خيمةٌ لصحراء جوابي
أنا مدينٌ للموسيقى الّتي جمعتْ عينينا في صدفة اللّيل،
للكؤوس تنصبّ في الدم فتتوسّع الشرايين
وتضحك بالورديّ
خدودك
مدينٌ لضباب رام الله،
يمشي فيه جسدك، شيئًا فشيئًا يختفي
مثل أصابع الماء على شفاه
النوافذ
مدينٌ لمَنْ وشى بأسمائنا فتسبّب في جعلك هنا،
كي أرى العسليّ الّذي في عينيك ثالثةً وعاشرة،
فأحبّ لو ألمس الدفق المخزون في
جرّة قلبك
أخاف الرقص؛
كلّما رقصتُ تعثّرتُ بخطًى لا تتقن قدماها الشعر كما تحبّ يداي
تتركني معلّقًا في هواء السؤال
المخيف
فهل أجد في روحك خيمةً لصحراء
جوابي؟
الصحراء الّتي في شفاه الأمازيغ
لا بأس في ليلةٍ واحدة،
نجرّب مسألتنا من الرقص في الجسد المبتلّ
بمرأى البحر من كتف الجبل،
لقد شربنا الكثير من رنّات الكلام، أغنيةً بعد أغنية،
تديرها أصابع الناصريّ الماكث في البار منذ أوّل الخلق،
تعرف ابتساماته المرتخية إلى أين سيمضي اللّيل
بكلّ الصاعدين
إلى لَهْوِ حيفا
أحبّ أن أكون دبّك البنيّ
وأن تكون رقبتك سمكة السلمون،
أترك في أحمرها أثرًا من دون جرحٍ
تمامًا كما تحبّ شرايين سرّتك،
وهكذا، إلى أن يروّض ماؤك مخالبي،
ثمّ يعود إلى تنفّس النهر بحثًا عن صيدٍ يسلّم له نفسه،
وننسى، أو يشدّنا التجانس
من جديد
كلّ شيءٍ يبدأ دائمًا من عينيك العثمانيّتين
تشبهان كحل الحجاز
والصحراء الّتي في
شفاه الأمازيغ
غجريٌّ يغنّي، ثمّ يغادر
تحتاج عيناك إلى سماءٍ تمشي حافيةً فوق قباب قرطبة،
كي أشرح لليلها القديم أنّ النظر في هدوئه أكبر من مجرّد رغبةٍ،
وأكثر من نوم شفةٍ ممسكةً
بيد شفة
يحتاج كلامك الّذي يشبه نافورة بيتٍ دمشقيٍّ في القدس إلى عطشٍ أزرق،
كي لا تتوقّف دائرة الهواء عن الدخول في مزاج الماء
أضعف من الاعتراف بأفكار قلبي
كلّما مشى في جمالك يرى حفرة
النار
أضعف من أن أسألك إن كان لديك متّسعٌ لعبوري،
غجريًّا يغنّي، ثمّ يغادر
إليك يغادر
* شاعر وباحث وناشط سياسيّ. يعمل محرّرًا لمجلّة "فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة". له مجموعة شعريّة بعنوان "لولا أنّ التفّاحة" (الأهليّة، 2016)، وكتاب من تحريره بعنوان "الثقافة الفلسطينيّة في أراضي 48" (مركز مدار، 2018).