رغم أن فيلم "الغرفة"، لمخرجه الإيرلندي ليني أبراهمسون، الذي افتتح، أمس، فعاليات الدورة الـ 12 من "مهرجان دبي السينمائي الدولي"، يتناول قضية اجتماعية حول علاقة طفل بوالدته يتعرّضان إلى اختطاف، إلّا أن معظم الأفلام المشاركة في التظاهرة تتقاطع مع القضايا الأكثر سخونة في العالم العربي والغربي؛ حيث تحضر مواضيع تتعلّق براهن المنطقتين، وما يدور فيهما من تداعيات أمنية واجتماعية وسياسية.
يُعرض خلال أيام المهرجان، الذي يستمر حتى 16 كانون الأول/ ديسمبر، 134 فيلماً من 60 بلداً، من بينها 55 عملاً في عرض عالمي أو دولي أوّل، و46 في عرض أول في المنطقة العربية وشمال أفريقيا، و11 فيلماً في عرض أول في المنطقة العربية، و17 في عرض خليجي أول.
تنطق الأفلام بأكثر من 40 لغة، تتوزّع بين مسابقات "المهر الإماراتي" و"المهر الخليجي" و"المهر العربي"، إضافة إلى برامج خارج المسابقة تتضمّن أفلاماً للأطفال وأخرى من جميع أنحاء العالم.
تشهد الدورة عرض مجموعة بارزة من الأفلام التي تتعلّق بقضايا المسلمين في فرنسا، مثل عمل بعنوان "باريسية"، للمخرجة اللبنانية دانييل عربيد. يحكي الشريط قصّة فتاة لبنانية تصل باريس وحيدةً، تبحث عن حياة جديدة بعيداً عن بلدها. على العكس منه، يأتي "روحي"، للمخرجة جيهان شعيب الذي يدور حول قصّة فتاة لبنانية كانت تعيش في فرنسا، وتقرّر العودة إلى بلدها، لتستعيد ذكرياتها، حيث تشهد تحوّلات لبنان.
في حين يسلّط "فاطيمة"، للفرنسي فيليب فوكون، والمقتبس عن رواية للمغربية فاطمة الأيوبي التي كتبت تجربة عيشها في فترة الثمانينيات في فرنسا برفقة زوجها، سليط الضوء على حياة المهاجرين من أصول مغاربية في فرنسا. أما "الأباتشي"، لـ نسيم عموش، فيقدّم حكاية المخرج ذاته وعلاقته بوالده، وتدور الأحداث في أحد الأحياء الباريسية القاسية.
من جهةٍ أخرى، يسرد "فرانكوفونيا" لـ ألكسندر سوكوروف موضوعاً فلسفياً يتعلّق بالحفاظ على الفن والحرب والتاريخ؛ حيث تدور أحداثه في متحف اللوفر. بينما يذهب جاك أوديار في فيلمه "ديبان" إلى حكاية جندي تاميلي، يطلب اللجوء في فرنسا، ويسعى إلى حياة جديدة في الضواحي الباريسية.
يحضر الحجاب أيضاً في كثير من الأعمال، مثل "حجاب الغيرة" لـ ابتسام غودرا. نتعرّف في الفيلم إلى زوجين مسلمين متدينين يعيشان في باريس، تجتاح الزوج شكوك حول زوجته حول شخص يزورها. في "مريم"، لـ فايزة أمبا، تُسرد قصة فتاة ترفض التنازل عن حجابها. من جهته، يتناول مازن الخيرات في "حجاب" مراحل تطوّر الحجاب في سياقات تاريخية وجغرافية مختلفة.
إلى جانب الهجرة والحجاب، تتطّرّق مجموعة من الأفلام إلى مسألة اللاجئين السوريين، مثل "الحقل القرمزي" للفلسطيني نصري حجاج، الذي يتحدّث عن وصول شاب فلسطيني من مخيم اليرموك إلى النمسا. كما يُعرض أيضاً "قصة حب سورية" للبريطاني شون ماك أليستر. يحكي العمل قصة زوجين سوريين دفعت بهما الثورة السورية إلى الخروج إلى لبنان، ومن ثمّ إلى فرنسا.
في سياقٍ آخر، يتناول "الصراط المستقيم"، لـ فؤاد عليوان، ظاهرة "داعش"؛ إذ يعرض قصة وصول المسلحين الذي ينتمون إلى "التنظيم" إلى قرى الشمال اللبناني، متطرّقاً إلى عمليات القتل والاختطاف التي ارتكبوها. الموضوع نفسُه نجده في الفيلم العراقي "حديقة أبي" للمخرج شوان عطوف، والذي يتناول التربية التقليدية وعلاقتها بالوصول إلى التنظيمات الجهادية.
كما يعرف المهرجان عروضاً لمجموعة من الأفلام الفلسطينية، منها: الفيلم الروائي القصير "السلام عليك يا مريم"، لـ باسل خليل و"الطابق الخامس غرفة 52"، لـ يحيى العبدالله، و"في المستقبل، أكلوا من أفخر أنواع البورسلين"، لـ لاريسا صنصور. إضافة إلى الروائي القصير "فيروز"، لـ شادي الهمص.
ويحضر العراق أيضاً بخمسة أفلام؛ أربعة منها قصيرة، هي: "اتصال" لـ بهاء الكاظمي، و"ريس" لـ رزكار حسين، و"حديقة أبي" لـ شوان عطوف، و"صمت النمل" لـ سوران إبراهيم. إلى جانب الروائي الطويل "كلاسيكو"، لـ هالكوت مصطفى، والذي يتحدث عن مغامرة شابين كرديين في سفرهما من العراق إلى إسبانيا للقاء كريستيانو رونالدو.
على هامش عروض الأفلام، تُقام مجموعة ندوات، منها واحدة بعنوان "مقتبسات رائعة: من الرواية إلى الشاشة"، بالتعاون مع "مهرجان طيران الإمارات للآداب". في هذه الندوة، سيتطرّق مؤلف كتاب "الرجل الذي عرف اللانهاية"، روبيرت كانيغل، ومخرج الفيلم مات براون، إلى الخطوات العملية التي تحوّل النص إلى الشاشة الكبيرة.
اقرأ أيضاً: "فاطيمة": صورة المغاربية المهاجرة