يوميّات رجل لا يغادرُ غرفته
***
في الطابق الرابع تسكنُ عاملات أجنبيات
ألقي عليهن التّحية وتردّن بالمثل
في الطابق الثّاني يشتغلُ طبيبٌ وزوجته وبائع ماكينات خياطة وابنته
نستعمل السلّم نفسه
نتنفسُ الهواء المقيت نفسه
للبناء موقفُ سيارات تسكنُه شجرةٌ وعائلة من الجرذان طردت الهررة من المكان.
في الليلِ لا يمرّ القطار
إن نظرتَ للسّماء لن تراها
فقط الخياط الّذي يعملُ ليلا أرى الدبابيس تلمعُ في فمه
ثم يغلقُ الستارة.
***
ثمّ وضعَ يدهُ على كتفي، توهجتِ السّماء لبرهة، وراحَ يطالبني بالكلام على انفراد. نعم أنا سجينُ الحالة وأخضعُ لمداعبات المادة الآن... نعم تسارعت الأحداثُ مذ قمتُ باعترافي الأول وكان يوم الخميس الفائت. نعم أحداثٌ باذخة لا بدّ أنّها ستؤثر على مجرى حياتي كاملة.
كم أنت جميلة. لو كنتُ رساماً لنقلتُ ملامحك بقداسة في لوحةٍ أهبُها هذا العنوان (رقم واحد) لكنني لستُ سوى شاعر (يقتبسُ من كل ما حوله.
حسنا لا أريد أن أبالغَ في التعقّلِ ولكن كان شعرك مشدوداً إلى الخلف. بيد أن خصلة صغيرة كانت نافرة عن الطاعة... تبحث عن ضحية تقدمها للكتائب المقدسة. كانت نافرة... وعبثاً كانت الريح تهاجم الأعشاش النابتة.
الغربان العزيزة تهوي من أعلى السّنديانة إلى قلبِ الغابة
ثم وضع يدهُ على كتفي
ثم وضع يدهُ على فمي
ثم وضع يده على عنقي
معاناةٌ ووصف،
أعظمُ مريض، أكبرُ خندق، رهابٌ وعازف،
وسيأتي عمالٌ كثر بأشياء عجيبة من غير الممكن تسميتُها...
ثم وضعَ يده في يدي
عزيزي: إنه أنتَ الهتافُ الّذي ينيرُ هاويتي.
***
أحبُّ صوتَ خشخشة علبِ الثقاب
وأتمتمُ ستأتينَ بينما أنقرُ بطرف إصبعي على قمرٍ من تنك استعرته من فيلم متحرك
لا زلنا عراةً بالأبيض والأسود
آلافُ الحشرات الكهربائية بدأت تحوم.
هنا جاءت من المستقبل.
جاءت تحرسُ الذاكرة
كنتُ أجلسُ هنا على ما أظن وكنتُ في تلاطم شاسع.
طائراتُ الورق بدأت تغيّر اتجاهها
أنا هنا وبنفسِ القوة أجلسُ عارياً، أخشخشُ بعلبةِ الثّقاب وأنقرُ تنكة القمر.
كان الليلُ هادئاً عدا تلك الحربُ الهائلة التي تفلتُ منها جثثٌ مشتعلةٌ وأرق مستمرّ.
***
الساعة الواحدة ظهراً، ضوءُ البلدية في أوجِ بهائه، أعبرُ وحيداً من أوّل الكأس إلى آخره.
*شاعر وفنان تشكيلي لبناني.