}

شيخة حليوى: "جائزة الملتقى للقصة القصيرة" تحدّ ومسؤولية

صدام الزيدي صدام الزيدي 9 ديسمبر 2019
هنا/الآن شيخة حليوى: "جائزة الملتقى للقصة القصيرة" تحدّ ومسؤولية
"تنتمي قصص شيخة حليوى إلى هموم الإنسان العربي وآماله"
عبّرت الكاتبة والقاصة الفلسطينية شيخة حسين حليوى عن سعادتها بفوزها بـ"جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية" في دورتها الرابعة لهذا الموسم (2019/2020)، معتبرةً الجائزة مسؤولية كبيرة ألقيت على عاتقها ومسؤولية أكبر كون تجربتها الابداعية تمثّل الأدب الفلسطيني، على المستوى العربي.

وعن مشاعرها لحظة إعلان النتيجة النهائية للقائمة القصيرة التي ضمّت أربع مجموعات قصصية متنافسة إلى جانب مجموعتها "الطلبية C345" في حفل كبير بـالكويت، قالت حليوى لـ"ضفة ثالثة": "ليس من السّهل وصف المشاعر في هكذا موقف، هي مشاعر مختلطة من الفرح والفخر والإحساس بالمسؤوليّة والتحدّي".

تأرجح
تعترف حليوى بأنها كانت كغيرها تتمنّى الفوز بالجائزة الأولى ولكنّها في الوقت نفسه، كانت تهمسُ لنفسها أنّ الوصول إلى القائمتيْن الطويلة ومن ثمّ القصيرة هو بحدّ ذاته إنجاز: "كنتُ أتأرجح بينَ الثقة التامّة بأنّني قدّمتُ عملا جيّدا جدّا وهو بالتالي يستحقُّ أن يصلَ للقرّاء، والجائزة ربّما تسهّلُ ذلك، ثمّ أعود مباشرة إلى إحساسي بضآلة ما أكتبهُ في القصّة مقارنة بكتّاب وكاتبات آخرين".
إلى ذلك، ترى شيخة حليوى، الفائزة بالمركز الأول في "جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية" التي أسسها "الملتقى الأدبي" وترعاها جامعة الشرق الأوسط الأميركية بالكويت (AUM) لمجموعة قصصية واحدة منشورة ورقياً باللغة العربية في دورتها لهذا الموسم، أن "الفوز ليس لحظة يتوقّف فيها الزّمن، بل هو بابٌ يُفتح ينتظر منّي أن أتلمّس الطريق داخله بفطنة وذكاء وما أرجوه هو أن أكون أهلاً لما كان وما سيأتي".


بدايات المغامرة
كانت شيخة حليوى هي مَن رشّحتُ مجموعتها "الطلبية C345" للمسابقة حين سمعت عنها وتابعت أخبارها بحكم أنها قاصّة أصدرت ثلاث مجاميع قصصيّة. وهنا تتذكر شيخة بدايات الترشح للجائزة، مؤكدة أنها لم ترشّح نفسها إلاّ لتدفع عن نفسها شعورا بالغبن وخشية أن تموت المجموعة كسابقتها؛ مجموعة "النوافذ كتب رديئة" التي لم يتم توزيعها أو نشرها بشكل يضمن وصولها للقرّاء ولم يُكتب عنها سوى مرّة واحدة. تقول حليوى بهذا الصدد: "عوّلتُ على المشاركة والوصول إلى النهائيّات محفّزا على النشر. لم أتوقّع الكثير فأنا مُغامرة في طبيعتي لا أتوقّف عند فشل أو عدم قبول. وحينما جاء خبر القائمة الطويلة وبعدها القصيرة كنتُ سعيدة جدّا، غير أنّ عملي المتطلّب الشّاق لم يسمح لي التوقّف طويلا للتفكّر في القادم، قلتُ مهما كانت النتيجة فأنا راضية عمّا وصَلَت إليه المجموعة، والحمد لله لم تخيّب ظنّي وحازت على الجائزة الأولى".

