}
عروض

"زواج المبدعين" لشوقي بزيع: سيميائية الداخل وأعمق من سيرة

دارين حوماني

9 ديسمبر 2022

 


قبل شروعه بسرد حكاياته عن أبرز المبدعين في كتابه "زواج المبدعين- ثراء المتخيل وفقر الواقع" (دار مسكلياني، تونس، 2022) متناولًا فيه حياة اثنين وثلاثين ثنائيًّا زوجيًّا، يكتب الشاعر شوقي بزيع مقدّمة مطوّلة يشرّح فيها تلك العلاقة بين الإبداع والحياة محدّدًا تلك الإشكالية بكون المبدع يشتغل على مادة لانهائية وغير محدودة وبالغة الاتساع في حين أن الحياة نفسها قصيرة وسريعة الانقضاء. ويطلق بزيع تشبيهًا بين الشعر والحب من جهة، وبين النثر والزواج من جهة أخرى، معتبرًا أن الحب هو الدافع للإلهام، وأن الخلل القائم بين مؤسسة الزواج والإبداع هو خلل متصل بطبيعة كل منهما وبنيته وشروطه حيث التسويات والتنازلات المتبادلة التي توفر للأولى أسباب النجاح، هي نفسها مقتل الثاني وأداة إجهاضه المثلى، ومؤكدًا على الدور المحوري الذي يلعبه الفقدان في عملية الإبداع.

ويسجّل صاحب "قمصان يوسف" في مقدمته رؤية الفلاسفة والأدباء عن المرأة والزواج، فينطلق من سقراط مرورًا بأفلاطون وجان جاك روسو وآرثر شوبنهاور وروبير مونتاني ونيتشه وغاستون باشلار وصولًا إلى صادق جلال العظم وأدونيس وآخرين. فسقراط الذي كانت زوجته تضربه يقول لتلامذته: "الرجل في حال ارتباطه بامرأة فاضلة ومتفهمة، سيصبح سعيدًا، أما في حال العكس فسيصبح فيلسوفًا"، وهو يعني نفسه بشكل ضمني. أما روسو، فعلى الرغم من أنه يعتبر المرأة مساوية للرجل في الحقوق والواجبات إلا أنه في مكان آخر ينتقد دعوة أفلاطون إلى قيام النساء بمهمات الرجال، ويعتبر أن المرأة ينبغي أن تتفانى في إرضاء الزوج والانصياع لرغباته، إضافة إلى تربية الأبناء، كما أن من حق الرجل مراقبتها بشكل دائم. ويذكر بزيع أن شوبنهاور كان يكره النساء ويعتبر أنهن من خلال الإنجاب السبب الأساس في تمديد الشقاء البشري، والمرأة عنده "كائن تافه ومنافق لا بد من تدميره"، وأنه "على الرجل أن يعدّد زوجاته، لأن الزواج من امرأة واحدة هو السبب الأهم لاستشراء ظاهرة الدعارة والزنا وانتشار العاهرات".

ويعتبر نيتشه أن "الارتباط الزوجي يحوك حول عنق الرجل خيوطًا كخيوط العنكبوت، أما الزوجات فيسلبن بإرادتهن الكاملة زخم الاندفاع الداخلي للروح البطولية، وأن الزواج هو فقر الروح وقذارة النفس والهناء الشقي الذي يتشارك فيه شخصان اثنان". ويرى مونتاني أن الجنس بين الزوجين اللذين يتحولان مع الزمن إلى صديقين أو قريبين، يجب أن ينحصر بالإنجاب، وإلا أصبح نوعًا من سفاح القربى أو زنى المحارم. أما باشلار فيرى أن كنف العائلة الذي يتوق إليه أي إنسان يشكّل الضربة القاصمة للإلهام الذي يتعذر أن يؤتي ثماره إلا في مناخ من العزلة الكاملة والاختلاء العميق بالذات.

وفي حواره مع ابنته نينار يقول أدونيس: "إن العلاقة الحرة وغير المشروطة هي الصيغة المثلى للارتباط بين شخصين متحابين، وإن "مؤسسة الزواج صارت مؤسسة نافلة وينبغي إلغاؤها". ويشير بزيع إلى أن محمود درويش كان يعتبر أن ما ترتّبه الزوجة على الكاتب من أعباء، هو أقل بكثير مما يرتّبه الأطفال الذين لن يستطيع فكاكًا عنهم.

