جائزة نوبل "البديلة" رداً على فضيحة الأكاديمية السويدية

سناء عبد العزيز 15 أكتوبر 2018
هنا/الآن
حائزة نوبل البديلة ماريز كوندي

كتب الروائي السوداني أمير تاج السر على صفحته الشخصية، في فيسبوك، تعقيبا على قرار تأجيل الجائزة هذا العام: "بالرغم من أن جائزة نوبل للأدب لا تكون في كثير من الأحيان بحجم توقعاتنا، إلا أن غيابها هذا العام أمر مؤسف". ولكن الأكاديمية السويدية لم تجد بُدًا من إرجائها بعد أن أصبح عدد الأعضاء الحاليين غير كافٍ للتصويت على انضمام عضو جديد أو حتى التصويت على الفائز بالجائزة، على أن يتم الإعلان عن فائزين في العام 2019 بدلا من فائز واحد.

جائزة لعامٍ واحد

وحتى لا يدفع الأدب ثمن ما فعله الرجال، حسبما ذكرت ألكسندرا باسكالو، الصحافية السويدية-اليونانية مؤلفة كتاب عن حركة "#MeToo" لـ"سي إن إن": "فكَّرتُ، دعونا نبدأ شيئًا مختلفًا تمامًا، شيئًا جديدًا.. لقد تمكن أعضاء الأكاديمية من تحويل واحدة من أقوى وأذكى الوسوم في السويد إلى شيء قذر.. نحن نستحق شيئا أفضل من الأكاديمية السويدية"؛ وكانت النتيجة جائزة الأكاديمية الجديدة، وهي جائزة تمنح لمرة واحدة لسد الفجوة التي نتجت عن إلغاء جائزة نوبل للأدب. على أن تحل الأكاديمية نفسها بعد حفل توزيع الجوائز المقررة إقامته في التاسع من ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وذكرت "الغارديان" البريطانية أن الأكاديمية الجديدة أُنشئت بدعم أكثر من 100 شخصية ثقافية سويدية، رداً على الفضيحة التي اجتاحت الأكاديمية السويدية المرموقة في وقت سابق من هذا العام، عندما اتضح أن زوج أحد أعضاء الأكاديمية قد اتُهم بالاعتداء الجنسي، فضلا عن تجاوزات مالية طاولت سمعة الأكاديمية. ونجم عن هذا التراشق وتبادل الاتهامات بين أعضاء اللجنة المانحة لنوبل، موجة من الاستقالات من الأكاديمية السويدية، مع إلغاء الجائزة في هذا العام "بالنظر إلى... انخفاض ثقة الجمهور". وأدين الرجل مصدر الفضيحة "جان كلود أرنو" بتهمة الاغتصاب وحكم عليه بالسجن لمدة عامين في محكمة في استوكهولم الأسبوع الماضي.

 

ماريز كوندي تفوز بجائزة نوبل البديلة

لقد كان الحفاظ على اللحظة التاريخية التي ينتظرها العالم كل عام، حين الإعلان عن الفائز بالجائزة المرموقة هو ما دفع بباسكالو إلى البحث عن بديل، ولم تكن وحدها في شعورها "بالحرج والإحباط" بشأن الفضيحة. ثم "لماذا يدفع الأدب والمؤلفون الثمن، وعلام يعاقبون!".

شرعت باسكالو في الاتصال بالأصدقاء والزملاء والأشخاص الذين قابلتهم والذين كان لديهم من الجنون ما يكفي لخوض المغامرة، "والتفكير في أننا نستطيع تغيير ما لا نقبله". تقول: "إن مئات المكتبات قد رشحت مؤلفين للفوز بالجائزة الجديدة ونحو 33 ألف عضو من الجمهور صوتوا لصالح الجائزة. كان ذلك مذهلاً، وهذا يدل على قوة الجهد الجماعي، ويبين أن هناك الكثير من الحريصين على الثقافة والأدب".

