}

"سفر الاختفاء": رواية عن مدينة وذاكرتها ونكبة شعب

فخري صالح 13 مارس 2025
استعادات "سفر  الاختفاء": رواية عن مدينة وذاكرتها ونكبة شعب
تنسج ابتسام عازم رواية عن مدينة، وذاكرة مدينة...


من بين أحد عشر عملًا روائيًّا، ومجموعتين قصصيتين، ترجمت إلى الإنكليزية، اختارت جائزة بوكر العالمية The International Booker رواية الكاتبة الفلسطينية ابتسام عازم "سفر الاختفاء" (في ترجمتها التي أنجزها الروائي والأكاديمي العراقي سنان أنطون The Book of Disappearance) للتنافس على جائزتها هذا العام. وقد نشرت الطبعة الإنكليزية عن دار نشر And Other Stories عام 2024. ونشرت الطبعة الأولى من الرواية دار الجمل (بيروت - بغداد) عام 2014. وهي الثانية للكاتبة، بعد روايتها الأولى "سارق النوم: غريب حيفاوي" (2011).

1

فما الذي يسعى هذا العمل إلى توصيله من معانٍ ورسائل، ويرسمه من مصائر؟ وما الذي لفت الانتباه إليه بعد الترجمة، وجعل لجنة تحكيم جائزة البوكر العالمية البريطانية تختاره ضمن قائمتها الطويلة، من بين مئات العناوين التي تقدمت لها؟

لا شكَّ في أن بعضًا من هذ الأسباب يتصل برغبة الجائزة في تحقيق شرط التنوع Diversity، وهي رغبة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من سياسة الجوائز في الغرب، منذ عقود، اتساقًا مع دعوات تغيير المُعْتَمَد الأدبي (أو النصوص المعيارية) The Literary Canon، وتوسيع دائرته، بإدخال أعمال معاصرة، وكاتبات، وكتاب ينتمون لإثنيَّات وأقليَّات وثقافات ولغات متعددة، لكسر حلقة المركزية الغربية الجهنمية. ويمكن أن يعود الاختيار أيضًَا إلى صعود اسم فلسطين في وعي العالم، بعد مجازر غزة، وتعرّض الشعب الفلسطيني كله لعملية تطهير عرقي واسعة، ومحاولة محو هذا الشعب من التاريخ، وهو ما تقوم بها إسرائيل تحت سمع العالم وبصره، بتواطؤ من العالم الغربي، الرسمي، وإشاحة للبصر عما ترتكبه الدولة العبرية من جرائم ضد هذا الشعب، من جانب معظم وسائل الإعلام الغربية السيَّارة.

لكن الأسباب، التي أوردتها سابقًا، لا تكفي وحدها لتبرير اختيار رواية ابتسام عازم "سفر الاختفاء" لهذه الجائزة التي ترشَّح لها، أو فاز بها، كاتبات وكتاب حصلوا على جائزة نوبل للآداب في سنوات تالية، مثل البولندية أولغا توكارتشوك، والكورية هان كانغ، والكندية أليس مونرو. ثمَّة سبب آخر يتعلق بالكيفية التي تجدل بها الكاتبة نصَّها الروائي، وتعمل على بناء شخصياتها، المركزية، وكذلك الثانوية، من عرب ويهود، وكذلك بسبب الغنائية المأساوية، الخافتة، واللافتة، في الآن نفسه، التي تُلوِّن علاقة الشخصيات بالمكان المنهوب، الذي طُرد منه أصحابه، وسعى الطرف الناهب إلى تغيير هويته، عبر فرض شكل مختلف من العمران (في تل أبيب خصوصًا ببناياتها البيضاء ذات الطبيعة الوظيفية)، وتغيير أسماء الشوارع، والأماكن، والساحات، في عملية واسعة من التطهير العرقي، والجغرافي، والتاريخي، للمدن والبلدات الفلسطينية؛ وهو نوعٌ من الاستعمار الإحلالي، الذي يستبدل ذاكرة بذاكرة، وشعبًا بشعب. بهذا المعنى، يكتسب نص ابتسام عازم أهميته على صعيد الكتابة الروائية الفلسطينية، وكذلك ضمن سرديَّات الشعوب التي تتعرض للمحو، جسديًّا، وثقافيَّا، وجغرافيًّا، وهويَّة، وذاكرة. إنها سردٌ لهذه الحرب الجهنمية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني، وإن كان هذا السرد يتوسَّل المتخيَّل،  والرموز، والاستعارات، والباروديا، والفانتازيا، والواقعية السحرية.