 آرثر ميلر ومارلين مونرو (Photo by Keystone/Getty Images)


"هل المبدعون عشاق ناجحون وأزواج فاشلون؟"

يضع شوقي بزيع هذا العنوان وهو يلتقط اللحظات الزوجية لهؤلاء المبدعين وما قبل تلك اللحظات وما بعدها، لا بشكل سردي بل بشكل تحليلي لصور ومناطق غير مضيئة من حياتهم، مضيفًا إليها رؤيته الخاصة حيث كان ثمة جدران عازلة للحب وأخرى عازلة للألم. يبدأ بزيع من العطب الداخلي للإنكليزي تشارلز ديكنز الناجم عن ظمئه المفرط إلى الحنان والحب الأموميين في علاقاته بالنساء، فقد كابد في طفولته وأجبره والده على العمل في محل لصباغة الجلود في مبنى متصدع ومليء بالجرذان وهو في الثانية عشرة من عمره، أما الأمر الأكثر إيلامًا بالنسبة له، فقد تمثّل في انحياز أمه المخزي لأبيه. كان ديكنز في الثالثة والعشرين من عمره، حين التقى بكاثرين بوغارت، ولكن انصراف الزوجة إلى الإنجاب القياسي هو أحد الأسباب الرئيسية التي حدت بديكنز إلى النفور من جسدها. ويروي أصدقاء لديكنز أنهما كفا عن زيارة الكاتب في منزله "احتجاجًا على تعامله القاسي مع كاثرين". لكن ديكنز من جهته ينفي ذلك ويقول بأنه كان يعيش مع كاثرين في حالة من البؤس المزري. كما يُجمع كاتبو سيرة ديكنز على أنه ربطت علاقة مريبة بين ديكنز وبين شقيقتي زوجته، ماري وجورجينا، ثم العلاقة الغرامية التي ربطت ديكنز بالممثلة الشابة إيلين تيرنان، وكانت القشة التي قصمت ظهر العلاقة بين ديكنز وكاثرين.

وفي إيطاليا كانت زوجة ألبرتو مورافيا، إيلسا مورانته تقول له: "لا أحد يحبك، والأكيد أن أحدًا لن يحبك". وحيث استثمرت إيلسا بمكر، وفق بزيع، نظرية زوجها المتعلقة بثقل المؤسسة المرهق وحاجة طرفيها إلى الحرية، لتدخل في غير علاقة غرامية، دون أي شعور بالذنب، ورغم تعاسته لم يعمد إلى تقريعها، بل راح يحدثها عن الكوابيس التي كانت تداهمه في الليل، ولم يعمد إلى تطليقها، وفي المقابل كان يكرر في رسائله لها أثناء سفره عبارات "أنا لا أستطيع الحياة من دونك، لا أريد الانفصال عنك، وأنت أكثر الذين أحببتهم في العالم". والأرجح، يرى بزيع، أن ما ساعد الزوجين على إطالة فترة التفاهم والانسجام، لم يكن الحب وحده، بل مطاردتهما الشرسة من قبل النظام الفاشي.

وعن حياة مارلين مونرو التي لم يكن يتسرّب الضوء من طفولتها القاتمة في ميتم وتعرّضها طفلةً للاغتصاب، يحكي بزيع تفاصيل كرهها للعلاقات الجنسية ثم زواجها الثاني حتى لقائها بالكاتب آرثر ميلر حيث بذلا جهودًا مضنية لاستمرار زواجهما لخمس سنوات لما يفصلهما من تباينات، وقد دعمها وكتب لها سيناريو فيلم وحثّها على التنقيب عن جمالها الآخر الذي يشع من جهة الروح والمعرفة، وصولًا إلى تحريضها على الكتابة. لكن ميلر لم يستسغ أداء زوجته المفرط في الجرأة وخصوصًا في فيلم "دعنا نمارس الحب" لتسود حالة من الفوضى الزوجية وتبدأ مارلين فترة الإدمان على الكحول وتعاطي المخدرات وصولًا إلى الانفصال النهائي. ويذكر بزيع أنه بينما وصفها ميلر من جهته بالفتاة الأكثر حزنًا التي قابلها في حياته، وبأنها "أشبه بشاعرة تقف على ناصية الطريق لكي تتلو قصائدها أمام جمهور لا يهمه سوى شدّ ملابسها قدر ما يستطيع"، أهدته من جهتها قصيدة كتبتها بنفسها له.

ومن مذكرات صوفيا أندرييفنا التي أصدرتها بُعيْد رحيل زوجها الروسي ليف تولستوي يقرأ بزيع الصورة البانورامية التي صاغتها الزوجة عن علاقتها الصعبة بزوجها، وقد رأت في تذرّعه بالكتابة لتبرير انصرافه عنها، وعن أبنائهما الستة عشر، ولكنها لم تترك أي فرصة تُذكر دون أن تعترف بحبها المطلق لتولستوي. كما لم تستطع الزوجة المثقلة بالوحشة، والتي لاحقها على امتداد حياتها هاجس الانتحار، أن تجد تفسيرًا مقنعًا لما رأت فيه نوعًا من السلوك الفصامي لذلك الذي "يطعم مئات الجياع، فيما هو يهمل أبناءه تمامًا، ولا ينفك يدعو أتباعه إلى الفضيلة والترّفع عن الشهوات، فيما رواياته تدعو إلى الجنس والرذيلة". ويدخل بزيع مع صوفيا وهي تقرأ خلسة مذكرات زوجها، فيقول إن ذلك أصابها بالهلع والصدمة التامة، إذ أن تولستوي يصفها بالحمقاء وبالشريرة التي تضيق عليه الخناق وتعمل على عزله عن أصدقائه، ووأد طاقته الإبداعية. لكن ابنتهما ألكسندرا، يقول بزيع، ستكتب فيما بعد في مذكراتها "إن والدي كان يذوب كل يوم بسبب والدتي. لم يكن يريد الوقوف ضدها".

