء. نحن مرة أخرى في المكان الذي كان يقف فيه الجسر القديم ذات يوم. المشهد الآن مختلف، لكنه ليس أجمل. ومن ناحية أخرى، فإن الدعامات الحجرية صامدة بشكل سيء، حيث تم وضع كتلة من الخرسانة في قاع النهر لتوفير دعم قوي للبناء. في مقهى مجاور كان يعج بالوله أو بأغاني الحب، لا يزال عدد قليل من الناس يأتون للاستمتاع بـ "القهوة التركية". همس الماء يكسر الصمت القبري تقريبًا. يقترب منا رجل في منتصف العمر، متوتر وقلق. يرجو من الأجانب أن يجدوا له عملًا، فهو يعرف اللغات، ويقول إنه سيُظهر لهم كل شيء. إنه عنيد. صديق يعطيه ماركين (العملة الألمانية القديمة) أو ثلاثة. يرحل من دون أن يطلب المزيد.

انطلقنا لرؤية مساجد الحي. بدأ "الصرب" في البداية بتدمير بعضها، وأكمل "الكروات" عملهم (أضع أحيانًا علامات الاقتباس عند الحديث عن القوميين أو الفاشيين، وليس الشعب الذي لا أضعه في هذا الركب). لم يبق أي مكان لصلاة المسلمين على حاله. يجري ترميمها حاليًا، ويمكننا تمييز الجزء من المئذنة المصنوع من الحجر الأقدم والأكثر قتامة، والجزء الأحدث والأجدّ.  لقد جاءت المساعدة اللازمة من الدول الإسلامية. ومنها من قدّم تنازلات معيّنة: ألاحظ عادات معينة لم تكن موجودة من قبل بين المسلمين هنا. لم يكن الجسر القديم يربط بين ضفتي مدينة موستار فحسب، بل كان أيضًا همزة الوصل بين الشرق والغرب. أقابل أصدقاء الطفولة، أمير، إبرو، فاطمة، "المهانين والمذلين". لا يمكن لأحد منا حتى أن يتخيل شيئًا مثل ما حدث. أولئك الذين ارتكبوا مثل هذه الأفعال كانوا ماكرين، وقلّلنا من قدراتهم.

أولئك الذين تابعوا معي السير في بولفار الثورة القديم، والشارع الذي يحمل اسم أعظم شاعر في هذه المنطقة - أليكسا سانتيتش- أصيبوا بالرعب. كان هناك، ولا يزال، السجن القديم المسمى "سيلوفين": "هناك غرف بالمئات/ كل منها لعبد"، هكذا جاءت كلمات الرثاء. أخبرني أحد المارّة، الذي تعرف علّي، أن هذه هي الآن المؤسسة المشتركة الوحيدة، التي لا تزال تلعب دورها في المدينة. الحدود موسومة بالصمت والحذر. ويقطعها "الخط الأول" حيث دار قتال عنيف. على الجدران التي لم تنهر بعد، يمكنك رؤية الثقوب التي لا تُعد ولا تحصى التي حفرها الرصاص هناك: الناس أطلقوا النار بغضب، بغضب انتقامي، يريدون تدمير أكبر قدر ممكن. في هذا الشارع، يوجد أيضًا المنزل الذي قضيت فيه شبابي وقضى فيه والداي شيخوختهما. لقد بقي بلا سقف أو أرضية. ومن خلال الفتحة التي كانت في السابق نافذة، نما غصن طويل من نبات البلسان يسمى في منطقتنا "البازغا". لقد طُلب مني في هذا المكان إجراء مقابلة. لا يستطيع الغرباء حتى أن يتخيلوا مدى شعوري عندما أجيب. الأمر لا يتعلق فقط بالعار.

لا تزال موستار مقسومة إلى جزأين، على الرغم من أنه من السهل حاليًا الانتقال من جانب، حيث يستقر معظم الكروات والكاثوليك اليوم، إلى الجانب الآخر، حيث تم ترحيل السكان الذين من أصل مسلم (Getty)


