في رحيل غوادالوبي غراندي.. راهنت دائما على الشعر

ميسون شقير 7 يناير 2021
تغطيات
غوادالوبي غراندي (1965 ـ 2021)

توفيت في بداية هذا العام، وفي مستشفى كلينيكو في مدريد، الشاعرة الإسبانية المعروفة، وكاتبة المقالات الأدبية والنقدية، غوادالوبي غراندي، عن عمر يناهز 55 عاما. وغراندي هي الابنة الوحيدة للشاعرين فيليكس غراندي، الحائز على جائزة الشعر الوطنية عام 1978 والجائزة الوطنية للآداب عام 2004، وفرانسيسكوا أغيري، التي حازت أيضا على جائزة الشعر الوطنية عام 2011 والجائزة الوطنية للآداب عام 2018. وهي حفيدة الرسام لورنثو أغيري، الذي أُعدم في سجن بوريلير في مدريد عام 1942.
رحلت غوالدالوبي غراندي تاركة لنا مجموعات شعرية تنضح بموهبة فريدة وبتمكن حقيقي جعلها قادرة على التقاط الصور غير المكررة والتي لا تنسى، وتاركة أيضا فراغا وحزنا وذعرا في الوسط الثقافي الإسباني والعالمي. فقد كتب عنها الشاعر والناقد أنطونيو لوكاس في جريدة ألموندو: "كانت الطفلة الوحيدة في منزل مفتوح على عالم طيور والشعراء"، مضيفا أنها عاشت في "مكان في العالم حيث تحدث الأشياء دون الحاجة إلى استحضارها". وأن هذا كان "هو المكان الذي بدأت فيه ببناء لغتها الخاصة بكلماتها الخاصة. وكان الشعر هو المساحة الذي تنطلق بها أكثر وأكثر".
ولدت غوادالوبي غراندي في مدريد عام 1965 وتخرجت من قسم الأنثروبولوجيا الاجتماعية من جامعة كومبلوتنسي في مدريد، وبدأت في كتابة القصائد منذ صغرها، ونشرت طوال حياتها عددا كبيرا من كتب الشعر كان أهمها كتاب ليليت الذي حازت فيه على جائزة رافائيل ألبرتي للشعر عام 2003 ثم نشرت مجموعة مفتاح الضباب ومجموعة خرائط الشمع (2006)  ومجموعة فندق القنافذ 2010)).




 "كانت الطفلة الوحيدة في منزل مفتوح على عالم الطيور والشعراء"
                                                               الناقد أنطونيو لوكاس



وكتب الشاعر توا بليسيا في جريدة الثقافة عن هذه المجموعة بأنه كانت لديها رغبة في القول ونكهة شعرية غير مألوفة وأن " فندق القنافذ يصبح ملجأ للماضي الذي ينتعش في الحاضر، مضغوطًا أحدهما على الآخر، تأملًا في الوقت المناسب، كل شيء يتذكر وينسى، وأنه في هذه الحركة يتم تجاوز الحقيقي المعاش في التجلي الذي يجعل الكلمات لم تعد هي نفسها بل هي ملاحظات لتلك الموسيقى التي نسميها الشعر".
وعلى حد تعبيره "لا يمكن أن يفشل الإيمان بالشعر" وأن "مؤلفة لقوة خيالية قوية مثلها قادرة على اكتشاف الأشكال كما لو كان مسموحًا للغة أن تتحدث عن نفسها، لا تموت".
قامت غوادالوبي غراندي مع خوان كارلوس ميستري باختيار وترجمة قرية الملح، وهي مختارات للشاعر البرازيلي ليدو إيفو، وكناقدة أدبية تعاونت منذ عام 1989 مع العديد من الصحف والمجلات الثقافية، مثل القسم الثقافي في صحيفة ألموندو الأشهر في إسبانيا، وصحيفة الإندبندنتو. في عام 2008 حصلت على منحة Valle-Inclán للإبداع الأدبي من الأكاديمية الإسبانية في روما.
وفي مجال النشر عملت غوادالوبي غراندي في مؤسسات مختلفة مثل الدورات الصيفية لجامعة كومبلوتنسي في مدريد، وكازا دي أميركا وتياترو ريال، حيث كانت في سنواتها الأخيرة مسؤولة عن النشاط الشعري لجامعة خوسيه هييرو الشعبية في سان سيباستيان دي لوس رييس.
وقد كتبت عنها المستعربة والباحثة كارمن رويث قائلة: "لقد تركت غوادالوبي فراغا هائلا لا أحد قادر على ملئه بالكلمات. لقد فقدنا صديقة كريمة، شاعرة عظيمة، مبتكرة للصور الشعرية، مقاتلة في سبيل الشعر والجمال".
كما كتب عنها الناقد أنطونيو كريسبو ماسيو: "غيابها يترك لنا فجوة لا يمكن إصلاحها. ذاكرتها وكلماتها ترافقنا، سنرى دائما أنها ما زالت تمشي في الشوارع، عبر حديقة سانتاندير، وتوقع نصًا تضامنيًا في بلازا دي كيفيدو، أو تحضر حدثًا ثقافيًا أو تقرأ قصائدها، نرجو أن تكون الأرض منيرة لها، سيكون من الصعب علينا أن نعيش مع غيابها".

 "تركت غوادالوبي فراغا هائلا لا أحد قادر على ملئه بالكلمات.
لقد فقدنا صديقة كريمة، شاعرة عظيمة، مبتكرة للصور
الشعرية، مقاتلة في سبيل الشعر والجمال".
                                                           المستعربة كارمن رويث  


وأضاف: "غراندي هي شاعرة مدريد التي كانت تصف الشعر بطريقة جد خاصة، وجد عميقة: "أعتقد أن كتابة الشعر ربما تكون هزيمة ضرورية، أفكر في كلمة هزيمة وأحتضنها لأن المنبوذ يحتضن الموجة الأخيرة. أفكر في كلمة حطام السفينة. أكتب كلمة حطام سفينة وأرى شوارع مدينة، أرى الأشخاص الذين يأتون ويذهبون مثل الأمواج، والحركة المرتبكة للأشياء والكائنات: ربما كانت كلها بقايا رحلة عبر المحيط لم نكن نعرفها مطلقًا إلى أين وصلت، وأن كل ما وصلنا هو مجرد حطام السفينة، أعود إلى تعريف الهزيمة. أكتب كلمة هزيمة وأفكر في معنى الكلمة: بمعنى احتضان الموجة الأخيرة، احتضان الجمر، الذاكرة التي تتلعثم في وسط كل كلمة، الرماد الذي تحترق منه الذاكرة العيون، الحفرة المحيطية التي تسقط من خلالها الكلمات والتي أشعر أنها المفترق الوحيد الممكن، أنظر، أفكر في الكلمات، وجمرها، ورمادها، وصوتها، وموسيقاها، أفكر في الشعر على أنه كلام منبوذ. أعتقد أن كل قصيدة هي الكلمات الأخيرة لحطام السفينة هذه، هذه الهزيمة الضرورية، لا أعرف فيما ما إذا كنت أقترب مما أعتقد". وداعا غوادالوبي التي التقيتها في مدرسة الشعر في سان سبيستيان دي لوس رييس في مدريد، والتي كانت مؤثرة ومثقفة، وجدية، وكريمة، والتي قالت لي إن المراهنة على الشعر لم ولن تكون خاسرة".

(إسبانيا)