في الصباح نستيقِظ
من موتنا المؤقّت
لانتظارِ موتِنا الدائِم...
كلّما فتح طفلٌ عينيه
أزهرَت ورقة في شجر اللَوز
لم يغفُ طويلًا ولم يمُت
هكذا تقولُ الشجرَة...
ثم تضحكُ للحياة بقلبٍ رَحِب
كلّما حطّ صاروخٌ في مكان
تُحلّقُ عصافيرٌ كثيرة
خلفَ الدُخان وبقايا الغيوم
تُشيّعُ طفلًا آخر خطفتهُ الحرب
تنعي يدَ ولدٍ
كانت ستضعُ لها الحبوب في الصباحِ التالي...
لكنها رَحَلتْ
في المساء
نلتحفُ أغطيتنا السَميكة
لا بردَ في الجو، فالحرارةُ عاديةٌ جدًا
إنه اعتقادٌ بسيط أن شيئًا مثلَ القُماش
ينجحُ في حمايتنا
كخُوَذِ الجنودِ أمامَ الرصاص
ينامُ الصغارُ الكثيرون جنبًا إلى جنب
يتعبونَ من الضحك الطويل
من الصراخِ والمشاكساتِ الاعتياديّة
لا بأسَ، ناموا من تَعَبكم
رُبما تبقونَ نائمينَ
رُبما لن يسمعَ أحدٌ صوتًا بعد الآن...
من أجسادِكُم الهشّة
حالَما تخترقها الشظايا الحاقِدة
يسقطُ الصاروخ
يدوّي الانفجار
يحتضنُ الرجُلُ طفلَهُ
تبكي الفتياتُ الصغيرات
تدعو الأُمُ بقلبها المعبأِ بوجعِ الأيام
وتغفو الكلماتُ طويلًا طويلًا
إلا من صراخِ المُنادي في الجنازَة...
نفقدُ صديقًا
ونبكي على دكّةِ غسل الموتَى
سريعًا ولدقائقَ فقط
لا مجالَ للحُزن المَديد
على الحياة أن تمضي
على أرجلنا أن تأخذَ راحَتَها
من الركض خلفَ الجنائِزِ
كي تستعدَ للركضِ هربًا من موتِ القذائف
واحدًا واحدًا نتحوّلُ إلى توابيت
نُلملمَ من فوق الركام
قطعًا من قُماشٍ ظلّت بيضاء
فالأكفانُ، هي الأُخرى
لم تستوعِب هولَ ما يحدُث...
قالَ الشهيد:
"لن نرحل ولن نخرجَ إلّا إلى السماء"
فليعلنوا تشييعَ اللُغةِ من بعدِه.
(غزة)
يوميات غزة: لن يسمعَ أحدٌ صوتًا بعد الآن
المقداد جميل مقداد
28 أكتوبر 2023
شعر
(نبيل عناني)
قصائد اخرى للشاعر
شعر
5 يوليه 2024
يوميات
10 يونيو 2024
شعر
10 نوفمبر 2023
شعر
28 أكتوبر 2023