إنشائية المرئي
في الفصل الثاني، إنشائية المرئي بين الذات والعالم، يبحث قويعة في مسألة العين العاكسة في تاريخية الفن، أو تحرير النظر، وفعل النظر في فلسفات الإدراك واستتباعاته الجمالية منتقلاً بين الخاصيات المحسوسة والموضوع المُدرَك ومظاهر التنزيل الذهني والرمزي للإدراك وحدود المقاربات العقلانية والذهنية وإنشائية النظر بين الجسد والعالم والإدراك بين التجربة الجمالية وإيقاع الحياة. كما يبحث في مسارات العين المصورة بين المعرفِي والجمالي متناولاً تفعيلية العين وتشكيلية الفضاء في الفن البصري– الحركي، ودينامية المشاركة (العينُ جَسَدٌ).
يقول: "ما عدنا نتحدث عن علاقة مواجهة بصرية بين ناظر ومنظور إليه، وما عاد المُشاهد أمام عمل فني يتأمله بصرياً ثم يصوغه ذهنياً على مدى مسافة بين الذات والموضوع، بل أصبح المُشاهد في قلب الفضاء الحسي المخترق. ومن ثم، ما عدنا نتحدث عن مشاهدين يُشاهدون، بل عمّن يشاركون في بلورة البُعد الجسدي المعيش لهذه الفضاءات الفنية المخترقة ويشهدون على تجربة إحساسية؛ إذ وُزِّعت الإحساسية البصرية على شمولية إدراكية الجسد، عندما أصبح تَلمّسُ المكونات الحسية للعمل الفني مباحاً لدى المُشاهد، فضلاً عن المؤثرات البصرية والسمعية والروائحية، الموازية والمحتملة".
بين النظر والنظرية
في الفصل الثالث، العمل الفني في "عالم الفن" بين النظر والنظرية، يتطرق قويعة إلى مفهوم الفن بين التسمية والنظرية، باحثاً في ثنائية الفكر والإحساس (أي موقع للمعرفة النظرية في الفكر الجمالي؟)، وفي الفن بين التسمية والنظرية، والتأسيس النظري والمفاهيمي للتسمية (أو معنى الفن في "عالم الفن")، وفي التمهية الفنية لدى آرثر دانتو في ضوء إنشائية النظر متناولاً دواعي الفكر التحليلي (من اللغة إلى الفن)، والمقصدية والتأويل (أو ما بعد الإدراك المباشر)، وإنشائية المقصدية بين الفكر التجرُبي والفكر التاريخي، والمقصدية في النظر الفني لدى دانتو، ومنزلة المتلقّي بين دانتو وياوس، ورهان التأويل بين النظر والتمهية، وتمهية المبتذل (التأويل والتحويل)، والنظر الساخر- التمهية الفنية بين موضوع النظر ومشروع العمل.
ويدرس في هذا الفصل أيضاً دور النظر في التأسيس الأنطولوجي للعمل الفني متطرقاً إلى المقصدية والافتعال، وأصالة العمل الفني في "عالم الفن"، والوجود العلائقي والتاريخي للعمل الفني، والوجود الفعلي للعمل الفني (النظر بوصفه باعثاً أنطولوجياً)، والمعرض بوصفه ترسيماً أنطولوجياً.
يختم قويعة هذا الفصل بالقول: "إن النظر إنشاء وتأسيس، وليس مجرد استقبال أو قَبول للمنجز الجاهز، مثلما أن الرؤية إبداع كما قال هنري ماتيس، والنظر مستمر".
خليل قويعة: أستاذ الجماليات ونظريات الفن بالمعهد العالي للفنون والحِرف، جامعة صفاقس – تونس، وباحث بمخبر «LARA» بجامعة تولوز 2 – فرنسا.