}

جبل المكبر

ديمة الشكر ديمة الشكر 30 نوفمبر 2015
أمكنة جبل المكبر
جزء من جدار الفصل في جبل المكبّر (Getty)
المكان في بلادنا، ناحية المشرق المفتت، يجد اسمه في الاستعمال؛ ففي أحايين، تحمل القرى والبلدات أصداء لغة آرامية أو سريانية، وفي أحايين أخرى يكون لحادثة تاريخية ما، الدور الأساس في إعطاء المكان اسمه. 
وثمة جنوب مدينة القدس المحاطة بالجبال، جبل له من الأسماء أربعة، لكلّ منها قصّة. أشهر أسمائه قاطبة : جبل المكبّر.

واستمدّ اسمه هذا من وقوف الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب، ليتسلم مفاتيح المدينة من البطريرك صفرونيوس (637 م)، ولعلّ أبهة اللحظة، وقوّة الحدث وتأثيره في الفتح الإسلامي، فضلًا عن تلألؤ القدس وتوهجها، أمور أخذت بتلابيب الخليفة فهتف : الله أكبر.
وقبل الفتح الإسلامي، كانت فلسطين مسرح بزوغ الديانة المسيحية. وفي أرجاء القدس، جال سيدنا الناصري. ونظرًا إلى نقائه وصدقه وتواضعه في نقل الرسالة السماوية، دبّ الحسد وفتكت الغيرة (على أقل تقدير) بيهوذا الأسخريوطي، فقابل رؤساء الكهنة في ذاك المكان، وتحديدًا في السنهدريم، ليتفق وإيّاهم أن يسلّمهم سيدنا المسيح. تآمر يهوذا على سيدنا، وسمّي الجبل جبل المؤامرة.

اقرأ أيضًا : باب السلسلة

كانت القدس وما تزال جوهرة متلألئة بين الجبال التي تلفّها. ولم يكن موقعها في يوم من الأيام سببًا لغزوها أو احتلالها، بل كان لمكانتها الدينية وإشعاعها السماوي الدور الرئيس. فها قد أتى الفرنجة إلى دنيا العرب، ها قد أشهروا "الصليب" ذريعة، فسقطت القدس في أيديهم لثمانية وثمانين عامًا (1099 - 1187). وحررها من ربقتهم كما هو معروف صلاح الدين الأيوبي.

فرض استعمال الدين المسيحي ذريعة لغزو الفرنجة للبلاد العربية، رد فعل "دينياً" بالضرورة؛ كذا التفّ العرب حول هوّيتهم الإسلامية، وراحت مفردة الجهاد تتواتر استعمالًا وواقعًا. فمن كان برفقة صلاح الدين، عدّ من المجاهدين.

من بين المجاهدين، رجلٌ شارك في تحرير بيت المقدس، وكان راكبًا ثورًا، فكنّي بـ "أبو ثور". وإذ دُفن في المكان شهيدًا، وصار ضريحه على الجبل، سمي الجبل، الجبل الثوري.
توالت أمم على تلك البلاد، غزوات وفتوحات، احتلالات وسيطرات، ومثلها مثل باقي البقاع العربية، كانت فلسطين تحت حكم العثمانيين لحوالي أربعة قرون. في الحقبة الأخيرة من حكم العثمانيين، حين كانت الأمور تفلت من يدهم، وكانت الثورة الصناعية، قد خلقت أوروبا "جديدة"، صار لزامًا أن تصل الحداثة إلى المشرق. اتخذ قرارٌ بإنشاء سكّة حديدية تربط أوروبا بالخليج العربي.

حين مرّت سكّة القطار الحديدية في القدس، كانت في شرق الجبل، فمنحته اسمه الرابع : جبل الحديدية.

مقالات اخرى للكاتب

هنا/الآن
27 أكتوبر 2017
آراء
27 أكتوبر 2017

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.