}

قصائد من زمن الحجر الصحي

ترجمة: سارة حبيب 12 أبريل 2020
ترجمات قصائد من زمن الحجر الصحي
رافائيل يرتدي كمامة فيروس كورونا المستجد
القيامة

إليزابيث ميتشل 



إنها القيامة
النرجس البري أخرج رأسه
من التربة وفتح
أذرعه المشرقة على سماوات أكثر زرقة.
لكنّي، مع ذلك، مليئةٌ
بخوف غامض وقلِق
إذ تغلق المسارح أبوابها ويتوقف السفر
وتعرض محلات البقالة رفوفها الفارغة
حيث كانت مناديل الحمّام ومحلول التبييض
وأكياس الطحين  تصطفّ بصفوف مستقيمة.

معدتي تتلوى وأصابعي ترتعش
بينما أتحضر لأفعّل ساحة المعركة
المكان الذي لطالما أحببتُه وشعرتُ فيه بالارتياح
بات الآن ميداناً من القطيرات المرشوشة عبر غرفة
أو المترصّدة على مقبض أو مغسلة لكي تجد طريقها
إلى داخل أيدينا أو أفواهنا أو عيوننا الواثقة
تلك التي تلمسك حين تكون مريضاً
تقول لك كلمات مطمئِنة وتبحث عن حلٍّ لألمك.

إنها القيامة
بينما يبدأ الربيع من جديد
وتنتشر الأزهار ذات الألوان الزاهية
في حديقتي الخلفية
الجيران ينزّهون كلابهم
ويمشون عبر الشوارع الهادئة
أمطُّ قفازيّ الأرجوانييّن على يدين ثابتتين
أربط مئزري الأصفر خلف ظهري
وشعري داخل قلنسوة زرقاء
فمي وأنفي وعيناي
ساكنةٌ وهادئة داخل دروعها المترقّبة.
إنها القيامة.

إليزابيث ميتشل: طبيبة في غرفة طوارئ المركز الطبي في بوسطن. تلجأ إلى كتابة الشعر لأنه برأيها "الشعر يجعل الأطباء يصغون بشكل أفضل". كتبت هذه القصيدة بعد أن لاحظت في إحدى نزهاتها في شهر آذار/مارس كم يتناقض مظهر الربيع في الجوار مع ما يحدث في غرفة الطوارئ بعد انتشار فيروس كورونا.

القيامة:
https://www.nytimes.com/2020/03/24/us/coronavirus-doctor-poetry-boston.html

*****

حظر التجول

ريتشارد هندريك



نعم ثمة خوف.
نعم ثمة عزلة.
نعم ثمة هلعُ شراء.
نعم ثمة مرض.
نعم ثمة حتى موت.
لكن،
يقولون إنه في ووهان بعد سنين عديدة من الضوضاء
يمكنك الآن سماع صوت الطيور من جديد.
يقولون إنه بعد بضعة أسابيع من الهدوء
لم تعد السماء مثقلة بالدخان
بل زرقاء ورمادية وصافية.
يقولون إنه في شوارع أسيزي
الناس يغنون واحدهم للآخر
عبر الساحات الفارغة،
تاركين نوافذهم مفتوحة
حتى يتسنّى للوحيدين
أن يسمعوا أصوات العائلة حولهم.
يقولون إن فندقاً غرب إيرلندا
يقدم وجبات مجانية وخدمة توصيل للمحتجزين في بيوتهم.
اليوم امرأة شابة أعرفها
منشغلة بتوزيع نشرات تحتوي رقمها
في أرجاء الحي
حتى يكون للمسنين شخص يطلبونه عند الحاجة.
اليوم تتحضّرُ الكنائس، الكُنُس، الجوامع، والمعابد
لاستقبال المشردين، المرضى، والمتعبين، وإيوائهم.
الناس حول العالم يتمهّلون ويتأمّلون.
الناس حول العالم ينظرون إلى جيرانهم بطريقة جديدة
الناس حول العالم يستيقظون على واقع جديد
على حقيقة حجمنا الفعلي.
على كوننا لا نملك من السيطرة إلا قليلاً.
على الشيء المهم فعلاً.
على الحب.
لهذا نصلّي ونتذكر أنه
نعم ثمة خوف.
لكن لا يجب أن يكون هنالك كراهية.
نعم ثمة عزلة.
لكن لا يجب أن يكون هنالك وحشة.
نعم ثمة هلع شراء.
لكن لا يجب أن يكون هنالك دناءة.
نعم ثمة مرض.
لكن لا يجب أن يكون هنالك مرض في الروح.
نعم ثمة حتى موت.
لكن يمكن أن يكون هنالك دوماً ولادة جديدة للحب.
تيقّظْ لخياراتك حول كيفية العيش الآن.
اليوم، تنفّسْ.
استمع، بعيداً عن الضجيج العالي لخوفك
الطيور تغني من جديد،
السماء تغدو صافية،
الربيع آتٍ،
ونحن دوماً محاطون بالحب.
افتح نوافذ روحك
ورغم أنك قد تكون غير قادر
على اللمس عبر الساحة الفارغة،
غنِّ.