وتساءلت حليوى: "ماذا يعني لي الفوز؟" لتجيب بالقول: "أنا واقعيّة جدّا وأعي أنّ الجائزة هي مسؤوليّة كبيرة سأحملها تجاه كلّ ما سأكتبهُ مستقبلا. وأعي أيضا أنّني بشكل أو بآخر أمثّل، أقلّه في الفترة المُقبلة، الأدب الفلسطينيّ في العالم العربيّ وهي أيضا مسؤوليّة كبيرة".
وعن مجموعتها الفائزة "الطلبيّة C345" وما يميزها عن مجموعتين قصصيتين لها صدرتا قبلها، ترى حليوى أن "الطلبية" تختلف عن مجموعتها الأولى "سيّدات العتمة" بالمواضيع التي طرقتها ومزجها بين الواقع والخيال، خروجها من محليّة البداوة إلى كونيّة الطرح، من الإنسان المركز إلى الإنسان الهامش، كما حاولت من خلالها أيضا اختبار تقنيّات جديدة في السّرد تعتمد على كثير من التكثيف والترميز. أما "النوافذ كتب رديئة" مجموعتها الثانية فتقع بين هذيْن العالميْن، حسب قولها.


شغف القصة!
تكتب شيخة حليوى الشعر أيضا، فهي واحدة من كاتبات قصيدة النثر الفلسطينية وصدرت لها مجموعة شعرية واحدة حتى الآن مقابل ثلاث مجموعات قصصية، لكنها (بانتماء شديد) تجد نفسها في القصة أكثر، فالقصة شغفها ومشروعها الأهم، كما تقول: "أنا أكتب الشعر ولكنّي لا أمتلك مشروعا شعريّا ولا أسعى كثيرا لتطوير أدواتي فيه، ما أقصده أن القصيدة لا أكرّس لها وقتا أو تفكيرا أو عملا كما أتعامل مع القصّة. القصّة شغف كما الشعر عند الشّعراء وأنا اخترتُ شغفي. لا يعني الأمر أنّي أتنكّر لنصوصي الشّعريّة على علاّتها أو تميّزها، هي قصص غير مكتملة ربّما ولكنّها تبقى جزءا من عوالمي الكتابيّة".

وكشفت حليوى أنها تعمل حاليا على مجموعة قصصيّة جديدة: "بحسب الوقت المُتاح لي، سوف تشمل قصصا قصيرة جدّا (أقلّ من مئة كلمة– بدأت أستسيغها) وقصصا قصيرة". أما عن الرواية وهل ستغامر بتجريبها؟ فقالت: "ما زلتُ لم أحسم أمر الرواية هل سأعمل عليها أم أهجرها لصالح القصّة. لا أعرف، كلّ شيء مرهون بنفس الكتابة طوله أو قصره".
صدرت مجموعة "الطلبية C345" العام المنصرم 2018 عن منشورات المتوسط– إيطاليا، ضمن مشروع "الأدب أقوى" (طبعة فلسطين من الداخل) وسلسلة براءات المتوسط.
وبلغةٍ لا تخلو من الحمولاتِ والإسقاطات التي تضع الواقعي والسريالي في بوتقةٍ واحدة؛ تشرع الكاتبة شيخة حليوى (في قصص المجموعة) في سردِ قصصها التي تُحيلنا إلى عوالم حميمةٍ، مليئة بالتفاصيل والمشاهد الأقرب في جزئياتها من العمل السينمائي، غير المباشر. وتحت عنوان افتتاحي لافت "فسحةٌ للنباح" جاءت عناوين قصص المجموعة: زيارة ليلية؛ نزف؛ شغف؛ ثقبٌ أبيض؛ the lebirator (قصة حلم)؛ حياةٌ من خشب؛ رجلٌ يبحثُ عن عينيه (من رسائل القرّاء)؛ عشرون، بل أكثر (في المحطة الأخيرة)؛ عروس للبيع؛ قضية وطنية؛ مئة حكاية وغابة؛ شطرنج؛ يقظة؛ الباسم؛ صورة قديمة؛ أصوات قديمة.


سيرة
شيخة حسين حليوى من مواليد قرية ذيل العرج البدويّة قضاء حيفا. حاصلة على ماجستير في اللغة العربيّة. تعمل في إدارة مشاريع تربويّة في القدس. أصدَرَت في العام 2015 كتابيْن: "نساء العتمة"- قصص و"خارج الفصول تعلّمت الطيران"- شعر. في عام 2016 أصدرت مجموعتها القصصيّة الثانية "النوافذ كتب رديئة" وفي العام 2018 اصدرت مجموعتها "الطلبية C345". تُرجِمَت بعض نصوصها الشعرية والقصصية إلى الإنكليزيّة والبلغاريّة والفرنسيّة والألمانيّة، وحاليا جارٍ العمل على ترجمة نصوص لها إلى الإسبانيّة.


