زواج المتعة الفائقة: الشعر والتشكيل
كمال عبد اللطيف
13 فبراير 2019زواج المتعة الفائقة: الشعر والتشكيل
كمال عبد اللطيف
13 فبراير 2019على هذه الأرض سيدة الأرض أم البدايات وأم النهايات
كانت تسمى فلسطين، سارت تسمى فلسطين
سيدتي، أستحق لأنك سيدتي
أستحق الحياة.
ساهمت العتبات الثلاث في بلورة أبرز مسارات الشاعر، وجعلتنا نتعرف عليه كذلك في أعين الآخرين. ثم توقفنا أمام نماذج من شعره في عتبة المنتخبات. وننتقل في العتبات اللاحقة، إلى روح المصنف الجميل أي إلى زواج المتعة الفائقة، حيث تساهم العتبات المتبقية في عمليات التفاعل، التي حرص من خلالها بيت الشعر في المغرب، بشراكة وتعاون مع مؤسسة الرِّعاية لصندوق الإيداع والتدبير على تنظيم معرض فني اشتغل فيه كل من: عزيز أزغاي، فؤاد شردودي، عبد الله الهيطوط، على استعادة الأثر الشعري لمحمود درويش بالتشكيل، وقدموا الأعمال التالية:
- أعمال على الوَرَق: 12 عملًا من حجم 28/22 بمعدل 4 أعمال لكل فنَّان؛
- أعمال على الثوب: 6 أعمال من حجم 70/70 بمعدل عمليْن لكلِّ فنّان؛
- أعمال على الثوب: 6 أعمال من حجم 120/120 بمعدّل عملين لكل فنَّان؛
- عمل كبير جماعي من حجم 5 أمتار/ مترين. وقد وضع كغلاف للكتاب.
وتَمَّ في هذا المعرض نوع من الاحْتِفاء التشكيلي بالشاعر، وتضمنت هذه العتبة المعنونة على عتبة المعرض، تقديمًا للمعرض بعنوان: الوَرْدُ يُبْعَث من الرماد، للباحث موليم العروسي، تلاه الحوار التشكيلي الذي بلورته الأعمال التشكيلية للفنانين الذين أشرنا إليهم. وقد أجاب هؤلاء على أسئلة من إعداد بيت الشعر، بهدف إيجاد إطار يوضح أهمية وحدود انخراطهم في محاورة شعر محمود درويش وكتاباته، ومختلف القضايا التي اعتنى بها طيلة حضوره في الثقافة والإبداع العربيين.
أما العتبة الخامسة، في الكتاب، فقد ضمت تحت عنوان: وَرْدٌ أكثر، مجموع الأعمال التي أنجز الفنانون التشكيليون على هامش وبمناسبة قراءاتهم لقصائد محمود درويش، حيث شَكَّلَت الألوان والأشكال والإشارات والكلمات والبياضات، ومختلف حركات اللوحات التشكيلية التي أنجزوا، جوانب مُعَبِّرة عن أنماط تفاعلهم مع كلماته، وصوَّره ومواقفه.
أقام الفنانون الثلاثة في مؤسسة النجار بمدينة سلا صيف 2018، في ذات الشهر الذي رحل فيه الشاعر دون أن يرحل. وبدأوا في عمليات رسم الآثار التي خلفها احتكاكهم بمتنه الشعري على أرض وجدران المؤسسة المذكورة، وارتأوا أن يطلقوا على أعمالهم اسم: وَرْدٌ أكثر، من أجل تحويلها إلى باقة ملوَّنة، تعبيرًا منهم عن التقدير الكبير الذي يحملونه للشاعر، الذي ظل يتغنَّى طيلة حياته بالفرح والحياة والحرية.
تحولت أعمال الشاعر في المعرض التشكيلي إلى سماوات لا حدود ولا أبواب لها، حيث منحت اللوحات التشكيلية قصائده المزدانة بالصوَّر والكلمات، ألوانًا أخرى، الأصفر والأحمر والبُنِّي والأبيض والرمادي والأزرق والأخضر، وداخل كل واحد من هذه الألوان يفاجئ زائر المعرض أو المُطَّلِع على عينة منه في العتبة الخامسة من هذا الكتاب، على ألوان لا حدود لمستوياتها في الضوء وفي الإبراز والإخفاء، ألوان من خيوط ونقط وأحرف وكلمات. ألوان تستنجد ببعض أبياته الشعرية كما تستنجد باسمه وبعناوين بعض قصائده، تكتب بعض أحرفها، تبدأ كتابتها ولا تُتَمِّمُهَا.. فيتضاعف حجم الجمال في القصائد وفي اللوحات.. فلا يعود زواج الشعر بالتشكيلي مجرد متعة عابرة، بل يتحول إلى فضاء للتغني بكلمات وألوان وأصوات لا حدود لها..
جاءت العتبة السادسة والأخيرة في هذا الكتاب: محمود درويش في المغرب، وفيه استحضر المُعِدُّون لهذا العمل الجميل، جملة من الفقرات المستلة من أحاديث وحوارات عديدة، بعضها لمحمود درويش، يتحدث فيها عن علاقته بالقارئ المغربي، وبعضها يتحدث فيه بعض أصدقائه عن العلاقة الخاصة التي كانت تجمع الشاعر بالمغرب، حيث نقرأ لصبحي حديدي ما يكشف جوانب من علاقة محمود درويش بالمغرب، ونقرأ لحسن خضر عن قراءة جِدَارِيَّة درويش في مسرح محمد الخامس بالرباط، كما نقرأ حوارًا عن اليومي والهامشي في المنجز الشعري لمحمود درويش، وهو حوار سبق أن أجراه معه الأمين العام لمؤسسة بيت الشعر في المغرب، الشاعر حسن نجمي سنة 2007، محاولًا اكتشاف جوانب عديدة من شاعرية محمود درويش في أبعادها المعرفية والجمالية.