كل على حدة

مزن الأتاسي 11 أبريل 2018
يوميات
لوحة للفنان ستار نعمة
عزيزي الذي أصبح بعيداً جداً في الزمان...

المكان: الراسخ الراسي المقيم الثابت في الجغرافيا التي لا تنتقل .. ولا أسماءها.
حامل الزمان والتاريخ .. وصراع الثنائيات وحروب البشر.. الصحراء والصبار.. وسهول القمح والنهر العاصي لتقاليد الأنهر.. سماء الستيتيات
أصص "الزريعة" التقليدية في شرفات البيوت جرار الزيت وعلبة الخيطان ...
غيّب سكانه وغرّبهم، وهو يستعد ليبدل اسمه، ويستقبل مستوطنين جددا، فهل سيبقى هو نفسه بعد أن اختفت كائناته وارتحلت سماؤه وغاضت مياهه؟
وحين تختفي آخر صورة له في مخيلتنا والذاكرة... ما الذي سيجمعنا - أنت وأنا من جديد؟
لنفترض أننا تواعدنا في الحديقة التي التقينا بها أول مرة، وضبطنا ساعاتنا، ثم توجهنا إليها (كل على حدة).

قلنا للتاكسي (كل على حدة): "حديقة السبكي معلم".
التفت السائق وقال (بالفارسية ربما أو الإنكليزية الأميركية أو العبرية أو التركية أو الروسية): ماذا؟ أين؟

ندله على الطريق (كل على حدة وبعد أن نترجم ما قال من قاموس مختلط اللغات وزعوه علينا حين عدنا في رحلة استكشاف لموطننا الأصلي) فيجيب أنه لم يعد لهذه الحديقة وجود في الخريطة الجديدة التي تمرّن على قراءتها!

نترجل من التاكسي (كل على حدة)، نعرف أننا أضعنا موعدنا للمرة الأخيرة بعد طول تأجيل، وأضعنا بعضنا حيث الطرقات كلها لم تعد تفضي إلى أماكننا، وأننا كنا أبرياء وساذجين حين افترضنا:

أن المكان لا يستبدل مكانه حين يرضى بتغيير سكانه
وأنه قد يصبح أكثر سيولة من زمانه
وأن من يفقد مكانه.. سيكون خارجا عن الزمان
وأن كل المواعيد المشتهاة علقت على هذا الفضاء الكوني الدامي

مواطنة سورية بلا وطن – مثلك - وعادية