}

جوائز غولدن غلوب 2024: تبدأ عهدها الجديد بـ"باربنهايمر"

وائل سعيد 15 ديسمبر 2023
يبدو أن ما تعرضت له الهيئة المانحة لجوائز غولدن غلوب من انتقادات واتهامات بالعنصرية والفساد خلال الأعوام الأخيرة الماضية، وما ترتب عليها من تراجع ملحوظ في نسب المشاهدة، كان لها أثرها في تكوين قوائم الترشيح للدورة 81، والتي أعلن عنها في 11 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
لقد ظلت هذه الانتقادات لفترة طويلة حبيسة الكواليس، حتى قامت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" عام 2021 بنشر سلسلة من التحقيقات الموسعة عن أعضاء الرابطة وآليات التحكيم، لتكتشف في بادئ الأمر عدم وجود أي تمثيل للأشخاص ذوي البشرة السمراء، من هنا كان الاتهام الأول بالتمييز العنصري. بخلاف ذلك، رصدت التحقيقات مخالفات لمجموعة كبيرة من الأعضاء تنوعت بين تلقي الهدايا الثمينة من شركات الإنتاج، والرحلات الباهظة لبعضهم، بالإضافة إلى عدم النزاهة في التصويتات النهائية. من هنا، لم يكن أمام الجائزة سوى حلين تقريبًا: أما تبييض الوجه؛ كما فعلت بعض المهرجانات السينمائية مؤخرًا، وعلى رأسها جائزة الأوسكار نفسها، أو أن يكون الخيار البديل هو حل الإدارة نفسها، وهو ما كان.
خلال ثمانين عامًا، مرت الغولدن غلوب بعدد كبير من التجديدات والتغييرات، سواء على مستوى استحداث جائزة، أو تقسيمها على عدد من الفروع، أو حتى إحلال اسم محل آخر، كما حدث مع جائزة أفضل فيلم أجنبي، وكانت تسمى في الخمسينيات "الأفلام الوافدة". في عام 1952، أنشئت جائزة للمساهمة المتميزة في الترفيه باسم المخرج الأميركي سيسيل ديميل، والغريب أنها ذهبت لديميل نفسه، ليكون أول من حصل عليها. بجانب ذلك، استحدثت بعض الجوائز لفترات معينة، ثم توقفت، مثل جائزة أفضل فيلم وثائقي، التي استمرت لأربع سنوات في منتصف السبعينيات.
في يونيو/ حزيران الماضي، تم نقل ملكية الجائزة إلى مجموعة من مستثمري القطاع الخاص، على أن يتحول أعضاء الرابطة إلى موظفين، وينضم إليهم 200 عضو من المتطوعين من جميع أنحاء العالم (47% منهم من الإناث، و60% متنوعون عرقيًا)، كما ذكرت مجلة "فاياراتي"، ويضم مجلس الإدارة الجديد مجموعة متنوعة من مخضرمي الصناعة، من بينهم تيم غراي، رئيس التحرير الأسبق. في حوار سابق، أشاد غراي بالتغييرات الكبيرة التي تشهدها الدورة الحالية، مع وعد بالنزاهة والحفاظ على الجانب الترفيهي للجائز: "أعتقد أن الناس في هوليوود، وفي كل مكان من العالم، سيكونون سعداء بذلك".

رهان الأحصنة الرابحة
ربما لن ينسى النقاد والصحافيون ورجال الإعلام شهر يوليو/ تموز الماضي بسهولة؛ فقد فاضت الأخبار، وعراكات المقالات والمراجعات، وامتلأت بها مواقع التواصل الاجتماعي.




