}

مئوية الفنان المصري جلال حرب.. قوة الصعود وسرعة الهبوط

سليمان بختي سليمان بختي 21 مايو 2021

 

عاش المطرب والممثل المصري جلال حرب (1921-2006) تقريبًا عشر سنوات تحت الضوء والأفلام والوقوف أمام الكبار ثم خفتت الأنوار وأسدلت الستارة. قصة جلال حرب مع الغناء والسينما قصة تُروى كقوة الصعود وسرعة الهبوط وتنوّع الحكايات. ولعلّ قصته تلك تشبه قصة المطربة اللبنانية نور الهدى في السينما المصرية.

ولد جلال حرب في حيّ محرم بك في الإسكندرية وسط عائلة تحب الثقافة والفنون، وفي بيت كان ملتقى للمثقفين والفنانين بفضل والده الذوّاقة في الأدب والفن. وفي هذا الجوّ تربّت أذنه على الاستماع لألوان الغناء المختلفة وللأدوار والتواشيح. اهتمّ بداية بالشعر والقصة وشارك في مجموعة لكتابة الشعر والقصة، ثم مال إلى الرسم والخط العربي، ثم اتجه أكثر فأكثر إلى الموسيقى والغناء.

التحق بكلية الآداب في جامعة القاهرة وبالصدفة استمع إليه محمد عبد الوهاب وهنّأه وأعجب بصوته ولم يعده بشيء. ترك جلال حرب جامعة القاهرة والتحق بكلية الحقوق في الإسكندرية. استمع إليه الموسيقار الكبير مدحت عاصم من خلال حفلة لنادي الموظفين في الإسكندرية بثّتها إذاعة القاهرة. غنّى يومها "هزّت النجوى الغدير" فأرسل من يستدعيه إلى القاهرة، وعلى الفور تمّ اعتماده مطربًا وملحنًا. استمع إليه عبد الوهاب عبر الإذاعة ووصف صوته بأنه "ملائكي ويمتاز بالثقافة والخجل". وأسند إليه دور البطولة في فيلم من إنتاج محمد عبد الوهاب وهو "الحب الأول" (1945) مع رجاء عبده والتي غنت فيه أشهر أغنياتها "البوسطجية اشتكوا من كثر مراسيلي". وردّد الناس مع جلال حرب أغنيته الشهيرة في الفيلم "هي هي لأ مش هيي". توقف الناس عند التشابه بين صوت حرب وصوت عبد الوهاب. واعتبر البعض أن عبد الوهاب يتخفّى وراء صورة مطرب صاعد وواعد. واللافت أن عبد الوهاب لحّن له لحنًا وحيدًا وهو "يا مفرحني يا مبكيني" وغنّاها دويتو مع رجاء عبده، كما غنّى معها ديالوغ "لوكانده السعادة" من كلمات حسين السيد وكذلك "يا سلام الحب دا جنة". الفيلم الثاني هو "دنيا" 1946 مع رقية إبراهيم وفاتن حمامة وإخراج محمد كريم، وغنّى جلال حرب "محلاك يا نيل" من ألحان محمود الشريف، وكان الفيلم من إنتاج رقية إبراهيم وعرض بصفة غير رسمية في مهرجان كان.

جلال حرب في أحد أفلامه


والفيلم الثالث "إكسبريس الحب" 1946 من تمثيل ماري كويني ويحيى شاهين، وغنّى جلال "فرحة الدنيا" وشارك غناء محمد قنديل، والفيلم الرابع "أمل ضائع" (1947) مع زوزو ماضي وشكوكو، والفيلم الخامس "إلهام" مع ماري كويني، والفيلم السادس "حماتك تحبك" 1950 وشاركه في البطولة شادية وتحية كاريوكا ومحمود المليجي. أما الفيلم السابع فكان بعنوان "ابن الحارة" 1953 مع ليلى فوزي وشكوكو وفريد شوقي وضم الفيلم دويتو مع ليلى فوزي "يا قريبة مني" و"لحن الكباريه".

كما شارك في أوبريتات: "سوق راتب" و"حلقة الأنفوشي" و"اسكندرية يا ماريا" و"جمالات" و"سلام يا مصر". وأعاد بصوته تسجيل ثلاث أغنيات لمحمد عبد الوهاب وهي "آه يا ذكرى الغرام" و"لو كان فؤادك يصفى لي" و"نسيم الربيع".

لحّن جلال حرب لكبار المطربين والمطربات في مصر مثل فايزة أحمد وعبد الغني السيد وفايدة كامل وكارم محمود وعائشة حسن وعصمت عبد العليم وعبد اللطيف التلباني ومحمد الحلو وسوزان عطية وغيرهم. عام 1954 افتُتحت إذاعة الإسكندرية وكان جلال آنذاك مديرًا لشؤون الأفراد في شركة مياه الإسكندرية وعضوًا في نقابة المحامين فتم اللجوء إليه للتعاون مع إذاعة الإسكندرية واستطاع بالفعل تقديم 370 لحنًا للعديد من مطربي ومطربات الإسكندرية.

مع استقراره في الإسكندرية راح نشاطه كمطرب ينحسر وصار يقدّم أعماله كهاوٍ ومتذوّق. وتوزّع وقته في أعمال ونشاطات ومهن. وما عاد الفن والغناء يضيء في مستقبل أيامه. أو لعلّه مشى على هدي أغنيته التي يقول فيها: "مالك ومال بكرا... دا بكرا لسه بعيد/ ومهما راح يجري/ عيش النهار سعيد".

شارك جلال حرب في تقديم الألحان للإذاعات العربية. واعتبر إذاعة الإسكندرية أشبه بمعهد للموسيقى. وكانت للفنان حرب آراء في الفن والأغنية من زاويتين فنية وتجارية، وإن هناك أعمالًا فنية لم تعد على درجة من السمو الفكر والعظيم، وإن المتلقي بدوره أصبح له نوعية معينة من الأغاني تفرض على المنتج تقديم نوعية خاصة من الأعمال المختلفة.

عرف جلال حرب أيضًا بهوايته ومحبته للرياضة وخصوصًا لعبة التنس التي أصبح رئيسًا للجنة الحكام فيها. تم تكريمه في مهرجان الموسيقى العربية في القاهرة (2001) عن مجمل إسهاماته في الموسيقى والفنون.

الفنان جلال حرب ابن الإسكندرية عرف النجاح والشهرة ردحًا وظلّ هاويًا ومحترفًا في آن. غنى ومثل ولحن أمام الكبار. ولما انحسرت الأضواء لم يخرج من شغفه بالفن والموسيقى ولكن على مستوى مدينة الإسكندرية التي أحبّ. وتابع عمله في مجال القانون والإدارة واهتمامه بالرياضة وظلت ذكرى الفن تعيش في باله مثل أغنيته "آه يا ذكرى الغرام"، حتى وافته المنية في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2006.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.