ترجمة وتقديم: إسكندر حبش
تقديم
يميل العديد من الباحثين والفلاسفة اليوم، إلى اعتبار أن وباء الكورونا (كوفيد 19) الذي لفّ العالم منذ سنوات قليلة، قد سلّط الضوء على الاتجاه الأساسي في مجتمعاتنا الافتراضية والرقمية بشكل متزايد: الاختفاء التدريجي للتواصل الجسدي بين البشر. هذا ما يوضحه الفيلسوف الأيرلندي ريتشارد كيرني (Richard Kearney)، مؤلف كتاب "اللمس: استعادة حواسنا الأكثر حيوية" (Touch. Recovering Our Most Vital Sense)، (مطبعة جامعة كولومبيا، 2021)، إذ يعتبر أنه عندما ننطوي داخل الحدود الضيقة لأجسادنا، فإننا نُبقي الآخرين على مسافة متزايدة. لكننا نفقد، على طول الطريق، بابنا المباشر والأكثر إلحاحًا والأكثر تجسيدًا للوصول إلى العالم. وكما أظهر أرسطو فيما مضى، فإننا من خلال لمس الجلد أولًا ندخل في علاقة مع الأشياء من حولنا. ونسمح لها بالتأثير علينا في اللحظة عينها التي نستكشفها فيها، ونشعر بها، ونمسها. من هنا، لقد أصبح من المُلّح أكثر من أي وقت مضى استعادة عمق هذا المعنى المنسي.
وريتشارد كيرني فيلسوف أيرلندي، حاصل على كرسي تشارلز سيليغ للفلسفة في كلية بوسطن. وهو مؤلف 23 عملًا مخصصًا للفلسفة والأدب الأوروبي. كما شارك في صياغة عدة مقترحات لاتفاقية السلام في أيرلندا الشمالية.
مقالته هذه التي ننقلها إلى العربية كانت صدرت في مجلة "l’Institute of Art and Ideas " عدد تموز / يوليو 2021.
***
في فيلم الخيال العلمي Her، وهو من إخراج سبايك جونز، يقع رجل في حبّ الصوت الأنثوي المنبعث من نظام التشغيل الخاص به، المسمى "OS" (نظام التشغيل) بجنون. لدرجة أنه لا يعود يستطيع التفكير إلا فيها حتى أنه يشعر بغيرة شديدة عندما يكتشف أنها تغازل أيضًا بضع مئات من المستخدمين الآخرين. OS، التي تأثرت بشدة بهذا الرجل، ينتهي بها الأمر بإضافة جسد حقيقي إلى شخصيتها الرقمية عن طريق إرسال عاشق بديل له. لكن مشهد الحب يفشل فشلًا ذريعًا لأنه عندما يلمس الرجل هذا الجسد الحقيقي يسمع الإشارات الافتراضية من نظام التشغيل الخاص به ويجد نفسه غير قادر على التوفيق بين الاثنين. فمن المستحيل عليه أن يتحمّل الفجوة القائمة بين الغياب الرقمي والحضور الملموس. يفقد الاتصال بشخصه المتجسد ولا يمكنه الحفاظ على علاقة إلا مع هذا الوهم الرقمي. يبقى مشلولًا.
مرحبًا بكم في عصر التجسّد ومفارقات ما بعد الحداثة. فمع انتشار ممارسة الجنس على الإنترنت عبر الدردشة والإنستغرام وغيرها من تقنيات المحاكاة، نشهد تغيّرًا في علاقتنا بالجسد. من خلال شاشة اللمس، نستبدل الأشخاص الملموسين بشخصيات غير ملموسة، بدائل ترضي خيالاتنا: أليكسا [روبوت محادثة طورته أمازون] وجميع صورها الرمزية التي تستجيب لأوامرنا، وصوت نظام تحديد المواقع الذي يرشدنا، موظفو أمازون الذين يلبون طلباتنا. لم نعد بحاجة للسفر للحصول على ما نريد. ومن المفارقات أنه في ثقافة تعتمد بشكل كبير على صورة الجسد، يبدو أننا فقدنا الاتصال الجسدي نفسه: المرايا في الصالات الرياضية، صور السيلفي، النظرة التي تفصل الآخر في المنشورات الافتراضية، الصور المقصوصة، الملفات الشخصية المرتبة بشكل مفيد، كل هذا يدور في عالم المحاكاة السيبراني.
