}

تيرنر ربط نفسه بصارية السفينة لرسم العاصفة

1 يناير 2025
تغطيات تيرنر ربط نفسه بصارية السفينة لرسم العاصفة
لوحة "العاصفة الثلجية" للفنان جوزيف مالورد ويليام تيرنر

في عام 1842، أثار الفنان الإنكليزي جوزيف مالورد ويليام تيرنر ضجة كبيرة في الأوساط الفنية البريطانية حين عرض لوحته "العاصفة الثلجية - القارب البخاري قبالة مدخل المرفأ". قصة هذه اللوحة تبدأ بمغامرة جريئة، حيث قرر تيرنر، البالغ من العمر 64 عامًا آنذاك، أن يربط نفسه بصارية سفينة لمدة أربع ساعات خلال عاصفة عاتية، ليرسم مشهدًا حقيقيًا للصراع بين قوة الطبيعة والتقدم التكنولوجي الذي يمثله القارب البخاري.

واجهت اللوحة انتقادات لاذعة من النقاد المعاصرين الذين وصفوها بأنها مجرد "رغوة صابون وتبييض"، لكن تيرنر رد عليهم بثقة قائلًا إنه لم يرسمها ليفهموها، بل ليصور المشهد كما رآه بعينيه. وفي المقابل، دافع عنه الناقد الفني جون روسكين، واصفًا العمل بأنه من أعظم التعبيرات الفنية عن الحركة البحرية والضباب والضوء في تاريخ الفن.

كان تيرنر معروفًا بتفضيله الرسم في الهواء الطلق على العمل في الاستوديو، وقد أثار هذا النهج غير التقليدي، إلى جانب آرائه الفنية الجريئة وتعليقاته النادرة خلال لقاءاته المجتمعية، انتقادات شديدة في أربعينيات القرن التاسع عشر.
وكشفت وثائق حديثة نشرها متحف تيت البريطاني عن أن الفنان كان يقضي أيامًا كاملة في دراسة تأثيرات الضوء على الماء والسماء، وكان يخرج في أسوأ الظروف الجوية ليرسم مباشرة من الطبيعة.

اختار تيرنر اسم "آرييل" لسفينته في اللوحة، مستوحيًا إياه من مسرحية "العاصفة" لشكسبير، في إشارة رمزية عميقة تعكس شعوره بالعزلة. فقد رأى نفسه في شخصية بروسبيرو، الساحر القوي المنفي إلى جزيرة نائية بعيدًا عن مجتمع لم يستوعب رؤيته المتقدمة على عصرها. وقد أثبت التاريخ لاحقًا أن أسلوبه الفني المتحرر من القيود الكلاسيكية كان بمثابة إرهاص مبكر للفن التجريدي الذي ساد في القرن العشرين.

عُرف تيرنر باسم "رسام الضوء" نظرًا لاهتمامه المتزايد بالألوان كعنصر رئيسي في مناظره الطبيعية والبحرية. وعلى الرغم من انتمائه إلى الحركة الرومانسية التي فضلت العاطفة والفردية على الأفكار الكلاسيكية لعصر النهضة، إلا أن أعماله تعتبر مقدمة للتجريد في القرن العشرين، حيث أولت الأولوية للذاتية على الموضوعية.

وحين اشتكى النقاد من أن مناظره الطبيعية أصبحت ضبابية وغامضة أكثر فأكثر، رد تيرنر بقوله الشهير "الغموض هو موطن قوتي". وما اعتبره آخرون نقطة ضعف، تعامل معه تيرنر باعتباره ميزة أساسية في فنه. وتشير دراسات فنية حديثة إلى أن تقنيته في معالجة الضوء والحركة في لوحاته، خاصة في أعماله البحرية المتأخرة، أثرت بشكل كبير على الانطباعيين الفرنسيين لاحقًا، حتى أن كلود مونيه نفسه اعترف بأن دراسته لأعمال تيرنر خلال زيارته للندن كان لها تأثير عميق على تطوّر أسلوبه الفني.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.