}
عروض

"عودة إلى الوطن": إيمان مطلق بعدالة قضية فلسطين

محمود شريح

29 يناير 2023




د. نبيل شعث، في جديده "عودة إلى الوطن: سيرة ذاتية ورؤية تاريخية (1994-2001)" الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (الدوحة/ بيروت) في 600 صفحة بالتمام والكمال، مع صُوَر، يوثّق مسيرة عودته إلى وطنه في مايو/ أيّار 1994 إثر توقيع اتّفاق غزّة ـ أريحا في القاهرة، ومنطلقه هنا الجمع بين المذكّرات الشخصيّة والرؤية التاريخية، تكملة لكتابيه "حياتي: من النكبة إلى الثورة: سيرة ذاتية" (2016)، و"من بيروت إلى فلسطين: عمليّة السلام في الشرق الأوسط" (2019).




وكان د. شعث في كتابه الأوّل سجّل تاريخ مسيرة شعب فلسطين من نكبة 1948 إلى الحروب العربية ـ الإسرائيلية، مرورًا بنشأة منظمة التحرير الفلسطينية وانطلاقة الثورة الفلسطينية بقيادة حركة "فتح"، ومرحلتي الأردن ولبنان وملحمة بيروت 1982، فيما سجّل في كتابه الثاني ما واجهته الثورة الفلسطينية بعد خروجها من بيروت، ومبادرة ريغن، إلى مذبحة صبرا وشاتيلا، والانقسام الفلسطيني، ثم استقرار القيادة الفلسطينية في تونس، واستعادة الوحدة الفلسطينية، وانطلاقة الانتفاضة الأولى، ومشروع السلام الفلسطيني، إلى إعلان قيام دولة فلسطين في 1988، إضافةً إلى مرحلة المفاوضات والسعي إلى تحقيق السلام في الشرق الأوسط، بدءًا من اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، مرورًا بمؤتمر مدريد للسلام ومفاوضات واشنطن، ومن ثم اتفاق أوسلو وانتهاء باتفاق غزة ـ أريحا.
أمّا في جديده هنا فإنّ د. شعث ينطلق من عودة القيادة الفلسطينية إلى الوطن في مايو/ أيار 1994، فيؤرّخ لمرحلة نشوء السلطة الوطنية الفلسطينية في غزّة وأريحا أولًا، ثم في الضفّة الغربية وبناء مؤسساتها والاقتصاد الوطني الفلسطيني، والمواجهة المستمرّة مع الاحتلال، إضافة إلى نشاط جهاز التخطيط الفلسطيني والجهاز الدبلوماسي الذي أنجز، برأيه، حراكًا دوليًا ناجحًا في سنوات قليلة.
إذًا، يبدأ د. شعث كتابه عند تطبيق عملية السلام بين الرئيس ياسر عرفات ورئيس وزراء اسرائيل يتسحاق رابين في غزة وأريحا، حتى اغتياله، وتولّي شمعون بيريز الحكم في إسرائيل، ثم بنيامين نتنياهو، وصولًا إلى إيهود باراك ومفاوضات كامب ديفيد عام 2000 والتي أدّى فشلها إلى اندلاع انتفاضة القدس والأقصى.
يناقش الكتاب أيضًا التغيّرات الاستراتيجية في العالم وانعكاساتها على منطقتنا، كما يتناول فيه د. شعث قناعته بأن الحكم الأميركي الانفرادي الظالم لعالمنا مصيره إلى نهاية، وأن الأعوام القادمة سوف تشهد عالمًا متعدّد الأقطاب لهو بالضرورة أكثر عدالة وتوازنًا من عالم تحكمه أميركا.
عاش المؤلّف الجزء الأكبر والأهم من حياته مع ياسر عرفات وعاد معه إلى الوطن، فيشير إلى أن عرفات ترك بصماته في حياته، كما أن انتماء د. شعث إلى حركة "فتح" أتاح له لقاء قادة في "فتح" عزّ نظيرهم "إذ ناضلوا بصمت في سبيل فلسطين".
يعترف د. شعث بأنه أصاب وأخطأ وفشل وهو في صفوف حركة "فتح" على مدى ستين عامًا، إلا أنه تعلّم من أخطائه، وحاول جهده ألا يكرّرها، لكنه لم ييأس في يوم من الأيام، إذ كان متفائلًا على الدوام، وظلّ مؤمنًا إيمانًا مطلقًا بعدالة قضية فلسطين، وبإنسانية أهلها، وحقّه في حرّيته ومستقبله الواعد، وبصموده الأسطوري على أرضه المقدّسة.
د. نبيل شعث، المولود في صفد عام 1938، غادر فلسطين في شبابه لدراسة الاقتصاد والعلوم الإدارية، وعاد بدكتوراه من جامعة پنسلڤانيا (1965)، فكان محاضرًا في الجامعة الأميركية في القاهرة (1965 ـ 1969)، ثم في الجامعة الأميركية في بيروت (1969 ـ 1975)، وشغل على الدوام مناصب عدة في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، فكان عضوًا في المجلس الثوري للحركة، وعضوًا في لجنتها المركزية، ثم تولّى مناصب وزارية في السلطة الوطنية الفلسطينية منذ تأسيسها، وكان من أبرزها وزير التخطيط والتعاون الدولي من 1994 إلى 2006، ثم وزير الخارجية من 2003 إلى 2005، كما كان مستشارًا للرئيس عرفات، ثم للرئيس الحاليّ محمود عبّاس. وشارك في المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، وترأس جولات منها، من أهمها واي ريڤر، وكامب ديفيد، وطابا، وغزة ـ أريحا.
في كتاب "عودة إلى الوطن"، عبّر د. شعث عن رؤيته السياسية في مذكرات حميمة، لقربه من صناعة القرار الفلسطيني، ولمشاركته الأساسية فيه.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.