آدم حنين.. متصوف النحت
منحوتات حنين
بالنظر إلى منحوتات حنين نجدها مشبعة بالرقة بالرغم من صلابتها، وكان حنين مراقبا ومتأملا، ولديه ميل كبير للتجريد، مع ارتباط بالبيئة والحياة من حوله. أثناء بحثه عن طريقه الخاص، انغمس حنين في الفن الفرعوني وطرق تنفيذه، كما استعاد المواضيع التي اشتهرت في الفن المصري القديم مثل القطط والكلاب والطيور والأسماك، في منحوتات تجريدية بأحجام متباينة، بالإضافة إلى تجريبه للأكاسيد الطبيعية التي برع في استعمالها الفنان المصري القديم، مثل أكاسيد الحديد والمغنيسيوم والكروم. واختار تنفيذ منحوتاته بالجرانيت أو البرونز، وإلى جانب الفن المصري القديم، تأثر بالتراث الفني المصري على مر العصور، مثل الفن القبطي والفن الإسلامي، وكأنه كان يعيد استكشاف الفن المصري بشكل حداثي وأكثر شخصية. وظهر في لوحاته أبطال الملاحم والسير الشعبية، والشخصيات المصرية البسيطة.
بعد لغة التشخيص اندمج حنين مع الموتيفات المصرية، والرموز بدلالاتها المختلفة، وظهر ذلك في مجموعة دراسات نباتية نفذها بالحبر بدقة، وبعدها مجموعات حيوانية من خامات مختلفة مثل الجص، والرخام، والغرانيت، لتبدو منحوتاته ورسومه أحيانا كتمائم سحرية، وأحيانا يغلب عليها الطابع المصري القديم، خاصة في بداية حياته حين صور حيوانات البيئة المحيطة به بأجسام مربعة أو أسطوانية وبأقل قدر من التفاصيل. طور حنين بعد ذلك نهجا أكثر تجريدية ورمزية، حيث عاد إلى الرسم على ورق البردي في إطارات قائمة، ونتيجة لذلك أصبحت أعماله ثنائية الأبعاد، وأكثر خطية وتجريد.
متحف آدم حنين
أراد حنين أن يحذو حذو الفنان ويصا واصف، الذي بنى مركزا للفنون اليدوية المصنوعة من الصوف بقرية الحرانية الهادئة. بدأ الأمر ببيت صغير يسكنه، ثم مؤسسة فنية، ثم متحف كبير لأعماله بكل المراحل الفنية التي مر بها، لذلك يبدو المتحف كمكان تاريخي فني يوثق تجربة حنين الفنية، من خلال آلاف القطع النحتية المتباينة.
افتتح المتحف في 18 يناير/كانون الثاني 2014، بتمويل ذاتي من الفنان نفسه، حيث قرر الحفاظ على أعماله وجمعها في متحفه الشخصي بدلا من بيعها، أو وضعها في أماكن مغلقة، بل أراد أن يجعل فنه متاحًا للجمهور بعيدا عن قاعات العرض المغلقة. مساحة المتحف حوالي 700 متر مربع، وهو يتكون من حديقة تعرض فيها أعمال حنين، وثلاثة طوابق. ومن أشهر الأعمال الموجودة بالمتحف تمثال "حارس الأفق"، وهو تمثال ضخم يضع كفه على جبهته، وينظر إلى الأفق كأنه ينتظر شيئًا ما، بالإضافة إلى مركب ضخم من الغرانيت، مكتوب على قاعدته اسم زوجته الراحلة والتي حملها المركب إلى الجانب الآخر من الحياة، ويظهر في بنائه وفكرته تأثر حنين الواضح بمركب الشمس عند قدماء المصريين، بالإضافة إلى قطع نحتية صغيرة توثق تجارب مختلفة في مشوار حنين النحتي. وأضيفت قاعة جديدة إلى المتحف في عام 2019 تضم لوحات آدم حنين ليصبح المتحف حاضنة لتجربته الفنية بالكامل.