فريدا كاهلو ودييغو ريفييرا 


ويشتغل شاعرنا في المساحة العربية التي لم توفّر تفاصيل كثيرة إلا ما ندر، فيسرد حكاية آمال جنبلاط مع سعيد عقل الذي كان يقول بأن المرأتين الوحيدتين اللتين أحبهما هما مريم العذراء وأمه. ويتساءل بزيع عن الأسباب التي حدت بسعيد عقل، وهو في السبعين من عمره، إلى تجاوز مخاوفه المزمنة من الارتباط الزوجي، وصولًا إلى عقد قرانه على الشاعرة الشابة آمال جنبلاط، في الثاني من نيسان/ أبريل 1982، وهي التي رأت في سعيد عقل النموذج الأكثر بهاء للفحولة الشعرية، ولم ترَ في فارق العمر الذي يفصلها عنه ما يُفسد إعجابها به كشاعر متفرد ذي كاريزما لافتة. وفي حوار جمعهما تحدّث الزوجان بنبرة متفائلة عن حبهما المتجدّد، وعن رغبتهما في الإنجاب، وصولًا إلى تعويلهما المشترك على تحويل زواجهما العابر للطوائف إلى نموذج للوحدة والانصهار الوطنيين (سعيد عقل مسيحي وآمال جنبلاط درزية). لكن سرعان ما تسبّب المسرح الضيق للعلاقة، وفق بزيع، في انكشاف الهوة العميقة التي تفصل بين الزوجة الطافحة بالحيوية، والمتقلبة مزاجيًا، والمصابة بنوع من الاكتئاب وبين الزوج المفرط في اعتداده بنفسه. وبعد شهرين من الزواج ستسدّد جنبلاط طلقة في رأسها فيقول بزيع: "إذا كانت المسافة الفاصلة بين الطلقتين اللتين سددهما كلّ من آمال جنبلاط وخليل حاوي نحو رأسيهما المثخنين بالكوابيس لا تتجاوز الأيام المعدودة، فإن كلًا منهما كان يعبر على طريقته عن احتجاجه الصارخ على بؤس العالم وفساده وانسداد أفقه".

أما سيلفيا بلاث فلم تكن حياتها وردية قبل لقائها بتيد هيوز، وفق صاحب "الحياة كما لم تحدث"، غير أن اعترافات بلاث خلال سنوات الزواج الأولى تتضمن خيانة هيوز الموصوفة والعلنية لزوجته الحساسة والمثقلة بالخيبات منذ الصغر، وما زاد من ألم بلاث أنه كان يخونها مع أقرب صديقاتها لها. ورغم افتنان سيلفيا بزوجها الذي رأت أنه قطع أشواطًا بعيدة على طريق الإبداع، إلا أنها رأت أيضًا في أنانيته المتسلطة ما يتعارض تمامًا مع صورة الشاعر المرهف حيث وصفته في إحدى رسائلها بمصاص للدماء، وكتبت إلى صديقتها بأنه كان غاضبًا لأنها لم تنتحر، وأنه سيشعر بالراحة لو أنها أفلحت في ذلك، ووفرت عليه عناء المهمة. ويخبر تيد صديقه "إن بلاث في إحدى نوبات الغضب والغيرة قد مزقت كل أعماله الشعرية"، ويكتب بزيع: "الغريب في الأمر أن إنجاب بلاث لطفليها فريدا ونيكولاس، لم يسهم على الإطلاق في ترميم العلاقة المتداعية بين الزوجين، وإذ تحولت حياتها إلى جحيم انفصل الزوجان في مطلع الستينيات، وفي عام 1963 اتخذت الشاعرة قرارها الحاسم بالانتحار.