وتتكون الأكاديمية الجديدة من مجموعة من الكتاب والممثلين والموسيقيين وأمناء المكتبات والمعلمين بتمويل من حملة "كيك ستارتر" على نحو كبير. وفي يوم الجمعة 12 من أكتوبر، تم الإعلان عن الفائز في مكتبة استوكهولم - على النقيض من فخامة الباروك في الأكاديمية السويدية - بعد عملية تحكيم تمت على ثلاث خطوات؛ ترشيحات من أمناء المكتبات، ثم تصويت أكثر من 32000 قارئ من جميع أنحاء العالم، وأخيرا أربعة محكمين من ذوي الخبرة. على خلاف المداولات السرية التي كانت تجريها لجنة تحكيم جائزة نوبل، فقد نظرت الأكاديمية الجديدة لترشيحات أمناء مكتبات سويديين، تم تصفيتهم إلى أربعة نهائيين من خلال تصويت عام، ليعلن المحكمون في النهاية الكاتبة الغوادلوبية ماريز كوندي فائزة بجائزة "الأكاديمية الجديدة في الأدب".

انسحاب موركامي من السباق

ذكرت البي بي سي أن كوندي تم ترشيحها إلى جانب هاروكي موراكامي من اليابان، ونيل جيمان من المملكة المتحدة، والكندي الفيتنامي كيم ثوي المولود في فيتنام. وكان الكتاب الأربعة قد تم اختيارهم من قائمة مؤلفة من 47 مؤلفا، ثم خفضوا إلى ثلاثة بعد انسحاب الروائي الياباني هاروكي موراكامي الشهر الماضي، مشيرا إلى الرغبة في "التركيز على كتاباته، بعيدا عن اهتمام وسائل الإعلام". وغالبا ما يشار إلى موراكامي باعتباره المرشح الأوفر حظا للفوز بجائزة نوبل.

أما كوندي الفائزة في هذا العام الاستثنائي، فقد ولدت في منطقة غوادلوب الفرنسية في البحر الكاريبي 11 فبراير 1937، وهي روائية ومؤلفة غزيرة الإنتاج، كتبت أكثر من عشرين رواية من بينها، "حريماخونون" و"موسم في ريهاتا". ولها رواية بعنوان "سيغو (1984-1985)" مكونة من جزأين، ترجمت إلى اثنتي عشرة لغة، وهي روايتها الثالثة التي منحتها شهرة واسعة. كما كان كتابها "أطعمة وعجائب" ضمن اللائحة القصيرة لجائزة بوكر 2015. وعُرفت كوندي برواياتها الخيالية التاريخية، كما كتبت العديد من المسرحيات والدراسات عن الأدب الكاريبي. بالإضافة إلى عملها كباحثة في الأدب الفرنكوفوني وأستاذة فخرية في جامعة كولومبيا

الاعتراف بصوت غوادلوب

وصفت رئيسة التحكيم آن بولسون كوندي بأنها، "روائية عظيمة" فكتابتها "تنتمي إلى الأدب العالمي". وأوضحت: "إنها تصف الدمار الذي خلفه الاستعمار وفوضى ما بعد الاستعمار بلغة دقيقة وجارفة في آن واحد... الموتى في قصصها يعيشون بالقرب من الأحياء... إنه عالم يدور فيه الجنس والعرق والطبقية باستمرار في أفلاك جديدة".

وفي التاسع من ديسمبر المقبل تفوز كوندي بحوالي 87000 جنيه إسترليني من التمويل الجماعي والتبرعات، وتحصل على الجائزة في احتفال قبل يوم واحد من مأدبة نوبل في تحدٍ من مثقفي السويد لقرار الأكاديمية.

وفي حديثها على شريط فيديو تم عرضه في احتفال في استوكهولم، ذكرت كوندي: "أنا سعيدة للغاية وفخورة بفوزي بالجائزة.. لكن اسمحوا لي أن أتشاركها مع عائلتي وأصدقائي وفوق كل شيء شعب غوادلوب، الذي سيشعر بالسعادة والتأثر لرؤيتي أحصل على هذه الجائزة.. نحن بلد صغير، لا يتأتى الحديث عنه إلا حين يكون هناك أعاصير أو زلازل أو أشياء من هذا القبيل. ونحن الآن سعداء للغاية إذ يتم تعريفنا بشيء آخر". وذكرت أيضا لمجلة جون آفريك "إن الفرنسيين لم يرغبوا يوما في سماع صوت غوادلوب، ويسعدني أن هذا الصوت  تم الاعتراف به في النهاية".