أخبرت طلابي القصة الأفلاطونية عن خاتم جيجيس، الذي يمنح مرتديه القدرة على جعل نفسه غير مرئي، ورؤية الآخرين من دون أن يراهم أحد. وهذا ما يقودنا إلى التساؤل عمّا إذا كانت مكاسب الثورة الرقمية الحالية - وهي مكاسب كبيرة بكل المقاييس - لم تكن مصحوبة بخطر حقيقي: ألا وهو فقدان الاتصال بأنفسنا وبالناس. وأخيرًا، ألا يصل التراث الأفلاطوني المتمثل في المركزية البصرية، والذي ساد منذ ألفي عام، إلى ذروته في ثقافة "الانعكاسية" الحالية، في هذا المسرح الرقمي حيث تلعب العين الدور الرئيسي؟ أليس العاشق الافتراضي اليوم في خطر، مثل جيجيس، من حيث القدرة على مراقبة كلّ شيء من بعيد من دون أن يلمس أو يلمسه أي شيء؟ ألسنا ندخل إلى "حضارة الصورة" التي يكون فيها العالم شاشة لا اتصال لها بالواقع؟
كان أرسطو هو الذي فتح الطريق أمام فلسفة اللمس في أيام الفكر اليوناني الأولى. بالنسبة إليه، كان اللمس هو الحاسة الأكثر استخدامًا والأكثر ذكاءً. ومع ذلك، بقي على الهامش لمدة ألفي سنة. بالنسبة إلى أفلاطون، كان البصر أفضل من اللمس لأنه كان يُعتبر أقرب إلى العقل، وقادرًا على الارتفاع إلى أفكار فوق المعقولية بدلًا من النزول، مثل اللمس، إلى دناءة الجسد. وفقا لأفلاطون، "الإنسان هو المتفرّج على كل الوجود"، كما يشير أصل كلمة أنثروبوس: "هو الذي يشاهد". "الإنسان ليس هو الذي يرى فحسب، بل هو أيضًا الذي ينظر إلى ما يرى، ولهذا السبب فهو الحيوان الوحيد الذي يمكن أن يطلق عليه بحق أنثروبوس، لأنه ينظر (أنثروبي) ما يرى". عند أفلاطون، العين هي السيادة. الجسد الملموس هو وحش من العبء والعدوى يجب احتواؤه. ويجب الفصل بين الطاهر والنجس: "طالما أننا على قيد الحياة، يبدو أن أفضل طريقة للتعامل مع المعرفة هي عدم وجود تجارة أو شركة مع الجسد، قدر الإمكان [...]. عندما نتطهر بهذه الطريقة، عن طريق تخليص أنفسنا من جنون الجسد، سنكون على الأرجح على اتصال بالأشياء النقيّة وسنعرف بأنفسنا كل ما هو بلا خليط، وفي هذا تتكون الحقيقة بالتأكيد؛ أما النجس فلا يجوز الوصول إلى الطاهر".
نتيجة لمعركة الأفكار هذه، تمّ تعريف الفلسفة الغربية على أنها مركزية بصرية (تتمحور حول البصر)، مع إنزال الحواس الأخرى، وخاصة اللمس، إلى المستويات الأدنى من الإدراك. سيتعيّن علينا أن ننتظر حتى القرن العشرين لنرى الظواهر الوجودية تعيد تأهيل اكتشاف أرسطو الأصلي للمس من خلال إعادة حساسيتنا إلى "الأشياء نفسها". سيتم وضع الأشياء الأولى (الظواهر) في تجربتنا الجسدية: أحاسيسنا وأمزجتنا وعواطفنا، قبل الوصول إلى الإدراك الفكري.
تدرك الظواهر (الفينومينولوجيا) أن الحقيقة موجودة بالفعل في حياتنا الدنيوية. لكن هذا الاعتراف يعتمد على قدرتنا على العودة إلى رشدنا، وتعلم التخلص من التحيّزات المتأصلة بعمق وإعادة اكتشاف تجربتنا الجسدية الأساسية - ما تخبرنا به براعتنا وخبرتنا وذوقنا في الواقع على أساس يومي. دعونا نجرؤ على معرفة ما نعرفه بالفعل. تعتبر الظواهر المعاصرة ثورية من حيث أنها تحاول استعادة حكمة أرسطو الأساسية من خلال تحدّي النموذج البصري المركزي ووضع اللمسة في مكانها الصحيح.