ويصوغ صاحب "فراديس الوحشة" بورتريه لحياة فريدا كاهلو من طفولتها إلى تخلي حبيبها عنها بعد الحادث الذي تعرضت له وصولًا إلى زواجها من دييغو ريفييرا. وهو الزواج الذي كان موصولًا بالمغامرات الخيانية التي اقترفاها بالتساوي، والتي تذكّرنا، يقول بزيع، بالمغامرات المماثلة لجان بول سارتر وسيمون دي بوفوار، فقد ظلت هذه الخيانات ملازمة للسطوح الظاهرة من جسديهما المترعين بالنزق، أما في الأعماق الأخيرة للأواصر، فقد جمعهما كل شيء آخر، بدءًا من الكيمياء الشخصية والافتتان المتبادل والشغف بالحياة، مرورًا بالانتماء العقائدي والرؤية إلى العالم، ووصولًا إلى احترام كل منهما لعبقرية الآخر ومنجزه الإبداعي. ولم يكن دييغو يبدي أي تذمر إزاء النزوع المثلي لزوجته لكنه لم يكن متساهلًا إزاء علاقتها بالرجال، ولم يتوان عن إشهار مسدسه في وجه النحات المكسيكي إيسامونو غوتشي، مهددًا إياه بالقتل إذا لم يقطع علاقته بفريدا، كما أن ليون تروتسكي الهارب من بطش ستالين، والذي كان صديقًا لدييغو وقدّم له منزله للإقامة فيه، لم تتردد كاهلو من خيانة زوجها معه انتقامًا من خيانته لها. ورغم طلاقهما في وقت لاحق، إلا أن دييغو قال عنها: "لو أنني فارقتُ الحياة دون أن أعرفها، كنت سأموت من دون معرفتي بالمرأة الحقيقية".

أما الشاعر الأميركي الإنكليزي ت. إس. إليوت فقد آثر العزلة والانفراد طفلًا بسب خجله الشديد والذي كان له وجهه الإيجابي المتمثل بإدمانه على القراءة. ولعبت الكنيسة الكاثوليكية دورًا في بلورة معتقداته الروحية والفكرية لاحقًا، ومواقف أبيه المتشددة إزاء القضايا العاطفية والعلاقات الجنسية بوصفها نوعًا من القذارة، ومع أن تلك الهواجس لم تمنعه من الوقوع في حب زميلته في هارفارد، إميلي هيل، فإن إليوت لم يتمكن من مفاتحتها بمشاعره بسبب الخجل والخوف إلا بعد مغادرته أميركا إلى لندن، حيث تبادل معها الرسائل العاطفية التي قطعها زواجه المفاجئ من فيفيان هايوود. ويذكر بزيع أن إليوت لم يكن لدى تعرّفه بهايوود قد اختبر بعد أي تجربة جنسية فعلية، وأنه كان يفتقر حينها إلى النضج الوجداني، فيما كانت فيفيان تفتقر إلى الاتزان العاطفي والعقلي. إذ سرعان ما تبين أن الزوجة المفرطة في حيويتها الجنسية والعاطفية، هي النقيض الضدي للزوج "العذري"، حيث تدهورت العلاقة بسبب نظرتهما المتباينة إلى الشهوة الجسدية، كما يقول صديقهما برتراند رسل. ويضيف بزيع أن إليوت كان يعتبر الفعل الجنسي شكلًا من أشكال العنف والفعل العدائي وأن السبب الفعلي لابتعاده عن الفراش الزوجي هو "نفوره من شراهة زوجته الجنسية والتفاقم المأساوي لحالتها العصبية والعقلية".

إليوت وفيفيان هايوود (TS Eliot Foundation)


"هل تتزوجينني؟"، قال الشاعر الثلاثيني للفتاة الدمشقية ذات التسعة عشر ربيعًا متخطيًا فارق السن والظروف الاجتماعية وخوفه المرَضي من قيود المؤسسة الزوجية. بهذه الكلمات يحدّثنا شوقي بزيع عن صديقه الشاعر محمود درويش وعلاقته بزوجته رنا قباني. هذا الزواج المفاجئ قابلته متاعب كثيرة في بيروت إبان الحرب الأهلية اللبنانية حيث سكن الزوجان في الطابق الثامن من أحد مباني بيروت مع انقطاع الكهرباء والمياه وغياب التدفئة وتحوّل العاصمة اللبنانية إلى مدينة للأشباح، وكان الجانب الرومانسي من العلاقة يخلي مكانه لمشاعر أخرى أكثر تعقيدًا وأقل وردية. ولكن الموضوع لم يقتصر على الظروف الصعبة التي عاشاها فقد نقل أحد أصدقاء درويش أنه لدى شروع زوجته بتعليق ملابسها في خزانة ثيابه، انتبه فجأة إلى تناقص الهواء من حوله. وتقرّ قباني أن درويش لم يخلص في قرارته إلا لقصيدته، وبأنه "لم يُخلق ليكون أبًا وزوجًا ورب أسرة. إنه شاعر رائع ولكنه زوج فاشل". ويحكي بزيع تفاصيل لقاء جمعه بدرويش وممدوح عدوان بالقاهرة وكان موقف درويش من الزواج بوصفه المحاولة المثلى لاغتيال الإبداع، "على أن ما لفتنا يومها كان موقفه الأكثر سلبية من الإنجاب، الذي اعتبره محمود أخطر على الكاتب من الزواج نفسه. وحيث تحدّث عن إكراه زوجته الحامل رنا قباني على التخلص من الجنين". انفصل الزوجان بعد سنتين. ولم يكن نصيب محمود من زواجه الثاني بالكاتبة المصرية حياة الهيني بأفضل، يقول درويش: "انفصلنا بسلام. لم أتزوج مرة ثالثة ولن أتزوج. إنني مدمن على الوحدة، ولم أشأ أبدًا أن يكون لي أولاد. قد أكون خائفًا من المسؤولية، والشعر هو محور حياتي، فما يساعد شعري أفعله، وما يضره أتجنبه".

