مهرجان تطوان يناقش قضايا السينما في العصر الرقمي

ضفة ثالثة 10 يونيو 2022
أجندة
يكرّم المهرجان أليكس برندموهل، ديبورا فرانسوا، ونور الدين لخماري

 

يكرم مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط (المغرب) النجمة البلجيكية الفرنسية ديبورا فرانسوا، والممثل والمخرج الإسباني من أصل ألماني أليكس برندموهل، والمخرج المغربي نور الدين لخماري، في الدورة الحالية من المهرجان، التي تقام في الفترة بين 10 و17 حزيران/يونيو الحالي.

لمع اسم ديبورا فرانسوا سنة 2005، عندما تألقت في تشخيص دور "سونيا" في فيلم "الرضيع"، لمخرجيه جان بيير ولوك داردن، وهو الفيلم الذي توج يومها بالسعفة الذهبية لمهرجان "كان". وما هي إلا أربع سنوات حتى حازت على جائزة سيزار لأحسن ممثلة واعدة، عن مشاركتها في فيلم "أول يوم في ما تبقى من أيامك" لريمي بيزانسون. لتواصل هذه الأيقونة الفرنسية حضورها المتوهج، وهي تتنقل برهافة ما بين أفلام سينما المؤلف وأفلام الفرجة، حتى توجت سنة 2016 بجائزة أحسن ممثلة في المهرجان الدولي لفيلم التخييل التاريخي، عن دورها البطولي في الفيلم الشهير "زهرة الرعد".

أما الممثل والمخرج الإسباني من أصل ألماني أليكس برندموهل فقد ترجل من خشبة المسرح نحو السينما، حيث أدى على خشبة المسرح الإسباني روائع أبي الفنون، مثل دراما "لوحة عازف الناي"، و"طلقات وظلال"، و"أبعد من الجسر"... وعلى غرار نجوم السينما الكبار، قدم من المسرح إلى الشاشة الكبيرة ليبرع في أداء أدوار خالدة، ويتمكن في ظرف وجيز من أن يصبح نجمًا كبيرًا، منذ أن حصل سنة 2007 على جائزة أحسن ممثل إسباني. وتواصلت أدواره الناجحة في العديد من الأفلام الشهيرة، ومنها فيلم "الناموسية" لأكوستي فيلا، الفيلم الذي سبق عرضه في دورة سابقة من مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط.

كما يكرم مهرجان تطوان في هذه الدورة المخرج المغربي نور الدين لخماري، الذي قضى مرحلة شبابه في النرويج، حيث أخرج أفلامه القصيرة الأولى، وتوج هنالك بجائزة أفضل فيلم قصير سنة 1993. وحينما عاد لخماري إلى المغرب حمل نظرة سينمائية جديدة منذ فيلمه الطويل الأول "نظرة". ولخماري هو مخرج مدينة الدار البيضاء، حيث قدم ثلاثية سينمائية حول هذه المدينة، من خلال فيلم "كازانيكرا" سنة 2008، الذي اختير لتمثيل المغرب في مسابقة أوسكار 2010 لأفضل فيلم أجنبي، وحصل على 25 جائزة دولية، ثم فيلم "زيرو" سنة 2012، المتوج بجائزة أحسن فيلم في المهرجان الوطني بطنجة، وشارك في دورة تلك السنة من مهرجان مراكش. ثم فيلم "بورن آوت"، وتم اختياره لتمثيل المغرب في فئة "جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية" في حفل توزيع جوائز الأوسكار الثاني والثمانين.

وضمن فقرة التكريمات، سيتم عرض فيلم "كازانيكرا" و"زيرو" لنور الدين لخماري، إلى جانب الفيلمين الفرنسيين "شعبي" و"القارة الأخرى"، من بطولة النجمة البلجيكية الفرنسية ديبورا فرانسوا، إضافة إلى فيلمها القصير "الكبش الأسود" Mouton Noir الذي تم تقديم عرضه الأول في مهرجان "كان" في دورة هذه السنة. كما سيتابع جمهور مهرجان تطوان الفيلمين الإسبانيين "أم" و"الناموسية"، وهما من بطولة الممثل الإسباني أليكس برندموهل.

