}
عروض

"القوة الناعمة..." لحوراء حوماني: هوليوود في خدمة السياق السياسي

بيروت- ضفة ثالثة

29 نوفمبر 2022
 


القوة الناعمة، صورة الآخر/ العدو، تاريخ الصراع بين أميركا وإيران، سينما هوليوود كقوة ناعمة وغيرها من المفاهيم والآراء من نيتشه إلى نعوم تشومسكي وميشال فوكو وصاموئيل هنتغتون وفرانسيس فوكوياما وآخرين، ترصدها الكاتبة حوراء حوماني في كتابها "إيران وهوليوود.. القوة الناعمة لصناعة صورة الآخر" (رياض الريّس للكتب والنشر، 2022) حيث اشتغلت على سرديات الولايات المتحدة الأميركية المركزية في تبنّيها لمفهوم القوة الناعمة خلال العقدين الأخيرين كي تصل إلى أهدافها السياسية والاقتصادية من خلال وسائل غير عسكرية. ولأن هوليوود تعد عالميًا الوسيلة الأكثر انتشارًا ونشرًا لأفكار منتجيها ومموليها، جاء هذا الكتاب الذي يعدّ نتاجًا بحثيًا للكاتبة حوماني لتحديد كيفية صناعة وتوظيف القوة الناعمة الأميركية في سينما هوليوود التي تتناول إيران من خلال تحليل كل الأفلام التي أُنتجت بين الأعوام 1979 و2016 عنها و"كيف ركّزت هذه الأفلام في اتجاهاتها التصويرية لقوتها مقابل تشكيل صورة الآخر/ العدو بين الأعوام 1979 و2016؟" كما جاء في ديباجة الكتاب الذي ينقسم إلى سبعة فصول، ويقع في 312 صفحة.

مفهوم "القوة الناعمة"

تنطلق حوماني من تعريف مفهوم القوة الناعمة الذي كان مساعد وزير الدفاع للشؤون الأمنية في حكومة الرئيس الأميركي بيل كلينتون وأستاذ العلوم السياسية الأميركي، الباحث جوزيف ناي، أول من طرحه وهو "القدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية بدلًا من الإرغام أو دفع الأموال، وهي تنشأ من جاذبية ثقافة بلد ما، ومثله السياسة، وسياساته، فعندما تبدو سياستنا مشروعة في عيون الآخرين، تتسع قوتنا الناعمة". أما عالم السياسة الأميركي فرانسيس فوكوياما فيرى أن ترويج التنمية السياسية والاقتصادية لا يتم إلا من خلال القوة الناعمة التي يحدد أنها "قدرتنا على أن نصنع القدوة، وأن ندرب ونثقف، وأن نقدم الدعم مع المشورة، ومع المال في الأغلب". أما ركيزة أدوات القوة الناعمة فهي الإعلام بكل وسائله: السينما، وسائل التواصل الاجتماعي والفضاء الافتراضي، الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، الألعاب الإلكترونية، هذا بالإضافة إلى برامج تبادل الطلاب، الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، الشركات العابرة للقارات، الماركات التجارية العالمية، المشاهير، مراكز الأبحاث والدراسات، المنظمات الدولية.

وقد عمدت حوماني إلى وضع مقارنات بين القوة الناعمة والغزو الثقافي والحرب النفسية والدعاية، حيث يهدف الغزو الثقافي إلى إحلال معتقدات وثقافة جديدة مكان الثقافة والمعتقدات الوطنية الأساسية في البلد، كما تمت المقارنة بين القوة الناعمة والحرب النفسية. وتؤثر الحرب النفسية في أيديولوجيا وإرادة العدو واتجاهاته وحالته المعنوية والعاطفية بشكل مقنع ومستتر متسلحة تارة "بالخداع والكذب والتهديد والابتزاز وتهديم الأفكار". وتعد الدعاية، الشائعات، افتعال الأزمات، إثارة الرعب والفوضى، وغسيل الدماغ، من أساليب الحرب النفسية. وتستخدم ضمن هذه الأساليب مختلف الأدوات من الإذاعات والصحف والمجلات والأفلام السينمائية والملصقات والكتب والتلفزيون والمسارح والروايات، إلى جانب استخدام الأسلوب الثقافي أو التعليمي في إعطاء المنح الدراسية للشباب، وهي بذلك تعمل على المدى البعيد مثلها مثل القوة الناعمة. كما تعمل ميكانيزمات الحرب النفسية على تشجيع "مظاهر الانحلال الخلقي، إضعاف الشعور بالانتماء الوطني، إخراج المواطن من شعوره القومي، بث روح الأنانية والفردية، وتوزع أفكار التشكيك وروح الفرقة وانعدام الثقة".