"لم يكن يوسف حنونًا ورقيقًا كما ينبغي لرجل أن يفعل مع صبية رقيقة، تركت كل شيء وراءها وانتقلت إلى بلد غريب لتكون شريكته. لقد جسّد في سلوكه معي كل صور القسوة والاستحواذ والتسلط الذكوري على المرأة"- هذا ما تقوله الشاعرة السورية مها بيرقدار عن الشاعر يوسف الخال، متحدثة عن العلاقة غير المتكافئة بين الزوجة الشابة التي كانتها وبين الرجل الكهل الذي كانت ترى فيه صورة الأب، وتخجل من معاندته. يُطلعنا بزيع على حديث بيرقدار عن إدمان زوجها على التدخين وتناول الكحول والسهر المتأخر، فضلًا عن عدم اكتراثه بوحدتها المتنامية، وكيف اتسم سلوكه معها بالقسوة و"لم يخلُ من التعنيف الكلامي، لكنه لم يصل إلى العنف الجسدي إلا مرات قليلة". أما يوسف الخال فكان يقول: "لا أعتقد أن أية امرأة لعبت دورًا رئيسيًا في حياتي، فأنا أحب عِشرة النساء، لكنني لا أحب النساء، لا أحب جنسهن، أتعب وأضجر منهن. بيني وبينهن جدار لا يُخرق، ولا أذكر أنني استسلمت في حياتي لحب امرأة". وتخبر بيرقدار أنه أبدى تعلقًا خاصًا بابنه الأصغر يوسف إلى حد منحه اسمه واهتمامه بعد أن رأى فيه شبيهه وامتداده الذكوري، ولكنه لم يعطِ الاهتمام نفسه لابنته ورد، بل كان شديد الخشية من أن تتسبب له حين بلوغها المراهقة بالكثير من المتاعب. ورغم معاملته القاسية، فحين مرض الشاعر كانت بيرقدار قربه تعتني به طوال الوقت حتى قال لها: "يا مرا، صار لازم تنتحري.. لأنك طيبة القلب أكثر من اللازم".

بيكاسو وفرانسواز جيلو (airmail.news)


فارق السن نفسه كان أيضًا بين بيكاسو والفنانة الشابة فرانسواز جيلو، التي لم يتجاوز عمرها الاثنين وعشرين عامًا والعبقري الكهل كان عمره يناهز الرابعة والستين. أصدرت جيلو كتابًا عن بيكاسو، تحكي فيه عن الجانب الإبداعي وأعماله وآرائه ومواقفه المناهضة للنازية، وصداقاته مع الكتاب والفلاسفة والفنانين وشبهات الغيرة بينهم، أما القسم الثاني فيحكي عن نزق الفنان ومزاجه المتبدل وعلاقته المضطربة بها، التي جنحت رغم بعض الفسحات الحميمة الهانئة نحو التدهور المطرّد وسوء التفاهم المرير. وينقل لنا بزيع أن جيلو توقفت عن الرسم لثلاث سنوات كي تتخلص من تأثيرات زوجها، ولم يكن التناغم الفني والفكري بين الزوجين يكفي وحده لرفد حياتهما المشتركة بما يلزمها من عوامل الطمأنينة والتفاهم. فبعد فترة قليلة من الزواج لم يتأخر بيكاسو في الكشف عن نرجسيته ونزوعه المرَضي إلى التملك وسقوطه السريع في الملل والحاجة إلى التغيير. وكانت تعرف جيلو مزاجه حيث قال لها خلال فترة التعارف "ينبغي أن لا نلتقي كثيرًا". كما قالت لها إحدى صديقاتها: "كيف تستطيعين العيش مع وحش كهذا". وما يؤكد عزم جيلو على دفع ثمن زواجها هو معرفتها المسبقة بالسيرة العاطفية المعقدة لزوجها المهووس بالنساء. كما أنها لم تعر بالًا يُذكر لزوجاته الثلاث السابقات اللاتي ظللن يطاردنه وكانت كل واحدة منهن تأمل باستعادته من جديد.