قضايا السينما والتراث السينمائي في العصر الرقمي

وستناقش الدورة الحالية من مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط، علاقة السينما بالزمن الرقمي الراهن، وقد بات يدفع المشتغلين بحقل السينما دفعًا نحو تجديد النظر في مجموعة من الإشكاليات، بدءًا بماهية السينما إخراجًا وإنتاجًا وترويجًا، وانتهاء بإشكالية "نهاية السينما" نفسها.

وهكذا يقترح البرنامج الثقافي للدورة ندوتين متقاطعتين، الأولى حول "السينما في العصر الرقمي"، بمشاركة السينمائية الإسبانية نيوس بالوس والناقدة الإيطالية أوكسيتان لاكوري والناقدين السينمائيين المغربيين محمد باكريم وسعيد المزواري، بينما يسير أشغال الندوة الجامعي المغربي عبد الكريم الشيكر. وهي ندوة تروم التفكير في السينما اليوم، في العصر الرقمي، مع استحضار التحديات التي سبقت هذا العصر الجديد، تلك المرتبطة باختفاء القاعات السينمائية، وكذا الشروط "الكلاسيكية" للعروض، وتأثير ذلك على التلقي النقدي.

أما الندوة الثانية فتنعقد في موضوع "التراث السينمائي في زمن الرقمنة" بمشاركة المخرجة الفرنسية ليا مورين والمخرجة المغربية نرجس النجار والمخرجة الفلسطينية خديجة حباشنة والمخرج والمنتج الفرنسي فرانك لواري والمخرج والمنتج التونسي محمد شلوف والباحث في التراث السينمائي العربي نجا الأشقر من لبنان. في حين يسير أشغال الندوة الباحث الجامعي المغربي أحمد مجيدو. ويتساءل المشاركون في هذه الندوة عن مصير التراث الفيلمي وقضايا حفظه وتوثيقه وترميمه وأرشفته. وبينما تنطلق الندوة من برامج العمل التي قدمتها الخزانات السينمائية في عدد من التجارب الدولية، تنتهي بنا إلى التفكير في صيغ معاصرة لخزانات سينمائية رقمية تفيد من ممكنات الزمن الرقمي الذي تسائله الندوة الأولى مساءلة نقدية خلاقة.

أما البرنامج التربوي للدورة فينعقد تحت مسمى "التربية على الصورة"، ويتعلق الأمر بمشروع مثل التحدي الذي حمله المهرجان على عاتقه منذ دوراته ورسائله السينمائية الأولى. ولا يزال المهرجان يواصل انفتاحه على المؤسسات التعليمية الابتدائية والثانوية والجامعية، وهو يرافق مشروع إصلاح التعليم، منتصرا لثقافة الصورة وللسينما سبيلًا نحو نشر المعارف وإشاعة القيم الإنسانية الكونية. وعلى امتداد أيام المهرجان، سيجري تنظيم سلسلة ورشات وتدريب ودروس حول السينما لفائدة تلامذة عدد من المؤسسات في مدينة تطوان، مع الانفتاح على تلامذة المؤسسات التعليمية في الوسط القروي.

ويقام على هامش هذه الدورة معرض استعادي يتضمن ألبومًا يحكي ذاكرة مهرجان تطوان، وهو يستوقفنا عند أقوى اللحظات التي شهدها المهرجان وأهم اللقاءات التي جمعت جمهور المدينة وضيوفها بأعلام وعلامات السينما المتوسطية، على مدى أربعة عقود.   

وسيتوج البرنامج الثقافي للدورة بتوقيع كتابين حول السينما، الأول للناقد السينمائي والمفكر المغربي محمد نور الدين أفاية بعنوان "معرفة الصورة"، يقدمه الباحث المغربي في الجماليات المعاصرة عبد العلي معزوز، والثاني للمخرج السينمائي المغربي سعد الشرايبي بعنوان "شذرات من ذاكرة سينمائية"، يقدمه الباحث المغربي في الخطاب السينمائي حمادي كيروم.