صدر حديثا

محددات السياسة الخارجية الإيرانية وأبعادها تجاه دول الخليج

10 ديسمبر 2018

في كتابها "محددات السياسة الخارجية الإيرانية وأبعادها تجاه دول الخليج في سياق مناقشات النووي الإيراني" الصادر حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، تستكشف عائشة خالد عبدالرحمن آل سعد العوامل المحدِّدة لسياسة إيران الخارجية تجاه جيرانها في دول مجلس التعاون الخليجي، في إطار يتكون من ثلاثة أبعاد: البعد المحلي، والبعد الخارجي، والبعد المتعلق بسياسات الهوية والقومية. وتسعى إلى تحديد الأهمية الاستراتيجية لبرنامج إيران النووي، والاتفاق الذي أبرم مع الدول الكبرى في عام 2015، وانعكاس هذا الاتفاق على سياسة إيران الخارجية. كما تقوّم السيناريوات المستقبلية المحتملة والتداعيات المترتبة عن سياسة إيران الخارجية تجاه منطقة مجلس التعاون الخليجي في ضوء الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني.

سياسة خارجية نووية

يتألف الكتاب (152 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من مقدمة وستة فصول. في الفصل الأول، مشروع إيران النووي، تتناول الباحثة جذور المشروع النووي الإيراني، ونهضة إيران النووية، والدوافع والمواقف الداخلية والدولية التي دفعتها إلى انتهاج سياسة نووية. كما تقدم تحليلًا نقديًا لاستراتيجية إيران النووية، ثم تتناول الاتفاق النووي وتداعياته على السياسة الخارجية الإيرانية. بحسبها، ما زالت تداعيات هذا الاتفاق على سياسة إيران الخارجية غير واضحة، ولا سيما تجاه دول مجلس التعاون. وتلاحظ استبعاد دول مجلس التعاون من المفاوضات النووية برمتها، "وشكّل ذلك كله مصدرًا رئيسًا للحذر والقلق بين دول مجلس التعاون التي كانت تخشى أن تؤدي المفاوضات في نهاية المطاف إلى إطلاق يد إيران في المنطقة".

في الفصل الثاني، القضية النووية والسياسة الخارجية لإيران في ظل الرئيسين خاتمي وأحمدي نجاد، تناقش المؤلفة التغييرات والتحولات في سياسة إيران الخارجية تجاه مجلس التعاون ضمن سياقين: الأول، تطور الملف النووي الإيراني، وهو القضية التي شكلت على الأرجح الاعتبار الأهم في سياسة إيران الخارجية في الفترة بين عامي 2003 و2015؛ والثاني، التغيرات والتحولات في السياسة الداخلية الإيرانية، وبالتحديد تغيرات السلطة بين المحافظين والإصلاحيين، ومدى تأثير هذه التغيرات في سياسة إيران الخارجية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي، حين كانت القضية النووية هي الاعتبار الرئيس في سياسة إيران الخارجية.

مدركات التهديد

في الفصل الثالث، روحاني - البرنامج النووي والسياسة الخارجية تجاه الخليج، تركز المؤلفة على التطورات التي طاولت الملف النووي الإيراني خلال عهد الرئيس حسن روحاني، وتحديدًا إبرام الصفقة النووية، وكيف انعكس ذلك، وسينعكس، على سياسة إيران الخارجية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي. تقول: "مع إبرام الاتفاق النووي، لم تتمتع إيران بالاعتراف بها كقوة إقليمية فحسب، لكنها أصبحت قادرة أيضًا على الاستفادة من المكاسب الجيوسياسية التي تحققت من خلال هذه الصفقة. سوف تعمل إيران من الآن وصاعدًا كواحدة من القوى الإقليمية الرئيسة في الشرق الأوسط، إلى جانب قوى مثل إسرائيل وتركيا والمملكة العربية السعودية، وسوف تسعى إلى نيل الاعتراف بمصالحها الاقتصادية والسياسية الإقليمية".

في الفصل الرابع، إيران ومجلس التعاون: مدركات التهديد المتبادلة، تناقش المؤلفة مدركات التهديد المتبادلة بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى معالجة العوامل التي ساهمت ربما في تشكيل هذه المدركات وتعزيزها. تتناول جذور عدم الثقة بين إيران ودول الخليج، والسياسة الخارجية الإيرانية التي يرتفع فيها المنسوب الأمني، وموازين القوى الإقليمية خصوصًا أن التهديد الأكثر خطورة الذي تتصوره إيران في الخليج يتعلق بشكل أساس بالسياسات الأمنية لمجلس التعاون الخليجي، التي تعتمد على الحماية الخارجية، ما يعطيل شعور إيران بالأمن.

ما بعد الصفقة

في الفصل الخامس، سياسة إيران الخارجية تجاه مجلس التعاون: المدركات والقناعات، تعرض المؤلفة مقابلات أجرتها في عام 2015، بعد وقت قصير من اختتام المفاوضات التي أدت إلى الصفقة النووية الإيرانية، وذلك مع خبراء في الشأنين الإيراني والسياسة الخارجية لمجلس التعاون، سعوديين وقطريين وكويتيين وإيرانيين لتعيين محددات سياسة إيران الخارجية كما تبدو من جانبي منطقة الخليج، وتوقع الاحتمالات المستقبلية في مرحلة ما بعد الصفقة النووية. رأى المشاركون أن الاتفاق النووي يمثل نقطة تحول تاريخية في المنطقة، "لكنْ أيًا من الخبراء لم يعتقد، ولم يتخيل حتى، أن هذا الاتفاق لن يدوم أكثر من عام ونيف".

تتناول المؤلفة في الفصل السادس، إيران ومجلس التعاون بعد الصفقة النووية، سياسة إيران الخليجية بعد الصفقة النووية، وانسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب منها، مقومة المسألة بين رابحين وخاسرين، سائلة أخيرًا: إيران ومجلس التعاون بعد الصفقة: ما هي الخطوة التالية؟ تكتب: "في عصر ما بعد الصفقة النووية، تواجه إيران شرق أوسط مختلفًا تمامًا. فدول مجلس التعاون المعادية، وتحديدًا المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، على أتم الاستعداد للرد، وخلفها حلفاء أقوياء وجاهزون، مثل إدارة ترامب على وجه التحديد. كذلك، حتى لو بدت قطر والكويت متبنيتين مواقف محايدة تجاه التوترات بين السعودية والإمارات من جهة، وإيران من جهة أخرى، فإنها لن تدعم أي عدوان أو تصعيد إيراني تجاه المنطقة". وتضيف أن موقف إيران في سورية محفوف بالمخاطر لأن إسرائيل والولايات المتحدة تريدان إخراجها، وروسيا تبدو معنية برؤية دور إيراني أصغر، إضافة إلى أن العقوبات تدل على أن إيران ما عادت في وضع يمكنها من التصعيد وتمويل الوكلاء والتدخلات على جبهات متعددة في منطقة الخليج أو في جوارها.