36000 عام من الفن الحديث: من شوفي إلى بيكاسو
أشكال ورسومات
ما قبل التاريخ
تتوزع أشكال ورسومات ما قبل التاريخ على ثلاثة أقسام أساسية يتم التعبير عنها غالبا على
الجدران الصخرية: الحيوانات، البشر، والتصاميم الهندسية التجريدية بطريقة ما، وتسمى عادة بالعلامات. في المجمل، لا يعكس هذا الفن الحياة وانحرافاتها المعهودة كالصيد مثلا... إنه فن رمزي أساسا، وخيالي يتوخى الجمع بين أشكال التمثيلات الثلاثة دون روابط واضحة: في عمقه التصويري الذي يتوزع بين التمثيل الحيواني والإنساني بشكل متفاوت في صياغاته التشكيلية، واندماجه في فضاء الطبيعة والخط الزمني بشكل عام، يعبر فن ما قبل التاريخ عن الحياة في انبعاثها الأولي كطاقة خلاقة. وعلى عكس الحيوانات التي يتم التعبير عنها في كثير من الأحيان بصورة طبيعية تتيح تحديد هويتها، فإن الأشكال البشرية لعصور "ما قبل التاريخ" العارية في أغلب الأحيان، ليست واقعية إلا بصورة استثنائية: يتم تشويه الرسومات أو تجسيدها من خلال مفاهيم أيديولوجية، دلالية، وأسلوبية تبعدها عن الواقع الخالص، مما يمنحها وضعا واقعيا في الحد الأدنى وخياليا في الحد الأقصى.
مارسيل أوت مقتنع تماما أنه "بمجرد تحرر الهومو سابيان من الضروريات البيولوجية الأساسية، دفع الفكر تطور الإنسان في الاتجاه الصحيح، لا سيما في علاقة الحوار القائمة بين اليد والدماغ"، "فمن خلال العمل أصبح الحيوان إنسانا. لقد شكلّ العمل أولا وقبل كل شيء أساس المعرفة والعقل. كان تصنيع الأدوات والأسلحة هو نقطة انطلاق الأسباب الأولى التي أنسنت الحيوان الذي كنا عليه. لقد عرف الإنسان الذي شكلّ المادة، كيف يُخضعها للغاية المنوطة بها. لكن هذه العملية لم تغير الحجر فقط. لقد غيرت الإنسان نفسه: من الواضح أن العمل هو الذي جعله إنسانا، بمعنى الحيوان العاقل الذي نحن عليه الآن".
جورج باطاي يرى في كتاب "لاسكو أو ولادة الفن" أن رغبة وحاجة الإنسان القديم للتحرر من عبودية العمل، وامتهان الآلة دفعت به إلى اختراع الفن: "يمثل الفن ثورة ضد عالم العمل المهين الذي يهيمن عليه المشروع والمنفعة. في "مملكة الشيء"، تنفتح الثغرات في عبورها نحو الحميمية المفقودة. على غرار الشعر أو الضحك أو البكاء، السكْر أو اللعب، أو الإثارة الجنسية، يخلق الفن حالة من المشاعر القوية".
بالنسبة لمالرو فإن "عالم الفن يولد مع التاريخ، ويكبر معه كأخ عدو"، ومسار الفن "الذي نتعرف عليه في المتاحف ليس مسار التاريخ"، فهو لا يمثل المجتمعات البدائية، بقدر ما يمثل "الصورة المثالية والتعويضية التي نظروا من خلالها إلى أنفسهم". و"نحن نعرف أن الفن والتاريخ يعبِّران عن مغامرة إنسانية، لكننا لسنا متأكدين من أنها المغامرة ذاتها؛ لأن عالم الفن يوحِّد الأعمال الفنية داخله - وداخلنا - تماما كما تتحد الذكريات في وعينا الأساسي على الرغم من انتمائها إلى الخط الزمني". وبالتالي "لا يتعلق الأمر باقتراح تاريخ للفن، ولكن الإشارة مرة أخرى إلى حضور... إذ يمكن لتحفة فنية أن ترتبط بالضرورة بأخرى، في زمن آخر، في حضارة أخرى. عملية التحول التي تخضع لها الأعمال الفنية تجردها من غيْريتها، وليس من حضورها".