وقتها، لم تقف الأحداث عند هذا الحد؛ بل تخطت المجتمع السينمائي، وظهرت تأويلات سياسية وفكرية ومجتمعية أيضًا، وسرعان ما انقسم الرأي العام العالمي إلى فريقين، أحدهما "أوبنهايمري"، والآخر "بارباوي"، ما نتج عنه مصطلح وظاهرة "باربنهايمر"، ربما بقى صداها متواصلًا حتى الآن لولا الأحداث الراهنة.
لم تكن كل تلك الجلبة بسبب حرب عالمية ثالثة، أو ما شابه، كل ما في الأمر أنه حدث وتزامن عرض فيلم "باربي" للمخرجة الشابة غريتا جيروج، مع فيلم "أوبنهايمر" للمخرج الجدلي كريستوفر نولان. تتبع جيروج في فيلمها قصة الدمية الشهيرة في عالم الأطفال والشابات، فيما يقتفي نولان في فيلمه أثر عالم الفيزياء الأميركي، مدير مشروع إطلاق القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي 1945. من الواضح أن رحلة الفيلمين في إثارة الجلبة لم تنته بعد، فهما من الأفلام المرشحة بقوة للعديد من الجوائز، بداية من الغولدن غلوب، حيث يتصدران قائمة ترشيحات هذا العام.
يحتل فيلم "باربي" المركز الأول في عدد الترشيحات (9 ترشيحات)، وتشمل أفضل فيلم موسيقي، وأفضل فيلم كوميدي، بالإضافة إلى ترشيحين في التمثيل، وأفضل إخراج، وأفضل سيناريو، وثلاثة ترشيحات: أفضل أغنية أصلية بثلاث أغاني. إلى جانب ذلك، ترشح الفيلم لجائزة أعلى الإيرادات، وهي من الجوائز المستحدثة هذا العام، تضم قائمتها سبعة أفلام أخرى، من بينها الجزء الثالث من "حراس المجرة"، والجزء الرابع من "جون ويك"، و"المهمة المستحيلة، الرجل العنكبوت"، وكلها أفلام جماهيرية حققت إنجازًا في شباك التذاكر.
يأتي فيلم "أوبنهايمر" في المركز الثاني من حيث عدد الترشيحات (8 ترشيحات): أفضل فيلم درامي، وأفضل إخراج، وسيناريو، وموسيقى تصويرية، إلى جانب ثلاثة ترشيحات في التمثيل. أما فيلم المخرج مارتن سكورسيزي "قتلة زهرة القمر" فيأتي في المركز الثالث بسبعة ترشيحات؛ أفضل إخراج، وأفضل سيناريو، وأفضل فيلم درامي، وموسيقى تصويرية، إلى جانب ثلاثة ترشيحات في التمثيل، من بينها رفيق سكورسيزي القديم، روبرت دي نيرو، كأفضل ممثل مساعد.
وهو عدد الجوائز نفسها التي ترشح لها الفيلم الأميركي "أشياء بائسة"، للمخرج اليوناني يورجوس لانثيموس؛ ثلاثة في التمثيل: إيما ستون أفضل ممثلة، وأفضل ممثل دور ثان ترشيحان مارك روفالو، ووليم دافو، بالإضافة إلى ترشيحات أفضل فيلم موسيقى، إخراج، سيناريو، موسيقى تصويرية. الفيلم مأخوذ عن رواية بالاسم نفسه للكاتب البريطاني السدير غراي، ويقدم معالجة جديدة لأسطورة فرانكشتاين، ولكن في صورة نسوية؛ فالبطل الجديد هي بيلا باكستر (إيما ستون)، نشاهدها جثة غارقة لشابة جميلة، يعثر عليها عالم غريب الأطوار جودوين (وليم دافو)، وكان يبحث عن رفيق مثالي، فيعمل على إعادتها إلى الحياة، إلا أنها تعود بروح طفل رضيع شره، مهووس بالجنس، يزيح كل من يقف في طريقه.

سيدتي الجميلة... بين السينما والتليفزيون
من ضمن ما أخذ على دورة العام الماضي هو عدم ترشيح أي امرأة في فئة أفضل مخرج، الأمر الذي تداركته الإدارة الجديدة في ترشيحات هذا العام التي تتضمن مخرجتين، بالإضافة إلى ترشح فيلم "تشريح السقوط" للمخرجة الفرنسية جوستين تريت لأربع جوائز، ليس من بينها أفضل إخراج.
تدور قصة تريت حول امرأة تتهم بقتل زوجها، ويكون ابنهما الوحيد هو الشاهد على الجريمة. ومن كوريا تشارك المخرجة الشابة سيلين سونغ بفيلم "حياة الماضي"، في أول عمل روائي طويل، إلى جانب أفضل إخراج. ترشح الفيلم لأفضل سيناريو، وأفضل تمثيل، وأفضل فيلم درامي، بالإضافة إلى أفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنكليزية، والتي ضمت قائمة ترشيحاتها خمسة أفلام أخرى، من بينها "تشريح السقوط... منطقة الاهتمام والأوراق المتساقطة" من فنلندا، تأليف وإخراج آكي كوريسماكي.




ترشح الفيلم أيضًا لجائزة أفضل ممثلة- ألما بويستي، التي تمكث حاليًا في باريس لافتتاح فيلم. تلقت بويستي الخبر عبر الإنترنت، فأعربت من خلال مداخلة سريعة مع مجلة "فاياراتي" عن سعادتها، منوهة إلى التمثيل النسائي الملحوظ في الفئات كافة: "كل هذا يمثل لنا جميعًا دعمًا جيدًا".
في سياق مُشابه، رُشحت النجمة ميريل ستريب لأفضل ممثل مساعد عن دورها في المسلسل الكوميدي "جرائم القتل في المبنى"، وهو من الأعمال صاحبة النصيب الأكبر في الدراما التليفزونية، من حيث عدد الترشيحات (12 ترشيحًا)؛ نصفهم في التمثيل. أما ستريب، فقد بلغ عدد مرات ترشحها للفوز خلال هذه الدورة والدورات السابقة ما يفوق الثلاثين، وهو ما يجعلها تحطم الرقم القياسي في الترشح للجائزة عبر تاريخها. ويبقى المسلسلان "الخلافة"، و"التاج" من أكثر الأعمال نصيبًا في الترشيحات (18 و25 ترشيحًا، على التوالي)، تشمل هذه الترشيحات مواسم سابقة للمسلسلين اللذين يتشابهان في موضوع السير الذاتية، نتابع في الأول قصة عائلة "روي" المالكة لإحدى الماركات العالمية في وسائل الترفيه، فيما يطرح مسلسل "التاج" قصة حياة الملكة إليزابيث الثانية.
من الملاحظ أيضًا في قوائم هذا العام مراعاة الهيئة الجديدة موضوع التفرقة العرقية التي اتهمت بها سابقًا، وقد تمثل ذلك في وجود عدد كبير من ذوي البشرة السمراء في معظم الفئات. من أكثر الأفلام المعبرة عن ذلك "اللون الأرجواني" المرشح لأفضل ممثلة- فانتازيا بارينو، وأفضل ممثلة في دور مساعد- دانييل بروكس. تحتوي قوائم هذا العام على عدد لا بأس من الأفلام التي لفتت الانتباه، ومن ثم فلها نصيب كبير في فرص الفوز، سواء في الغولدن غلوب، أو في غيرها من جوائز.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.