تقوم الرواية على حلمِ يقظة، وتصوره الكاتبة حلمًا جماعيًّا، يستند إلى تمنٍّ معلن، أو رغبة دفينة، لدى شعب يحلم بتبخر شعب آخر واختفائه. ألمْ يندم ديفيد بن غوريون، أول رئيس لدولة إسرائيل، لكونه لم يطرد كل الفلسطينيين من الأراضي التي احتلتها قواته عام 1948؟ ألم يتمنَّ إسحق رابين أن يبتلع غزةَ البحرُ؟

استنادًا إلى هذه الخلفية السياسية التاريخية يمكن أن نقرأ "سفر الاختفاء"، وأن نفهم شكل تنظيمها لمادتها السردية، وتشكيلها لإيقاع الحكايات التي تسردها، ووصفها للشخصيات والأمكنة والأحداث التي تؤثث بها عالمها. فالرواية، وإن كان الصوت السرديُّ فيها صوتًا فلسطينيًّا، (هو صوت علاء الذي يكتب يومياته عن يافا، وجدته لأمه، المرأة الباقية في يافا عام 1948، بعد رحيل زوجها وعائلتها، كلها، وبقائها مع أبيها فقط)، فإنها تتلوَّن بحلم اليقظة الإسرائيلي، من خلال تعليقات أريئيل، الصحافي الإسرائيلي، "اليساري"، صديق علاء وجاره في البناية التي يسكنانها في مدينة تل أبيب. ثمَّة تناوبٌ في السرد بين علاء وأريئيل، إضافة إلى فصول قصيرة يسردها راوٍ عليم، يقدم للقارئ حكايات وأمثولات موازية لحكاية علاء وجدته. لكن الحكاية المركزية في العمل تتبدَّى من خلال عيني أريئيل والشخصيات الإسرائيلية التي تشهد حدث اختفاء شعب بكامله، من كل شبر في فلسطين، وأيُّ فلسطيني يدخلها آتيًا من الدول المجاورة يختفي. كأن فلسطين تبتلع أبناءها وبناتها: العمال، والأطباء، وسائقي الباصات، والعاملات في المزارع الإسرائيلية، من نساء الضفة الغربية، والسجناء، وحتى الجندي الدرزي سمير الذي يقف على الحاجز، ويختفي عندما يذهب إلى الحمام، تاركًا سلاحه مسنَدًا إلى الحائط. هكذا تتحقق المعجزة التي يتمناها كل الإسرائيليين تقريبًا، ويسقط عن كاهلهم عبء المواطنين الأصليين.

بسبب حدث الاختفاء، فإن أريئيل هو القناة التي تنتقل عبرها حكايات علاء عن جدته، وأهالي يافا الباقين. لكن معظم ما يرويه الصحافي الإسرائيلي يتمثَّل في ما يقرؤه في دفتر علاء الأحمر الذي سجَّل فيه انطباعاته عن النكبة والبقاء، وعلاقته بمدينة يافا المدفونة تحت يافا، وتل أبيب التي يقيم فيها ويكرهها، إلى درجة أنه يقتلع اللافتات العبرية التي تحمل أسماء الشوارع ويرشها بدهان أسود، ثمَّ يكتب عليها بالأخضر أسماء عربية. وكما يروي أريئيل، فقد وجد في بيت علاء، بعد اختفائه، كثيرًا من اللافتات، بأسماء الشوارع العبرية، التي خلعها وطمس ألوانها وكتب عليها أسماء أخرى، فسمى شارع روتشيلد شارع هشام شرابي، لأن شرابي، ابن يافا، يستحق أن يسمى شارع باسمه  (ص: 178).