وتوضح حوماني كيف تنبّهت أميركا إلى أهمية الدعاية في الحرب منذ الحرب العالمية الأولى، في تشبيه يتبنّاه العديد من الباحثين بين القوة والناعمة والدعاية، فقد أنشأ الأميركيون لجنة إعلامية خاصة بإدارة الصحافي جورج كريل ورأوها فرصة للترويج لأيديولوجيا الديموقراطية الأميركية، وبيّن الفيلسوف الفرنسي جاك إيلول كيف أن الولايات المتحدة الأميركية دشنت تقنيات الدعاية الحديثة سنة 1917 بهدف خدمة مبادئ وأفكار الديمقراطية الليبرالية، باعتبارها قضية شرعية، ولأن الدعاية الأميركية آنذاك قد أثبتت نجاعتها، اعترف أحد أهم جنرالات ألمانيا، وهو الجنرال إريش لودندورف، بما حققته "وزارة تدمير ثقة الألمان في أنفسهم" معبّرًا "لقد نوّمتنا دعاية العدو مغناطيسيًا مثلما تفعل الأفعى بالأرنب"، نسبة إلى الانهيار المعنوي الداخلي الذي أحدثته في الصفوف الألمانية وأدى إلى تفكك الإمبراطورية الألمانية من الداخل، وفقًا للكتاب. أما التشبيه الذي يتبنّاه عدد من الباحثين فهو بين القوة الناعمة والدبلوماسية العامة، ويعتبر الباحث مصطفى عبد الحميد أن الدبلوماسية هي كلاشينكوف القوة الناعمة. وتذكر حوماني أنه رغم الاعتراف بصعوبة قياس القوة الناعمة، إلا أن هناك جهتين تقومان سنويًا بقياس القوة الناعمة للدول في تصنيفين منفصلين، وهما شركة بورتلاند ومجلة مونوكل، أما مؤشرات القياس، وفق بورتلاند، فهي، الحكومة، الثقافة، الشراكة والانخراط، التعليم، الرقمنة والمشاريع.

الباحث جوزيف ناي كان أول من طرح مفهوم "القوة الناعمة"


عن تصنيف إيران أميركيًا

وتقتفي حوماني سردية التوافق الاستراتيجي بين أميركا وإيران منذ زمن الشاه، ثم الصراع بعد الثورة الإيرانية عام 1979، ويعود افتتان الغرب وأميركا بإيران إلى أسباب جيوسياسية واقتصادية؛ يذكر تشومسكي في كتابه "الهيمنة أم البقاء: السعي الأميركي إلى السيطرة على العالم" أن الرئيس الأميركي آيزنهاور اعتبر إيران أهم منطقة من الوجهة الاستراتيجية في العالم، كما وصف المخططون البريطانيون ثروات المنطقة عام 1947 بأنها جائزة حيوية لأي دولة معنية بممارسة النفوذ أو السيطرة عالميًا. ولم تتوانَ أميركا للحظة عن لعب دور المساند والحامي لإيران، إذ تعهدت بحماية الشاه مقابل تسخير إيران في صراعها الأيديولوجي ضد الاتحاد السوفياتي. وأسندت الولايات المتحدة صفة شرطي الخليج للشاه الجديد على لسان الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في خطوة تضمن لها حماية مصالحها في الشرق الأوسط. لكن بعد عام 1979، صُنّفت أميركا إيران كعدو يجب الوقوف بوجه تطوره وكمهدّد للسلم العالمي تجب معاقبته، واعتبر التحرر الإيراني من أسر السيطرة الأميركية وخروجها عن الصف "جريمة يجب أن تعاقب عليها"، كما يقول تشومسكي.