في أول عمل عظيم لعلم النفس البشري، في كتابه "عن الروح" (دو أنيما)، جعل أرسطو اللمس هو المعنى الأكثر عالمية على الإطلاق. ويشير إلى أنه حتى عندما ننام، فإننا نتعرّض لتغيّرات في درجة الحرارة والبيئة السليمة والضغط والحركة. أجسادنا دائمًا "في حالة يقظة". تتمتع جميع الكائنات الحيّة بحاسة اللمس، وكل حاسة تتضمن اللمس بطريقة أو بأخرى: الضوء يصل إلى القزحية، ويسمع طبلة الأذن، ويشم رائحة الغشاء المخاطي الشمي، ويتذوق براعم التذوق في اللسان. جسم الإنسان بأكمله ملموس عبر الجلد (فقط الشعر والأظافر لا يشعران بأي شيء).
يعتبر ريتشارد كيرني أنه عندما ننطوي داخل الحدود الضيقة لأجسادنا، فإننا نُبقي الآخرين على مسافة متزايدة |
يقول أرسطو إن اللمس هو أيضًا الحاسة الأكثر ذكاءً، لأنه الأكثر حساسية. عندما نلمس شيئًا ما، فإننا نتفاعل مع ما تمّ لمسه. نحن نتفاعل مع الآخرين بتفرّدهم على وجه التحديد لأننا على اتصال بهم. "اللمس يتعرّف على الاختلافات"، وبالتالي فهو أداتنا الأولى التي تسمح لنا بالتمييز بين الأشخاص والأشياء. يبدأ الذكاء بضعف الجلد. ويلاحظ أرسطو أن الشخص ذا البشرة الرقيقة حساس وبصير، في حين أن الشخص ذا البشرة السميكة فظ وجاهل. ذكاؤنا الأساسي هو البشرة. وهذه الحساسية الأولية هي أيضًا ما يجعلنا ضعفاء في العالم، من خلال تعريضنا للمغامرة والمعاناة والتساؤل.
بقوله هذا، تحدّى أرسطو التحيّز السائد في عصره. إن المذهب الأفلاطوني للأكاديمية، كما رأينا سابقًا، اعتبر البصر هو المعنى الأسمى لأنه كان يعتبر الأكثر بعدًا والأكثر توسّطًا، وبالتالي الأكثر نظرية، وكان قادرًا على إبعاد الأشياء وإتقان التجربة من الأعلى. من ناحية أخرى، تمّ الحكم على اللمس بأنه أدنى الحواس لأنه كان ظاهريًا مباشرًا وبالتالي يخضع لضغوط العالم المادي. في معارضة تامة لهذا المفهوم، جادل أرسطو بأن اللمس له أيضًا وسيط، وهو "الجسد" (ساركس). وهذا، في الواقع، ليس مجرّد عضو مادي، بل هو أيضًا غشاء وساطة معقد يعالج تقييماتنا الأولى للأشياء. إن اللمسية ليست مجرد فورية عمياء، كما زعم الأفلاطونيون. حكمتنا الأولى تأتي من اللمس – الذي يتوسطه الجسد – حيث أصبح إدراكنا الحسي بمثابة قراءة للعالم، وتفسير للأشياء على أنها هذا أو ذاك، وتسجيل مستمر للاختلافات والتميزات. إن الإحساس اللمسي يجعلنا بشرًا من خلال التفاعل مع الخاصيات الموجودة هنا والآن.
لكن أرسطو لم ينتصر في معركة الأفكار هذه، إذ سيطرت النظرة الأفلاطونية وأصبحت الثقافة الغربية نظامًا تحكمه "عين الروح". تمّ وضع البصر في أعلى هرم الحواس وأصبح الحليف المميّز للمعرفة النظرية. (في اليونانية، تعني كلمة Theoria "أن يرى"، ومن هنا جاء المشهد البصري للمسرح). ولذلك نشأت الفلسفة الغربية من انقسام بين حاسة البصر "الفكرية" وحاسة اللمس "الحيوانية". أما بالنسبة إلى اللاهوت المسيحي – على الرغم من استناده إلى رسالة التجسّد (الكلمة صار جسدًا) – فقد دعم في كثير من الأحيان هذه الازدواجية الأفلاطونية الضارّة، مما دفع نيتشه إلى وصف المسيحية بأنها "أفلاطونية من أجل الشعب": وهي عقيدة "كانت قد أعطت السُمّ إلى إيروس كي يشربه".
