}

ذكرى بنيامين كافيرين.. آخر كلاسيكيي الأدب الروسي

سمير رمان سمير رمان 1 مايو 2022
استعادات ذكرى بنيامين كافيرين.. آخر كلاسيكيي الأدب الروسي
بنيامين كافيرين (1902 ـ 1989)

وُلد بنيامين كافيرين/ Veniamin Kaverin/ Вениамин Каверин، وهو مؤلف العديد من الكتب، أهمها روايته "القبطانان" عام 1902 في مدينة بسكوف في روسيا. طُبعت هذه الرواية مئات المرات، وترجمت إلى لغات كثيرة. وتكريمًا للكاتب، أطلق اسمه على مذنب (فافيا كافيرين 2458)، كما رفع نصب تذكاري تكريمًا لأبطال رواية "القبطانان" في مدينة بسكوف. وأطلق عنوان الرواية على إحدى الساحات العامة في مدينة القطب الشمالي في مقاطعة مورمانسك.



أحداث الرواية تدور أثناء الحرب العالمية الثانية. يضطر النقيب في سلاح الجو السوفييتي ألكسندر غريغوريفيتش (سانيا) للهبوط اضطراريًا على سواحل القطب الشمالي. يلاحظ الطيار أنّ مكان الهبوط يتطابق مع إحداثيات مفترضة لرسو بعثةٍ علمية فقد أثرها على القارة القطبية.




بمحض الصدفة، يعثر سانيا على خيمة دفنت تحت أكوام من الثلوج. في الخيمة يجد سانيا بقايا جثة النقيب تاتارينوفا، رئيس البعثة وحقيبته المليئة بأوراقه وأشرطة كاميرا. أتاحت هذه اللقية للطيار سانيا تسليط الضوء على ملابسات مقتل أفراد البعثة. يتلخص شعار الرواية بكلمات الشاعر الإنكليزي ألفريد تينيسون في قصيدته "يوليسيس":
"To strive to seek, to find, and not to yield" أي "السعي، البحث، العثور وعدم الاستسلام"، حيث يبرز من كلمات الشاعر التعطش للمعرفة، المعاناة، وخوض التجارب بأنواعها.
بمناسبة مرور مئة وعشرين على ولادته، وللحديث عن إرثه الأدبي، أجرت مجلة "شارع الشغف/ Страстной бульвар" حوارًا مع الناقدة الأدبية والمسرحية، ورئيسة التحرير، ناتاليا ستاروسيلسكايا:

 الناقدة الأدبية والمسرحية ناتاليا ستاروسيلسكايا 


(*) يعرف طيف واسع من القراء كافيرين كمؤلف لرواية "القبطانان". فما هي في رأيكم مؤلفاته التي لم تقيّم بما تستحق فعلا؟ وهل هي ملائمة بالنسبة لقرّاء المعاصرين؟
يبدو لي أنّ الطيف الأكبر من القراء في أيامنا هذه لا يعرف كافيرين. وفي رأيي، فإنّ مفهوم: "طيف القراء الواسع"، لم يعد موجودًا منذ زمن بعيد، خاصة مع انتشار التكنولوجيا الحديثة. على الأرجح، يتعلق الأمر بالجيل القديم، الذي لم يحلّ الإنترنت بالنسبة له مكان سعادة التواصل مع الكتاب، عندما تقلّب صفحاته، وعندما تعيد مراتٍ ومرات قراءة بعض تلك الصفحات، وتعود إلى الوراء لتلتهم من جديد صفحاته الواحدة تلو الاُخرى، وأنت تتقدم نحو نهايته. وعندما تستكمل قراءته تشعر بأسف الانتقال من عالمٍ إلى آخر. هكذا، على الأقلّ كانوا يقرأون.
رواية "القبطانان" هي تقريبًا جمعٌ كامل لتلك القيم الروحية والمدنية التي خرجت نهائيًا من حياتنا اليوم. أجيالٌ عدّة كانت منخرطة ومصابة بحمى هذه الأفكار، لدرجةٍ أنّها انتقلت جيلًا بعد جيل من الكبار إلى الصغار. ولفترة طويلة من الزمن، وبشكلٍ ما، جرت تسوية الصراع الأزلي بين الآباء والأبناء. بالطبع، كان هذا الصراع موجودًا، ولكنه لم يكتسب طابع الحدّة، كما هي الحال الآن. لقد أصبح من الصعب اليوم أن يعرف المرء مراهقًا، أو فتى شابًا متعلقًا بالقيم السابقة، ليس لأنّ شباب اليوم سيئون، ولكن لأنّ العالم قد تغيّر.