في كتابه "محمد الماغوط... رسائل الجوع والفقر" يكشف عيسى الماغوط عن جوانب خفية وهامة من سيرة أخيه الأكبر وعن الظروف القاسية التي أحاطت بطفولته والخلفية الاجتماعية البائسة لحياة الشاعر. وينقل عيسى عن امتعاض الماغوط الشديد من فشل زوجته سنية صالح بلعب دورها كأم لطفلتين، ومن الامتناع الكلي عن إرضاع طفلتيها الصغيرتين رغم إلحاحه، وتقاعسها عن القيام بأبسط واجباتها الزوجية. وحيث قال له مرة إنه لم يشم رائحة طعامٍ يُطبخ في بيته قط، وأنه يبحث عن ثيابه فلا يجدها، وصولًا إلى العراك الجسدي بين الزوجين الذي أدى إلى إجهاض سنية التي كانت حاملًا بالشهر التاسع. ولم تعتمد خالدة سعيد في تقديمها لأعمال أختها الشعرية الأسلوب المباشر نفسه الذي اعتمده عيسى الماغوط في روايته بل توخت الدخول، وفق بزيع، في تجربة الشاعرة الموغلة في العزلة، والتي لم تأخذ حقها من الاهتمام النقدي، ومع ذلك فإن القارئ لن يبذل كبير جهد لكي يقف على الوحشة المزمنة التي تلف حياة سنية صالح، وعلى المآل المتوتر للعلاقة العاطفية التي جمعت بين الشاعر المكرس والشاعرة اللائذة بصمتها الخفر، بعد أن أخلى الحب المشتعل نيرانه لرماد الزواج. ورغم إيمان سنية بمكانة زوجها الإبداعية الاستثنائية وعدم شعورها بأي نوع من التنافس، وهو ما يُظهره تقديمها الناضح بالإعجاب لأعماله الشعرية والمسرحية، إلا أن ردة فعل الماغوط إثر صدور مجموعتها الثانية "حبر الإعدام" اتسم بالبرودة وغياب الحماس والتوتر، حيث قال لها: "ألا تشعرين بتأنيب الضمير وأنت تكتبين بمعزل عن قضايا أكثر أهمية وإلحاحًا من عذاب امرأة غير متآلفة مع بيئتها؟... هل أمعنت النظر ذات يوم في وجوه العمال المقطبة؟ هل رأيت مشردًا يأكل فضلات على الرصيف؟". لكن بعد أن تكفّل السرطان برحيل سنية كان على الماغوط بمساعدة الكتابة، يقول بزيع، أن يتعايش مع غياب زوجته المأساوي والمبكر. ومع شعوره المؤلم بأنه لم يعبّر عن حبه لها بما يليق من الكلمات وراح يستعيدها بحب وفقد كبيرين في كتاباته اللاحقة.

كتبت سيلفيا بلاث إلى صديقتها بأن تيد هيوز كان غاضبًا لأنها لم تنتحر، وأنه سيشعر بالراحة لو أنها أفلحت في ذلك


ثنائيات متكاملة

كانت علاقة سيمون دي بوفوار وجان بول سارتر من غير الثنائيات التقليدية، علاقة قائمة على الإبداع والانسجام الفكري ما سمح لها أن تستمر لخمسة عقود، وفق بزيع، معتبرًا أن شغف سارتر بزوجته عائد إلى ما لمسه عندها من نزوع تحرري فقد كانت دو بوفوار تعتبر أن العلاقة التقليدية بين الأزواج هي أمر مثير للشفقة. وكان الفيلسوف المعروف بتعدد علاقاته مستعدًا لأن يقدم للمرأة التي يحب كل ما يستطيع "باستثناء شخصه بالذات، لأن ما يحتاجه على الدوام هو أن يكون حرًا"، وقد اتفق الزوجان على "لا للإقامة في منزل واحد إلا للضرورة الملحة، لا لإنجاب الأطفال، ولا للاكتفاء بشريك واحد على المستويين العاطفي والجسدي". وتقول سيمون إن النساء اليافعات اللاتي أحطن بسارتر هن السبب الأهم في محبته للحياة. وقد بقيت سيمون مستودع أسرار سارتر وهي التي كانت تقرأ على مسامعه، وقد شارف على العمى الكامل، ما يحب من الكتب. كما تشاركت معه بعد مرور سنوات ست على رحيله، القبر نفسه.

ومن حكايا زيجات المبدعين، حكاية أنّا غريغوريفنا، زوجة دوستويفسكي الثانية، التي تكتسب مذكراتها، برأي شاعرنا، أهمية استثنائية لأنها المرأة التي رافقته طيلة السنوات العشر الأخيرة من حياته، وواكبت معاناته القاسية إضافة إلى مهمتها الأصلية في الاعتناء بكتاباته وأعماله تنقيحًا وتبويبًا وتهيئة للنشر. ودوستويفسكي حين فاتحها بالزواج قال لها "تعلمين يا يمامتي آنّا أن نيتي في الزواج منك تبدو ضربًا من الجنون المطلق. انظري كم نحن مختلفان! يكفي الفارق في العمر، فأنا في واقع الحال لست سوى عجوز، وأنت لست سوى طفلة. وأنا مريض، ومرضي لا شفاء منه، وأنت مليئة بالصحة والعافية". ورغم إدراكه لذلك إلا أنه لم يهتم بتبديد مخاوفها من اضطراباته النفسية والعصبية، إذ يقول لها: "إن طبيعتي سافلة وشهوانية للغاية... لقد قضيت عمري كله راكضًا وراء الشيطان"، لكنها لم تحفل إلا بالجانب المضيء منه، حتى أنه في أوقات نوبات الصرع التي كانت تنتابه كانت تشعر بالتعاطف والحزن والحرص على التخفيف من آلامه وإظهار الجانب الأمومي. والحقيقة أن أنّا قد بذلت كل ما تستطيعه من جهد لكي توفر لزوجها أسباب الراحة والطمأنينة والانصراف إلى التأليف، إذ لا يظهر من خلال السيرة ما يوحي بأي صدام بينهما. كما لم يكن لديها أي شعور بالغيرة من النجاح المطرد للزوج.