ويبدو أن العين لا تزال مهيمنة إلى اليوم فيما يسميه رولان بارت "حضارة الصورة". لم يعد العالم محارتنا بل شاشتنا. لقد اجتاحت الحواس المشهد.
سؤالي إذًا هو: هل تستطيع الثقافة الرقمية، المهيمنة الآن، أن ترفع وعي الأجيال الجديدة بمسألة "اللمس"؟ هل يمكن لأشكال معينة من أصول التدريس الرقمية أن تكون بمثابة بدائل وترياق إبداعي لأزمة المحاكاة الحالية من خلال التفاعل المباشر مع وسائل الاتصال المعاصرة لدينا؟ إذ هل يمكن محاربة النار بالنار، بجعل الترويج الرقمي أفضل سلاح ضد الاستغلال الرقمي؟ بمعنى آخر، ألا تستطيع التكنولوجيا الرقمية أن تتحدى نفسها من خلال إعادة فتح مساحات يمكننا من خلالها ابتكار طرق جديدة للعيش في عالمنا، من خلال ما يمكن أن نسميه "تكنولوجيا آنا" (من الكلمة اليونانية آنا، البادئة التي تعني "من الأسفل إلى الأعلى"، أو "مرة أخرى")؟
تدعم هذه التساؤلات تفكير الحملات والمنظمات الأخيرة العاملة من أجل محو الأمية الرقمية، مثل "منظمة العمل الرقمي من أجل الديمقراطية"، التي تراقب ثقافتنا السيبرانية وتحافظ على صدقها، فضلًا عن الإجراءات المبتكرة التي تهدف إلى إقامة تحالفات جديدة بين الافتراضي والفعلي. أفكر بشكل خاص هنا في مشاريع سرد القصص الرقمية ومشاريع الواقع الافتراضي المتطورة التي طوّرها Open Doc Lab في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومختبر الواقع الافتراضي العام في بوسطن. يستضيف هذا الأخير، على سبيل المثال، مشروعًا تشاركيًا لسرد القصص بعنوان "Arrival VR"، والذي يدعو المشاركين إلى دخول عوالم افتراضية يشاركون فيها تجارب المهاجرين ويتفاعلون في مساحات تعاونية مشتركة: معارض وقاعات بلديات ومتاحف واستوديوهات ومراكز مجتمعية، يلتقون بالآخرين في بيئتهم المعيشية. هذه المشاريع القائمة على "التعاطف" مستوحاة بشكل خاص من التجارب الأخيرة في تضخيم اللمس من خلال التكنولوجيا الرقمية، ولا سيّما تجربة الشجرة التي أجريت في عام 2019، والتي سمحت للمشاركين الذين يرتدون سترات لمسية "بالشعور" بتجربة الشجرة التي تنمو وتتكشف، أو استخدام الأطراف الاصطناعية اللمسية التي تسمح للشخص "بالشعور" باحتضان البشر البعيدين في المكان أو الزمان.
إن شركات التكنولوجيا اللمسية هذه لا تزال في مهدها، لكنني أعتقد أنها تفتح إمكانيات خصبة للتواطؤ بين التجربة الافتراضية والمتجسدة، للتعاون بدلًا من التنافس بين عالمنا الحقيقي والعالم المحاكي، وتجنّب الاقتصار على ثنائية جامدة من شأنها أن توّلد معارضة الذكاء الاصطناعي للذكاء اللمسي. لن يكون هناك في الواقع أي فائدة في استبدال الانقسام الأفلاطوني بين الجسم والعقل بمعادل "ما بعد الحداثة". يتعيّن علينا الآن أن نجد طرقًا جديدة لاستيعاب أجسادنا الرقمية والمادية، والاعتراف بالاختلافات بينها في حين نستكشف أنماط التعايش القادرة على إثراء بعضنا بعضًا. ربما تكون هذه واحدة من أهم المهام الأساسية لعالمنا السيمبيوسين (Symbiocène) [1] الناشئ: تلبية متطلبات "مبدأ المعاملة بالمثل" في عصرنا هذا. وبينما ننتقل من الأنثروبوسين (anthropocène) [2] الذي يركز على البصريات إلى عصر السيمبيوسين حيث تتعاون العلاجات الرقمية واللمسية، فإن مسألة شفاء الشخص بالكامل – كما الكوكب – تشكل أهمية بالغة.