وتمضي حوماني في سرديّتها عن تصنيف إيران ضمن حلف المسلمين المتطرفين في العالم مقابل المعتدلين العرب، وحيث ارتقت في السنوات الأخيرة لتصبح أكثر الدول الراعية للإرهاب نشاطًا، بحسب التقارير السنوية لتحديد الدول الراعية للإرهاب التي تصدرها وزارة الخارجية الأميركية، وذلك في إشارة إلى دعم حركات المقاومة أي حزب الله اللبناني وفصائل المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني، فقد اختصر وزير الدفاع الإسرائيلي (السابق) أفيغدور ليبرمان التحديات في الشرق الأوسط بثلاث كلمات: "إيران وإيران وإيران". كما اعتبر واحد من أبرز المحافظين الجدد في أميركا، جون بولتون، أن القدرات النووية الإيرانية ستغيّر مفاهيم التوازن العسكري في المنطقة، ويمكن أن تفرض تحديات جدية على الولايات المتحدة فيما يتعلق بالردع والدفاع. ويعتبر الكاتب والسياسي دانييل بايبس أن العدو الذي يهدد الولايات المتحدة منذ الثورة الخمينية عام 1979، وبعد أن انحسر اليسار الشيوعي واليمين الفاشي في أوروبا، هو الإسلام الاحتجاجي ويستهدف بوضوح الحضارة الغربية، وسيكون مصدر قلق العالم الغربي لعقود قادمة.

ويرُجع كثير من المتخصصين أسباب الصراع بين إيران وأميركا إلى أسباب اقتصادية، إذ تضع الأخيرة مصالحها الاقتصادية والمالية والتجارية والنفطية على سلّم الأولويات في سياستها الخارجية ومواقفها من الأطراف العالمية وتصنيفاتها لهم، وتبقى السيطرة على الطاقة هي الأهم بالنسبة لأميركا. ويتم تصوير طهران على أنها قمة ما يُدعى الهلال الشيعي الذي يمتد من إيران إلى حزب الله في لبنان، مخترقًا جنوب العراق وسورية. وبسبب الطبيعة الجغرافية لهذه المنطقة، ووقوع مصادر نفط وغاز طبيعي رئيسية فيها، يتمثل الكابوس الأسوأ بالنسبة لواشنطن بترك "التحالف الشيعي يسيطر على معظم النفط في العالم بشكل مستقل عن الولايات المتحدة"، كما يقول تشومسكي.

يتمثل الكابوس الأسوأ بالنسبة لواشنطن بـ"ترك التحالف الشيعي يسيطر على معظم النفط في العالم بشكل مستقل عن الولايات المتحدة"، كما يقول تشومسكي


ويعتقد الباحثان لورانس كابلن وويليام كريستول أنه لدى التعامل مع "أنظمة الطغيان" مثل إيران، "على الولايات المتحدة أن تبحث عن تغييرها، وليس التعايش معها كهدف أولي لسياسة أميركا الخارجية"، ولكن عدم الإقدام على تنفيذ هذا الخيار بالقوة يعود بالدرجة الأولى إلى الخوف من أن تكون تكاليف حرب كهذه أكبر بكثير من عائداتها، أما خيار العقوبات الذي تبنته أميركا ضد إيران، والذي بدأ مع احتجاز الرهائن عام 1979، فلم يغّير من سياسة إيران في الشرق الأوسط في أي عهد سياسي أميركي. ومن ضمن مقاربة جديدة للملف الإيراني، برأي الإعلامية حوماني، فضّل الرئيس الأميركي باراك أوباما في عهده استبعاد الخيار العسكري، معتبرًا أنه غير مجد. وبالرغم من زيادة العقوبات على إيران، إلا أن الإدارة الأميركية تبنت توظيف خيار القوة الناعمة تجاه إيران بشكل علني، وقد اعتبر أوباما أن الاتفاق النووي هو جزء من الدبلوماسية الذكية كإحدى أدوات القوة الناعمة.

ومن ضمن أدوات القوة الناعمة الأميركية الإعلامية أن أميركا تعمد إلى تمويل أو تقديم مساعدات سنوية لوسائل إعلامية أميركية ناطقة بالفارسية وأخرى محلية معارضة للوصول إلى الشارع الإيراني. وقد تعددت القنوات الأجنبية الناطقة بالفارسية في إيران، ليصل عددها إلى عشرين قناة معظمها يبث من أميركا أو دبي. لكن السينما تعدّ لقوتها وتأثيرها على شعوب العالم بمثابة "السلاح النووي للقوة الناعمة الأميركية"، برأي حوماني، وهناك العديد من أفلام هوليوود التي استهدفت إيران منذ انتصار الثورة عام 1979 وحتى عام 2016، وقد بلغ عددها 24 فيلمًا.