ويستعيد بزيع تفاصيل التلاقي بين أدونيس وخالدة سعيد ثم رحيلهما إلى بيروت في ظل الأوضاع السياسية الساخنة في سورية بحكم انتمائهما إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي. ولم تكن خالدة سعيد بعيدة عن منابع الإلهام الشعري الأدونيسي. ويرى بزيع أنه إذا كان أدونيس قد أهدى لخالدة عمله المميز "أغاني مهيار الدمشقي"، كتعبير عما يكّنه لها من مشاعر الحب، فأغلب الظن أن لها بصمات واضحة في الكثير من قصائده وأعماله. كما يعتبر بزيع أنه رغم التكتم على طبيعة العلاقة بينهما إلا أن المتابع لآرائهما لا بد أن يكتشف التباين الواضح في موقفهما من المؤسسة الزوجية والمفاهيم المتعلقة بالحرية والجسد وتعدد العلاقات. حيث يذهب أدونيس في اعتناقه لمبدأ الحرية أكثر بكثير من خالدة، التي تظهر المسافة واضحة بين اعتناقها النظري للحرية، وبين التزامها الطوعي بموجبات التحفظ الأخلاقي والرصانة السلوكية، معتبرة بأن هذا الالتزام بحد ذاته، هو وجه من وجوه الحرية الشخصية، وليس نفيًا لها. وفي حواره الأكثر جرأة مع ابنته نينار، يقول أدونيس بأن "كلتا ابنتيه قد جاءتا عن طريق الخطأ"، وأنه عهد بتربيتهما إلى زوجته خالدة سعيد ليضيف قائلًا باعتقاده بعدم قدرة الرجل على أن يمضي حياته مع امرأة واحدة، لأن الجسد الإنساني "بحاجة إلى أجساد كثيرة"، وفق تعبيره الحرفي الذي ينم بشكل موارب عن تعدّد مغامراته العاطفية، وعن عدم تحرجه من إقامة علاقات عاطفية خارج المؤسسة التي يضيق ذرعًا بقيودها وتبعاتها المرهقة.

بلقيس الراوي ونزار قباني 


ويسجّل بزيع عدّاد القلق واللاطمأنينة لسلفادور دالي منذ طفولته وصولًا إلى ولهه بالروسية غالا (إيلينا ديميتريفنا)، والتي تكبره بعشر سنوات، مستندًا إلى البورتريه الذي أعدّه دالي لنفسه في كتابه "أنا والسوريالية". ويخبرنا بزيع كيف عانت غالا في طفولتها وصباها من اضطرابات نفسية إلا أن ذلك لم يمنعها من استخدام ثقافتها وجاذبيتها وذكائها لإغواء عدد من شعراء أوروبا وكتابها وفنانيها، ومن بين هؤلاء رينيه شار وماكس إرنست وأندريه بروتون، زعيم السورياليين الذي وصفها بالمرأة الخالدة، إلى أن تزوجت من الشاعر الفرنسي بول إيلوار. ويستعرض بزيع تفاصيل اللقاء الذي جمع غالا بدالي في زيارة الجماعة السوريالية لمنزله الإسباني وحيث تحول هذا اللقاء إلى حب جارف. فكسرت غالا بلا شفقة قلب زوجها الشاعر متخلية عنه للزواج من دالي الذي أغرم بها حتى حدود الوله. كان دالي يتوقع أن تخلصه غالا من وحشته واكتئابه، وقد أقرّ بأن لغالا وحدها الفضل في تهدئة الوساوس التي تطارده وتحويلها إلى عبقرية، ورأى في جسدها صورة عن الكمال الأنثوي و"موديلًا" لأعماله. أما غالا فقد رأت في عبقرية دالي وتفرّده الخلاق ما لم تره في جميع الرجال الذين عرفتهم. وفي مسعى توضيحي لطبيعة هذه العلاقة يحكي بزيع أن دالي لم يتخفف خلال علاقته بغالا من جموحه الشبقي الذي دمغ سلوكه وأعماله ومسار حياته الدائم، إلا أنه جعل من ذلك الجموح سلّمه الأنجع للوصول إلى ذروة الانصهار بالمرأة التي أحب، حيث اتحدا معًا في كينونة واحدة لسبعة وأربعين عامًا من الحياة المشتركة.

