}

المبادئ الرّئيسية للانتقام.. وقصائد أخرى

رادنا فابياس 16 يوليه 2019
ترجمات المبادئ الرّئيسية للانتقام.. وقصائد أخرى
رادنا فابياس (المؤسسة الهولندية للأدب)
مشهدٌ افتتاحي


أخلعُ حذائي في المطار
حزامي، ولو سُئلت
فبنطالي أيضاً

تركتُ نفسي للكلاب تتشمّم الأسلحة
التي ثبَّتُّها تحت أطراف أناملي

هناك أيضاً احتفظت بلسعة الفن المتسارعة
 

أبدو أنيقة وشَعري على ما يرام
ابتسمتُ كنعجة تنظر إلى أسفل
القناع معلَّق بمطَّاط
ومشدود خلف أُذنيّ

 

المبادئ الرّئيسية للانتقام

سمّ الشّيء باسمه: وحْش
وضَعْ تاجك
تعلّم كلّ شيء عن التّغذية الإجبارية
وضَعْ تاجك

اصنع دمية القماش
امنحها ثلاثة أرجل
شاهدها تحجل
وضَعْ تاجك

دع الغضب يغلي عشر سنوات على الأقلّ
دع أظافرك تنمو
ابتلع الكثير من الكالسيوم
وغادر البرج

ابْرِ الأظافر كلّ ليلة
لتجدها عند الاستيقاظ - بهدوء - وقد أصبحت مخالب حادّة
وضَعْ تاجك

شقَّ التنين نصفين بمخلبك
(مدبّب، مثير، حادّ ولاذع)
وارتدِ زيَّ احتفالاتك البرّاق

قُل:

"لكن لديك كلمات، أيُّها الوحْش، فاستخدمها"
وضَعْ تاجك
 

هنا دعه يقرفص
دعه يسعل حتى يتقيَّأ
ما لم يكن منه.

 

آدم يستحم

صباح الأحد بساحة الكنيسة
في المدينة، هو الخريف.. هناك ورقة سقطت
فالمصادفة أُلغيت لسبب حُكوميٍّ، أَحْملُها
وأُجفِّفُها محتفظة بها
لأكتب عليها جملة تليق بحقيبته الأنيقة

انتشل آدمُ نفسه من الغرق
جيّد ما فعل، كم هو نظيف الآن
لديه ستّة أقنعة يرتدي أحدها
ذلك الذي أحضره من الصّحراء
حيث كان وحيداً وسليماً
ولا يزال جافّاً.

 

موضع الصّدأ

في الطّريق إلى موضع الصّدأ
أروي وأسمِّد كيلومتراً مربَّعاً من الأرض البُنِّية المُحْمرة
كاستثمار أتيحه لغيري ليجذب ثمرة الجزر من بين فخذي النّظام البيئي ويزعجه

ثم أغسل يديّ
- طويلاً وبلا كلل -
أُقشِّر بصمات أصابعي
- بانتباه أنا منتبهة-

حلقتُ شعري لأنّني ضحيّة
صبغتُ شعري لأنّني محتالة
تركتُ شاربي ينمو لأُضيفه إلى أوراقي المزيّفة
- أنا هادئة أنا هادئة -

تطير البوينج وخلال لحظة الاضطراب الجويّ أستعيد بأثر رجعي
الرّجل الذي زرع نُطفتي دون قصد
آخذ شخصاً كرهينة، وأقدّمه إليه عند استقباله:
اسمع.. هذا الرجل يُشبهك، لا أريده

يجب أن نتحدّث، إنّه لأمر مأساوي
أن يكون عليّ ارتداؤه
وسوف أرتديه
كما لو كان جلد دبّ
سأرتديه كعباءة
تنبعث من جلده رائحة حِلْبة صحراويّة حارقة
وجروح مفتوحة

أعدتُ أُمّي إلى الأرض الخراب لأنّي أحبّها
وبسبب أُمِّي أُبلغ كلّ من يشبهني بضرورة العودة إلى الأرض
رميتُ عباءتي لأنّي أحبُّ أُمّي

ولأنّي أحبُّها أقرأ التّعاويذ على مِبْيضي المربوط كي لا ينجب
مِبْيضي المربوط نظيف
مِبْيضي المربوط رائع
مِبْيضي المربوط مخلوق من معادن تفاعلية

ثمّ أرتاح
هنا أصدأُ
هنا ينتهي كلّ شيء.

 

في الماضي

اصْطدم وزنُ سيّارة مسرعة على الأسفلت
بجسم كلب
استمرّ السّائق في القيادة لأنّه غير مُؤَمّنٍ عليه
مع انبعاج في سيّارته على شكل كلب

نازع الكلب لوهلةٍ
الآن يُداس وهو يحتضر مرّة بعد أخرى
تحت السّيَّارات المتعاقبة

ارتفع صوت تكسُّر قوائمه إلى السّماء الزّرقاء النّقية فوق الأسفلت
حيث لا يزال الكلب المحتضر راقداً

هنا لفظ الكلبُ حياته متنهّداً
الكلب الميّت يرقد الآن في الهجير
يبدو كما لو أنّه نائم