يقول جوزيف ناي إن هوليوود هي أكبر مروّج للرموز البصرية، وإن مصانعها أكثر ترويجًا للقوة الناعمة الأميركية من جامعة عريقة كجامعة هارفرد. وقد كشف الكاتب الفرنسي جان ميشال فالانتين عن التعاون الدائم بين وزارة الدفاع الأميركية واستديوهات هوليوود. مع العلم أن تدخّل البنتاغون في هوليوود يعود إلى أوائل القرن العشرين، وحين سُئل الممثل والمخرج الأميركي بن أفليك عن علاقة هوليوود بالـCIA، أجاب: "أعتقد أن هوليوود مليئة على الأغلب بعملاء للـCIA". وبحسب توثيق الكاتب الأميركي جاك شاهين في كتابه: "العرب الأشرار.. كيف تشوه هوليوود الشعوب" فقد تم تصوير العربي في هوليوود خلال قرن من الزمن على أنه قاتل، شرير، عدو، بلا قلب، غير متحضر، يتجاهل النساء، وإرهابي خاصة تجاه اليهود. وتم اختزاله في أغلب الأفلام ضمن ثلاثية "3B: Belly, Billionaire, Bomber" أي الراقص الشرقي، الانتحاري، والبليونير، وتكريس أن "الكراهية في عينيه والله على شفتيه"، على حد تعبير شاهين.

كذلك حظيت الصين بنصيب من هذا التنميط في ثلاثينيات القرن الماضي، إلا إن ذلك تغير الآن بعد استثناء الصين اليوم من هذه الشيطنة بسبب الخوف من خسارة سوق بحجم السوق الصينية لاستهلاك الأفلام. وقد حملت الأفلام الأميركية القيم الأميركية وروّجت للنمط الاستهلاكي وكرّست رموز الثقافة الشعبية الأميركية من اللباس والأطعمة السريعة والمشروبات ومستحضرات التجميل وأماكن التسوق التي تمثل رفاهية الفرد بمجرد اقتنائها أو زيارتها.

حين سُئل الممثل والمخرج الأميركي بن أفليك عن علاقة هوليوود بالـCIA، أجاب: "أعتقد أن هوليوود مليئة على الأغلب بعملاء للـCIA"


واستندت حوماني في بحثها على عدد من النظريات التي تساعد على فهم وتحليل وتأويل مضمون الخطاب السينمائي الأميركي، وهي "النظرية النقدية"، "فصنّاع الثقافة الاستهلاكية يصنعون له عالمه، ويشكلون له القيم التي يعتنقها، ويغرسون في ذهنه الصور التي يريدون لها أن تستقر. إنهم باختصار يصنعون له قفصًا حديديًا لا فكاك منه"، وتهتم هذه النظرية بنقد الفن في هذه المجتمعات الحديثة، لكن قلق النقدية ليس نابعًا من انتشار الفن إنما من "إخضاعه للمؤسسات الاقتصادية والسياسية والثقافية". وهناك "النظرية الإمبريالية"، فالإمبريالية الثقافية للدول الرأسمالية تفرض الحداثة على باقي الدول عبر الإعلام والبيروقراطية والعلوم والمؤسسات الاجتماعية والاقتصادية الغربية التي تحول الثقافة المعاشة للرأسمالية إلى الدول غير الغربية. ويجد النقديون "أن الثقافة والحداثة سجن عالمي" وتعد الإمبريالية الثقافية الخاصية الأساسية في نقد الفيلسوف الألماني كارل ماركس لنظرية الإعلام، إذ يعتبر أن أفكار الطبقة المسيطرة هي الأفكار المسيطرة في كل العصور، وأن وسائل الإعلام الجماهيرية تعكس قيم ومبادئ الطبقة الحاكمة وتستخدم لتحقيق أهدافها. ويعتبر المفكر الفلسطيني الأميركي إدوارد سعيد أنه على الرغم من انتهاء الاستعمار المباشر وعصر الإمبراطوريات بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أنه ترك إرثًا يتمثل بالإمبريالية الثقافية. ومن الباحثين من اعتبر أن الإمبريالية الثقافية شبيهة بالغزو الثقافي أو الاستعمار الثقافي الذي مارسته أميركا للترويج لتفوق ثقافتها وقيمها بحيث صارت الثقافة السلاح الأهم من أجل ترسيخ الهيمنة.

كما تناولت حوماني "نظرية المركزية العرقية"، ويُعتقد أن الغرب الحديث قد ورث النظرة الدونية للآخر من اليونان؛ "فقد كانت أثينا أكبر مالكة للعبيد في الشرق الأوسط في منتصف القرن الرابع قبل الميلاد"، وكان أرسطو يعتبر كل آخر غريب "هدفًا للمطاردة، أي أصبح عبدًا"، مع العلم أن الآخر هو من لم يتمكن بنظره من استخدام وفهم اللغة اليونانية. وقد تكرّر وصف "الآخر" في تصنيف البشر، "الآخر" بصفته شرقًا أو غربًا، "الآخر" في الدين، "الآخر" كقوة عظمى نديّة تنافس نظيرتها في السيطرة على البقية، "الآخر" المحكوم عند الفيلسوف الإيطالي مكيافيلي في الأمير، "الآخر" رب العمل عند الفيلسوف الألماني كارل ماركس في رأس المال، "الآخر" بصفته حاكمًا مستبدًا لدى الكاتب البريطاني جورج أورويل.