يبدو حدث الاختفاء، إذًا، ملونًا بالحضور، فحتى عندما يختفي الفلسطينيون جميعهم، وهو ما يتمناه الإسرائيليون، ويهللون له، ويحتفلون به، ويرقصون في الساحات والمدن والقرى الخالية من أهلها، فإن شبح الفلسطينيين يقضُّ مضاجعهم: أين ذهبوا؟ هل يشكل اختفاؤهم إضرابًا؟ احتجاجًا؟ مؤامرة؟ تحضيرًا للعودة والانتقام؟ هكذا يفسد القتيل حلم القاتل، ويبدد فرحه، ويحسِّسُه بالرعب من عودة القتيل وانتقامه. يقول علاء لأريئيل، في جلسة عاصفة جمعتهما مع عدد من الإسرائيليين: "إن لم تلملموا حطام ما كسرتموه فستنفجر هذه الشظايا في وجوهكم حتى لو طمستموها تحت الأرض وحتى ولو بنيتم فوقها... سيعود إليكم الفلسطينيون من كل صوب، سيتحقق كابوسكم إن لم تلحقوا أنفسكم أو تحرقونا جميعًا وينتهي الأمر وبعدها تتباكون علينا" (ص: 189).

اختارت جائزة بوكر العالمية  رواية ابتسام عازم "سفر الاختفاء" (في ترجمتها التي أنجزها الروائي والأكاديمي العراقي سنان أنطون The Book of Disappearance) للتنافس على جائزتها هذا العام


يطرح علاء على صديقه الإسرائيلي سؤالًا أخلاقيًّا يتمثل في اعتراف من تسبب بنكبة الفلسطينيين بخطئه التاريخي. لكن هذا السؤال يصطدم بحائط الآخر الأصم؛ فما يفهمه الإسرائيلي، حتى لو كان يساريًّا، هو أن الاعتراف بالحق الفلسطيني يعني نفيه، ودعوة له للعودة إلى البلاد التي أتى منها. ومن وجهة نظر أريئيل فإن اليهود عادوا إلى وطنهم بعد غياب ثلاثة آلاف عام. "نظر أريئيل إلى بيت ديزنغوف الذي أصبح متحفًا. نظر إلى البناية المتواضعة في بنائها وتذكر الأثاث البسيط الذي رآه بداخلها عندما زارها، يرى المكان الذي أعلن فيه بن غوريون تأسيس هذا الحلم الصغير وإعلان الاستقلال... من كان يتخيل أنه يمكنهم أن يعودوا بعد آلاف السنين؟" (ص: 174). فرغم الشكوك التي تساور أريئيل حول حقيقة ما فعلته إسرائيل بالفلسطينيين، فهو يعجز تمامًا عن تفهُّم وجهة نظر الطرف الآخر، وينتهي به الأمر إلى الاستيلاء على شقة علاء، وتغيير قفلها. إنه يتناول الطعام الذي صنعته والدة علاء، ويشرب القهوة العربية الموجودة في شقته. لقد كان يتهم صديقه الفلسطيني بأنه شخص ينتمي إلى الماضي، ولا يرغب بأن يكون عصريًّا، يفكر بالمستقبل. إن كلامه مع علاء يرجِّع صدى السردية الصهيونية حول "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، فسكان فلسطين هم مجرد بدو، أو مزارعون قرويون، وقد جاء الصهاينة لتعمير الأرض، وبناء الحضارة، في ترداد واضح للرؤى الاستشراقية، الاستعمارية، العنصرية، الأوروبية، التي نسخت عنها الصهيونية رؤيتها للعالم، وطريقتها في النظر إلى الشعوب المستعمَرة. ويمكن أن نقرأ ردَّ علاء على هذه البروباغندا التي يرددها أريئيل، كنوع من تفنيد هذه الرؤية الاستعمارية لعلاقة المستعمرين بالباقين من أصحاب الأرض، وأهل البلاد الأصليين: "ألم تسمع بالمنشية والشيخ مونس والمسعودية وكل قرى يافا؟ ماذا يعني أن أكون عصريًّا؟ أن أنبطح؟ أن تهتك عرضي وأنا أصفق لك؟ متى تريد أن تفهم أن تل أبيب هي الكذبة التي صدقها الجميع. ولم تكن يافا فقط بيارات. وحتى لو كانت مجرد صحراء. هذه الكذبة التي أردتم تصديقها لا تعطيكم الحق في قتلنا وتشريدنا. أتدري لو كنا أكثر البشر تخلفًا في العالم فهذا لا يعطيكم الحق بتشريدنا! لا يعطيكم الحق بقتلنا. اذهبوا وحاربوا أوروبا التي طردتكم وقتلتكم" (ص: 180).

