"الشعرية كما شرحتها لطلبتي": في تاريخ المصطلح وأصله
ليندا نصار
5 فبراير 2024"الشعرية كما شرحتها لطلبتي": في تاريخ المصطلح وأصله
ليندا نصار
5 فبراير 2024
وقد تطور مفهوم الشعرية منذ أيام أرسطو وحتى اليوم، واختلف معناه وتعددت استعمالاته. ومع ذلك، يبقى مفهوم الشعرية العام "البحث عن قوانين الإبداع".
ثمة اختلاف في مفهوم مصطلح الشعرية بين التراث العربي والمفاهيم الحديثة، وخصوصًا ما تم تعريفه في النظريات الغربية. ومن المفاهيم الحديثة أنّ مصطلح الشعرية يدل على علم الشعر، وليس على علم الأدب، وهذا النقاش الدائر بين الشعرية الأرسطية والشعرية البنيوية التي تقول بعلم الأدب.
وتحت عنوان أنصتوا إلى نصائح رومان ياكوبسون، يدخل الكاتب في تعريف الشعر عند هذا الناقد بأن هناك صعوبة في تحديد ما هو الشعر في كتابه، ويذكر في محاضراته أنّ الشعرية والشعر هما أيضًا خلق دائم لأشكال جديدة، والشعرية لا تنتسب إلى علم اللغة فقط، بل هي ملمح من ملامح الشعرية.
ويعود محمود عبد الغني إلى أصل ترجمة النقاد العرب مصطلح poetique وإلى مترجمي مصطلح الشعرية في العصر الحديث، ما خلق أزمة واختلافًا في ما بين المصطلحات. ويشرح في باب البلاغة والشعر أنماط الأليغوريا وعلاقتها بالمجاز.
ويركز في الفصل المخصص لمفاهيم الشعرية في النقد العربي الحديث عن الباحث الجزائري جمال الدين بن الشيخ المتخصص في الشعر العربي، ويجد أنّ البحث في الجمالية الشعرية العربية القديمة بدأت من تحديد الخصائص، ويعيد الفضل إلى بن الشيخ في تطوير هذا المشروع، وهو أول من عيّنها في كتاب "طبقات فحول الشعراء"، لمحمد بن سلام الجمحمي، الذي ركز على اعتبار الشعر موضوعًا لعلم الشعر، وقد اعتمد الموضوعية في تقييمه للشعر. فيرى أنّ الشعر ممارسة لغوية إنسانية، وبن الشيخ جعله خاضعًا للنقد ضمن معايير محددة ومضبوطة. ويتابع الناقد في التعمق بمفهوم ابن خلدون للأسلوب عبر العودة إلى مقدمته الشهيرة، بحيث يميز بين النسق التركيبي للخطاب، وبين البلاغة والبيان، وبين عروض الشعر.
ويشيد الدكتور عبد الغني بكتاب الناقد كمال خير بك الذي تناول الحداثة واتجاهاتها وأطرها الاجتماعية والثقافية.... وبالنسبة إلى خير بك فلقد تمكّن من رؤية نوع شعري جديد منفصل عن القصيدة التقليدية الكلاسيكية، وغيرها، على صعد عدة، منها القيم الشعرية.
وينتقل الطلاب في هذا الكتاب النقدي إلى أسئلة تنضمّ إلى تلك المرحلة التي تنمّ عن ذكاء وحسن متابعة لحركية الشعر، فيتطرقون إلى مجلة "شعر" التي تمكنت من نشر الشعر الجديد، وقد شكّلت دليلًا على حركة حداثة حقيقية، إذ أنّها لم تكتف بتجديد الشعر، بل اتخذت موقفًا ثقافيًا وأنطولوجيًا.
وكمال خير بك قام بدراسة نماذج من مجلة "شعر"، ومعهم ثلاثة شعراء عراقيين، وكأنه أراد أن يدرس الحداثة الشعرية في بداياتها، على أنّ الشعرية العربية اهتمت بالشعر وحده.
ويميل محمد بنيس في نقده للشعرية إلى رأي بات معروفًا، هو الذي قارن بين الشعريات الغربية والشعريات العربية ساعيًا إلى تأسيس شعرية عربية حديثة بالاعتماد على الأساس، أي على شعرية أرسطو. ففي رأيه، تأثرت الشعرية بالحضارات والثقافات القديمة، منها الصينية والهندية واليهودية... ومنها ما تأسس على الكتب المقدسة. وبعد كل هذه الدراسات حول الشعرية القديمة والحديثة، أطلق بنيس على الشعرية "شعرية مكبوتة"، والمقصود هنا كما جاء معنى الكبت في لسان العرب "الصراع والخيبة والإجزاء"، لأنها ظلت خارج الشعر، وقد خصّ بكلامه الشعر العربي.
وينهي الناقد محمود عبد الغني كتابه بلمحة عن أعمال يكثر الشعريون من الاستشهاد بها باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية.