}

أعجب من العجب.. حال حق فلسطين أمام باطل اليوم!

طارف ربيع 5 سبتمبر 2020
آراء أعجب من العجب.. حال حق فلسطين أمام باطل اليوم!
لوحة للتشكيلي الفلسطيني سليمان منصور

 الشمس التي كانت تزور الأشجار كم كنت أتمنى لو كانت تزورني في زنزانتي 

1

ما يجري لفلسطين اليوم من إنكسارات لا يسعفها الزمان، ولا مواساة أحد، ولكننا لا ننساها ولو بعد ألف عام، ففلسطين بأرضها، وسمائها، وجبالها، وما فيها من بحار وأنهار ومخلوقات وتاريخ وطهر وقداسة، قالت لنا الدرس وكيف يكون معنى الحق في مواجهة الباطل، وكيف يكون الرحمن في مقابل الشيطان، ولو كان العالم كله مع شيطان العصر الحديث.
قيل إن معاوية بعد أن غلب آل البيت على حقهم، أراد أن يعبث بعقيل بن أبي طالب وأن يشمت به فسأله: ما هو أعجب العجب؟ فقال: غلبة من لا حق له على حق ذوي الحق. وهكذا حال حق فلسطين أمام باطل اليوم، أعجب من العجب نفسه!  

2

أبحث عن فلسطين اليوم فأجدها في كتابات عزمي بشارة.
كذلك وجدتها في شعر علي فودة، ورسومات عماد حجاج، وفي نسائم الحق وأمة صاحب الفرقان، وفي وعي الصديقين والأنبياء حيث بوصلة الحق والحقيقة، ووجدتها في نبض كل إنسان حر شريف يعرف أن المعنى الصادق يطرد برد الخوف، ولا يبارك الخراب.
فلسطين التي تسطر وجع روحها في صدر كل إنسان حر شريف هي ذاتها فلسطين التي ندعو لها اللهم ألقِ عليها محبةً منك واصنعنها على عينك. فلسطين ما تزال الضمير الحي، وماء الوجه، فلسطين قضية شعوب وليست حكومات، قضية أخلاقية، وليست قضية شياطين، ومطبعين: يكذبون بكل صدق، ويغشون بكل ضمير، ويخونون بكل إخلاص، وينصبون بكل أمانة.. الآن أنتم عراة أمام حقيقتكم.. فعلا "شياطين".

3

ماذا يعرف الناس عن الدولة السادية! وما هي حقيقتها! وكيف تستمتع بتعذيبنا نحن السجناء! ماذا يعرف العالم عن الأمور الأشد والأكثر قسوة من الخلل العقلي؟! وماذا يعرف العالم عن البطء الشديد، والبؤس، والنبذ، أقسى درجات النبذ أن يمارس عليك الألم، أشد درجات الألم خلال التعذيب القسري دون الحد الأدنى من الندم!
الدولة الساديّة، الإمارات، التي أصبحت رديفًا حقيقيًا لمصطلح محور الشر، وللجهل المقدس، الذي لا تكتفي وحدها بتجرعه، بل وتجبرنا نحن السجناء الأمنيين على تجرعه، نعم لقد أصبحنا من شدة الألم نعلم تماما ماذا تكون عليه الأمور الوحشية، والأشد فتكا بكرامتنا.
من المؤسف حقا أن أطلق على الإمارات لقب دولة فهي بالأصل والجوهر قبيلة فقط، سادية، ومريضة، وكبرها، وتجبرها، وصناعتها للحروب والأزمات أصبحت على مرأى من الجحيم. من شدة ألمها لم تعد تقوى سوى على كل هذه الخيانة الرخيصة.
أصوغ هذه المقدمة وأنا منزعج جدا من وصفك واختصارك يا صديقي (ب. د. ر) بكلمة "سجين". أعلم كم تزعجك هذه الكلمة، نعم تزعجك، ولكن ما يزعجني أكثر أنني لا أقوى حتى على ذكر اسمك، أنت أخي وصديقي ولست سجينا، هذا وصفك الحقيقي هنا، وأينما كنت وحللت؛ وما سنواتنا معا سوى شهادة دامغة على الظلم والظالمين في مدينة أبو ظبي، المدينة التي ترهق روحها كل يوم المساحيق الكاذبة، والأبراج التي تقف كالجثث على الطرق.
أؤكد لك يا صديقي أنني لم أقم باستعمال صابونة الديتول منذ خروجي، لأن كلينا يعلم أن رائحة هذا الصابون تعيدنا إلى الزنزانة الانفرادية في أقبية المخابرات الإماراتية، والتي طالما افتخر المحقق الإماراتي بالقول: هل تعلم أين أنت؟ أنت وراء الشمس.. هل تعرف أين وراء الشمس.. أنت في أقبية المخابرات الإماراتية.. في جهنم.
عشنا معا في ذات العنبر، ومررنا بذات التجربة في السجن الانفرادي، وتذوقنا ذات الألم، من ذات المدينة... أبو ظبي مصدر الشرور والفتن، ولكن إلى متى ستصل جميع الألعاب الساديّة التي تمارسها أبو ظبي إلى نهايتها؟ لا أدعي ولا تدعي معرفة الجواب! ولكن كيف يمكن لمدينة مثلها أن لا تقل شهيتها بعد كل هذا، وبعد السموم وبعد كل هذا العشق لمشهد الدماء ولكل هذا القتل المبرمج، والأهم لكل هذا الألم الذي رسمت طريقه في أرواحنا وأجسادنا!
رغم أنها مدينة دينية إلا أنه يمكن وصفها أيضًا بأنها مدينة اللعنة، مدينة الغدر، والغدارين، والنفاق والمنافقين، أدعوك أيتها المدينة القذرة للدخول إلى غرفة الجراحة للعلاج من ساديتك التي أتعبت قلوب كل الأبرياء، وكل الشرفاء في هذا العالم، سحقا لك من مدينة تغرقين العالم بوحلك الأشد قتامة من السواد.
متى ستمتلكين شرفا، وأنت المهووسة بالكذب، والكذابين، بالعهر والعاهرين، متى ستفضلين الموت كونك لا شرف لك، أعلم أنك ما زلت في حرب، ولكن مع كل شريف في هذا الكون!
صديقي لقد كتبت بعضا مما يليق بهذه المدينة، فهل أنت سعيد! أم أؤلف لها قاموسا من الشتائم على حجم أبراجها الشاهقة.
الآن أسلط ضوء تعاطفي مع نفسي، ومعك، ومعنا، على أحلك مناطق الظلم التي مستّ أغلبنا، هل هناك من سيفهم كيف تتمكن الأجهزة الأمنية في أبو ظبي من إقناع السجين بأنه مذنب من خلال سلسلة لامتناهية من العذابات الجسدية والنفسية. إنه الألم الذي يلتصق بنا من كل جانب هو ذاته التي سيلتصق بمدينة اللعنات، لا أسرار يا صديقي مع الألم، وحده الألم سرنا المكشوف.. لا أريد الكتابة عن ألمكم.. ولا قصصكم. ما أريده حقا هو الحق... الكتابة هي شكل من أشكال الحق حين تتعلق بسجل الشرفاء منكم... أكتب عن زنزانة رقم (20) كمثال بسيط حيث صوت الظلم فيها يملأ جنبات أبو ظبي، ولكنها مدينة لا تصغي سوى لصوتها وصداه.. إنه باختصار صوت الجلاد، والتفنن بصناعة الضحية.
الكلمات في اللغة ملك لـ الله، ولكن لكل قاعدة شواذها فـ كلمة الإمارات عموما، وأبو ظبي خصوصا، يملكها الشيطان، هذه الكلمة التي يملكها الشيطان أصبحت كما الهيكل الفارغ الذي لا يمكن لأحد أن يجد أي شيء حقيقي فيه سوى مسخها، وساديتها، كلمة وإن بدت كثيرة المساحيق إلّا أن القبح والسادية، والمؤامرات والقمع، أصلها، وفصلها، وجذرها، وجوهر كينونتها! وكما أن الشيطان كلمة كبيرة فكذلك هي الإمارات التي تلعب على "كبير" يدها بيده، ويبقى السؤال ماذا ستربح وهي العربة التي يقودها شيطان؟!


4

على مدى التاريخ ظهر طغاة يتجبرون وقامت إمبراطوريات استعبدت الناس والشعوب، وقد ذهب الطغاة وذهبت الإمبراطوريات التي استعبدت الناس والشعوب، وبقى نداء الحرية أقوى من الطغاة وأقوى من الإمبراطورات فما بالك حين يتعلق الأمر بدولة هي أقرب ما تكون إلى اغتيال متواصل لكل قيم الكون.. دولة الناس لها كارهون.



5

أبو ظبي: العالم شاهد معي من يمزق صورك.. من يحرق عَلَمك الذي يشك الكل بطهره.. هذا بعض ما يليق بك وأنت دائمة البحث عن الأهمية، وعن مكان لك تحت سماء الإعلام. كل هذه الكراهية للفلسطيني ليست بغريبة عنك وأنت تغرقين بالكراهية لكل ما هو مقدس، وطاهر، وشريف، ويحمل معنى القيمة في الحياة.. من أين نأتي لك بأخلاق وأنت تتخذين من القذارات موطنا دائما لك.
انتظري المزيد من اللعنات.. فالدم الفلسطيني لن يسامحك وأنت الشريكة في تحويله إلى ضحية جديدة. سيأتي يوم تعضين فيه على قلبك.   


6

لا كرامة لك. التجسس. الظلم. يا أبو ظبي كفي عن إبهار العالم ببشاعتك التي طغت على القهر والغلبة، ليس هناك ما تفاخرين به الدول العاقلة، فالدول تفخر بالصنائع المحكمة، والآراء الصحيحة، والعلوم الحقيقية، والسنن العادلة، والطرق المستقيمة، أما أنت فلم ير العالم سوى أحوالك المذمومة وصفاتك القبيحة، وأخلاقك الرديئة، وجهلك المتراكم، وآراءك الفاسدة والمفسدة. لا حق وصدق لكم يا عبدة الطاغوت..  ما أنتم سوى صراف آلي دون عقل.

7

ألم يقل المثل العربي فيكم: "اتقوا صولة الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع".

لوحة للتشكيلي السوري سبهان آدم  


















من كراسة الضحية

1 ـ ليست الوحدة أن تأكل وحدك، بل تتجلى حين لا تجد من تقول له: صباح الخير.

2 ـ أن تحس أن فمك هاوية، أن تحس أن دموعك جزء من نهر غير موجود سوى في عقلك، هذه أيضا وحدتي.

3 ـ أن تكون بلا شمس يعني أن تكون بلا مأوى، الإيمان الذي يظهر في أيام الشقاء ما يزال يشرق على حواسك، ويرويك.

4 ـ تصافح يدك فقط يدك الأخرى كدلالة على أن هناك وجودًا لجسد آخر. 

5 ـ تذرف دموعك جدًا علّك تجد فيها ما يرويك... تذوق دموعك جيدا حتى تتذكر أن لك عينين.

6 ـ اليوم: تنام وتكتشف مجموعة ضخمة من "المقدسين" تتقاسم معك مكانًا يساوي بينكما، فتعرف أن الألم صفاك ونقاك.

7 ـ اليوم: تستيقظ باكرا، لتكتشف أن يقظتك وانتظارك للإفطار هي ساعات من حلم بأن تكون حيًا ليس الاّ!

8 ـ ما الذي يحيط بك.. ما هذا المشهد.. جبال من الألم، جبال من الألم (إعادة) لا شيء آخر.

9 ـ مربوط مثل خيل في بلد لا خيول فيها سوى تلك الثاوية كحمير. 

10 ـ الغريب الذي يحمل في قلبه الكثير من الأشياء الجديدة.. يريد أن يكون حرًا، لا يريد أن يكون مثل الشاطئ المهجور.

11 ـ عيني حزينة ليس من البكاء وحده بل لأنها تبكي كما لو أنها فقدت حياتها.

12 ـ ما الذي ضاع من روحي وأنا أحصي نفسي بعدد أيام السجن.

13 ـ من لا حرية لهم، العبيد الجدد، هم من اخترعوا مصائبي ومصائب هذه الأمة برمّتها.

14 ـ الوحدة تأخذ شكلها الأمثل وهي تزدهر في سنوات عمري.

15 ـ أمطار في رأسي، قطعة حديد هي الوحدة، صدأ يوميّ، وأعشاب ضارة.

16 ـ الحرمان من قول الحق يوقف ركب الحضارة، ولكن من الصلاح والحرية عدم نسيان الطبيعة البشرية وما جبلت عليه من ضعف.   

17 ـ لم يدفع أحد ضريبة سكان قلبي سواي.. لا يسكن قلبي سوى وحدة رحيل أمي، ودموع الأنا المنكسرة.

18 ـ وحدي: يختص الله برحمتي، يختص الله بتربية قلبي... الله الذي ربى موسى ويوسف عليهما السلام ما يزال موجودا.

19 ـ لا عوائق ولا حجب بينك وبين وحدتك، إنها مضاءة بوجه السماء.

20 ـ هناك معنى عميق لمفهوم "الدولة" وكذلك هناك معنى أعمق لمفهوم "دولة الحمير".

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.