ولهذا، أعتقد أن طيف القراء الواسع الذي تسألون عنه قد سمع في أحسن الأحوال بعنوان رواية "القبطانان"، أمّا السؤال عن مضمونها، وعن أسماء أبطالها فأمرٌ عبثي. أمّا في ما يتعلق بالمؤلفات التي لم تلق ما تستحقه من التقييم، فإنّ ذلك يمسّ جميع مؤلفاته من دون استثناء، بما في ذلك مذكراته. وكلّ هذا على الرغم من تحويل رواية "كتابٌ مفتوح" إلى شاشات السينما مرتين، وكذلك فيلم "إشباع الرغبات" الرائع، من بطولة سفيتلانا دروزينينا.

(*) ما قلته ينطبق أيضًا على رواية "القبطانان" التي حوّلت إلى فيلم مرتين: الأولى عام 1955، على يد المخرج فلاديمير فينغيروف، أما المرة الثانية، فكانت عام 1976 على يد المخرج يفغيني كاريلوف. فأيّ النسختين كانت موفقة أكثر؟
لقد شاهدت فيلم كاريلوف الذي كان الممثلون فيه رائعين، وفيه أيضًا كثير من الحلول الإخراجية الإبداعية. لكني مع ذلك أرجّح فيلم فينغيروف. ففي هذا الفيلم، أدّى الممثلون جميعهم أدوارهم ببراعة مذهلة. أجواء دقيقة، عدم الخشية من الظهور بشعور يفيض رومانسية وغرورًا، لأنّ كلّ هذا يرتبط ارتباطًا عضويًا بالحياة والإبداع. كان كلّ هذا من واقعية حقبة الخمسينيات السوفييتية. في فيلم الخمسينيات، ولأنّ كل شيءٍ فيه كان مكثفًا، فإنّه كان أكثر وضوحًا وأكثر دقّة. وعلى الرغم من أنّ صفات شخوص الفيلم كانت مؤطرة باعتدال، فقد استطاع الممثلون الرائعون أن يعيشوا أدوارهم على الشاشة ببراعة جعلت المشاهدين يشعرون بأنها حياتهم بالفعل. كاريلوف، مخرج فيلم السبعينيات، أعاد بناء الحبكة بصورة أكثر تفصيلًا وشمولًا، بحيث أصبح في إمكان كلّ من شاهد الفيلم، أن يدَّعي، من دون أن يقرأ الرواية، أنّه يعرف تفاصيلها تمامًا. أمّا فيلم فينغيروف فقد جعل المشاهدين ولسنوات طويلة يحملون الرواية معهم، ليس للتأكد من التزام مخرج الفيلم بالأصل، بل كي يعيشوا أجواءها، ويستمتعوا بروعة لغتها، وهم يتخيلون وجوه أبطال الفيلم وراء كلّ شخصية من شخصيات الرواية. عندما طلبت كاتبة من فيودور دوستويفسكي الإذن بتمثيل إحدى رواياته، أجابها بلباقة بأنّ هناك "خطوطًا مختلفة من الفكر الشاعري" تحول دون تحويل الرواية إلى دراما. أعتقد أنّ الكاتب العظيم لم يقصد تفاصيل إعادة بناء القصة على المسرح عمومًا، بل التركيز على "الفكرة الشاعرية" التي لا يمكن أن تكون منفصلة عن كثير من الأفكار التي تكشفها هي تحديدًا.

هامش:
(*) بنيامين كافيرين (1902 ـ 1989). من أهم مؤلفاته: تسعة أعشار القدر (1925)؛ رجل الفضائح (1928)؛ رسام مجهول (1931)؛ إشباع الرغبات (1934 ـ 1936)؛ القبطانان (1944 ـ 1934)؛ كتاب مفتوح (1949 ـ 1956)؛ صديق مجهول (1957 ـ 1959)؛ سبعة أزواج قذرين (1962)؛ أمام المرآة (1972)؛ نزهة لمدة ساعتين (1978)؛ علم الفراق (1983).

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.