}

استحواذ أميركي على قائمة البوكر القصيرة

سناء عبد العزيز 18 سبتمبر 2021
ليس بغريب أن تثير قائمة البوكر القصيرة جدلًا واسعًا في الأيام المقبلة، بعد أن تحققت المخاوف بشأن استحواذ كتاب أميركا على الجائزة البالغ قيمتها 50 ألف جنيه استرليني، في ما أطلق عليه بـ"أمركة الجائزة" التي كان من المفترض أن يكون الفائز بها مواطنًا من دول الكومنولث، أو جمهورية إيرلندا، قبل قرار الهيئة المانحة عام 2013 بإلغاء هذا الشرط، والاكتفاء بأن يكون العمل مكتوبًا باللغة الإنكليزية، ومنشورًا في المملكة المتحدة، فاتحة الباب أمام جميع المؤلفين من أي مكان في العالم.



أكثر أخطاء العدالة شهرة في تاريخ بريطانيا

ناديفا محمد وروايتها "رجال الثروة"


ناديفا محمد، الكاتبة البريطانية من أصل صومالي، هي الاسم الوحيد المتبقي من خمسة كتاب بريطانيين كانوا مدرجين في القائمة الطويلة، لكن الأسماء الكبيرة على غير المتوقع، خرجت مبكرًا من المنافسة، منهم كازو إيشيغورو، الحائز على نوبل، وفرانسيس سبافورد، وراشيل كوزك.
ولدت ناديفا في هرجيسا في أرض الصومال 1981، وانتقلت مع أسرتها إلى لندن في سن الرابعة، بغرض إقامة مؤقتة، لكن الحرب الأهلية في الصومال حالت دون عودتهم. ظهر اسمها في قائمة مجلة جرانتا لـ"أفضل الروائيين البريطانيين الشباب" عام 2013، كما أدرجت في قائمة أفريقيا للكتاب المتميزين في الأدب الأفريقي الذين تقل أعمارهم عن 40 عامًا. روايتها الأولى شبه السيرة الذاتية "فتى مامبا الأسود" حازت على جائزة بيتي تراسك لعام 2010، ورشحت لغيرها من الجوائز. في عام 2013، أصدرت روايتها الثانية، "بستان النفوس الضائعة"، وبدورها رشحت للعديد من الجوائز، وهذه هي روايتها الثالثة، "رجال الثروة/ The Fortune Men".




استلهمت ناديفا روايتها من قصة محمود متان؛ البحار الصومالي الذي اتهم ظلما بقتل امرأة في خليج تايجر باي في كارديف، وظهرت براءته بعد إعدامه، وهو ما أسفر عن أكثر أخطاء العدالة شهرة في تاريخ القانوني البريطاني، وحدا بالمسؤولين إلى الإسراع بإلغاء عقوبة الإعدام في المملكة المتحدة.
 عن وصولها إلى قائمة البوكر، تقول ناديفا: "كي أكون هنا، أتواصل مع جمهور أوسع بكثير بهذه الرواية التي كانت مهمة جدًا بالنسبة لي، فقد استغرق هذا مني ما يقرب من 20 عامًا من حياتي، وهو شيء لم أكن أتوقعه".



للبسطاء مكان في التاريخ

 أنوك آرودبراغاسام وروايته "قصة زواج قصير"


منذ أول رواية له "قصة زواج قصير"، انشغل الكاتب أنوك آرودبراغاسام بالحرب الأهلية في سريلانكا، التي استمرت 26 عامًا، وراح ضحيتها ما يقرب من 100 ألف نسمة، فضلًا عما سببته من مصاعب كبيرة للسكان، والبيئة، واقتصاد البلاد. وفي روايته الثانية، "ممر شمالي"، يركز آنوك على السنوات الأخيرة من تلك الحرب، حيث يسافر شاب من "التاميل" متجهًا شمالًا لحضور جنازة خادمة جدته، كنوع من التأمل في التبعات العاطفية للحرب الأهلية متمثلة في موت امرأة مسنة. هكذا اعتاد آنوك في روايته أن يعطي للبسطاء مكانًا في التاريخ.

دامون غالغوت وروايته "الوعد"


إلى جانبه، كان هنالك الكاتب المسرحي والروائي، دامون غالغوت، من جنوب أفريقيا. هذه المرة الثالثة التي يدرج فيها غالغوت في القائمة المختصرة للبوكر، سبق أن وصلت روايتاه "الطبيب الصالح"، و"في غرفة غريبة" للقائمة نفسها في عامي 2003 و2010. أما روايته "الوعد"، فهي تفجر المشهد الاجتماعي والسياسي في السنوات التي أعقبت نهاية الفصل العنصري، من خلال قصة عائلة من البيض تعيش في جنوب أفريقيا فشلت في الوفاء بوعدها لامرأة سوداء ظلت تعمل لديهم طوال حياتها.



نصف قائمة بوكر لصالح أميركا

باتريشيا لوكوود وروايتها "لا أحد يتحدث عن هذا"


ضمن القائمة المكونة من ستة أسماء، هناك ثلاثة أسماء من أميركا وحدها. تعدُّ الشاعرة باتريشيا لوكوود أكثرهم حظًا بإدراجها عن أول رواية لها "لا أحد يتحدث عن هذا"، التي قيل عنها إنها بمثابة دليل لتجاوز التفكير في الإنترنت كشيء منفصل عن الحياة الواقعية والفن الحقيقي. اختيرت الرواية مؤخرًا في قائمة جائزة المرأة للخيال، وتعد مثالًا رائعًا للرواية المقسمة إلى جزأين؛ الأول صورة متدفقة للأحاديث العابرة على الإنترنت، والثاني يستكشف بعمق كيف تتكيف أسرة مع مأساة مفاجئة وكارثية.