الآن يتورّم
كأنّه يعاني من زيادة في الوزن
واثنتان من قوائمه المهروسة تواجهان السّماء

انتفخ الكلب
والآن انفجر انتفاخه
قفزت أحشاؤه ساخنة من جسده
صار الكلب الميّت قذيفة مفرغة

جثّته المهروسة تبدو الآن كأنّها كيس دم مضغوط وفارغ
أو لباس متَّسخ

ترتفع الرّائحةُ الكريهة إلى السّماء الزّرقاء النّقية فوق الأسفلت
حيث الكلب الميّت
لا يزال راقداً

الكلب
المحاط الآن بالذباب

 

كُمثرى للطّهو

gieser wildeman (*) هي كمثرى للطّهو
وأنا امرأة

هذا هو سقف بيت عمره ثلاثمئة عام
وأنا امرأة

هذا هو السّائل الغائم الذي ينزّ من بين شفتي ثمرة الخوخ الأسباني
ولسوء الحظّ صرت أنا السّائل وثمرة الخوخ

وكلّ ثمرة أخرى، ليّنة، حلوة، ناضجة في يديّ

لأنّني امرأة وهذا هو الإطار الخارجيّ
لنظّارة رجل متوسّط الذّكاء،
لكنّني امرأة ومُكتفية بنفسي
لا يوجد فراغ بداخلي

هناك صحيح مكان للاختباء وغرفة أماميّة وغرفة انتظار
ومساحة أستطيع فيها استقبال أحد ما:
رجل
بداية طفل
أصابع امرأة

ورغم هذا أنا مُكتفية بنفسي، لا تهمّني كمْ نظريّة جنسيّة ما بعد حداثيّة
يمكن رؤيتها مُعلقَّة على وركيَّ: أنا امرأة
ويمكنني التّواجد جوار رجل
ولكن الرّجل ليس جسداً
الرَّجل ليس طنين نغمات آلة باص
ليس صوتاً منخفضاً، ليس أذرعاً غليظة ولا أصابع قاسية أو جلداً سميكاً
ليس لحية، الرّجل ليس لحية وليس مَطْهَراً أيضاً، ليس قَدَراً
الرّجل ليس بيتاً للعيش بداخله، ليس سريراً للنّوم عليه
الرّجل ليس خلق فرص عمل، ليس إلهاءً
الرّجل ليس مُعالجاً نفسياً للعُمّال وليس حصاناً أصيلاً
الرّجل أكثر من عينين عاشقتين في ليلة مسروقة
الرّجل ليس حقيبة سيّارة خلْفيّة، ليس ضوءاً وامضاً
ليس انحناءة عميقة أمام صليبي، الرّجل لديه أيضاً مشاعر
يفكِّر أيضاً
يتألَّم
أحياناً يعرف حتّى لماذا يتألّم
 

الرّجل ليس خطّاف ذبائح
ليس سكِّين فصل اللحم عن العظم
ليس بندقية
ليس ماركة حديد ملتهبة، وليس كتاباً مقدّساً
الرّجل ليس سلاحاً ولا هِوَاية
الرّجل ليس هِوَاية
الرّجل ليس هِوَاية
الرّجل ليس هِوَاية

 

الرّجل ليس عقوبة
وليس عرشاً لتعتليه بساقين متقاطعتين كسيّدة
أنا لست سيّدة
أنا امرأة.


(*) الاسم التّجاري لأحد أصناف الكمثرى الهولندية المخصّصة للطبخ.

*****

حقّقت الشّاعرة الهولندية الشّابة رادنا فابياس (مواليد 1983) سبقاً نادراً لن يتكرّر بعدها بسهولة، بعدما فازت عن مجموعتها الشّعرية الأولى "هابيتوس - Habitus" بجميع الجوائز الشّعرية الكبرى التي تُمنح للشّعر المكتوب باللغة الهولندية، وكان آخرها ما أُعلن في حفل ختام مهرجان الشّعر العالمي في روتردام منتصف الشّهر الماضي، بحصول مجموعتها المحظوظة على جائزة "الشِّعر الكبرى" لعام 2019، وهو الاسم الجديد لجائزة VSB الشّعرية العريقة. وتعتبر هذه هي رابع جائزة تحصدها الشّاعرة عن مجموعتها الأولى، والتي ظهرت للنّور في آذار/ مارس 2018. وبهذا تكون رادنا فابياس أوّل هولندية تحصد جميع الجوائز الكبرى للشِّعر في هولندا عن ذات المجموعة، حيث سبق لها الحصول على ثلاث جوائز هي على التوالي: "آفاتار"، "هرمان ده كونينج"، و"سي بودينغ"، وتعدّ قيمة الجائزة المالية الأخيرة الأعلى التي تُمنح لمجموعة شِعرية في نطاق اللغة الهولندية (هولندا والإقليم الفلمنكي البلجيكي) وتُقدَّر قيمتها بـ 25 ألف يورو.

جميع القصائد مترجمة مباشرة عن الهولندية من مجموعة: 

  • Habitus, Radna Fabias, De Arbeiderspers, Amsterdam 2018.
  • ISBN:9789029523806
  • Aantal Pagina's:120

ترجمها عن الهولندية: عماد فؤاد.

مقالات اخرى للكاتب

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.