أكبر جائزة للقصة العربية
ما يميز "جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية" هو أنها تعد الأولى من نوعها في مجال مسابقات القصة القصيرة العربية، من حيث قيمتها المعنوية والمادية على حد سواء، إذ أن مبلغ الجائزة للمركز الأول (20) ألف دولار أميركي، إضافة إلى درع مميز وشهادة تكريم، بينما يتسلم كل من بلغ القائمة القصيرة ولم يفز بالمركز الأول درعا وشهادة تكريم مع مبلغ (5) آلاف دولار أميركي.
شملت القائمة القصيرة إلى جانب مجموعة "الطلبية C345" للفلسطينية شيخة حليوى، كل من
المجموعات القصصية: ("الساعة الأخيرة" للتونسي سفيان رجب؛ "صرخة مونش" للعماني محمود الرحبي؛ "مدن تأكل نفسها" للمصري شريف صالح؛ "احتراق الرغيف" للسعودية وفاء الحربي).

209 مجموعات
استقبلت إدارة الجائزة في دورتها الرابعة 209 مجموعات قصصية من مختلف الدول العربية ومن دول المهجر، مثّلت فيها الأقلام النسائية ما نسبته 35 في المئة من مجمل المشاركات. وترأس المستشرق الإسباني لويس ميغيل لجنة التحكيم (للدورة الرابعة) التي ضمت في عضويتها كلاً من النقاد العرب: سعيد الوكيل؛ عبد الرزاق المصباحي؛ رامي أبو شهاب، والقاصة باسمة العنزي.
ووفقاً لبيان ختامي صادر عن لجنة الجائزة، فقد ناقش المحكمون الأعمال القصصية انطلاقاً من معايير فنية أساسية من أهمها: "ملامح التجديد في النص القصصي؛ اتصال التجديد بأسلوب القص والتشويق والإمتاع؛ شكل اللغة كحامل للفكرة في المفردة والجملة والصياغة؛ قدرة القصص على تمثّل اللحظة العربية والإنسانية الراهنة وعلى انتمائها إلى هموم الإنسان العربي وآماله؛ وجود رؤية فكرية ترسم ملامح الشخصيات القصصية؛ تجسيد البعد الإنساني".

الانطلاقة في 2015
تسعى "جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية" لتشجيع ودعم فن القصة القصيرة في المنطقة العربية، عبر اختيار أعمال قصصية لافتة تمثّل الواقع الاجتماعي والفكري والسياسي والمعيشي للإنسان العربي".

وباتت الجائزة تعرف بـ"جائزة الملتقى" وهي في الأصل مبادرة انطلقت في العام 2015، أسسها الروائي والقاص الكويتي طالب الرفاعي من خلال ما يعرف بـ"الملتقى الأدبي"، لتصبح واحدة من أهم الجوائز الأدبية عربياً، المكرسة لفن القصة القصيرة في محاولة لتسليط الضوء على كتّاب هذا النوع من الفن السردي، وللتفلّت (ربما) من هيمنة الرواية (وجوائزها) على المشهد الأدبي العربي (الكسيح) الذي تحاول جوائز ومبادرات كهذه إنعاشه قليلا، ليخرج من عزلته إلى الأضواء.
فاز بجائزة الدورة الثالثة الكاتب العراقي ضياء جبيلي، وذهبت جائزة الدورة الثانية للكاتبة السورية شهلا العجيلي، أما جائزة الدورة التدشينية الأولى فقد فاز بها الكاتب الفلسطيني الأيسلندي من مواليد بيروت مازن معروف عن مجموعته القصصية "نكات للمسلحين" وهي ذاتها التي وصلت (في مطلع 2019) للقائمة الطويلة لجائزة المان بوكر العالمية، لتتوج الكاتبة الفلسطينية شيخة حليوى بجائزة أحدث دورة تنافسية للمسابقة (الدورة الرابعة).
وعشية إعلان النتيجة النهائية للجائزة، أجرى وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف اتصالا هاتفيا بالكاتبة حليوى في مقر تواجدها بالكويت، مهنئاً بالجائزة التي عدّها "إنجازاً للثقافة الفلسطينية". كما اعتبر أبو سيف ما يتم تحقيقه من خلال المبدعات والمبدعين الفلسطينيين على اتساع مساحة العالم هو بمثابة "تحدٍّ إبداعيّ يكرس فعل الثقافة الفلسطينية المُقاوِمة".
يذكر أن الفعاليات الختامية للجائزة (التي كانت فتحت باب التنافس من الأول من يناير/ كانون الثاني 2019 إلى 31 مارس/ آذار 2019) رافقها نشاط ثقافي وندوات مصاحبة بحضور أدباء ومترجمين وناشرين عرب وعالميين احتضنتهم جامعة الشرق الأوسط الأميركية بالكويت (الجهة المنظمة للجائزة). 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.