2

تقيم الرواية تقابلًا عارضًا بين نكبة الفلسطينيين وهولوكوست اليهود في أوروبا، بدون أن تخلص إلى تبرير الرواية الإسرائيلية، القائمة على احتكار سرديَّة الإبادة، وترويجها كبروباغندا مرتحلة، فيما سماه  نورمان فنكلشتاين "صناعة الهولوكوست". وهي لذلك تصوّر جدة علاء من هذا المنظور الذي يرسم ملامح امرأة ناجية في النكبة، ناجية من الرحيل عن يافا. يكتب علاء في دفتره الأحمر: ""شيء ما بالناجين يجعلهم دائمًا وحيدين" (ص: 15). هكذا يرى جدته التي ماتت وهي تجلس أمام بحر يافا. من هنا تبدأ الرواية، من موت الجدة، التي يكتب عنها علاء، المصور الفلسطيني الشاب، ويروي حكاياتها عن يافا التي ضاعت، لكنها ما زالت تتراءى لها، ولحفيدها علاء، وللفلسطينيين الباقين، وكأنها ما زالت قائمة هناك، كما كانت قبل النكبة. تسمع الجدة أصواتًا في الليل، أصواتَ طبل وزمر، كما تقول، وترى أشباح الذين قتلوا، أو رحلوا، تتحرك ظلالهم في المكان. ليست وحدها من يرى تلك الأشباح والظلال، بل علاء، وأهالي يافا الباقين من العرب، واليهود الذين احتلوا بيوت العرب. ليلهم، جميعًا، مليء بأشباح الراحلين. يقول يوسف حداد، سائق الباص الفلسطيني، الذي يختفي مع المختفين: "أتعرف ما معنى أن تقضي حياتك في الانتظار. انتظار الذين خرجوا كي يعودوا! طوال حياتك تنتظر. طوال حياتك تتحدث عن الماضي. شعب كامل من الذين بقوا يبدون كالمعتوهين وهم يتحدثون عن كل ما كان. وكأن ما كان لم يكن، وكأن ما كان هو عالم غير موجود إلا في مخيلتهم... أن نبقى هنا معناه أن ننزف. أن تعيش وجرحك مفتوح ولا يتوقف عن النزيف" (ص: 42).

يتغلغل هذا الإحساس بالفقد، وانتظار حدث يغير هذا الواقع المرَّ، الذي يعيشه الباقون من الفلسطينيين، أو الناجون، كما يقول علاء في يومياته، في ثنايا الحكايات الجانبية. فخميس الحزين، الذي يطلب دائمًا من الإذاعة الإسرائيلية أن تذيع أغنية فيروز "سنرجع يومًا إلى حينا"، تسأله المذيعة: لماذا يطلب هذه الأغنية، رغم أنه مقيمٌ في يافا، فيرفض الإجابة، ويقول إنه لا يريد أن يتكلم في السياسة، ويصرُّ على إهداء الأغنية إلى كل الفلسطينيين، خارج فلسطين، وداخلها. وتقول الجدة لحفيدها عن النكبة والخروج: "إلّي طلع زي إلّي انتحر وإلّي ضل برضو كأنه انتحر" (ص: 131). ويكتب علاء في يومياته، تتويجًّا لهذا الإحساس المرير بثقل النكبة التي تعرض لها شعبه: "ما إن يسقط الليل حتى تجديني أغسل البيوت من حولي بالذاكرة السوداء. أمسح البياض من على واجهات العمارات البيضاء وأطلي كل شيء بالأسود. آخذ اللون الأسود من كحل الليل وأرسم كل شيء في المدينة بالأسود. كأنني أخاف أن تستولي علي الذاكرة البيضاء فأمسحها بالأسود، أسود كسواد ليلة بلا قمر. أحب اللون الأسود، لأنه يشبهنا، لأنه نحن" (ص: 122- 123).

