رأس توت عنخ آمون.. وسلسلة التفريط بالآثار المصرية
معابد فرعونية خارج مصر
ليس رأس توت عنخ آمون هو القطعة الوحيدة التي أثير الجدل حولها، وهناك مئات وربما الآلاف من القطع الفرعونية المعروضة حول العالم، تتراوح بين مسلات فرعونية، وتماثيل كاملة، أو تماثيل نصفية لملوك، أو أجزاء من جداريات، أو حتى معابد نوبية كاملة.
بعد إنقاذ معبد أبو سمبل من الغرق في واحدة من أكبر مبادرات إنقاذ التراث صعوبة، تخلى الرئيس عبد الناصر عن أربعة معابد نوبية للبلدان التي ساهمت في عملية الإنقاذ، ويبقى حتى الآن السؤال الجدلي الأكبر: هل من حق عبد الناصر أو غيره من الحكام أن يهب التراث المصري القديم أم لا؟
معبد دندور بنيويورك
بالرغم من صغر حجم المعبد مقارنة بالمعابد المماثلة له في مصر، فإن معبد دندور تتوفر فيه كل العناصر الأساسية في المعبد: البوابة وبهو الدخول، وغرفة القرابين والهيكل الذي تعلو أعمدته تيجان نباتية.
تم بناء المعبد في حوالي القرن 15 قبل الميلاد، بتكليف من الإمبراطور الروماني أوغسطس
قيصر، كأداة دعائية من الإمبراطور ليظهر للمصريين أن الحكم الروماني سيكون إيجابيا ولن يمس الثوابت الدينية المصرية، ولن يدمر الثقافة المحلية، لذلك كرس المعبد للإلهة المصرية إيزيس التي تعد من أكثر المعبودات شعبية في مصر القديمة.
لقرون طويلة وقف المعبد على ضفاف النيل، حتى مع التغيرات المختلفة التي طرأت على التاريخ المصري. في الستينيات بدأت الحكومة المصرية في البحث عن طرق للسيطرة على فيضان النيل، فتم بناء السد العالي، وبحيرة ناصر لتتجمع بها مياه الفيضان، لكن البحيرة كانت ستغرق العديد من المواقع الأثرية القديمة، فبدأت اليونسكو "الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة"، وفي النهاية تم نقل 22 معبدا وحفظها. وبسبب الدعم المالي والأكاديمي الكبير للولايات المتحدة، قرر ناصر إهداءها معبد دندور الذي يستقر حالياً في متحف المتروبوليتان في قلب منهاتن.
معبد طافا بهولندا
يتميز المتحف الملكي للآثار في ليدن بمظهر أوروبي معاصر وهادئ، ولذا فأن يوجد معبد مصري قديم بداخل المتحف فكرة غريبة وغير متوقعة. بني المعبد الأصلي من كتل الحجر الرملي عام 25 قبل الميلاد، بعد الفتح الروماني للنوبة، وهو مكون من بهو يؤدي إلى قاعة بأربعة أعمدة من الغرانيت، ثم غرفة للآلهة، وهو مكون بالكامل من 650 قطعة بوزن 250 طناً. بسبب حساسية الحجر الرملي تم إعادة بناء المعبد بداخل المتحف بغرفة مقاومة لعوامل
الطقس المختلفة، وليس بمكان مفتوح كما كان في مصر، بسبب اختلاف طبيعة الجو في هولندا، والذي قد يؤثر سلبا على بناء المعبد.
تظهر على جدران المعبد بعض الصلبان والنقوش الرومانية ما يشير إلى استخدام المعبد كمكان عبادة مسيحي بعد بنائه. ووفقا لبعض المهتمين بالآثار المصرية في ليدن بهولندا، يمكن حتى الآن استئجار القاعة الموجود فيها المعبد لإقامة شعائر دينية خاصة.
معبد ديبود بمدريد
تم بناء المعبد في الأصل في القرن الثاني قبل الميلاد، على بعد 15 كم جنوب أسوان، بالقرب من أماكن عبادة الإلهة إيزيس في فيلة. بدأ المعبد كغرفة صغيرة للتعبد للإله آمون، وخلال حكم البطالمة تم توسعة الغرفة من جهاتها الأربع لتتحول إلى معبد صغير، بمساحة 12 مترا في 10 أمتار، وقد أكمل كل من الإمبراطور أوغسطس قيصر وتيبريوس تزيين المعبد.
يبدأ المعبد برصيف، أمامه طريق مواكب طويل، يمر من خلال ثلاث بوابات حجرية تقود إلى فناء مفتوح، وينتهي المعبد بقدس الأقداس المبني من الغرانيت الوردي، وفي النهاية يوجد الهيكل الذي أقيم للإله آمون. يستقر المعبد حاليا بحديقة "ديل أويستي" بالقرب من القصر الملكي بمدريد، وتم فتحه للزيارة عام 1972، ويعتبر من أهم المعالم السياحية بمدريد.
معبد إليسيا
بني معبد إليسيا من قبل الملك تحتمس الثالث حوالي عام 1450 قبل الميلاد، وهو مخصص للإله حورس وزوجته. وتمثل النقوش على جدرانه الملك يقدم عرضاً ويؤدي الطقوس الدينية أمام الإله. وبالرغم من تآكل بعض النقوش بسبب المياه، فإن النقوش المحفوظة تعطي فكرة كبيرة عن الفن المصري القديم من الأسرة الثامنة عشرة.
يذكر تقرير اليونسكو أن المعبد تم إنقاذه بما يشبه معجزة، بسبب ارتفاع درجة الحرارة في ذلك الوقت بالنوبة إلى ما يقرب 50 درجة في الظل، مع الأرضيات الطينية الزلقة، ما جعل التجربة بمثابة تعذيب حقيقي لكل من عايشها. تم تحميل قطع المعبد وأعمدته التي يتراوح وزنها بين طن أو أكثر على بارجة معدنية ضخمة، خلال 20 يوما من العمل المتواصل. في نهاية الأمر تم تحميل 66 قطعة بالكامل على البارجة ثم جرى شحنها إلى إيطاليا، وهو موجود حاليا بمتحف إيغيزيو بتورينو.