ويتناوب العاشقان لويس أراغون وإلسا تريوليه على العشق الذي جمعهما لعقود، ويسرد بزيع بكثير من التفصيل العلاقة القوية التي جمعت الشاعر الفرنسي بالكاتبة الروسية الفرنسية حيث أصدرا أعمالهما الكاملة في طبعة مشتركة "لكي تكون الكتابة جزءًا لا يتجزأ من سرهما المشترك والتتويج الأسمى لعلاقة الحب التي جمعتهما معًا لعقود عدة"، ويستطرد بزيع: "بدت علاقتهما في الكثير من جوانبها بمثابة واحدة من الأساطير القليلة للوله والعشق والافتتان بالآخر. ولهذا السبب على الأرجح بدت تلك العلاقة النادرة عصية على الفهم من قبل معاصري الشاعر السوريالي أو من قبل أترابه من الشعراء والفنانين الذين كانوا يقفون بمعظمهم، وبحكم نرجسيتهم الفاقعة، على الضفة ‘الفاسدة‘ من العلاقات. ويكشف أراغون في أكثر من حديث عن علاقته بإلسا التي لم يُكسبها تقادم السنين سوى المزيد من الرسوخ والتوهج العاطفي، وإعلان انتمائه العميق للمرأة التي رأى فيها جوهر كينونته ومعنى وجوده، مؤكدًا أن المرأة التي كرّس لها قلبه وشعره وحياته، هي امرأة اللحم والدم، أي إلسا تريوليه بالذات التي لا تعني سوى نفسها، ولا تحتاج بالتالي إلى أن تكون قناعًا لفرنسا، أو رمزًا لمقاومتها الصلبة في وجه الاحتلال الألماني".

استرعت بلقيس الراوي اهتمام نزار قباني منذ اللقاء الأول أثناء أمسية شعرية له في بغداد عام 1962 وطلب منها الزواج فورًا، ولكن والدها لم يوافق بسبب صورة الشاعر ‘الدون جوان‘ ذي العلاقات العاطفية المتعددة. بعد سبع سنوات، عام 1969، سيلقي نزار قباني قصيدة في مهرجان المربد بالعراق يحكي فيها قصته المؤثرة مع بلقيس، ليتدخل الرئيس العراقي شخصيًا ويرسل وفدًا إلى منزل والدها لتزويجها لنزار، ولم يكن أمام الأب سوى الموافقة. عاد الزوجان إثر ذلك إلى بيروت، وعلى امتداد ثلاثة عشر عامًا من الحياة المشتركة، تقاسم الشاعر والزوجة التي تصغره بستة عشر عامًا ألق بيروت ودمارها الكارثي، كما يقول بزيع، لكن ذلك الزواج الناجح الذي صمد أمام الكثير من العوائق لم يستطع الصمود أمام ضربة القدر حيث قضت بلقيس نحبها بشكل مأساوي تحت ركام الانفجار المروّع الذي ضرب السفارة العراقية في بيروت، حيث كانت تعمل لسنوات. واللافت في الأمر أن بلقيس لم تكف عن مفاجأة شاعرها المكلوم، في الموت كما في الحياة، حيث أبلغه ياسر عرفات بعد رحيلها أن زوجته لم تتوانَ عن القدوم إلى الأردن عام 1968، أي قبل زواجها بعام واحد، لتتلقى تدريبات مكثفة على القتال، ولتضع نفسها مع بعض رفيقاتها العراقيات في تصرف الثورة الفلسطينية.

ثمة أسماء أخرى في الكتاب، مرسيدس بارشا وغارسيا ماركيز، ناظم حكمت وبيرييه، أمل دنقل وعبلة الرويني، رنا هيلز وجواد سليم، ناديا حمادة وغسان تويني، مي مظفر ورافع الناصري، تمام الأكحل وإسماعيل شموط، ناتاليا نيكولايفنا وبوشكين وآخرين، وثمة أيضًا تفاصيل كثيرة في الكتاب ستقرّبنا من هؤلاء المبدعين لم يكن من مجال لذكرها ولا يمكن عدّها نزهة صغيرة في حياة هؤلاء المبدعين بل هي وافية بالقدر الذي يمكننا من خلالها النفاذ عميقًا إلى ذواتهم وقلقهم النفسي وإدراك المسوغات التي يمكن أن تكون قد أفضت بهم ليكونوا مبدعين انطلاقًا من طفولة كل مبدع منهم، والأهم ملاحظة كيف يتحرك الإبداع أمام الحب والزواج والفقدان المتمثل بالموت، علمًا أن الشاعر بزيع يؤكد أن هذه الثنائيات ليست سوى غيض قليل من فيض الثنائيات الزوجية التي لم تتيسر له سبل مقاربتها، إما لعدم توفر المصادر الكافية، أو لأن بعض الجديرين بالدراسة آثروا التواري خلف ضباب الأسطورة وحجابها الأيقوني، كما هو حال فيروز وعاصي الرحباني مثلًا.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.