3

يمكن القول إن رواية ابتسام عازم "سفر الاختفاء" هي رواية عن الذاكرة (ومعظم الأدب الفلسطيني عن الذاكرة)، عن محاولة الفلسطينيين القبض على ما ذهب من ماضيهم، عن قراهم التي جرى مسحها من الوجود، عن مدنهم التي جرى تغييرها، واستبدال أسماء شوارعها، وأحيائها، وإقامة أحزمة من المستعمرات حولها، ودفنها تحت مدن جديدة أقامها الإسرائيليون. ولهذا تلعب الذاكرة دورها في استعادة هذا الماضي، واستبدال الماضي بالحاضر، والتركيز الوسواسي على هذا الماضي، وكانه تميمة يحتمي بها الباقون، لكي لا يفقدوا عقولهم. يركز علاء في يومياته على ذاكرة يافا، ويفتش في محلات بيع الأثاث القديم عن قطع أثاث تعود إلى ما قبل النكبة، ويقارع السردية الصهيونية عن المكان والتاريخ (وهو ما يُجبَر على تعلمه ونسخه في  أوراق الامتحانات) بسردية جدته عن يافا وفلسطين الباقية. وهو يقول في يومياته: "أكتب خوفًا من النسيان. أكتب لأتذكر وأذكر خوفًا من أن تمحي الذاكرة من الذاكرة. وكأن الذاكرة حبل نجاتي الأخير" (ص: 104). ويكتب أيضًا: "أنا بت أؤمن كل الإيمان أن من بقي في فلسطين هم المصابون بضرب من ضروب الجنون. وإلا كيف يمكن لهم أن يحتملوا ذاكرة الناجين وذاكرة الذين لم ينجوا؟ كيف يمكنهم أن يعيشوا مع هذا الألم في الذاكرة، ذاكرة الناجين؟" (ص: 181). ويتذكر كلام جدته: "اليتم هو البقاء في فلسطين بعد النكبة" (ص: 189).   

بالمعنى السابق، فإن حدث الاختفاء الفانتازي، الغريب، السحري (الذي أدهش الإسرائيليين، وجعلهم يتصورون أرض فلسطين نظيفة، نقية من أهلها الأصليين؛ بيضاء، مثل مدينة تل أبيب بمبانيها البيضاء، التي لا تشبه المكان)، لا يشكل، في الحقيقة، مركز السرد في هذه الرواية المتميزة، التي يمكن النظر إليها كنوع من المجاز المتخيَّل للنكبة. إن ما يشكل بؤرة السرد، والثيمة الناظمة للحكايات، هو استعادة الذاكرة. ليس الغياب هو ما يؤثث فضاء العمل، بل الحضور، الذي يتجسَّد عبر الذاكرة، وإعادة سرد الحكايات، والإصرار على أن فلسطين موجودة، حتى لو كانت مدفونة تحت خريطة إسرائيل، كما يقول علاء لجدته، بأن يافا موجودة تحت تلك المدينة المزيفة، التي تمثلها تل أبيب، وقد غطى بها الإسرائيليون يافا الحقيقية، تلك الطالعة من ذاكرة الجدة، والباقين من أهل المدينة. ومن حكايات هؤلاء الباقين تنسج ابتسام عازم رواية عن مدينة، وذاكرة مدينة، عن نكبة شعب ما زال يسأل نفسه: كيف حدث ما حدث؟ وكيف سمحنا له أن يحدث؟...      

  

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.