ريتشارد هندريك: الأخ ريتشارد، كاهن يعيش اليوم في إيرلندا. كتب قصيدته هذه في 13 آذار/مارس 2020 لأنه اعتقد أن أفضل طريقة لنشر رسالة أمل وتعاضد عبر العالم بعد انتشار فيروس كورونا تكون عبر الشعر. تركت كلماته بالفعل أبلغ الأثر في المؤمنين وغير المؤمنين على السواء.

حظر التجول:

https://www.irishcentral.com/news/coronavirus-lockdown-poem

*****

 

في زمن التباعد

ألكسندر مكول سميث

 

يحدث غير المتوقع دائماً بالطريقة
التي لطالما حدث بها:
بينما نقوم بفعل شيء آخر،
بينما نفكّر بأشياء مختلفة تماماً
أمور تُظهر الأحداث لاحقاً
أنها غير مهمة بتاتاً
كما هي شواغلنا الإنسانية على الدوام؛
الآن، وقد حلّ بنا غير المتوقع،
ينظر واحدنا إلى الآخر باندهاش؛
كيف استحالت الأمور هكذا
في الوقت الذي كنّا فيه بارعين للغاية، راضين للغاية
بالنظم المتطورة التي اخترعناها
الشبكات والأقمار الصناعية، الأجهزة الذكية،
العقاقير لكل احتمال ما عدا هذا الاحتمال؟
وهكذا نعود ليواجه واحدنا الآخر
ونكتشف هذه الأشياء
التي شارفنا على نسيانها،
لكنها، من حسن حظنا، لا تزال موجودة:
الحب والصداقة، ليس فقط تجاه أولئك
القريبين منّا، بل كذلك تجاه هؤلاء
الذين لا نعرفهم والذين كنّا ربما
في الماضي خائفين منهم؛
كلمات مثل الأخ والأخت،
تلك التي لا تزال محتفظة بفعاليّتها،
أُخرجَت الآن للضوء، نُفِض الغبار عنها،
واكتشِفَ أنها لا تزال قادرة على التعبير
عمّا نشعر به تجاه الآخرين، ذلك الحرص المضبوط؛
الآن ونحن متحّدون معاً في المحنة
نكتشف أشياء كنّا استبعدناها:
ألعاب لوحية قديمة ذات قوانين مبهمة،
كتباً كنا ننوي قراءتها،
رسائل كنا ننوي كتابتها،
أشياء اعتقدنا أننا قد نقولها
لكننا لم نجد قط الوقت لفعل ذلك؛
ومن هذه الاكتشافات للذات، للوقت،
يأتي إدراك جديد
أننا كنّا على عجلة كبيرة من أمرنا،
أننا أسأنا استخدام عالمنا الهش،
أننا نسينا حقوق الآخرين
أولئك المتروكين؛
نكتشف ذلك في عزلتنا،
في صمتنا؛ نلتزم من جديد،
نبحث عن بضع أغنيات
اعتدنا أن نغنيها سوية،
منذ زمن بعيد؛ نمنح ما نستطيع أن نمنحه،
ننتظر، عارفين أنه عندما ينتهي كل هذا
الكثير منّا ربما ليس الجميع لكن معظمنا،
سنكون أناساً مختلفين قليلاً،
وأن عالمنا، رغم انكماشه،
سيكون أكبر بكثير، إذ يتكشّفُ جماله من جديد.

ألكسندر مكول سميث: كاتب بريطاني. انتقل من التدريس الجامعي إلى التأليف، ليكون له أكثر من مئة كتاب في المجالات الأكاديمية والأدبية. لكنه عُرف على وجه الخصوص حين نشرت له سلسلة: وكالة التحريات النسائية الأولى، دموع الزرافة، أخلاقيات للفتيات الجميلات. كتب هذه القصيدة في 19 آذار/مارس 2020، بعد تلقيه العديد من الرسائل من قرائه المعزولين بسبب فايروس كورونا.

في زمن التباعد:

https://www.alexandermccallsmith.co.uk/news/poem/

مقالات اخرى للكاتب

ترجمات
12 أبريل 2020

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.