الكنائس التي مررنا بها تعرّضت إلى أضرار جسيمة. تعرّضت كنيسة القديسين بطرس وبولس الكاثوليكية للقصف في بداية الأزمة، في منتصف عام 1992، بقنابل أطلقها "الجيش اليوغوسلافي"، "المطهّر عرقيًا" والصربي بالفعل، والمختلط مع "جنود الاحتياط" المختارين، والله أعلم كيف حدث ذلك، من شرق الهرسك والجبل الأسود. في هذه الكنيسة، عندما كنت صبيًا في ذلك الوقت، صليت من أجل عودة والدي من المعسكر النازي الذي أُرسل إليه في ألمانيا. وقد تم ترميمها أيضًا، وذلك بفضل مساعدة جهات مختلفة، من كرواتيا وخارجها، وربما أيضًا من الأموال التي تمّ جمعها خلال رحلات الحج إلى مديوغوريه. برج الجرس الجديد أعلى من برج كاتدرائية زغرب. يقع إلى اليسار، وهو قبيح وبشع، وقد بُني هناك ليعلو فوق جميع المساجد بأي ثمن وإظهار أولوية دين واحد على الآخر. فوق المدينة، على التل المسمى "هوم"، بالقرب من قلعة نمساوية صغيرة، تمّ نصب صليب ضخم يمكن رؤيته من جميع الجهات لتأكيد تفوقه في مدينة لم نكن فيها من قبل أغلبية على الإطلاق. من ناحية، هناك الأسقف الكاثوليكي، القاسي، المتعصب، غير المستحق للدعوة الأسقفية؛ ومن جهة أخرى، الرهبنة الفرنسيسكانية، التي تدافع عن مصالحها المادية أكثر منها الروحية: فهي في صراع دائم، بطريقة تخجل الدين نفسه. لم ينجح الكاردينال الذي يقيم في سراييفو في إيجاد علاج هناك، فقد تم اختياره هو نفسه في ظروف ربما بدا فيها أفضل مما هو عليه الآن. إن الفرنسيسكان في البوسنة، "البوسنة الفضية"، وهم أنبل بما لا يقاس وأكثر تكريسًا للقيم المسيحية، لا يمكن أن يكون لهم أي تأثير على إخوانهم من نفس الرهبنة.

* * *

اجتزنا النهر عبر الجسر المؤقت وصعدنا التل حيث تقع الكنيسة الأرثوذكسية إلى الجانب الأيسر من المدينة. كنيسة رائعة ببنائها وموقعها وجمالها. لم يبق منها شيء، ولا حتى حجر على حجر. فبعد صد قوات الشيتنيك وإرجاعهم إلى الخلف، قصفها الصليبيون الكرواتيون أولًا، ثم فجّروها بالديناميت وحوّلوها إلى كومة من الأنقاض. (وبالمثل، هدم "الصرب" مسجد فرهاديجة الرائع، حتى أنهم استخدموا الحجارة لبناء موقف للسيارات). بالقرب من بوابة الكنيسة المدمرة، بقي صليب حديدي ضخم، ملقى على الأرض، متسخًا، صدئًا. أليس صليب المسيح، على الأقل، مشتركًا بين الديانتين المسيحيتين؟

قمت بقيادة مجموعة كبيرة جدًا إلى المكان الذي كانت فيه الكنيسة الأرثوذكسية الصغيرة القديمة مغلقة ومحصنة لعدة قرون، وقد سمح لها الأتراك بالبقاء هناك، من دون أن يراها أحد. هي بدورها تعرّضت لأضرار بالغة. وقد ساعدت الإدارة الأوروبية للمدينة في ترميمها. تم حفظ اثنين أو ثلاث من الأيقونات الجميلة وإعادتها إلى الحاجز الأيقوني (iconostase) المتواضع. فتح لنا حارس قصير القامة، أسمر البشرة، متفاجئًا وخائفًا على ما يبدو، الباب. بدأت أتحدث معه، وتذكرت عادة والدي: ترك شيء للمساعدة في صيانة بيت الله هذا، أيا كان دينه، صدقة متواضعة. عندما خرجنا، أخبرني الحامي أنه لا يعرف ما إذا كان يجب عليه قبول ذلك. "أنت تعلم أنني مسلم. كان من الصعب على الأرثوذكس الحفاظ على كنيستهم. اسمي رجب غاس، ويطلقون عليّ اسم ‘ريدجو‘". الاسم الأول مسلم بشكل واضح، ويمكن أن يكون الاسم ألبانيًا. مددت يدي له.

أتذكر إقامتي في كوسوفو عدة مرات في الثمانينيات، وكنت أتوهم أنني أستطيع أن أفعل شيئًا لتحسين العلاقات بين الصرب والألبان في يوغوسلافيا. ثم التقيت في دير ديكاني بالراهب الأرثوذكسي جوستين ديوكيتش، وهو رجل مثقف، حسن الخلق، من مواليد البوسنة. قادني إلى الغرفة التي تحفظ فيها مقتنيات الدير الثمينة، ليجعلني أشاهد هذا الكنز. "كيف تمّ حفظ كل هذا يا أبونا؟ لقد جاءت الجيوش إلى هنا ونهبت كل شيء"، سألت. "إنهم ألبان المنطقة الذين أنقذوا كل شيء. لقد احتفظوا بها في بيوتهم، ونقلوها من جيل إلى جيل، مثل الأشياء المقدسة. قالوا إن هذا جلب لهم السعادة والمحاصيل الجيدة والأطفال الأصحاء. واليوم، نحن مثلهم تمامًا، فقدنا كل تدبير". قال ذلك بتواضع ثم صمت. لا أدري لماذا جعلني الانزعاج الذي شعر به رجب المسلم في كنيسة موستار الصغيرة أفكر في اتساع فكر الراهب جوستين في دير كوسوفو. عندنا، مثل هذه الاستثناءات، نادرة. ونفاجئ أنفسنا عندما نلتقي بهم.