هذا الحضور الفني لأعمال "ما قبل التاريخ" ظهر متأخراً بالنظر إلى المسار الطويل الذي قطعته البشرية، منذ نشأتها: أقل من 40 ألف عام يفصلنا عن أقدم الأعمال الفنية المعروفة، أكثر من مليوني ونصف مليون سنة على اختراع الأدوات الحجرية الأولى! هل كان هذا الزمن الطويل بدون تعبير فني هل كان خلوا من المشاعر والأحاسيس الجمالية؟ هل هو زمن هامد
خال من الصور والأصوات؟ بالتأكيد لا؛ يمكننا مقارنة هذه المساحة الزمنية البيضاء الطويلة بعملية "تحميض" طويلة الأمد للتظهير الملوّن للصور الكامنة في "الأفلام" الملتقطة والمغموسة في خزان العقل البشري الناشئ. وبمجرد انتهاء عملية التحميض (تكوين العقل)، وتوفر "ضوء الأمان" الذي يخوّل رؤية مناسبة للأفلام، استطاع الإنسان القديم إظهار الصور التي لم تكن بالأبيض والأسود، لكن بجميع ألوان الطيف. وكانت المغارة الغرفة المظلمة بجدرانها الحساسة التي وفرت الشروط المثالية لتكون الإنسانية أمام أول عملية نقل للصورة الملونة السالبة من الفلم قبل مئتي قرن.
إخراج هذا الكم الهائل من الصور في بداية القرن العشرين، إضافة إلى الفرضيات العلمية والمناظرات الدائرة، كان له تأثير حاسم على المخيلة الجماعية كما على مستوى الابداع الفردي على حدّ سواء. فكرة تصور "ما قبل التاريخ" حفرت عميقا في مخيالاتنا، معيدة تشكيل بنياتها من جديد على ضوء ما توصلت إليه الاكتشافات العلمية الحديثة؛ الانتقال من مجتمعات الصيادين وجامعي الثمار (العصر الحجري القديم) إلى المجتمعات الزراعية (العصر الحجري الحديث) كان مشجعا على التفكير في سيطرة الإنسان على البيئة، مما أدى إلى العصر الصناعي. لكن تسليط الضوء على الأرض قبل استيطان البشر، وبطء عملية "التطور المرحلي للإنسان"، قادا إلى تكسير نظرية مركزية الانسان في الكون، والتفكير جديا في إمكانية الانقراض المحتمل للنوع البشري. إعادة تشكيل "ما قبل التاريخ" أصبحت نموذجا ملموسا للتجارب العلمية والفنية من جميع الأنواع للملمة شتات الأسطورة؛ لكن هذه المرة، أسطورة الإنسان الحديث والمعاصر أيضا.
هذه الأعمال الفنية التي تؤرخ للفن في عصور "ما قبل التاريخ" شكلت صدمة للأوساط الفنية العالمية، تمثلت أولى تجلياتها في هذا التوافق الغريب مع الحساسية الفنية الحديثة. فبإمعان النظر إليها، يبدو كما لو أن الزمن غير موجود تماما. ثمة شعور يتملكنا إلى أي مدى كان الإنسان البدائي يتواصل "مع الأجيال البعيدة - يؤكد ألبير سكيرا - التي تمثلها بالنسبة له البشرية اليوم" و"بالتالي فإن تمجيده ليس تقليلا من شأن الإنسانية اليوم لكن فرصة لفهمها بشكل أصح".
معرض "ما قبل التاريخ"
يقدم مركز بومبيدو من خلال معرض فني أصيل "ما قبل التاريخ: لغز حديث" – 8 ماي إلى غاية سبتمبر 2019 - الروابط التي توحد الفن الحديث والمعاصر، بكشوفات "ما قبل
التاريخ". كيف استقبل الفنانون، والمجتمع ككل، في مرحلة الأزمة العصيبة التي تسمى "الحداثة" البدايات الأولى؟ كيف تم خلق رؤية خيالية لـ"ما كان قبل التاريخ"؟ يكشف المعرض كذلك أن بعض أهم فناني القرن العشرين والواحد والعشرين استحوذت على اهتمامهم قضية "ما قبل التاريخ": بيكاسو، ميرو، وأيضاً سيزان، كلي، جياكوميتي، إرنست، بويز، كلاين، دو بوفي، لويز بورجوا، مارغريت دوراس، وروبرت سميثسون. ومن بين معاصرينا نجد: جيوسيبي بينوني، ميكيل بارسيلو، بيير هيغي، دوف علوش، إلخ. في الوقت نفسه، يُظهر لنا المعرض، من خلال تقديم العديد من الوثائق، أن "ما قبل التاريخ" يعمل كآلة الزمن، مقترحا علينا رحلة مكوكية في الزمان والمكان. القوى الفاعلة تستمد حيويتها من تناقضاتها ذاتها: الحاجة إلى التفكيك بموازاة الحاجة إلى إعادة التأسيس؛ الخروج من التاريخ، والغوص في التاريخ؛ الرغبة في الثورة والرهبة من نهاية العالم.
مسار المعرض يقدم تسلسلاً زمنياً: افتتاحية ترجع إلى نقطة التحول في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين (رودان، سيزان)، ثم النواة المركزية (بيكاسو، ميرو، جياكوميتي، إرنست، إلخ) التي تغطي فترة الثلاثينات حتى نهاية الستينيات (لويز بورجوا، بويز، سميثسون، إلخ)، وينتهي بتشكيلة معاصرة من الفنانين. في الأخير، يتكشف بالتوازي خيط ثقافي رفيع يمكّن من استحضار عملية اختراع "ما قبل التاريخ" وطرق الترويج الشعبي لها (روايات "ما قبل التاريخ" مثل "حرب النيران"، "العصور الثلاثة"، "العالم المفقود"، "الحديقة الجوراسية").
عند نقطة تحول أنثربولوجي حاسم، سوف نتمكن دفعة واحدة من الجمع بين البحث عن البدايات الأولى والرعب من النهاية. لغز "ما قبل التاريخ" يكسر كل أشكال الحتمية، محوِّلاً كل رؤية إلى مساءلة: هل هي نهاية العالم أم يوتوبيا أم ثورة؟
مع ذلك فإن متخيلنا عن "ما قبل التاريخ" هو قبل كل شيء متخيل يختص بزمن البدايات؛ وبالتالي منقوص دائماً، ومجزأ دائماً: في هذا الأفق الشاسع، سوف تفضي عملية إعادة بناء وإعمار هذه الفجوة الهائلة لـ"ما قبل التاريخ"، إلى إعادة بناء وإعمار خراب الإنسان الحديث المنهك من الحروب ودمار العصر الذري. فنياً على الأقل؛ سوف يساهم تحديث تصور "ما قبل التاريخ" في تغيير وتثوير الفن الحديث: مهما كانت الحياة مرعبة، يكفي وجود نشاط إبداعي لتبريرها؛ ولا غرابة أن الآثار الفنية لا تزال صامدة منذ بدء الخليقة، تتحدى عبثية التاريخ، وتضفي المعنى على صيرورة الزمن. حساسية هؤلاء الفنانين الكبار ساهمت أيضا في إضفاء مزيد من المعنى – من سيزان إلى بينوني، من بيكاسو إلى لويز بورجوا والأخوين تشابمان، ومن شيريكو إلى سميثسون؛ ساهم الفن الحديث والمعاصر في إعادة بناء الصرح الانساني الموحّد على مرّ الأزمنة – في الأساس، لم يكن الفن الحديث معنيا بإعادة تشكيل قصة "ما قبل التاريخ"، أو تقليد للأشكال الغامضة، إنما إيصال صوت الفكرة، اختبار قوتها، وفتحها
على المستقبل.
في مطلع القرن الثامن عشر والتاسع عشر، وبفضل علم طبقات الأرض، تمكنا من التمييز بين حقب الطبيعة، بتعبير بوفون. في عام 1836 يقرأ وليام باكلاند في مقاطع الأرض "الدراما العظيمة للحياة الكونية". أصبح الزمن يقرأ في الأرض. لكن هذا الزمن غامض تماما كطبقاته الجيولوجية.
هذه "السماكة أو العمق الزمني" هو ما استأثر ببول سيزان منذ ستينيات القرن التاسع عشر، بفضل صداقته مع عالم الآثار أنطوان فورتوني ماريون الذي أطلعه في المناظر الطبيعية على تحولات "ما قبل التاريخ" التي ستغير جذريا تصوره للمنظور والتناغم بين اللون والمجسم. الأرض التي تزدهر بالكائنات المتحللة في أعماقها قادت الفنان إلى هندسة مشاهده الفنية كمقاطع بصرية صلبة، على غرار طبقات الأرض. بنفس الحدة سيعيش الفنان المعاصر سانذرلاند، "وزن سماكة الزمن". المقاطع الجيولوجية المُصممة في أعماله الفنية تسلط الضوء على الاستمرارية الصارمة بين الثروة المعدنية للتربة البريطانية والنشاط البشري.
المغارة
هكذا سننتقل من المغارة كفضاء "ما قبل التاريخ" بامتياز إلى حفر مغارة "ما قبل التاريخ" الحديثة في ركام التاريخ الحديث والمعاصر، استنادا إلى الأخيلة التي أثارها العالم السفلي، وتغنت بها أسطورة "رجل الكهف"، ثم توطدت بالاعتراف بوجود الكهوف المصورة للعصر الحجري القديم في بداية القرن العشرين. بخلاف كهف الظلال الخادعة الأفلاطوني، فإن مغارة "ما قبل التاريخ" مكان تلقي الالهام. الرسومات والنقوش الصخرية في الهواء الطلق وثيقة الصلة بهذا المكان: كما أظهرت كشوفات ليو فروبينيوس في أفريقيا بين عامي 1912 و1936. في المتخيل الحديث، ستصبح المغارة في الوقت نفسه فضاء للإبداع (لدى بيكاسو، جياكوميتي، ودالي)، ونموذجا للكبسولة المؤقتة للفرار من الزمن، كملاذ أخير للاحتماء من رعب العصر الذري لدى فونتانا وبينوت غاليزيو، كفضاء مفتوح ومثير للقلق في آن معا، أمومي وفوضوي معا، كان دائما محط الهام للمنشآت والمعماريات، من المنزل المتاهي لفريدريك كيسلر إلى "الفضاء العرضي" لكريستيان كيريز.
بالنسبة لغاسبار دافيد فريدريك وجياكوميتي، جسدت هذه الحقبة الزمنية الطويلة لغزا محيرا جدا. كما أن العصر النويليتي كان أول ناقل لفكرة التجريدية عند ديلوناي، آرب، أو الحداثيين الانكليز مثل باربارا هيوبورث، وبول ناش. أما بالنسبة لروبرث سميثسون وكارل أندريه وروبرت موريس، في السبعينيات، فقد رأوا في هذه الحقبة أسس ثقافة تقنية صناعية يبدو انهيارها وشيكا. بعبارة أخرى، توضح هذه الشهادات المتفرقة دائما، أنه يوجد أكثر من حقبة "ما قبل التاريخ" في التصور الحديث.
لقد وجد الفن الحديث في "ما قبل التاريخ" ضالته التي كانت له مخبوءة. كما سيساهم إرساء تقليد العرض الموازي الذي يعمل على مقابلة ومواجهة الأعمال الفنية الحديثة والقديمة في المتاحف الميدانية أو الافتراضية والمعارض مع أعمال "ما قبل التاريخ" في إبراز الوحدة العضوية التي ينطوي عليها التناغم المدهش بين هذه الحقب الزمنية المتباعدة جدا. العلامات التجريدية تتحاور فيما بينها متخطية حواجز الزمن، وتتيح لنا التعرف على عالم جديد يمتلك وسيلة تعبير فنية وشعرية موحدة على مر الأزمنة. ثمة ما يدعو للأمل: إذا كان في استطاعة البشر قبل 36000 سنة توقيع أعمال فنية لا تزال تحتفظ بالقدرة على التواصل معنا والتأثير فينا، فلا خوف على الجنس البشري الذي يشترك منذ بدء الخليقة في عشق الصورة من مغارة "ما قبل التاريخ" المصورة حتى مغارة "الأزمنة الحديثة" السينمائية.
فينوسات
في التمثيلات المنحوتة التي أُطلق عليها اسم "فينوسات" التي شكلت مصدر إلهام للعديد من
الفنانين كبيكاسو في تصاميمهم الفنية، نحن أمام تمثيل بارع ومركز للأنوثة في شكل مجسم جنسي دقيق من خلال تحريف متعمد للنسخة الأصلية، المراد منه استبطان القوى والطاقات الكامنة في النموذج الأولي وتفجيرها. فرغم صغر حجم هذه التماثيل النسائية إلا أن نحّات "ما قبل التاريخ"، كان حريصا على إبراز ضخامة الردفين والثديين كإشارة جنسية تختص بالخصوبة، خاصة إذا عرفنا أن معدل العمر آنذاك لم يكن يتجاوز 20 سنة؛ وبالتالي فإن الأمومة أو التكاثر كانت مسألة مصيرية.
من المحتمل أن هاته الفينوسات هي موقعات الجداريات العظيمة، أثناء خروج الذكور إلى الصيد، وليست فقط أعمال هواة يستمتعون بزخرفة جدران المغائر عند عودتهم بالنظر إلى الجودة العالية للرسومات. مهما يكن فإن هذا الغموض المحيط بفن "ما قبل التاريخ" الذي يحيل إلى غموض وسحر الفن عموما هو ما يجذبنا إليه دائما وأبدا كهالة من الضوء... هو ما يجعلنا أيضا نحلم ونتفاعل عند رؤية تبصيمات اليد التي تملأ الجدران بأصابعها المفتوحة الملوِّحة لنا بالإيماءة الودية ذاتها: "أنا هنا!". هذه الأيادي الملوِّحة ليست تعبيرا عن وداع كائنٍ أفوليٍّ، مشروطٍ ببداية الوعي الشقي بالزمن، بقدر ما هو تطلع الكائن الإشراقي إلى اللقاء الموعود لا محالة؛ فيما ستبقى روحه تراوح في حلمه الدهري مرفرفة على مدخل المغارة، ريثما يصحو - الإنسان الحديث - من كابوس التاريخ، ويتعرف على "روح الأشكال"، بعد 36000 ألف عام حسب تقويمنا الزمني. لكن في تقويم سليلنا الذي يعرف بسليقته أن الزمن ليس مجرد أرقام وأصفار لا تعدو مسألة ساعات زمنية محسوبة على رؤوس الأصابع، ربما يستغرقها فقط في تلوين ماموث أو وحيد القرن.
مشهد إعادة استنساخ هذه التلويحة في لوحات الفنانين وجداريات الغرافيتي، يؤكد أن الفن الحديث والمعاصر في أحد وجوهه الأكثر تحررا وأصالة في آن معا، ليس سوى مصافحة لهذه اليد الملوِّحة من وراء الزمن لفنان "ما قبل التاريخ"، وتحية عرفان وامتنان لحكيم الأزمنة كلها.
بالرغم من بربرية التاريخ وجبروت الزمن، لا تزال الإنسانية حريصة في مراسيمها على تناقل المشعل الفني بمهابة، بالتناوب بين الأجيال، منذ "ما قبل التاريخ" حتى اللحظة الأولمبية الراهنة. أليس هذا كافيا؟!