}

نوبل للآداب 2016: جائزة لكلمات بوب ديلان

ديمة الشكر ديمة الشكر 13 أكتوبر 2016
آراء نوبل للآداب 2016: جائزة لكلمات بوب ديلان
الفائز بجائزة نوبل للآداب بوب ديلان (Getty)
"تزيّنت" جائزة نوبل للآداب هذه السنة 2016 بالأغاني والموسيقى عبر اسم بوب ديلان المؤلف الموسيقي والمغني والشاعر الأميركي. ولعل الخبر المفاجئ فعلًا، أدنى إلى إلقاء تحية وداع خجولة من العولمة المتوحشة التي تعبد المال ولا تتورع عن حرث الأرض والناس، إلى القيم الإنسانية التي طبعت ستينيات القرن العشرين، وأشاعت أوهامًا وأحلامًا عن قدرة البشر على الإيمان بمستقبل أفضل وعلى الإتيان بالخير من خلال الوقوف إلى جانب الحق والضحية والطبيعة. شيء يشبه المقارنة بين مكانين: الغابة حيث لا قانون إلا المال والسلاح، والأم الطبيعة حيث البشر كما في الكتب السماوية متساوون، وكما أيضًا في أغاني فرقة البيتلز - خصوصًا جون لينون - والرولينغ ستون وغيرهما الكثير من أيقونات الموسيقى الشعبية الغربية بأنواعها الوفيرة.


تتسق الأمور من تلقائها ما أن يتصفح المرء صفحة بوب ديلان على موسوعة الويكيبيديا، فلا عجب أن يكون "جيل البيت" Beat Generation، بشعرائه وكتّابه مصدر إلهام لديلان، الذي كتب الشعر وألف له موسيقى جميلة، وغناه أيضًا. ربمّا أرادت جائزة نوبل للآداب هذا العام النفاذ من كلمات الأغاني، باعتبارها المنصة الأقرب إلى الشعر والأدب، لتظهر جائزة بروح العصر، غير متشبثة بقوانين أكاديمية صارمة.

فالمتأمل في كلمات أغاني ديلان، لن تنقصه الفطنة ليدرك أصداءها الاجتماعية ومنابعها المنحازة للعدالة والميالة إلى السلام، كما في أغنيته / قصيدته الشهيرة: "Blowin' in the Wind" (من الممكن ترجمتها بـ تذروه الرياح)، حيث يقول :"كم سنة يستطيع بعض الناس العيش، قبل أن تتاح الحرية لهم؟/ وكم مرة يستطيع المرء الإشاحة بوجهه/ متظاهرًا أنه لا يرى شيئًا؟/ الجواب يا صديقي، تذروه الرياح/ عبثًا صديقي تذروه الرياح". ولعلّ السياق الذي أنتج أغاني/ قصائد مماثلة، كان في بال اللجنة التي من باب شعر الأغاني، اصطفت ديلان لهذا العام.

وإن بدت المسافة بعيدة كل البعد بين كلمات الأغاني والأدب، فإن تفصيلًا صغيرًا قد ينقصها؛ إذ لا أعرف شاعرًا واحدًا لا يتمنى علانية أو سرًا أن تخرج كلمات قصائده من الورق صوب النوتات والأغاني. ففي الترنم بالكلمات الدؤوبة، حياة للقصيدة.

مشى ابن الستينيات ديلان في تيّارصادق (انقرض في زمننا العولمي) ضدّ الحرب على الفيتنام، واختار الوقوف إلى جانب الضحية، وانحاز إلى الثقافة المضادة التي تريد النأي عن كل سلطة رسمية مدجِنة، وبالطبع ظهر تأثيره أيضًا، (من خلال ألبوم للمخرج الأميركي مايكل مور)، عام 2011 حين تفتح "حلم" أميركي قاده الشباب ضد العولمة وجنونها المالي تحت عنوان : احتلوا وول ستريت، Occupy Wall Street الذي سرعان ما بدّدته السلطة الرسمية ذات الباع الطويل في التدجين، عبر أساليب القوّة الناعمة. 

لكن بوب ديلان، وبعدما تجاوز السبعين من العمر، سدّ أذنيه في العام نفسه، متجاهلًا النداء الذي أطلقته "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل" الـ BDS، كي لا يغني في إسرائيل في تل أبيب. ذهب المغني إلى المكان المضاد للمعاني في كلمات قصائده. بعد ذاك "أعيد" اكتشاف واحدة من قصائده: "بلطجي الجوار" (Neighborhood Bully) التي كتبها عام 1983، ضمن سياق الردّ على حملة عالمية ضد إسرائيل غداة اجتياحها بيروت وقيامها بمجزرة صبرا وشاتيلا. لا تفتقر كلمات الأغنية إلى الشعر، لكنها بالطبع تفتقر إلى النزاهة، من حيث هي تصر على جعل الجلاد ضحية إلى الأبد. وقد نراها عدائية تمامًا من "منظورنا" العربي. بيد أن رأينا، في مقام نوبل، لا يحمل وزنًا ولو صغيرًا، نترقب الخبر ونظن أننا مدعوون، لكننا أدنى إلى سندريلا، ضحية مقهورة مشوّهة بـ "الرماد" (على الأقل)، لن يدعوها إلى أية حفلة، أي أحد. 






مقالات اخرى للكاتب

هنا/الآن
27 أكتوبر 2017
آراء
27 أكتوبر 2017

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.