رواية "إثم سارة": صعود "الصحوات" والشرق الأوسط الجديد
عارف حمزة
24 أغسطس 2019عذابات سارة وناصر
حظوظ ولعنات اسم سارة العمّة ستقود سارة الإبنة لعشق "خالد" وهو أحد النسّاجين، وهي مهنة دنيئة من وجهة نظر والدها الجاسي. ولكي لا يصبح عنده ثأران ضد شخصيتين تحملان نفس الإسم، سارة، اتفق مع خالها الداعية على تزويج الإبنة لابنه "ناصر" وهو الابن العشرين ليوسف الأحمد. ناصر الذي تعرّض للضرب والسجن من قبل والده الداعية لأنّه كان يحب الاختراعات، ويعتبر أمله الأقصى صنع "رجل آلي سعودي". ناصر الذي تبرّأ والده الداعية منه بعد سفره إلى البحرين، "أرض الروافض والفسق"، لإكمال دراسته هناك. ناصر الذي كان يعمل في السفارة السعوديّة في لندن، حين طلبت منه الأم العودة للزواج من سارة. سارة التي سيشترط خالها أن تفحص هيئة الأمر بالمعروف عذريتها، وفي المبنى الرهيب ذاك ستخرج المرأة التي عليها فحصها ويدخل خالها، دون أن تعلم سارة، ويفحص عذريتها بأصابعه، ثم يُفقدها عذريتها بإصبعه، وعندها ستتعرف على ضحكة خالها.
ستتفق سارة مع ناصر على إهانة خالها الداعية وأبيه في حفل زفافهما، وقاما بذلك بشكل أصبح فضيحة لخالها وللهيئة التي يُشرف عليها، قبل سفرهما للإقامة نهائيّاً في لندن.
السعودي الإرهابي
في لندن سيعمل ناصر على اختراعاته، وانفجاراتها التي ستثير الرعب لدى جيرانه
البريطانييّن. وبسبب أحداث 11 سبتمبر 2001 في نيويورك، سيُلقى القبض عليه كأحد الإرهابييّن الذي كان من المفروض أن يشارك في ضرب برجي نيويورك ولكنّه، لسبب أو لآخر، لم يلتحق بالمجموعة. كان ناصر بريئاً من تهمة الإرهاب ولكن لن يُصدّق أحد قصّة المختبر وحلم اختراع الإنسان الآلي السعودي. ستطلب المحقّقة البريطانيّة من سارة أن تُغلق فمها، "تستطيعين أن تقولي لي الشمس تشرق من الغرب وتغيب في الشرق، لكنك لا تستطيعين أن تحدّثيني عن قصّة سعودي له علاقة بالعلم والإختراع. النفط والقمار والإرهاب وممارسة الجنس مع الجمال، تلك هي ماركتكم الموحدة"، قالت لها المحققة في الصفحة 213.
توقع منع الرواية
تغطي هذه الرواية أحداثاً مهمّة في الشرق الأوسط، منذ الحرب العراقيّة الإيرانيّة في 22 أيلول/ سبتمبر 1980، وهو يوم ولادة سارة، التي كان والدها الجاسي يريد أن يطلق عليها، قبل أشهر من ولادتها، اسم "آرامكو". وحرب تحرير الكويت من الغزو العراقي، التي بدأت في 2 آب/ أغسطس 1990، والتي ستجعل العالم مختلفاً عمّا قبلها. وأحداث نيويورك. وهكذا ستتجوّل الرواية في السعوديّة والبحرين ولندن.
طوال أكثر من 250 صفحة ينتقل والي برشاقة بين الكثير من الأحداث العامة والخاصّة لشخصياته، مستخدماً صفة الراوي الوحيد، والكاتب "هارون والي" الذي أعطته سارة دفترها
ليكتب حكايتها وينشرها، ولكن بعد أن تموت. ويستخدم والي القليل من الحوار في الفصول العشرة من الرواية، وفي الملحق الأخير يكتب هارون والي رسالة مطوّلة إلى سارة حول الرواية ويتوقع منعها من التداول. "نشرك للقصّة سيجلب لك المتاعب والمنع في مملكة الظلام وحلفائها" (ص 255).
تبدأ الرواية من لحظة عودة سارة من لندن وذهابها إلى المشفى العسكري، الذي يرقد فيه خالها في غيبوبته جراء محاولة اغتياله، وتقوم بالإجهاز عليه. ورغم محاولة والي وضع التخييل في روايته، واللعب مع القرّاء، من خلال أن سارة، في الأجزاء الأخيرة من هذه الرواية، اشترت الجزء الأول من كتاب "الآثام الخمسة"، وعنوان الجزء الأول هو نفسه عنوان الرواية "إثم سارة"، ويبدأ الكتاب، الذي اشترته سارة، أيضاً من الأسطر الأولى للرواية التي بين أيدينا!، إلا أنّ ذلك بدا زيادة، ولا معنى كبير له. كما أن الملحق الأخير، من خلال رسالة الكاتب "هارون والي"، جاء أيضاً زيادة على المراد من الرواية، وهو أمر مطروق سابقاً، وبات مكشوفاً في الكتابة الروائيّة، وأين سيكون الإختلاف لو كان "هارون والي" هو الكاتب أو "نجم والي" نفسه؟
الرواية مشغولة بشكل مثير وتتناول مواضيع متعددة، وهي تجري في عدّة طرق مختلفة، من قصص الحب وبراءة الأطفال وعمق تفكيرهم وصعود المال والصحوات والفكر الوهابيّ والجهادي وبدء معالم الشرق الأوسط الجديد ومنع الحرّيات... وفي الوقت الذي ستتعرّض هذه الرواية لكثير من المنع في المعارض والبلدان العربيّة، ستنال الكثير من الإضاءة والاهتمام والمدح من الغرب الذي سيسعد بكلّ هذه الأسرار والفظائع التي كُتبت بسلاسة، وتجري في المملكة العربيّة السعوديّة، وفي كلّ الأحوال ستُعتبر رواية جيّدة ومثيرة وجريئة وتستحقّ القراءات والنقد.