هل تسمع هذه الآبار التي جفّت فعلاً
بينما يتردّد صداها في أعماق عيني؟
الآن صرتُ غابة يغطّيها الثلج
لحسن الحظ، ليس للروح جِلد
لا شيء في هذه الحياة يحدث مصادفة،
هل تعتقد أنّك بمشاهدة الظّلال في الحديقة
لكلِّ شيء في هذه الحياة معنًى
غير مفهوم أحياناً أو غير متوقّع
مثل الأشجار على طول سكّة الحديد:
بعضها يُلقي بنفسه تحت القطارات المُسرعة
وبعضها الآخر يقطعُ اليد التي تودّع
وأنتَ ما تزال مستمرّاً في السياقة
كلُّ ما سوف يحدُث في حياتك
من أين لسراييفو هذا الثلج
يبدو أنّ الطقس اكتسبَ عادات البشر السيئة.
كلُّ شيء يتكرَّر، يقول العجائز في الحانات،
تقطعهُ أوروبا من حينٍ لآخر
أهمُّ الأشياء تبدأ في السوق،
في مستهلّ القرن ونهايته، تبدأُ في سوقٍ مضطرب.
الذي يصلُ دائماً هذه الأماكنَ يومَ جمعةٍ
ويختار الحانةَ ذات الموائد المستديرة
حيث معنى كلِّ كلمة يقتُلُ
قال الغريب: سنسافر طويلاً
فعلاً، كنّا نرى المدينة البيضاء،
بطنَ السلحفاة - السّاحة المركزية
والأبراج، وهي تثقبُ الظهيرة المستديرة
وجدنا قماشاً ضارياً وفارغاً بشكلٍ وحشيّ.
قال الغريب: يجب أن نستوطنَ العالم من جديد
على ضفّة النهر الأكثر اخضراراً،
حيث يزرع النّاس الأشجار في الصباح
ومساءاً يغرقون في ظِلالهم.
إنّها تمطر فوق الصّفحة الثامنة عشرة من الكتاب:
إنّها تمطر كلماتِ الشعراء الموتى.
إلى الجبل الّذي يهبط إلى المدينة
وهو يلفُّ قلبه في معطفٍ واقٍ
رؤيةَ ذلك الجمَلِ في مرّاكش
بينما يسمعُ نحيبَ الجِرار على طول الممرّ
مَنفيةٍ تحت الدّرج الخشبي.
ينزل إلى الشّارع المرصوف بالحصى
لا تزال الوردةُ نائمةً مع المقصّات
لكنّ المطر هتكَ ستائرَ الفصول
كان الحيُّ بلونٍ أبيض فاحش
امرأةٌ تسقي الزّهورَ وتشاهد
من بعيدٍ انعكاساتٍ سوداءَ وباهرة
علَّقه طفلٌ على الشرفة المقابلة.
في أحد الأيام، سوف ينسى الطفلُ
في أحد الأيام، سوف تعبُر المرأة
الجدارَ الزجاجيّ الوحيد لصندوقها الخرساني
وسوف يلتقيان في اللّانهاية
الّتي تشغل خمسة أمتارٍ بين عمارتين:
عندما يُلقي شخصٌ بنفسه في الفراغ
ولكن، هل يمكننا الخروجُ من منظرٍ طبيعي
أكسينيا ميخايلوفا شاعرة ومترجمة بلغارية، ولدت يوم 13 أبريل/نيسان 1963 في راكيفو ببلغاريا. درست الفيلولوجيا السلافية في جامعة صوفيا، وفي عام 1990 عملت على إصدار أول صحيفة أدبية في بلغاريا بعنوان "آه ماريا"، ومن عام 1994 إلى 1998 عملت لدى دار النشر "بارادوكس". قامت بترجمة أكثر من 30 كتاباً إلى اللغة البلغارية، منها أعمال لجورج باتاي، جان جينيه، فينوس خوري- غاتا، سيلفي جيرمان وألكسي جيني، كما نشرت مختارات من الشعر الليتواني واللاتفي.
نشرت أربع مجموعات شعرية باللغة البلغارية ("حشائش الحلم" 1994، "قمر في قمرة فارغة" 2004، "فصول ثلاثة" 2005، "أقرب طبقات السماء" 2008)، وقد ترجمت إلى 13 لغة أوروبية، بالإضافة إلى التركية والصينية واليابانية. فازت مجموعتها الشعرية "سماء للخسران"، المكتوبة باللغة الفرنسية، بـ"جائزة غيوم أبولينير" المرموقة عام 2014. وفي مايو/أيار 2019، أصدرت ديوانها الثاني بالفرنسية عن دار "غاليمار" الشهيرة بعنوان "قُبلة الزمن"، وهو الكتاب الذي اخترنا أن نترجم منه هذه النصوص.
ترجمها عن الفرنسية: نجيب مبارك