ولكن علينا أن نبدأ بالأشياء الصغيرة. من خلال لفتات متواضعة. وإلى جانب الخطوات النظامية العملاقة التي نتخذها لمعالجة الأزمة العالمية، يمكننا أيضًا أن نتخذ خطوات صغيرة، واحدة تلو الأخرى. فيما يلي بعض الأمثلة البسيطة للإيماءات التعاونية التكافلية التي يمكننا القيام بها يوميًا. يمكننا استخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في رحلاتنا، ولكن يمكننا أيضًا أن نسأل المارة عن الاتجاهات أو نستكشف طرقًا غير معروفة والتي ستقدم لنا اكتشافات مفاجئة. يمكننا تسجيل الدخول إلى iTunes باستخدام سماعات الرأس في آذاننا، ولكن يمكننا أيضًا إيجاد وقت للاستماع بشكل عشوائي إلى صوت الرياح أو الطيور أو صفارات الإنذار أو الصمت. يمكننا أن نطلب من Siri [3] أو Alexa [4] أن يقوما بالنيابة عنّا، ومن دون توقف عن استخدام أجسادنا في خدمة الآخرين، ووضع اليد على الكتف لإظهار فهمنا. يمكننا مشاهدة الأفلام على شاشة الكمبيوتر ولكن يمكننا أيضًا الذهاب إلى السينما والمسرح أو العروض، في هذه الأماكن حيث يمكن أن تثير المشاركة مشاعر غير متوقعة من التضامن والرحمة. يمكننا طلب الكتب عبر الإنترنت، والرجوع إلى قواعد البيانات والحصول على دورات تعليمية عن بُعد، ولكن يمكننا أيضًا تصفّح رفوف المكتبات أو حضور الدورات التدريبية "وجهًا لوجه" التي يقدمها المعلمون الأحياء. يمكننا ممارسة الرياضة والاستمتاع والسفر عبر الإنترنت، ولكن من دون التخلي عن متعة التجمع في الملعب مع مشجعين آخرين أو السفر فعليًا إلى أماكن نلتقي فيها بغرباء حقيقيين في عوالم مجهولة. يمكننا إجراء المعاملات المصرفية والتسوق عبر الإنترنت، ولكننا أيضًا نتفاعل مع أشخاص حقيقيين في الأسواق والمتاجر. يمكننا استخلاص أكبر فائدة من الاستشارات عن بعد، وقراءة الأشعة السينية بواسطة الذكاء الاصطناعي وأشكال التصوير الجديدة بدون فقدان الاتصال الذي يتم إنشاؤه بين مقدم الرعاية والمريض. أخيرًا، يمكننا أن نلتقي عبر Zoom بينما لا نزال نجد الوقت للتحدث مع الآخرين بحضورهم الجسدي ووجهًا لوجه. باختصار، دعونا نحقق أقصى استفادة من التكنولوجيا الرقمية، ولكن لا ننسى الواقع أبدًا.
هوامش:
(1) مصطلح جديد اخترعه غلين ألبريشت. وهو عصر تاريخ الأرض القائم على التعايش، خلفًا لعصر الأنثروبوسين.
(2) الأنثروبوسين هو حقبة جيولوجية جديدة تتميز بظهور الإنسان كقوة رئيسية للتغيير على الأرض، متجاوزة القوى الجيوفيزيائية. إنه عصر البشر! ذلك الاضطراب الكوكبي غير المسبوق.
(3) سيري هو ذكاء اصطناعي (أو AI) وصوت ومساعد افتراضي، تم تطويره بواسطة شركة أبل.
(4) Amazon Alexa هو المساعد الشخصي الذكي الذي تمّ تطويره بواسطة Lab126 التابع لموقع Amazon.com، والذي أصبح شائعًا بواسطة أجهزة Echo.