 ماجي شيبستيد وروايتها "الدائرة الكبرى"


دخلت الأميركية ماجي شيبستيد، صاحبة روايتي "ترتيبات المقاعد"، و"أذهلني"، القائمة القصيرة بروايتها "الدائرة الكبرى"، التي تستكشف بعمق حياة طيار مختف، والممثل الذي أعاد تجسيده على الشاشة بعد سنوات من ذلك، مما يثير ذكريات أميليا إيرهارت، وإيمي جونسون؛ في قصص الرواية من منظور الماضي والحاضر، بينما يلوح موت الوالدين في الأفق.

ريتشارد باورز وروايته "ذهلة"


















تكتمل قائمة البوكر برواية "ذهلة" للأميركي ريتشارد باورز، وفيها يشيد عالم الأحياء الفلكي الأرمل عوالم جديدة كجزء من البحث عن الحياة على الكواكب الأخرى، بعد أن فشل سكان الأرض في حفظها من خطر التلوث والانقراض.



غياب بريطانيا محض صدفة
لم تجد لجنة التحكيم مفرًا من التضحية ببعض العناوين الرائعة لصالح عناوين وجدتها رائعة هي الأخرى. تقول المؤرخة مايا جاسانوف التي تترأس اللجنة: "نحن في الحقيقة فحصناها كتابًا تلو الآخر، وحاولنا اتخاذ أكثر القرارات منطقية".




انضم إلى جاسانوف الروائي تشيجوزي أوبيوما، الذي صرح بأن المحكمين لم يأخذوا في الاعتبار جنسية المؤلفين لدى قراءة كتبهم؛ "إننا لا ننظر فقط إلى ما يقوله الكتاب، ولكن كيف يقولون ذلك، وبالتالي، فالجنسيات لا أهمية لها حقًا. ما يهم هو ما قدمه الكاتب برؤيته الخاصة، وكيف وصل إليها. وإذا لم يدرج في القائمة عدد أكبر من بريطانيا، فهذه محض صدفة".
اتفق الممثل ناتاشا ماكلون مع رأي أوبيوما: "لم يكن مجرد جزء من المناقشة. كان الأمر يتعلق بالكتابة، ومدى جاذبية القصة، ومدى ملاءمتها، وما إذا كانت قد فتحت قلوبنا وعقولنا، وما إذا كانت قد علمتنا شيئًا لم نكن نعرفه بالفعل، وما إذا كانت أصلية، وفريدة من نوعها، وممتعة، ومضحكة".
وفي تصريح لها نشرته الغارديان البريطانية، أعربت غابي وود، المدير الأدبي للمؤسسة المانحة للجائزة، عن استعدادها لسماع أي مشكلة تتعلق بالقواعد الحالية، ولكنها أشارت إلى أن هنالك مشاكل سياسية، وكذلك أدبية، تتعلق بالعودة إلى العمل في إطار الكومنولث، "أعني، إنه في الأساس إطار استعماري. بينما استنكرت جاسانوف أن يهتم البعض كل هذا الاهتمام بجوازات السفر التي يحملها المؤلفون في حين أن الأدب عابر للحدود دائمًا، ويستمر في عبور الحدود بطرق لافتة للنظر. أنه لمن الرائع جدًا في القرن الحادي والعشرين أن يتحدث الناس عن الإمبراطورية البريطانية السابقة باعتبارها حاوية مناسبة للتفكير في الأدب من خلالها".



ما يمكن أن يفعله الأدب اليوم
ضمت لجنة التحكيم أيضًا الكاتبة والمحررة هوراتيا هارود، والكاتب روان ويليامز، الذي وصف الكتب المدرجة في القائمة القصيرة بأنها تأمل في الذات استطاع أن يدخلنا إلى ذهن رجل من التاميل يتتبع ندوب الحرب الأهلية في سريلانكا، وامرأة أميركية تنفصل عن الإنترنت لتعالج أزمة أسرية مفجعة. وبعضهم أدخلنا إلى مجتمعات في خضم تحولاتها التاريخية: أرصفة كارديف في السنوات الأولى لإنهاء الاستعمار البريطاني، والأراضي المحيطة ببريتوريا في السنوات الأخيرة من الفصل العنصري. وبعض منها طاف في العالم، متتبعًا طيارًا في منتصف القرن يحاول السفر حول الكوكب، وعالم الأحياء الفلكي الذي يربي ابنًا متأثرًا بتغير المناخ، "في حين أن كل كتاب رائع في حد ذاته، فإنها معًا تمثل عرضًا موسعًا لما يفعله الخيال اليوم".



تحظى جائزة بوكر باهتمام كبير من القراء، بمجرد الإعلان عن قائمتها تحقق العناوين الفائزة مبيعات غير مسبوقة. بحسب تصريح بيا كارفالو، من واترستون لبيع الكتب، كان كتاب "الوعد" هو الأكثر مبيعًا، كما زادت مبيعات "رجال الثروة"، وبقية الكتب الواردة في قائمة البوكر بنسبة 2000% عن الأسابيع السابقة.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.