}

الأسماء التقليدية للذكاء الاصطناعي: طريق لخفض المخاوف

31 أكتوبر 2024
تغطيات الأسماء التقليدية للذكاء الاصطناعي: طريق لخفض المخاوف
(Getty)

 

 

أظهر تحقيق موسع أجرته وكالة فرانس برس ظاهرة لافتة في عالم التكنولوجيا المتقدمة، حيث يميل مطورو الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى اختيار أسماء تقليدية وقديمة لواجهاتهم التفاعلية، مثل ألبرت ومنى وكلود وجورج، في استراتيجية تهدف إلى تخفيف المخاوف المتزايدة من هذه التقنيات غير المسبوقة التي بدأت تحدث تحولات عميقة في المجتمعات المعاصرة.

في مقاطعة جيرس بجنوب غربي فرنسا، يروي رجل الأعمال رشيد بلعزيز تجربته الفريدة في اختيار اسم لأداة الذكاء الاصطناعي التي طورها لمساعدة رواد الأعمال في تأسيس شركاتهم. بعد استشارة فريقه التسويقي، استقر الرأي على اسم "جورج"، وهو اختيار يعكس، وفقًا لبلعزيز، صورة الشخص الهادئ صاحب الخبرة، ويرتبط بمفاهيم التقاليد والقيم الراسخة. ويؤكد رجل الأعمال الفرنسي أن هذه السمات ضرورية للغاية، خاصة أن المستخدمين غالبًا ما يكونون في حالة من الحماس المفرط عند الشروع في إطلاق مشاريعهم التجارية.

ويتميز روبوت المحادثة "جورج" بقدرته على مساعدة المستخدمين في تطوير خطط أعمالهم خلال دقائق معدودة، وهي عملية قد تستغرق عادةً ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بالطرق التقليدية. ويشبه بلعزيز دور البرمجية بدور المعلم الذي يضع إطارًا منهجيًا للعمل، ويوجه المستخدمين نحو تحقيق أهدافهم بكفاءة عالية.

وفي الولايات المتحدة، اتخذت شركة "أنثروبيك" الناشئة في ولاية كاليفورنيا قرارًا مماثلًا باختيار اسم "كلود" لنموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاص بها. جاء هذا الاختيار تكريمًا لذكرى عالم الرياضيات الأميركي كلود شانون، الذي مهدت نظرياته في اللغة الثنائية المطبقة على الدوائر الكهربائية الطريق لظهور شبكات الاتصال الجماهيري الحديثة. وتحرص الشركة على الترويج لخدماتها بعبارة بسيطة وودية: "كلود هنا لمساعدتك"، وهو شعار يظهر بوضوح على موقعها الإلكتروني منذ إطلاق النسخة الأولى من البرنامج في آذار/ مارس 2023.

وعلى غرار منافسه الشهير "تشات جي بي تي" الذي طورته شركة "أوبن إيه آي" وأحدث ثورة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي في أواخر عام 2022، يتميز "كلود" بقدرته على إنتاج مختلف أنواع المحتوى استجابة لطلبات المستخدمين باللغة اليومية، مما يتيح تفاعلًا غير مسبوق بين البشر والآلات. وتؤكد متحدثة باسم "أنثروبيك" أن اختيار الاسم يهدف إلى خلق شعور بالدفء والألفة لدى المستخدمين.

في القطاع الحكومي الفرنسي، برز مشروع مميز تحت إشراف أولريش تان من المديرية الرقمية المشتركة بين الوزارات (دينوم). طور تان مساعدًا ذكيًا أطلق عليه اسم "ألبير"، وكان هدفه إيجاد اسم "يُحفر في الذاكرة" بدون اللجوء إلى اختصارات معقدة. يقول تان إن المسؤولين الحكوميين اليوم يتعرفون على هذا النظام بسهولة لأن اسمه يختلف عما اعتادوا سماعه في العالم الرقمي.

ويستخدم حاليًا نحو 200 موظف حكومي نظام "ألبير" الذي أُطلق في كانون الثاني/ يناير 2024، ويقدم خدمات متنوعة تشمل المساعدة في البحث عن المعلومات، وتلخيص المستندات، وحتى صياغة الردود على مراجعات المستخدمين في مختلف إدارات الدولة الفرنسية.

وفي مجال مختلف، تقدّم الشركة الفرنسية الناشئة "أسك منى" روبوت محادثة مبتكرًا يحمل اسم "منى"، يتخصص في تقديم توصيات شخصية للمستخدمين، بما في ذلك اقتراح رحلات ثقافية مجانية تتناسب مع اهتماماتهم وتفضيلاتهم.

وتفسر غاييل بينيدا، الخبيرة في علم السيميولوجيا، هذا التوجه نحو الأسماء التقليدية بأنه جزء أساسي من "استراتيجية طمأنة" تهدف إلى مواجهة المخاوف المتزايدة من التكنولوجيا المتقدمة. وقد دخلت أنظمة الذكاء التوليدي حياتنا اليومية بسرعة كبيرة، حيث أصبحت قادرة على تلخيص النصوص المعقدة، وإنتاج القصائد في ثوانٍ معدودة، واجتياز الاختبارات الطبية. لكن هذه القفزة التكنولوجية الهائلة تثير مخاوف عميقة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والمجتمعية.

وتشير زميلتها إيلودي ميلكاريك إلى أن الذكاء الاصطناعي يستحضر في الأذهان صورًا قاتمة مستوحاة من روايات جورج أورويل وأفلام "تيرمينيتور". وتؤكد أن "أفضل طريقة لدرء هذه المخاوف" تكمن في منح برمجيات الذكاء الاصطناعي "عمقًا تاريخيًا" من خلال الأسماء التقليدية. وتضيف: "عندما نسمع أسماء مثل كلود أو جورج، نتخيل أشخاصًا من جيل سابق اختزنوا حكمة إنسانية عميقة".

ويعبر فريق "أنثروبيك" عن رغبته في أن يرى مستخدمي الإنترنت روبوت المحادثة "كلود" كشخص يمكن اللجوء إليه طلبًا للنصيحة، تمامًا كما يفعل الناس مع أجدادهم. من جانبه، يرى أولريش تان أن اختيار الأسماء التقليدية يساعد في تذكيرنا بأن التقدم التكنولوجي كان موجودًا في الماضي وسيستمر في المستقبل. ويختتم قائلًا: "العمل على تقنية حديثة اليوم يعني في نهاية المطاف مواصلة هذا الزخم"، في إشارة إلى أهمية بناء جسر يربط بين إنجازات الماضي وتطلعات المستقبل.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.