 

الأفلام وتحليلها

أمامنا في هذا الكتاب تحليل كمي ونوعي لـ 24 فيلمًا هوليووديًا عن إيران، كأن حوماني تدخل في الطبقات الجوانية لهذه الأفلام، في مكاشفة تشريحية لأهداف صنّاع هذه الأفلام.

وقبل التحليل عمدت حوماني إلى تصنيف الأفلام، ويتبيّن أن ثلث الأفلام أنتجت استنادًا إلى قصص واقعية أما الباقي فهي قصص خيالية. ومن هذه الأفلام فيلم Argo الذي يوثق لأحداث احتجاز الرهائن الأميركيين في السفارة الأميركية في إيران بعد اقتحامها من قبل الطلاب المحتجين عام 1979.

كما عملت حوماني على تصنيف الأفلام من حيث الفترة الزمنية التي يغطيها كل فيلم، حيث أن 21% تتناول الإمبراطورية الفارسية، فيما 4% تستشرف المستقبل. كما تم تصنيف الأفلام بحسب موضوعها السياسي أو الاجتماعي أو التاريخي أو الخيالي والملحمي. وقد احتلت قضايا التمييز الطائفي والمعارضة الداخلية 12.5% من الأفلام، ويسجل الاتفاق النووي 29% من الأفلام، وقضية رعاية الإرهاب 29%، أما القضايا الدينية فاحتلت 12%. أيضًا شملت بعض الأفلام قضايا اقتصادية وحقوقية وفساد اجتماعي. أما بالنسبة للحقب الزمنية، فكان هناك فيلم وحيد أنتج بين الأعوام 1979 و1989 حياديًا، أما الأفلام الباقية فكان اتجاهها سلبيًا وسلبيا جدًا، وقد ظهر النظام الإسلامي في إيران بصورة المتشدد والقمعي، وظهر رجل الدين الإيراني كشخص مستغل لسلطته الدينية/ مرتشٍ/ فاسد/ ظالم/ شرير/ ومحب للنساء. وبالانتقال إلى صورة المرأة المؤيدة للنظام في الأفلام، نجد أن الجانب الغربي/ الأميركي يجسّدها بصورة المعنَّفة والضعيفة من جهة، والمتشددة من جهة أخرى. ويصفها بالسارقة في أحد الأفلام في إشارة إلى أن إيمانها لم يمنعها من اقتراف الأخطاء. وتسجّل المصطلحات الحرفية التي استخدمت في الأفلام لوصف الإيراني المؤيد للنظام نسبة 86% للمصطلحات السلبية مثل عديم الشرف/ وغد/ خبيث/ سافل/ متعصب/ متخلف/ جاهل/ بدائي/ مجرم/ ومستولٍ على السلطة، و14% للمصطلحات الإيجابية.

لا شك في أن هذا الكتاب يعدّ إضافة معرفية للمكتبة العربية في المجال الإعلامي والسينمائي والسيميائي للأستاذة الجامعية حوماني التي تُنهي كتابها بالتأكيد على اتجاه أفلام هوليوود من حيث السلبية في التعاطي مع الملف الإيراني في أغلب الأفلام ليؤكد هذا الكتاب على توظيف هوليوود من قبل السياسة الأميركية في خدمة السياق السياسي العام والخاص، ودورها في تشكيل اتجاهات الرأي العام العالمي المشاهد والمتلقي لهذه الصور التي تُبث ضمن أفلام هوليوود التي تجوب العالم. ومن الملفت، تقول الكاتبة، إيجاد خطوط تشابه والتقاء بين ما توصلت إليه النتائج العلمية في هذا الكتاب وبين الخطاب السياسي الأميركي الذي تزخر به وسائل الإعلام العالمية والمحافل الدولية.


* يُذكر أن الكاتبة حوماني ستُوقّع كتابها "إيران وهوليوود.. القوة الناعمة لصناعة صورة الآخر" في معرض الكتاب الدولي 64 في بيروت، يوم الأحد 4 كانون الأول/ ديسمبر 2022 في جناح دار الريّس للكتب والنشر.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.