تبعنا مجرى نهر النيريتفا باتجاه الجنوب. أظهر لنا أحد الأصدقاء الذي انضم إلينا في موستار الأماكن التي كانت تقع فيها معسكرات أوستاشا، أثناء هذه الحرب، العائدة للمسلمين: "هنا مهبط طائرات الهليكوبتر، وعلى مسافة أبعد قليلًا، تقع دريتيلج، وجابيلا، وليوبوسكي". لغاية الآن لا نعرف عدد المسلمين الذين ماتوا هناك بالضبط. الصيف والحر والضيق والمعاناة والأمراض والزحار، كل هذا ترك السجناء جائعين وضعفاء. "كنا نحفر الخنادق لحرّاسنا على خط المواجهة. وفي بعض الأحيان لم يتعرف علينا جنودنا، فكانوا يطلقون النار علينا". مررنا بالقرب من مصنع الألومنيوم الشهير الذي عاد للعمل من جديد بفضل مساعدة المستثمرين الأجانب. كانت هناك قوة عاملة من ديانات وجنسيات مختلفة تعمل هناك. وهي الآن "مطهرة عرقيًا"، ويتم توظيف الكاثوليك بشكل حصري تقريبًا.

اقترحت أن تتوقف السيارتان اللتان تقلنا، والمستأجرتان من قبل قناة "آرتي" من التلفزيون الكرواتي، بالقرب من دير زيتوميسليسي. هناك، في عام 1941، ذبح الأوستاشيون الرهبان الأرثوذكس الذين كانوا هناك، أربعين شخصًا، وربما أكثر. في وقت لاحق، تم ترميم الدير، وعادت الأيقونات، ويمكن أن يُقام القداس هناك. وفي مبنى خارجي مجاور، استقرت الراهبات، وقمن بزراعة الحقول وكروم العنب القليلة على طول نهر النيريتفا. خلال الحرب الأخيرة، تم قصف الدير ومبناه الخارجي أولًا، ثم أحرقا. يخترق المطر الشقوق الموجودة في الأسطح والجدران. ألتقط شعارًا من على نافذة قديمة أو من على باب، من إطار، أيًا كان. أين أضعه؟ أعيده أخيرًا إلى حيث كان. يبقى أثر السخام عالقًا على راحة يدي. كل شيء من حولنا ملوث بالطين، كل شيء مدفون بالأعشاب ومغطى بالأحراش. ولحسن الحظ أن الحريق لم يصل إلى أشجار السرو. لقد بقت هناك مثل الشهود البُكم. قام رفاقي في السفر بتصويرها. وعندما كان في السابق مدخل فناء الدير، كانت هناك امرأة عجوز تضيء شمعة على درجة. أقترب منها وأناديها بـ "أمي". أردت أن أعرف إذا تمّ حفظ الأيقونات. أجابت بخوف: "لا أعرف شيئًا". أتحدث معها وأسأل إذا كان بإمكاني مساعدتها. بدأت في البكاء. وأخيرًا قالت لي: "أنا إحدى الراهبات الأرثوذكس اللاتي عملن في الأرض هنا. لم أكن أرغب في المغادرة، ولا أعرف إلى أين. استقبلتني عائلة كاثوليكية طيبة وكريمة تحت سقف منزلها هنا في قرية مجاورة. ليحمها الله". فكرت في شعبي، الذي أتى من هذا المكان والذي أنقذ، خلال الحرب الأخرى، الصرب واليهود من القبور والمحارق. أردت أن أجد العائلة التي استقبلت هذه الراهبة المنهكة. في مثل هذه المناسبات، ليس لدينا الوقت للقيام بما ينبغي أن يكون أكثر أهمية. قادنا طريقنا إلى أبعد من ذلك. كان التلفزيون على عجلة من أمره.

 
(يتبع)

* نُشر هذا النص في مجلة Autodafe، وهي مجلة البرلمان الدولي للكتاب. العدد الثالث.