صدر حديثًا عن دار الحوار للنشر والتوزيع ضمن سلسلة "تاريخ" كتاب "حكايات الجميليّة"، من تأليف إياد جميل محفوظ.
وجاء في تقديم الكتاب: يشتمل هذا الكتاب على صورة بانورامية لحي الجميليّة، ولدوره الرائد في مراحل تطوّر مدينة حلب خلال القرن العشرين، عبر تسليط الضوء على مختلف أوجه الحياة الاجتماعيّة فيه، والخوض في غمار الفعاليات الثقافية والفكرية المتنوعة، فضلًا عن معايشة الأنشطة الرياضية والفنية المختلفة، لا سيما تلك التي جرت في فترة الخمسينيّات والستينيّات والسبعينيّات من القرن الماضي، وذلك في بداية عهد الاستقلال عندما كانت حلب إحدى المنارات المشعة في المشرق العربي. وقد تمت دراسة الأوضاع الاجتماعيّة لهذا الحيّ لمدة تزيد عن قرن من الزمن، شهدت خلاله حلب تقلبات سياسية وإدارية وديموغرافية انعكست على واقع هذا الحي، الذي كان اليهود يشكلون نسيجه السكاني الأكبر، ثم انحسر هذا النسيج بفعل العوامل السياسية المعروفة. وترافقت الأحداث السياسية بالمؤثرات الاجتماعية، فقد كان (حي الجميليّة) مكانًا للأرستقراطية الحلبية نهاية القرن التاسع عشر حتى أواسط القرن العشرين، بعمارته الباذخة التي تحدث المؤلف عن نماذج منها، ونماذج تمت إزالتها للأسف الشديد. وقد تحوّل هذا الحي من أرستقراطيته المعروفة إلى مركز عملي للعيادات والمكاتب والخدمات اليومية، مما أثر على عمارته التراثية التي تم استبدالها بعمارة هجينة في كثير من الأحيان، وقد أحاط المؤلف بتفاصيل مدهشة حول ذلك.
وللمؤلف تجربة ثرية في كتابة القصّة والرواية، وما يشبه السيرة الذاتية والاجتماعيّة، ويأتي هذا الكتاب الحكائي التوثيقي تتويجًا لأعماله الأدبية السابقة، وهو يتابع إنتاجه المبدع بلا توقف.
ومن الجدير بالملاحظة في هذا الكتاب بروز الخبرة الهندسية العلمية والعملية في عملية البحث الممنهج، والتقسيم الدقيق، والسير بخبرة وافية من المقدمة إلى النتائج عبر سلسلة محكمة مترابطة من الأفكار بمجملها وتفاصيلها. ولا ريب في أنّ هذا الكتاب سيشكل لبنة أساسية في توثيق مدينة حلب على شتّى الأصعدة.